مر منذ عدة أيام يوم كنا نعُدّه عيدا قوميا. يوم 22 فبراير الذى تمت فيه الوحدة بين القطرين الشقيقين المصرى والسورى عام 1958 والتى لم تستمر الا ثلاثة أعوام. ولنستدعِ بعض المواقف التى عززت فكرتها وجعلتها فى حكم الضرورة. فبعد أن كانت المشاركة العربية بالاجماع فى حرب فلسطين 48 ضد اسرائيل كانت أيضا شبه جماعية إبان العدوان الثلاثى الغاشم على مصر 1956. حيث تجلّى الموقف السورى فى أروع صوره حين بعث السيد «ناظم القدسى» من سوريا إلى الرئيس «جمال عبد الناصر» يقول: «إن العدوان الغادر على العرب كلهم.. وقد أعلنت الحكومة السورية التعبئة العامة فى 30 أكتوبر (اليوم التالى للعدوان ). كما قطعت علاقتها الدبلوماسية مع فرنسا وانجلترا. وأبلغت أنها على استعداد لخوض المعركة إلى جانب مصر «.. واتخذت سوريا خطوة ايجابية رائعة. وهى نسف جميع خطوط أنابيب البترول، وتوقف العمل فى نفط العراق وغادر جميع موظفى الشركة البلاد. كما أعلنت الحكومة أنها لن تسمح بمرور البترول العراقى عبر أراضيها إلى البحر إلا بعد انسحاب جميع القوات المعتدية من مصر. ولعل من أعظم مظاهر التعاون من الجانب السورى ما حدث يوم أن ضربت طائرات العدو محطة الإرسال وتعطل الاذاعة المصرية إذا بإذاعة سوريا تلتقط الراية فى الحال وتفتح إذاعتها قائلة: «هنا القاهرة من دمشق» وتذيع باسم محطة مصر وباسم صوت العرب. وكأن الأمر لم يكن أكثر من أن فارسا قد سقط فى الميدان فخلفه فارس آخر فى الحال لتظل الراية خفاقة. لذلك كان من الطبيعى أن يتم تنظيم وتنسيق هذه العلاقة الأخوية بين البلدين بما يحقق التقدم فى المصير المشترك. فكانت الوحدة. التى عبرت عنها كلمات الزعيم الراحل «جمال عبد الناصر» نقتطف منها: «أيها المواطنون. لقد بدأ مشرق الوحدة.. فإن فى حياة الشعوب أجيالًا يواعدها القدر، وإن هذه الأجيال الموعودة تعيش لحظات رائعة. لحظات الانتقال العظيمة التى تشبه الشروق»... أيها الأخوة المواطنون:.. إننى أشعر وأنا بينكم بأسعد لحظة فى حياتى. فقد كنت دائما أنظر إلى دمشق، وإليكم، وإلى سوريا وأترقب اليوم الذى أقابلكم فيه. واليوم أيها الأخوة المواطنون. حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا ألتقى معكم فى هذا اليوم الخالد بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة».. وكانت الكلمات التالية للشاعر «بيرم التونسى» والتى تغنى بها صوت مصر الأصيل «محمد قنديل». وحدة. ما يغلبها غلاّب. تباركها وحدة أحباب. توصلنا م الباب للباب. ولا حايل ما بين الاتنين ولا مانع ما بين الاتنين ولا حاجز ما بين الاتنين أنا واقف فوق الأهرام. وقدامى بساتين الشام. أشاهدها. وأهالى كرام. يقولوا لى قرّب يازين. إن القوة فى وحدتنا العربية. واليوم ما أحوجنا إليها. فهل تتحقق ؟