ولد الشيخ سيد مكاوي كما كان يحب أن يسمى في 8 مايو 1927 بحي الناصرية بالسيدة زينب ورغم أنه كان كفيف البصر إلا أنه حفظ القرآن وعمل مقرئا ومؤذنا ومنشدا دينيا وكان محبا لمشايخ المنطقة وكانت آذانه موسيقية وسماعية لحد كبير لذلك كانت والدته تشتري له الكثير من اسطوانات الموسيقى التي كان يعشقها عن ظهر قلب ، وكان يسعى ليكون مطربا بالإذاعة التي اعتمدته كمطرب رسمي لها في خمسينات القرن الماضي فأدى الكثير من الأغاني التراثية بجانب الكثير من الأوبرتات ، ثم عمل بالتلحين ليصبح من أكبر الملحنين في مصر فلحن الكثير من الأغاني الوطنية والدينية والعاطفية والشعبية للإذاعة وذاعت شهرته عندما لحن لمطرب الشعب محمد عبد المطلب أغنية " قلت لأبوكي عليكي وقالي وأغنية إسأل عليا مرة " ، ثم لحن أغنية ليلى مراد إحنا الاتنين ، ولأم كلثوم يا مسهرني ، مع الكثير من الألحان والأغاني والأوبرتات ومنها الليلة الكبيرة . وأما بخصوص برنامج المسحراتي الشهير له فيعود إلى 1964 عندما كانت الإذاعة المصرية عن طريق البرنامج العام تقدم برنامج المسحراتي للعديد من الفنانين والملحنين مع فرقة موسيقية ومنهم أحمد صدقي وعبد العظيم عبد الحق ومرسي الحريري ، وفي عام 1967 استدعت الإذاعة المصرية الشيخ سيد بعد أن ذاعت شهرته ليلحن بعضا من حلقات المسحراتي أشعار فؤاد حداد لشهر رمضان فوافق ولكنه اشترط على الإذاعة أن يقوم بالغناء وحده مع الاستغناء عن الفرقة الموسيقية واعتماده على طبلة صغيرة معه وبعدها أضاف الجلابية والطاقية بالتليفزيون ، وعندما نجح السيد مكاوي وحقق جماهيرية كبيرة أكمل فؤاد حداد عام 1968م 30 قصيدة من أشعاره لشهر رمضان كاملة وقدمها السيد مكاوي و نجح فيها بإيقاعه وصوته الساحر والمؤثر كبديل شخصية المسحراتي المستمدة من التراث المصري ، غير أن مكاوي مع فؤاد حداد قد استخدما المسحراتي لوظائف أخرى هامة ومنها أن هذا البرنامج الذي كان يأتي بالإذاعة قبل موعد السحور لم يعد ليوقظ المصريين لتناول سحورهم فحسب وإنما ليوقظ من خلال الألحان والأشعار إرادتهم وضمائرهم وبخاصة بعد نكسة 1967 من أجل التوحد للخروج من النكسة إلى تحقيق النصر ولذلك نرى أن الأشعار الجميلة عبر الحلقات التي تواصلت عبر رمضان بسنواته المختلفة واللاحقة سرد تاريخ مصر عبر ألف عام والتركيز على إبراز الشخصيات التي أثرت فيها تاريخها في كافة المجالات مع التركيز على العروبة والتغني بتراث ومجد الدول العربية وتوجيه الشكر للشعراء المصريين والعرب العظام ، كما نوه فؤاد حداد في أشعاره عن فضل أصحاب الحرف والمهن والأعمال المختلفة التي تميز الشخصية المصرية عبر مدنها وضواحيها وقراها وكنائسها ومآذنها وآثارها المختلفة ومياهها وأماكن العبادة والمساجد الشهيرة بالقاهرة ومدنها والاهتمام بالفقير في شهر رمضان وغيره ، ثم انتقلت الحلقات الإذاعية إلى التليفزيون وبدأ السيد مكاوي يظهر للمستمعين متجولا في شوارع القاهرة التراثية متقمصا شخصية المسحراتي ومعه الطبلة والجلابية والطاقية فيظهر بأدائه الجميل والطروب الذي يظهر طبيعة رمضان المصرية وروحانيات وتجليات الساعة التي تسبق آذان الفجر ظاهرا القاهرة بنجومها ومساجدها ولآلئها قبل الفجر مع تجمع الأسر المصرية للسحور منهم من يعتمد على الإذاعة ومنهم من يعتمد على التليفزيون حتى أصبح الشيخ سيد مسحراتي الشعب عن اقتدار لسنوات طويلة حتى أصبح هو صاحب هذا العمل الذي أسند له كاملا حتى أصبحت الآذان المصرية لا تتمتع بالسحور إلا من خلال الأداء الجميل للشيخ سيد مكاوي الذي كان يقوظ الضمائر ويطرب القلوب ويعطي لرمضان مظهرا فلكلوريا جميلا يضاف إلى المسحراتي الشعبي الذي ينتشر في المدن والأقاليم والقرى المصرية وظل يقدم برنامجه المسحراتي بأسلوب اعتمد فيه على بصمة فنية هامة تحسب له في اللحن والأداء ثم اختياره للكلمة التي دخلت إلى قلوب المصريين كغيرها من فنون التراث الشعبي اللحني والقولي ، وأصبح يسمعه ويطرب له جيل وراء جيل خلال شهر رمضان ليصبح محطة من المحطات اللحنية المتفردة في التراث الموسيقي المصري والشرقي حتى توفى السيد مكاوي في 21 أبريل 1997 ليظل برنامجه مستمرا حتى وقتنا هذا .