يبدو أن استخدام تركيا ل«ورقة الابتزاز» بشأن ملف اللاجئين لم يعد يجدى نفعًا مع الأوربيين الذين صعّدوا من لهجتهم الحادة تجاه نظام السلطان «أردوغان» على خلفية الأزمة الأخيرة المشتعلة ما بين تركيا من ناحية، وكل من هولنداوألمانياوالنمسا من ناحية أخرى، وهى الأزمة التى بلغت ذروتها بعدما احتجزت شرطة روتردام الهولندية وزيرة الأسرة التركية «فاطمة بتول صيان» بعد ساعات قليلة من منع السلطات هبوط طائرة وزير الخارجية التركى «مولود أوغلو» الذى كان فى طريقه لتنظيم لقاءات مع مواطنين أتراك يعيشون بهولندا لحثهم على الموافقة على التعديلات الدستورية التى تمنح السلطان العثمانى الموهوم «أردوغان» المزيد من الصلاحيات بتحويل النظام السياسى هناك من «برلمانى» إلى «رئاسى» عبر الاستفتاء المزمع إجراؤه فى منتصف أبريل المقبل!!. وكانت بوادر التصعيد قد لاحت فى الأفق منذ عدة أسابيع بعد أن فرضت السلطات فى عدة دول أوربية قيودًا على تلك التجمعات التى ينظمها القادة والمسئولون الأتراك لحث أبناء جالياتهم على التصويت فى الاستفتاء المشار إليه. ولكن المتغير الأكثر خطورة بصدد هذا التصعيد جاء فى أعقاب اكتشاف الأجهزة الأمنية فى كل من ألمانياوالنمساوهولندا تورط أئمة أتراك من المنتمين للهيئة الدينية التركية الرسمية التى يوفدها «نظام أردوغان» فى أنشطة تجسس ضد الجمعيات والمؤسسات التابعة للمعارض التركى « فتح الله جولن»، الذى يطلب «أردوغان» تسليمه من الولاياتالمتحدة بأى ثمن!!. وزاد من حدة الاشتعال، التصريحات المندفعة التى أطلقها أردوغان حين وصف هولنداوألمانيا ب«الفاشية» و«النازية»، وهو ما دعا إلى أن ترد المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» -عبر المتحدث الرسمى باسمها- بوصف تلك التصريحات ب»السخيفة»!! فيما دخلت الصحافة على خط الأزمة إذ هاجمت «بيلد».. أكبر صحيفة ألمانية.. السلطان العثمانى «أردوغان» فى افتتاحية على صفحتها الأولى واعتبرته شخصًا غير مرغوب فيه فى ألمانيا متهمة اياه ب «تعريض استقرار أوربا للخطر عبر جنون السلطة» لديه، وزادت الصحيفة «أنت لست ديمقراطيًا.. وغير مرحب بك فى ألمانيا»!!. وكانت النمسا قد قادت خلال العام الماضى دعوات كى يوقف الاتحاد الأوربى مفاوضات انضمام تركيا إليه، حيث انتقدت بقوة رد فعل «نظام أردوغان» على محاولة الانقلاب الفاشلة فى منتصف يوليو الماضى، والذى شمل سجن عشرات الآلاف من الأشخاص بالجيش والشرطة والقضاء وبعض الوزارات، فضلًا عن فصل آلاف آخرين من وظائفهم.