خلال خطابه الأخير في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، صبيحة الخميس الماضي، خرج الرئيس عبدالفتاح السيسي عن النص المكتوب، ليوجه التحية لجهاز هيئة الرقابة الإدارية، ولرئيسه السيد محمد عرفان جمال الدين تقديرا لدور الجهاز في إسقاط عدد من رموز الفساد خلال فترة وجيزة، عبر سلسلة من الضربات المتلاحقة، التي لم تشهدها مصر منذ زمن بعيد. فعلي مدار يوم الخميس الماضي، تمكن رجال الرقابة الإدارية من إسقاط مسئولين كبار، والقبض عليهم، متلبسين بجرائم الرشوة، ففي صباح هذا اليوم تمكنت الهيئة من القبض علي «كبير الخبراء بوزارة العدل» أثناء تقاضيه مقدم مبلغ رشوة من صاحب شركة قطاع خاص، تعمل في مجال الاستيراد والتصدير، وقيمة المبلغ المضبوط 250 ألف جنيه، وذلك بعد تلقي الرقابة بلاغا من صاحب الشركة، حول طلب كبير خبراء وزارة العدل هذا المبلغ ، علي سبيل الرشوة، في مقابل إعداد تقرير، يثبت فيه استحقاق الشركة، خاصته، مبلغ 3ملايين جنيه، وهو مبلغ «موضع نزاع» بين صاحب الشركة، وإحدي الهيئات الحكومية، وكذلك إضافته أحقية الشركة في الحصول علي تعويض إضافي، لقاء الأضرار التي لحقت بها. في نفس اليوم، وفي إطار سلسلة الضربات التي وجهتها هيئة الرقابة الإدارية لأوكار الفساد في البلاد، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من القبض علي العضو المنتدب للشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق «إيجوث» وهي واحدة من كبري الشركات الحكومية المصرية، والتي تتبعها سلسلة الفنادق المصرية، الكبري، والشهيرة..كان الموظف رفيع المستوي قد اتفق مع إحدي الشركات الأجنبية، علي إسناد أعمال مقاولات وتوريدات للشركة لفندق ماريوت بحي الزمالك، مقابل مليون جنيه رشوة، حيث تم القبض عليه أثناء تقاضيها. قبيل ذلك، بفترة وجيزة، كانت هيئة الرقابة الإدارية تمكنت من القبض علي نائب المدير العام لقطاع تطوير الفروع، وخدمات التجزئة المصرفية للأفراد، متلبسا بتقاضي مقدم مبلغ رشوة إجمالية 250 ألف جنيه من أحد عملاء البنك، وذلك إثر ورود معلومات لهيئة الرقابة الإدارية، تفيد وجود اتفاق بين مسئول البنك، وأحد العملاء لدي البنك، مقابل تسهيلات بحصول العميل علي قرض مالي بقيمة 10 ملايين جنيه مصري، في إطار مبادرة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، علي أن يحصل لنفسه علي مبلغ 250ألف جنيه، تمثل نسبة 2.5 ٪ من قيمة التسهيل الائتماني المطلوب، بخلاف مبالغ مالية أخري، تدفع للوسطاء في الواقعة، حيث تم ضبط جميع المتهمين في قضية الرشوة، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر بحبسهم خمسة عشر يوما علي ذمة التحقيقات. الضربات المتلاحقة لأوكار الفساد في مصر، جاءت إثر توجيهات واضحة ومشددة، من الرئيس المصري لهيئة الرقابة الإدارية، بعد أن تلقت الرئاسة المصرية عشرة تقارير منتصف شهر نوفمبر الماضي، من عدد من الأجهزة الرقابية، حول وقائع الفساد بالجهاز الإداري للدولة ، وجرائم الرشوة والاختلاس، ونتائج عينات القمح المحلي التي تم سحبها من شون المحافظات، للتأكد من عدم خلطها بالقمح المستورد، حيث أفادت التقارير أن الأجهزة الرقابية، رصدت إبان الشهرين الماضيين نحو 26جريمة رشوة، و12جريمة اختلاس، وقعت بالجهاز الإداري للدولة حيث تم القبض علي المتورطين فيها، وإحالتهم إلي جهات التحقيق، بالإضافة إلي ضبط نحو 45ألف طن من السلع المهربة للسوق السوداء، و12ألف طن من السلع المغشوشة، ومنتهية الصلاحية، قبيل توزيعها علي المواطنين. لقد تنوعت عمليات محاربة الفساد في مصر، وسقوط رموزه علي يد الرقابة الإدارية، وكانت واحدة من أخطر قضايا الفساد التي رصدتها الرقابة الإدارية في مصر، هو ما يتعلق بفساد القمح، والتي ضمت نحو 18متهما، تم التحفظ علي أموالهم المنقولة والعقارية والسائلة المملوكة لهم ولزوجاتهم وأبنائهم القصر، بعد استيلائهم علي المال العام، حيث تسلمت محكمة استئناف القاهرة في الأيام الأخيرة قرارا صادرا من جهاز الكسب غير المشروع، بمنع 18متهما في قضية فساد القمح، المتهم فيها خالد حنفي وزير التموين السابق، والذي تضمن منع 4من رجال الأعمال وأصحاب الصوامع والشون، و14 آخرين من موظفي وزارة الزراعة والتموين، والهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات وزوجاتهم وأولادهم القصر من التصرف في أموالهم، ومنعهم من السفر، علي ذمة اتهامهم بتزوير محاضر فرز واستلام القمح، وأمر جهاز الكسب غيرالمشروع بفحص الذمة المالية لجميع المتهمين، وبيان عناصر ثروتهم، وعما إذا كانت تتطابق مع مصادر دخولهم المشروعة من عدمه. وبالنسبة لمدي مسئولية وزير التموين السابق خالد حنفي عن فساد القمح، أوضحت التقارير، أن مدي تورطه في القضية قيد الفحص والتحقيق، وأن جهاز الكسب غير المشروع ينتظر تحريات تكميلية من الأجهزة الرقابية، لمواجهته بها فور تسلمها، والتي علي أثرها ينتظر إدراجه علي لائحة المنع من التصرف في أمواله، وكذلك منعه من السفر، حيث يعد المسئول الأكبر، المنتظر خضوعه للتحقيقات والمساءلة، في سياق الحرب التي تشهدها مصر ضد الفساد، والتي تتزايد ضرباتها بشكل لم تعهده البلاد منذ ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير من العام2011.