لا أحد يقبل أن تمس هيبة الأزهر الشريف، أو ان تمس هيبة شيخه ورمزه، ليس فقط لأنه شيخ لمنارة العلم ونبع الوسطية، ولكن أيضا لأن انهيار الأزهر لا يصب إلا فى صالح الإرهاب والتطرف، ولأن عافية الإسلام الصحيح لا يمكن أن تكون بغلق أبواب الوسطية وترك الطريق ممهدا لكل ماعاداها. قد يريحنا أن نفهم أن استهداف الأزهر ليس وليد اللحظة وان تقليم أظافره تم يوم نزعت منه الأوقاف التى تنفق عليه وهو ما مس باستقلاليته ونزع بعضا من هيبته، حتى خرج علينا احد شيوخه «رحمه الله» ليقول أنا موظف فى الدولة، بينما تاريخ الأزهر فى تصويب الدولة لا يمكن ان يغفله أحد، ولأن من بين المطالبين بتجديد الخطاب من يريد ذلك عن قناعة وبما يظنه إصلاحا، وهم من يجادلون بإحسان، وبينهم من يريد التجديد عن رغبة فى هدم كل معتقد وثابت، بالادعاء على التراث لإقناع البسطاء، وهؤلاء منهم أهل الضلال، ومنهم من يفعلون ذلك وقد انتفخت جيوبهم بأموال التمويل، من يمد لهم يده هو نفسه من يمد يده للدواعش، حيث العمل على طرفى نقيض لا ينفى وحدة الهدف وهى وضع الإسلام دائما موضع اتهام، وحيث ظل الأزهر الشريف دائما تلك الشوكة فى حلوق هؤلاء وهؤلاء، فالضغوط وإن اتخذت من شخص الدكتور أحمد الطيب هدفا إلا أنها فى نهاية الأمر تستهدف الأزهر ذاته تلك المؤسسة عالية المصداقية فى كل ارجاء العالم الإسلامى، وهو ما يسوء أصحاب الأهواء والمتعالمين الذين لا يجاوز علمهم حدود أوراق قرأوها، وامثال هؤلاء هم فعليا كالحمار يحمل اسفارا أو فلنقل كاللصوص الذين أخذوا على أنفسهم عهد إفراغ الدين من مضمونه والسعى لسلب هذا الوطن أجمل صفاته، فهذا الشعب دون مزايدة شعب متدين يحب علماءه وافقاد هذا الشعب ثقته فى الأزهر الشريف لن يؤدى إلا إلى حالة من الفوضى التى ستنشر بإشراف كامل لشيوخ الفتنة، ولأن المؤامرة محفوظة الأسلوب والهدف فلا يمكن أن نصدق أن شيخ الأزهر لا يعلم ابعادها ومن هم وراءها، وهو ما يدعونا إلى التشكك فى شائعة ان الشيخ الطيب يفكر فى الاستقالة.. فالأزهر المستهدف لا يمكن أن يسلمه شيخه لقمة سائغة، ولايمكن أن يعجزه أهل الظلم، ولا يمكن أن يكون شيخه أضعف من أهل الباطل.. باختصار نثق فى الشيخ ونثق أنه يعلم حقيقة أن أزهرنا فى رقبته حتى وإن وقف الإعلام المشبوه بكامله خلف أهل النفاق وعجز الأزهر الشريف مغلول اليد عن انشاء قناة تليفزيونية تكون صوتا له لا يخرسه أصحاب الأهواء، أو الأعداء .