هل أنت مصرى أم عاشق لمصر؟ سؤال طرحته إحدى المحطات الأجنبية للمستمعين وبطريقة لاشعورية سألت نفسى: هل أنا مصرية الجنسية بحكم المولد وانتمائى لأبوين مصريين أم عاشقة لها؟ وما الذى أعشقه فيها؟ فمصر بلد فقير نعم ولكنها حالة إنسانية ووجودية ووجدانية متفردة. مصر ليست الأجمل لكنها الأدفأ، أرض الكنانة مهد الأديان منها بدأ موسى عليه السلام دعوته وإليها لجأ المسيح عليه السلام من الظلم وانتصر بتابعيه من المؤمنين برسالته. وعليها عاش يوسف ومر بها إبراهيم ويعقوب ويوسف وهارون وسليمان. مصر الوحيدة التى ذكرت فى القرآن بالاسم فى أكثر من موضع. وكما كانت مهد الأديان كانت مهد الحضارة والتقدم وقبلة العلماء. مصر الأم الكبيرة العطوف التى تمنح ولا تأخذ تعطى ولا تنتظر المقابل، عطاؤها بلا حدود هى الحصن الحصين الذى لا يشعر زائروه بغربة فهى تحمل فى أعماقها طمأنينة ورأفة. لا ترد محتاجًا أو لاجئًا رغم شظف العيش فمع ما يشرف على مائة مليون مصرى يعيش الملايين من السوريين والليبيين واليمنيين والعراقيين يقتسمون مع ابنائها لقمة العيش. فيها سر كبير وغموض غريب وسحر من نوع خاص لا يستطيع أحد ان يهرب منه أو يفك طلاسمه إنها مصر الساحرة البهية نعشقها كأننا مجاذبيها يحملها معه المغترب أينما كان تعيش فيه ومعه مهما مرت سنوات غربته يحن للعودة لها ولو لم يقدر له يطلب ان يحتضنه ترابها فهى لا تقطع الحبل السرى بينها وبين أبنائها. هى البلد الوحيد الذى يأتى إليها الزائر، ويغادرها حاملاً شوقًا لها ولِمَ لا فمصر آسرة لكل من ولد عليها أو عاش فيها. وعندما يذكر اسمها، يذكر مبدعوها، فمصر هى أحمد شوقى ورامى وأم كلثوم وسيد درويش مصر هى يوسف وهبى وفاتن حمامة مصر هى محمد عبدالوهاب ويوسف شاهين مصر هى سعد زغلول جمال عبدالناصر أحمد زويل وسميرة موسى وجمال حمدان ونجيب محفوظ وغيرهم وغيرهم. مصر هى نهر النيل وقلب الأمة العربية. إنها مصر الكبيرة التى لا تنحنى مهما عصفت بها الرياح تظل شامخة باقية رغم القهر. هى الباسمة رغم الألم أنا منها ولها، هى معشوقتى التى رسمت ملامحها الجميلة فى الوجدان، هى من تسكن سويداء القلب، مكانها بين الرمش والننى تظل داخلنا وفى أعماقنا مصر التى على الخريطة الجغرافية بقعة خاصة جدًا جدا لكل من وُلِدَ عليها وعاش على أرضها.