حذَّر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية من خطورة تضخيم وسائل الإعلام للأحداث الإرهابية والتهويل من أضرارهاوتداعياتها على الوطن والمواطنين، مؤكدًا أنها تؤديإلى نتائج عكسية؛ حيث تثير حالة من الرعب والفزعبين جموع المواطنين، فضلًا عن تضخيم قوةالجماعات الإرهابية وخطورتها على المجتمع، وهو مايصب في صالح الجماعات والتنظيمات الإرهابية،ويحقق أهدافها بنشر الرعب والفزع بين المواطنين؛ ممايرفع أسهم تلك الجماعات فيما يشبه عملية التسويق المجاني لها لاستعراض قوتها الوهمية. كما أوضح مرصد الإفتاء –في تقرير جديد حول دوروسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب– أن بعض التغطيات الإعلامية الخارجية المغرضة روَّجت لمشاهدالذبح والقتل البشع التي ارتكبتها تلك التنظيمات الإرهابية، في إطار دعم الحرب النفسية التي تشنهاتلك التنظيمات الإرهابية على المجتمع المصري، بمايكشف عن تنسيق غير معلن بين تلك الفضائيات وهذه التيارات الإرهابية التي تسعى لأن تعطي نفسها حجمًامتضخمًا، وتترك انطباعًا لدى المحللين بأنهم قوة ذاتتمركز؛ سعيً الإضعاف الروح المعنوية لدى القوات الأمنية النظامية في البلاد التي يستهدفونها. ودلَّل المرصد على ذلك الاستنتاج التحليلي بما أوردته بعض الفضائيات الخارجية في تغطياتها للتفجيرات الإرهابية من خلط واضح بين التغطية الإعلامية،والترويج الفج الواضح، والدعاية لتنظيمات الكفروالتفجير والإرهاب، وخلط المعلومات بالآراء علىحساب المعايير المهنية وميثاق الشرف الإعلامي. وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية أن ما وقعت فيه هذه الوسائل الإعلامية من محاذير، هو ما حذر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي -رئيس الجمهورية- في كلمته للشعب المصري، عقب اجتماع مجلس الدفاعالوطني، ومطالبته وسائل الإعلام التعامل بمصداقيةووعي ومسئولية مع الحوادث الإرهابية، وتأكيدا أن تكرار عرض آثار الجرائم الإرهابية يجرح مشاعر المصريين، ودعوة سيادته تلك الفضائيات عدم تكرار عرض تلك الصور المؤلمة طوال اليوم. أوضح المرصد أن التنظيمات الإرهابية تسعى إلىالإفادة القصوى من العمليات الإرهابية التي تنفذهابالترويج لها وإظهار قوتها وقدرتها على الوصول للأماكن المفترض تأمينها بعناية، لبعث رسالة ضمنيةمفادها أنها أقوى من كافة الأجهزة الأمنية في الدولالمستهدفة، رغم أن تلك الحوادث تقع في أكثر دولالعالم تقدمًا أمنيًّا، لكن وسائل الإعلام في تغطيتهاالأخيرة لحادثتَي طنطا والإسكندرية وقعت في هذاالفخ الشيطاني، ودون قصد أو بقصد أسهمت فيتحقيق الغرض الذي تهدف إليه الجماعات الإرهابيةفي الترويج لعملياتها الإرهابية، وخطابها التكفيري الدموي التخريبي على نحو يؤدي إلى تحفيز بعض الفئات الاجتماعية ومنحرفي السلوك إلى السير في ذلك الطريق الإرهابي العنيف. قال المرصد في تقريره التحليلي: إن بعض التغطياتالإعلامية لتلك العمليات، وتضارب المعلومات والأخباروالقصص حولها، أسهم في بث نوع من البَلبلةوالغموض؛ مما قد يؤدي إلى هروب مرتكبي تلك العمليات، والأكثر كارثية أن بعض التغطيات الإعلاميةالمحدودة المستوى والكفاءة المهنية قد تؤدي إلى خلقتعاطف بعض الجمهور مع العمل الإرهابي ومنفذيه. كما تابع المرصد تحليله النقدي للتغطية الإعلاميةالأخيرة لحادثتَي كنيستَي طنطا والإسكندرية، ذاكرًا أن من بين السلبيات التي قام برصدها نقل بعض الفضائيات معلومات عن نوعية الأسلحة المستخدمة،وقدراتها التدميرية وخصائصها الفنية، والتكتيكات الإرهابية، على نحو يثير الخيال أمام أبواب الجحيمالإرهابي والتدميري؛ مما قد يؤثر على ضعاف النفوس للإفادة من هذه المعلومات والعمليات ومحاولة تكرارالمشهد في مناطق أخرى. شدَّد المرصد على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلامالوطنية بدورها بفعالية، بالرد على هذه الحملةالإعلامية الممنهجة من خلال استراتيجية إعلاميةواضحة في التعامل مع الأحداث الإرهابية يحدوهاوعي حقيقي بخطورة الحرب الإرهابية الشرسة التي تواجهها مصر، وكونها حربًا تسعى فيها قوى الظلام إلىإضعاف مصر، وإثارة روح الفتنة الطائفية بين أبناءالمجتمع المصري، واستمرار حالة الفوضى واللا دولة. كذلك، أكد المرصد أن المجتمع المصري لا يواجهحوادث إرهابية منفردة، ولكنه في الحقيقة يواجه حربًاشاملة بهدف إسقاط الدولة المصرية وتفكيك مؤسساتها؛ مما يتطلب أن تكون تلك المواجهة واعيةبطبيعة الأحداث الراهنة وتداعياتها المستقبلية. وطرح المرصد في نهاية تقريره عدة توصيات لتطويرالأداء الإعلامي في التصدي للتنظيمات الإرهابية، داعيًاوسائل الإعلام الوطنية للاهتمام بالمعالجات المتعمقةفي مواجهة الأحداث الإرهابية وعدم الاكتفاءبالمواجهة اللحظية، وإبراز الجهود المحلية والإقليميةوالدولية التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب بما يحفِّزالجمهور للتفاعل مع تلك الجهود، وعدم تقديم تحليلات أو آراء تخدم الإرهابيين بذريعة الحياد أو حريةالتعبير، وتقديم رسالة إعلامية تبث.