نظم المجلس القومى للترجمة مساء الخميس 25 مايو ندوة بعنوان «الإسلام وأوروبا.. رؤى متباينة». شارك فيها كل من: الناقد الكبير د. جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، ونبيل عبد الفتاح، الباحث بالشئون الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والمترجمون: د. أنور مغيث، مدير المجلس القومى للترجمة، وأشرف محمد كيلانى, ود.إيمان حجاج. فى بداية الندوة أعلن د. أنور مغيث عن صيغة ابتكارية جديدة لندوات المجلس وهى عدم مناقشة كل كتاب مترجم جديد على حدة؛ بل اختيار مجموعة من الكتب تدور جميعها حول محور واحد تغطيه من زواياه المختلفة. وقد اختارت الندوة محور العلاقة الجدلية المتوترة بين الغرب والإسلام والمسلمين الذين يعيشون كجزء من المجتمعات الغربية وما طرأ على معاملتهم من نفى واضطهاد ومطاردة خاصة بعد أحداث كبرى مثل 11 سبتمبر بالولاياتالمتحدةالأمريكية 2001 والهجوم الإرهابى على مجلة «شارل إبدو» الفرنسية 2015 بعد نشرها رسوما مسيئة لسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم. الكتب الأربعة التى دارت حولها وقائع الندوة هى: «فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية» من تأليف «ديبا كومار» الكاتبة المسلمة الهندية الأصل، البريطانية الجنسية. و ترجمة: أمانى فهمى. و «من هو تشارلى؟ سوسيولوجيا أزمة دينية» لإيمانويل تود وترجمة د. أنور مغيث. و«العرب والإسلام وأوروبا» وهو مؤلف جماعى شارك فى تأليفه كل من: دومينيك شوفالييه، وعز الدين قلدز، وأندريه ميكال، بالاشتراك مع عبد الوهاب بو حديبة. وترجمته د. إيمان حجاج. أما الكتاب الرابع فهو «الإيمان والقوة.. الدين والسياسة فى الشرق الأوسط» للمستشرق اليهودى البريطانى الأمريكى برنارد لويس، وترجمه أشرف كيلانى. تكمن أهمية الكتب الأربعة السابقة فى تركيزها المكثف على دحض الخطاب الغربى المنحاز ضد العرب والمسلمين وتكريس صورة كريهة وبشعة لهم بوصفهم إرهابيين وكارهين للديمقراطية ورافضين للتعايش مع الآخر فى سلام ومناوئين للحداثة. وهو ما تنهض به «ديبا كومار» فى كتابها «فوبيا الإسلام» بوصفها جزءا من الذهنية الأمريكية فهى تعرف كيف تخاطب العقل الغربى لا من زاوية الدفاع عن النفس واستجداء الرضا الأمريكى/ الغربي؛ بل بالتركيز على انتهازية الغرب وإمبرياليته فخلق «عدو أخضر» )الإسلام( يتعلق بإيجاد مناخ سياسى تستطيع فيه الولاياتالمتحدة غزو بلدان أخرى حسبما تشاء، وتخمد الانشقاق فى الداخل. وهى تهاجم «برنارد لويس» بضراوة متهمة إياه بالنزعة العدائية للإسلام، وتسطيح العلاقة بين الإسلام والغرب بل وتفكك – بمهارة – أكاذيب المستشرقين الآخرين مثل: الإسلام ديانة أحادية الخواص – الإسلام ديانة متحيزة جنسيا بشكل فريد – العقل الإسلامى غير قادر على المنطق والعقلانية –الإٍسلام ديانة تتسم بالعنف بطبيعتها – المسلمون غير قادرين على اتباع الديمقراطية وعلى الحكم الذاتى.. وهذا النهج هو ما دعا إليه د. جابر عصفور وهو كيف نخاطب الغرب الخطاب الذى يفهمه، وأن نعامله بندية متكافئة، ود. عصفور يشيد بجهد «كومار» فى هذا الصدد ويضم إليها الناقد المفكر الفلسطينى الأصل الأمريكى الجنسية «إدوارد سعيد» وخاصة فى كتابه «الاستشراق» الذى يرد فيه على «برنارد لويس» ويفكك كل أطروحاته ومزاعمه ضد العرب والمسلمين، ويدافع عن «الإسلام» بل ويخصه بكتاب كامل هو «تغطية الإسلام» بالرغم من أن «إدوارد سعيد» مسيحى الديانة. وبالإضافة إلى «كومار» و« سعيد» يرى د. جابر عصفور ضرورة الاهتمام بكتابات «طارق على»، الروائى والمؤرخ الباكستانى الأصل، البريطانى الجنسية الذى لا يكف عن انتقاد السياسات الأمريكية والإسرائيلية وخاصة فى كتابه «بوش فى بابل» الذى يشهّر فيه بالحرب الأمريكية الظالمة على العراق وتشريد شعبه وتدمير حضارته. ومن ثم فقد أوصى د. جابر عصفور د. أنور مغيث بترجمة الكتاب الأهم لطارق على وهو: «صدام الأصوليات: الحملات الصليبية والجهاد والحداثة». أما نبيل عبدالفتاح فقد رأى أهمية الكتب الأربعة؛ لأنها تعالج الإطار التاريخى للتعايش بين المسلمين كأقلية داخل المجتمعات الغربية. ودعا إلى البعد عن تفسير الأمور وفق نظرية المؤامرة فى تعاملنا مع الغرب، ولكن ينبغى التعامل مع ما يحدث بوصفه ظواهر لابد من تحليلها والتعامل معها بشكل جديّ علميّ داخليا وخارجيا. أشرف كيلانى مترجم كتاب «لويس»: «الإيمان والقوة.. الدين والسياسة فى الشرق الأوسط» انتقد أسلوب الكتاب ووصفه بأن أسلوبه صحفى وليس أكاديميا رصينا، ومن ثم ّ تتزاحم الأفكار فيه بشكل كبير. كما يرى «كيلانى» – وهذا اجتهاد خاص منه – أن كتاب «برنارد لويس» هو دعوة–دون قصد منه – إلى تصحيح الإسلام والعودة إلى صحيح الدين وتعاليم الرسول، والوسطية وتحرير المرأة، والحاجة – فى الوقت نفسه–إلى الحضارة الغربية حتى بما تحتوى عليه من انحلال؛ ومن هنا تبرز أهمية تجديد الخطاب الدينى والثقافى فى الشرق الأوسط.