تواجه نقابة الموسيقيين أزمة حقيقية بعد إعلان نقيبها الفنان هانى شاكر عن استقالته من منصبه. على خلفية التطاول عليه من أحد الاعضاء والملقب ب«طبال هيفاء وهبى». ووسط حالة الصمت التى انتابت أعضاء المجلس لم يجد أمير الغناء العربى من وسيلة للدفاع عن تاريخه الفنى سوى التنازل عن القضية التى رفعها ضد الطبال وأعقبها تقدمه بالاستقالة بعد صمت الجمعية العمومية على ذلك. وأعقب تلك الاحداث تجدد الصراع مع النقيب الأسبق إيمان البحر درويش، وتجدد الاتهامات بين الطرفين وصلت للنيابة العامة بعدما حرر هانى شاكر بصفته نقيبًا للمهن الموسيقية محضرًا بقسم شرطة العجوزة حمل رقم 1167 إدارى اتهم فيه «إيمان» بالإساءة لسمعته. وما بين تصريحات النقيب الحالى بأن قرار استقالته نهائى ولا رجعة فيه متمنيًا التوفيق لمن سيأتى بعده وأن الجمعية العمومية لا تشعر بإنجازاته فى النقابة ولا بمجهوده ولا تدافع عنه رغم التطاول فى حقه وحق أسرته. وتصريحات النقيب الأسبق إيمان البحر درويش بأن المجلس الحالى فقد شرعيته. يبقى الرهان على أعضاء الجمعية العمومية التى أعلنت رفضها لقرار شاكر بعدم استكمال مدته نقيبًا للموسيقيين. وان هناك مشاورات تجرى بين الأعضاء لتنظيم تظاهرة كبرى دعمًا له. فيما أعلن عدد من مجلس الإدارة عن تقديم استقالة جماعية دعمًا للنقيب. ويسعى عدد من الموسيقيين وأعضاء النقابات الفنية المختلفة والنقاد لنزع فتيل الأزمة وعودة الأمور إلى نصابها، وتكمن الأزمة فى وجود وجهتى نظر: الأولى مؤيدة لشاكر بأنه صورة مشرفة وتحمل صعوبات كثيرة يحافظ على تقاليد المهنة وأنه إضافة كبيرة للعمل النقابى فى مصر. ووجهة نظر معارضة ترى أنه يتعامل بأسلوب قديم ولم يضف جديدًا للعمل النقابى ويهدد بالاستقالة فى أعقاب كل أزمة. وقالت الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوى: إن نقابة الموسيقيين جزء مهم فى تاريخ مصر ولها دور مهم فى توثيق الأحداث وارتباطها بالموسيقى. فهى جزء من ثقافة المجتمع وإحدى دعائمه. هكذا كانت الموسيقى فى الزمن الجميل ولكن فى الآونة الأخيرة فى ظل حالة الانهيار هناك محاولات لهدم تلك النقابة العريقة والزج بها فى خلافات دفعت نقيب بقيمة الفنان هانى شاكر إلى أن يستقيل احترامًا لفنه وتاريخه ولجمهوره. وأضافت البشلاوى ل«الأسبوع»: إن الصراعات دفعت النقابة للابتعاد عن دورها تجاه الفن والوطن الذى هو فى حالة حرب مع الإرهاب، ووسط حالة الفوضى العارمة بدأت تتلاشى القيم الفنية الاصيلة والذين هم أقدر على التصرف الواعى دون الإساءة لأحد، وهذا بسبب ان النقابة أصبحت مفتوحة للجميع دون وجود العنصر المؤهل فنيًا لتحمل تلك الفترة الصعبة التى يمر بها الوطن. وأشارت «البشلاوى» إلى أن الوضع الحالى فى ظل الاتهامات المتبادلة بين الاعضاء وترويج ان هناك أيديولوجية تسيطر عليها، لابد أن يتدخل العقلاء ويكون هناك موقف ثابت ومعلن لإنقاذ النقابة من الدخلاء عليها ووضع قوالب ثابتة للعضوية وتعديل القوانين ووضع ميثاق شرف، وهذا لا يمنع ان يكون هناك ارتقاء بالخدمات الموجهة للأعضاء فلا تخلو نقابة من الخلافات.. وأشارت إلى أن النقيب هانى شاكر عليه ان يستجيب للمصلحة العامة للنقابة وان يوحد الصفوف لقيادة السفينة حتى نهاية الدورة ويمكنه ان يستعيد الدور العربى للنقابة وإحداث طفرة فى الغناء تجعله فى مصاف النقباء الذين استعادوا الدور والحفاظ عليها وهذا أبلغ رد على منتقديه بدلًا من الانسحاب الذى سيبرر بالفشل، لذلك ننتظر من شاكر الإعلان عن دوره الوطنى فى الحفاظ على الموسيقى. ويرى الناقد نادر عدلى أن نقيب الموسيقيين عليه ان يُفعل دوره ويعى شرف المكانة التى نالها، وقال إن الانسحاب المتكرر والتهديد بالاستقالة عقب كل أزمة لن يُجْدى والأفضل أن تكون هناك استراتيجية لتطوير نقابة الموسيقيين للارتقاء بأعمالها كى تستعيد قيمتها منذ تولى سيدة الغناء العربى أم كلثوم منصبها نقيبة وصولا للفنان هانى شاكر، مؤكدًا أن حالة الترهل التى أصابت سوق الموسيقى فى مصر جعل لبنان ملتقى المهرجانات وخلق من قطر بلد التسويق للأغنية العربية، وهذا لتخلى القائمين على شأن الأغنية تخلو عن دورهم والتفتوا لتصفية الخلافات وكان الأجدر لهم ان يحافظوا على قدسية هذا الكيان المهم وأشار نادر إلى أن هناك ضغوطًا تمارس على شاكر للتراجع عن الاستقالة «وأعتقد أنه إذا أصر على موقفه فستكون هناك دعوة لانتخابات مبكرة وعلى النقيب أن يصدر بيانًا رسميًا يوضح فيه رؤيته لتطوير العمل النقابى والمهنى للاعضاء بدلا من الحديث عن ملابس المطربين، فليس من حق النقيب الحديث بهذا الشكل ولكن عليه ان يطور آليات العمل للنهوض بالنقابة خاصة أن أعضاءها فى حاجة ماسة للارتقاء بما تقدمه لهم من أعمال» ولفت «عدلي» إلى أن نجومية هانى شاكر أعلى من النقابة، مشيرًا إلى ان العمل النقابى بالنقابات الفنية الثلاث ومنها «الموسيقيين» لم يؤد الدور المنوط به تجاه أعضائها. وعلى أعضاء النقابة ان ينتبهوا لخطورة الوضع فى تلك الفترة المهمة حتى لا تفقد النقابة بريقها اكثر من ذلك، خاصة ان هناك من يتربص بها ويتمنى عودتها للوراء، وعليهم ان يعلنوا لنا عن موقف واضح تجاه ما يحدث بعيدا عن تصفية الحسابات: «وأنا ضد قرار الانسحاب؛ لأن معناه ان النقيب ليس على قدر المسئولية وأدعوه للعودة وقيادة النقابة وتبنى موقف وطنى وان يضع قواعد جديدة للحفاظ على هذا الكيان». وقال أحد أعضاء مجلس النقابة، رفض ذكر اسمه: إن الانسحاب ينم عن ضعف الموقف واننا فى حاجة لمن يتولى المسئولية ويتفاوض مع الدولة لتلبية احتياجات الأعضاء بدلًا من الدخول فى معارك شخصية وفى حالة عدم الاستجابة للعودة، سيكون لنا موقف والمطالبة بانتخابات مبكرة والبحث عن نقيب يلبى احتياجاتنا. يقول الموسيقار سامى الحفناوى: إن انسحاب هانى شاكر من النقابة أربك النقابة ودفعها إلى حالة من عدم التوازن والرضا وانعدام الهدف الذى يفترض ان تسير عليه وأضاف: «من ينتسب لنقابة الموسيقيين عليه أن يتعامل وفق هذا الشرف، وهو ما دفع الزميل هانى شاكر للانسحاب وحاولنا إقناعه بالعدول عن موقفه، وما زلنا نحاول عدوله عن الاستقالة ولكنه رافض للعوده؛ لأنه لم يعد له حقه الادبى من اعضاء النقابة جميعا الذين قصروا فى الرد على الإساءات المتكررة التى وجهها له أحد الأعضاء، وعلينا ان نعى الدرس حتى لا تدخل النقابة فى نفق مظلم ومن يختلف مع النقيب عليه أن يطالب بحقه بالطرق المشروعة». وطالب الحفناوى أعضاء مجلس النقابة بتنحية خلافاتهم جانبًا وخلق أفكار «خارج الصندوق» لدعم الاعضاء وتضافر الجهود لإقامة المهرجانات لدعم المطربين ذوى القيمة ومراعاة أذواق الجمهور مع اختلاف الفئات العمرية. موضحًا أن العمل النقابى يتطلب رؤية واضحة لتقديم الخدمات للموسيقيين وخدمتهم ودعم المعاشات وتطوير مشروع العلاج، وهذا لن يتم إلا بالالتفاف حول النقيب بدلًا من توجيه الإساءة إليه وإشعال صراعات الأعضاء فى غنى عنها. ودعا القامات الموسيقية فى مصر إلى لقاء مع هانى شاكر لوضع حد للأزمة والعدول عن الاستقالة وقطع الطريق امام المتربصين بالنقابة للحفاظ عليها.