حتي منتصف السبعينيات كان العدو الصهيوني هو عدو المصريين وعدو الامة العربية الاول والاخير قبل أن يصدمهم السادات بزيارة القدس المشئومة. بدأ الأمر بكتاب عودة الوعي للكاتب توفيق الحكيم الذي شنً هجوما ضاريا علي القائد جمال عبد الناصر رمز المقاومة العربية للكيان الصهيوني والامبريالية العالمية. وبدأت الاتصالات الحثيثة بين السادات وأمريكا يعلن فيها السادات موافقة نظامه الجديد علي كل شروط امريكا (التخلي عن نهج التنمية المستقلة المعتمدة علي الذات - إقامة علاقات مع الصهاينة - الدخول في علاقة تبعية للولايات المتحدة –التخلي عن دور مصر العروبي –التخلي عن الحلم النووي). ولما كان موقف الشعب المصري والجيش المصري ليس مواتيا لإبرام الصفقة التاريخية لخروج مصر ليس فقط من الصراع العربي-الصهيوني بل الخروج من التاريخ قرر السادات تحت وطأة الضغوط لشن حرب محدودة ضد الكيان الصهيوني كانت المظاهرات الطلابية والاستنفار العسكري لقيادات تاريخية في الجيش المصري تمثل بالنسبة للسادات صداعا وهو الذي كان يؤجل حرب التحرير. واذا اعتبرنا حرب فلسطين في العام 1948 لجيوش دول محتلة من بريطانيا التي منحت فلسطين للكيان الصهيوني اذا اعتبرناها بمثابة إبراء ذمة للنظم الملكية العميلة امام شعوبها فإن حرب أكتوبر بالنسبة للسادات بمثابة خلق شرعية جديدة وبمثابة إبراء ذمة تؤهله لإبرام صفقة خروج مصر من التاريخ. وبدأ السادات مبكرا التمهيد لمثل هذه الصفقة حيث إنه ألغي الاحتفالات بعيد الجلاء 18 يونيو 1956 وبعيد الجمهورية 18 يونيو 1953 وبعيد النصر علي العدوان الثلاثي 23 ديسمبر 1956 وبعيد خروج الملك 26 يوليو 1952 وبتأميم قناة السويس 26 يوليو 1956 واستحدث عيدا جديدا. في 13 مايو 1971 استقال أعضاء اللجنة المركزية العليا للاتحاد الاشتراكي وبعض وزراء الحكومة احتجاجا علي سياسات السادات فقرر السادات بناء علي نصيحة الاستاذ هيكل قبول الاستقالة والقبض عليهم. ولكن السادات الذي أراد تهيئة المصريين للمرحلة الجديدة قرر اختيار يوم 15 مايو وهو عيد إنشاء ما يسمي دولة إسرائيل ليحتفل المصريون والعدو بيوم 15 مايو. وبعد كارثة اتفاقه مع كسينجر 7 نوفمبر 1973 ثم فض الاشتباك الاول يناير 1974 والثاني في 1975 قرر زيارة القدس وإعلان انتهاء الصراع العربي الصهيوني وان الحاجز النفسي هو سبب المشكلة. وكأن الكيان الصهيوني لم يحتل أرضا عربية ولم يقتل ويذبح شعبا عربيا بل ويعتدي علي مصر بعد تأميم قناة السويس ويعتدي مرة اخري في يونيو 1967. وكان طبيعا أن تتراجع مكانة مصر بعد ذلك في محيط الاقليم العربي والإفريقي والاسيوي خاصة وان مصر كتابع لأمريكا حاربت كل حروب أمريكا من الكونغو وانجولا وإثيوبيا حتي افغانستان. ودار الزمان دورته واغتيل السادات ولكن نظامه الذي ثار ضده شعب مصر ثلاث مرات في يناير 1977 ويناير 2011 ويونيو 2013 مازال يحكم.. وكان منطقيا وطبيعيا ان تجد شبابا مصريين يرون في العدو الصهيوني واحة للديمقراطية وسط محيط عربي متخلف وبغيض. وكان منطقيا وموضوعيا أن تجد شبابا مصريين يرون الملكية نعمة زالت بفعل الحكم العسكري متناسين ان مصر كانت مجرد مستعمرة بريطانية قبل ثورة يوليو المجيدة وكان المصريون أميين وحفاة عراة وجوعي ترهقهم ذلة. من شوه وعي المصريين وجعلهم لا يعتبرون العدو الصهيوني هو العدو الاول والاخير رغم أن الكيان لم يتوقف يوما عن ارتكاب المجازر ومازال يحتل الأرض العربية السليبة ومازال يستهدف مصر ؟ من الذي حشد الشباب وقودًا لمعارك خاسرة لصالح العدو الصهيوني والامريكي في افغانستان والشيشان والبوسنة وسوريا واليمن وليبيا والعراق ؟