جداول امتحانات صفوف النقل لمدارس التعليم الفني الزراعي التيرم الثاني بالفيوم    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    أبرزها الزيوت والألبان.. التموين: انخفاض كبير في الأسعار الفترة المقبلة    بعد تراجع الحديد أمس.. تعرف على أسعار الحديد اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    وزير المالية: نعمل وفقًا استراتيجية لإدارة الدين والنزول بمعدلاته لأقل من 80٪ في 2027    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    هيئة البث الإسرائيلية: اجتياح رفح سيتم على مرحلتين تبدأ بإصدار بيانات لإجلاء السكان وإنشاء أماكن نزوح    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    الجيش السوداني عن احتجاز مصر سفينة متجهة للسودان: معلومات مضللة    موسيماني السبب.. سفيان رحيمي يكشف سر تعثر انتقاله للأهلي    ليفربول يواجه أتالانتا في الدوري الأوروبي    عاجل...غياب حسين الشحات بدء محاكمة لاعب الأهلي في قضية التعدي على الشيبي    استعدادا لامتحانات الثانوية العامة 2024.. 14 إجراء عاجل من التعليم    ضبط 100 طن سكر ودقيق بلدي مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    3 مصابين في حريق مخبز بقنا    بعد 5 أيام من البحث.. انتشال جثمان غريق الساحل الشمالي بعد ظهوره على سطح المياه    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    عضها حصان.. إصابة سائحة سورية في الأهرامات    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    ردد الآن.. دعاء للمريض بالشفاء داخل غرفة العمليات    احذروا الذباب الصحراوي، ضيف ثقيل على مصر يسبب لدغات مؤلمة وحكة شديدة    "ريمونتادا" ومفاجآت فى ربع نهائى دورى أبطال أوروبا    كواليس جلسة محاكمة حسين الشحات بتهمة التعدي على لاعب بيراميدز    عاجل.. شوبير يفجر مفاجأة مدوية بشأن فشل انتقال سفيان رحيمي ل الأهلي    إبراهيم صلاح: الزمالك لا يحتاج ل لاعب في مركز 6 بعد تواجد شحاتة ودونجا    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 18 أبريل.. عز عامل عمايله    الرعاية الصحية: 10 مستشفيات جديدة ومجمع الفيروز الطبي يدخلون الخدمة 30 يونيو المقبل    8 علامات قد تشير إلى تدهور البصر    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    مجموعة السبع: الإفراط فى تداول العملات الأجنبية له آثار سلبية على الاقتصاد العالمى    بعد ثوران بركان روانج.. إندونيسيا تصدر تحذيرا من تسونامي    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    مستشارة وزيرة الثقافة: مصر لديها بصمة تراثية تختلف عن الآخرين.. فيديو    جامعة أسيوط تشارك في مسابقة دولية للبرمجة.. منافسة مع طلاب 111 دولة    بالتواريخ| عدد إجازات الموظفين في عيد العمال وشم النسيم    مجلس النواب يكشف عن مواعيد عقد الجلسات العامة    وزير النقل يشهد توقيع مذكرة تفاهم بشأن بناء وتطوير البنية الفوقية لميناء برنيس البحري    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    وزير الري: تحديد مواقع ورسم خرائط مآخذ المياه ومراجعة منحنيات التصرفات    ‫وزارة الزراعة تطلق 10 منافذ متحركة لبيع كرتونة بيض المائدة ب140 جنيها    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    قصف إسرائيلي شمالي مخيم النصيرات وسط غزة    «كن فرحًا».. مؤتمر لدعم وتأهيل ذوي الهمم بالأقصر    السفارة الأمريكية تنظم فعاليات لدعم التدفق السياحي إلى الأقصر    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية لقرية سيدى شبيب الأسبوع المقبل    طارق الشناوي: «العوضي نجح بدون ياسمين.. وعليه الخروج من البطل الشعبي»    منة عدلي القيعي: بجمع أفكار الأغاني من كلام الناس    أحمد عبد الله محمود يكشف كواليس تعاونه مع أحمد العوضي ومصطفى شعبان    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    دعاء الرياح والعواصف.. «اللهم إني أسألك خيرها وخير مافيها»    الصين قادمة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    الجزائر تقدم مساهمة استثنائية ب15 مليون دولار للأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مولانا».. ووعىّ كالمشكاة!
شبابيك
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 01 - 2017

قد تدخل فيلم «مولانا».. وأنت تتساءل.. يا ترى من ستكون له البطولة؟ وهل يا ترى «مولانا» هذا السينمائى من أين سيمتد ملامحه، من ملامح هؤلاء الدعاة الجدد وهم بعدد حبات الليمون الذى لا يحصى.. أم سيكون نجمًا سوبر مثله مثل عمرو خالد، أم خالد الجندى، أم خالد الثالث أو الحادى عشر؟.. أم بعض من هذا على ذاك؟. وقد تخرج من الفيلم ولحسن الحظ.. لتكتشف أنه عصارة تجربة جد عميقة وخاصة بعد تجارب موجعة خاضها المؤلف «إبراهيم عيسى» فى أروقة السياسة والصحافة والفضائيات.. فرسم لنا ملامح لبطله.. ملامح إنسانية.. وهو يأخذ سمت الدعاة الجدد.. ويرسمه كبطل درامى حديث ابن عصره وظروفه له مواطن ضعف وقوة.. لا كبطل تراجيدى مجيد يسعى لحتفه بقوة دون أن يدرى!
إنه بطل من زماننا ليس على طريقة «لرمنتوف» الكاتب الروسى.. بل على طريقة عصرية من لحم ودم.. أزهرى المنشأ والمنبت والتكوين والدراسة.. يرتدى الحديث وفى أعماقه الأصيل.. أما المصير.. فقد لعب القدر لعبته.. وقفز به من مقرئ، وخطيب فى مسجد صغير.. إلى «داعية» «سوبر» تتقاذفه الفضائيات، ويتنافس عليه أصحاب رؤوس الأموال من رأسمالية المحاسيب الذين يشكلون مع السلطة فى عصر المخلوع، زواجًا كاثوليكيًا.. أو كماشة مصالح كبرى أدركها ذاك الداعية المدعو الشيخ «حاتم الشناوى» منذ الإطلالة الأولى على الشاشة.. وأبصر ذاك الثالوث المكون من السياسة والدين وبينهما يرتع المال «السايب» كما يقولون، وبالتالى فإن قانون «ذهب المعز أم سيفه» قائم بقوة.. ومنذ البداية اعترف مولانا لأبيه بأنه تاجر علم.. ولأنه يمتلك ذكاء نادرًا، وخفة ظل، وغزارة فى العلم فقد اختار ألا يكذب، وألا يدخل فى فساد.. وهو يعرف مسبقًا الدور الذي يلعبه وحدوده ويؤكد «كل ما أقوله فى العلن هو كلام مؤمن به.. لكنه على الحواف ومن فوق السطح.. فى الوعظ والإرشاد، وتذكرة الناس وقصص التاريخ.. الأساس فيه الوعظ وليس العظة، الدعاية للدين وليس الاعتبار والتبصر -يقصد التفقه فى الدين- فتاوى للحياة اليومية لكنها لا تغير فى حياتهم ولا فى أنفسهم».
هذا باختصار هو الداعية «حاتم الشناوى» الذى نراه فى فيلم مولانا إخراج «مجدى أحمد على» وقد قام بكتابة السيناريو والحوار.. ورغم أن الفروقات بين الرواية والفيلم ليست جوهرية إلى درجة كبيرة. لأن قماشة الرواية واسعة للغاية «548 صفحة» والأحداث متشبعة للغاية.. فقد اختار المخرج أن يركز على بناء الشخصية الأساسية «البطل» وتطورها، وصراعاتها الرأسية ويستثنى بعض الأحداث الشائكة والمؤثرة.. منها على سبيل المثال علاقته بزوجته وخيانتها له وأيضًا معرفته الخاصة بمرض ابن الرئيس الشائه والذى لا شفاء منه.. عن طريق الشيخ مختار الحسينى.. والذى من ورائها زجوا بذاك الشيخ فى المعتقل وتخلصوا منه بعد تسويد سمعته!! وربما رأى المخرج أنه إذا جاء بمثل تلك الأحداث والتفاصيل قد يتأثر الصراع وقد يشوش على الأحداث الكبرى..
قد يكون مفتاح الأحداث يتركز فى مقولة الشيخ حاتم «إن المسلم القوى هو المسلم العارف والمسلم الضعيف هو المسلم الجاهل».. وهى التى يستخلصها من زواج الرسول بزينب بنت جحش قد دفع الشيخ «حاتم» دفعًا لكى يعرف أسرار ولاد الأكابر.. بعد أن ذاع صيته.. وظنوا أن يده طايلة فإذا بابن الرئيس المخلوع يسعى للقائه.. وإذا به وجهًا لوجه معه بل مع زوجته.. التى تأتمن الشيخ حاتم على سر الأسرار.. وهو «تنصر» شقيقها الأصغر «حسن» فبهت الذى كفر.. نعم حاتم يعرف حكايات عديدة عن التنصر والانتهازيين.. خاصة ذاك الصيدلى الذى سخر منه وسأله لماذا لم يتزوج الفتاة التى ادعى أنه ساعدها على تغيير دينها؟!.. دارت الأرض بالشيخ.. وتوقف الكلام فى «الزور».. وهو يشعر بمدى ضعف الآباء تجاه الأبناء.. وأنه لا يزال يعانى ألم فراق طفله الذى وقع فى حمام السباحة.. وهو لا يزال يعانى الرقاد بين الحياة والموت -أى الطفل- فى إحدى المصحات الأوربية.. بينما زوجته تمنعه من الزيارة خشية ضعفه تجاه طفله الذى يأخذ شكلاً مرضيًا حادًا!!
صار مولانا «حاتم» مجبرًا على علاج «حسن» أو «بطرس» كما تمسك الشاب باسمه الجديد، و«حاتم» ضمن سلاسل من الإقناع يعترف لحسن بأنه يحجب رأيه الحقيقى عن السلطة.. بل عن سلطة الناس أنفسهم.. لأن المجتمع لا يحب أن يعلم الحقائق.. وإنما يسير وراء القشور ولكن حسن لا يستجيب «لمولانا» الأمر الذى يصفعه بأن الدين ليس لعبة.. وهو أمر شاق ومعقد.. وهو يؤكد له: الدين يا حسن من الأمور الصعبة للغاية لأنه لا ينفتح أبدًا عليك مرة واحدة بل ينمو معك كما ينمو جسدك وتفكيرك».. وحسن يركب رأسه فى عناد يشبه عناد الأطفال.. ربما لأنه يريد أن يحطم سلطة الأب المستبد ويتحدى فساد تلك الطبقة التى رآها فى العمق! حد أن «حسن» فى مشهد رهيب يذبح نفسه من الوريد إلى الوريد لكن هذا الفعل الدموى لا ينطلى على «مولانا» يوبخه ويؤكد له أنه لم يذبح بالعمق الكافى الذى به ينهى الحياة! ويظل السجال قائمًا إلى أن يلقى البوليس على «حاتم» مع مجموعة من الشباب المنصر بمن فيهم «حسن».. فيتأكد «لمولانا» أنه صار الهدف!!
الشيخ «حاتم» غرف من العلم والمعرفة الكثير.. وقد لمَّح ببعض من علمه وتفاسيره فى السيرة النبوية وفى الأحاديث المشكوك فيها للبخارى ومسلم، ورفض أن ينصاع لحرب المذاهب المفتعلة بين الشيعة والسنة.. ودافع عن المعتزلة لإيمانهم بإعمال العقل.. ورفض أن يطلق على المسيحيين أهل الذمة! نعم سرب بعضًا علمه لمن يشاء، ووقع فى الخطيئة مع فتاة دست عليه! لكنه حاول بكل قوة أن يحارب مشايخ السلطان.. الآكلين على كل الموائد.
وفى مشهد بديع فى الفيلم وبصورة مكبرة من عدسات المخرج مجدى أحمد على.. صور من أعلى «الكادر» تلك المأدبة التى أعدها النائب ورجل الأعمال «أبو الحديد» لشراء الذمم والذى أريد للشيخ «حاتم» أن يقع فى الفخ نفسه.. فإذا به يعرى الصفقة وهو يصفها والجمع.. «هذا ملهى ليلى دون كحول، والمصالح هى «الرقاصة» التى ترقص بينهم!».
حقيقة إننا نرى فى الفيلم نقلًا عن الرواية التى استغرقت 3 سنوات 2009: 2012.. نرى ملامح عصر كامل من الفساد، وزواج السلطة كرجال الأعمال برجال الدين «والمتاجرين به».. ومدى تغلغل الأمن الذى هو الذراع الطويلة للسلطة فى كل صغيرة وكبيرة.. وبالتالى يقع «حاتم» فى المحظور رغم أنه نأى بنفسه بشدة عن مواطن الفساد والشبهات!!
وجاهد واجتهد فى إعادة الشاب حسن إلى صوابه، حد أنه استضافه فى منزله، وقام معه برحلة فى العمق قابل فيها القساوسة ودعاة التبشير ووضع معهم عهدًا ليمنعوا عن حسن ويتركوه لحال سبيله.
قد يكون خيال «إبراهيم عيسى» كزرقاء اليمامة فيضعنا فى نهاية روايته والفيلم أمام حادث «البطرسية» لأن حسن غافل الجميع.. وبعد أن شتت جهودهم.. تحول إلى إرهابى ففجر الكنيسة فى الفيلم ولاذ بالفرار خارجها.. أما فى الواقع القريب ففجر الاثنين معًا: الكنيسة ونفسه.. ولهذا من يتأمل «مولانا» بعمق.. سيشعر أنه فجر فينا وعيًا.. أحوج ما نكون إليه فى لحظتنا الراهنة.. لحظة مواجهتنا للإرهاب والتى يتحتم قبلها مواجهتنا لأنفسنا بالأساس..
إن «مولانا» أشعرنا أننا أمام فنان عبقرى ولد معه وبه اسمه «عمرو سعد».. ومخرج يثبت لنا أنه يخرج القضايا الكبرى منذ فيلمه «أسرار البنات» وابنه «أحمد مجدى» فى دور حسن أو بطرس أو الإرهابى حقيقة يعد إضافة فنية فى حين تتراجع «درة» لتصبح ظلًا باهتًا ويتقدم عليها الاكتشاف «رمزى العدل» فى دور الشيخ الصوفى مختار الحسينى.
إن «مولانا» يحاول تعديل المسار.. وينبه العقول.. وهو إذ يرفض بداية بأن المسيحيين أهل الذمة.. وهذا ما صرح به مؤخرًا «مولانا» شيخ الأزهر.. أو ليس هذا هو دور الفن الواعى والجاد فى إشاعة وعى «كالمشكاة» التى يتبعها الآخرون بحثًا عن الدفء الإنسانى والوطنى فضلًا عن الاستنارة الإنسانية؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.