أشارت أمال محي رئيسة مركز التحرير لحقوق الانسان خلال بيانها ان اثنان وتسعون عاماً هي المسافة الفاصلة بين ثورة 19 و 25 يناير، وعلي مدار العقود التسع الفائتة لم ينقطع أو يوهن عزم المرأة المصرية وكفاحها سواء دافعاً عن كرامة الوطن أو سعياً لتأصيل حقوقها. وشهدت ثورة 1919 انطلاقة قوية للمرأة، فجاءت مشاركتها فاعلة في الدفاع عن استقلال الوطن عبر المشاركة والتنظيم والإعداد للمظاهرات التي كانت تطوف أرجاء المحروسة ضد المحتل الغاشم ، وخرجت لأول مرة في الاحتجاجات العامة في التاسع من مارس 1919 ، وفي يوم 14 مارس سقطت أول شهيدتين خلال المظاهرات وهن السيدتين ' حميدة خليل' و 'شفيقة محمد' للدفاع ومؤازرة زعيم الثورة سعد زغلول ومعارضة لجنة ' ملنر' إضافة إلي دورها الفاعل في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية سواء من خلال الصالونات الثقافية أو الأنشطة الاجتماعية. وكان الانجاز الأهم، هو حصولها علي حق التصويت في الانتخابات العامة بعد معركة حامية الوطيس لتنتقل معه المرأة من كهوف المنازل إلي فسحة العمل العام. وأضافت لم تقف مكتسبات المرأة عند هذا الحد فحسب، فقد أقر دستور 1956 حق الانتخاب والترشيح للمرأة، غير أن الممارسة العملية والواقع السياسي الذكوري الطابع حال دون تفعيل مشاركة حقيقة للمرأة سواء فيما يتعلق بالتصويت في صناديق الانتخاب أو الترشيح للمقاعد النيابية. وفي إطار مسيرة المرأة وكفاحها، حظيت المرأة المصرية بمجموعة من الحقوق والامتيازات في عهد النظام السابق، فتم تدشين المجلس القومي للمرأة جنباً إلي جنب إقرار قانون كوتة المرأة في العام 2009 والذي خصص دوائرة تنافسية مغلقة للمرأة بواقع 64 مقعداً إضافة إلي تعيين المرأة قاضيا. و اكدت الواقع أن سلسلة الامتيازات هذه كانت موضع نقد ونقض من قبل الكثيرين، خصوصا وأن ثمة تجاوز وجور اعتبره البعض والتفاف علي الشرعية القانونية والدستورية، خصوصا فيما يتعلق بحزمة القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية أو ما يتعلق بقانون كوتة المرأة، فالأول انتقص من قدر الرجل وهيبته، والثاني جاء تفصيلاً علي يد ترزية قوانين الحزب الوطني، وكان بارزا، هنا، حصول الحزب الوطني المنحل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت 2010 علي مجمل ال 64 مقعداً، ومن ثم فإن القانون افتقد جوهره من خلال غياب المنافسة الحقيقية التي كان يمكن لها أن تثري الدور السياسي للمرأة وتعضده. غير أن ثمة هجمة شرسة علي مكتسبات المرأة وحقوقها في أعقاب نجاح ثورة 25 يناير وسقوط نظام آل مبارك إضافة إلي دعوات ودعاوي قضائية تطالب بإعادة النظر فيما أقره النظام السابق للمرأة المصرية، ومع التسليم بأن ثمة خللا يشوب القوانين سواء تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية أو تلك المتعلقة بالكوتة وغيرها، فإن القفز عليها وإشهار معول الهدم عليها جملة وتفصيلا يبقي غير منطقيا. ومن ثم يبقي مهماً الاتفاق علي أسس وقواعد ومرتكزات يمكن البناء عليها في إقرار قوانين منصفة للمرأة وعادلة لا تحمل جور أو ظلماً وتعلي من قدر المرأة ولا تنتقص من كرامتها. وطالبت أمال بإعادة النظر بما يتوافق وروح القانون والدستور والشرائع السماوية فيما يتعلق بحقوق المرأة وواجباتها يبقي مدخلا مناسبا لتحقيق العدالة الاجتماعية والنفسية التي تنشدها ثورة 25 يناير المهم أن حقوق المرأة ومكتسباتها والمحافظة عليها تبقي طوق نجاه ليس لها وحدها وإنما للرجل أيضا، فسيرتها ومسيرتها عبر 92 عاما تؤكد علي أن جذوة الروح الثورية للمرأة المصرية تبقي متقدة متوهجة لم تفلح نكبات الدهر أو غشم المحتل أو حتي قهر السلطة الحاكمة في إطفائها، ولذلك قد لا يشعر المرأة بتسع عقود فاصلة بين ثورة 19 و 25 يناير ودور المرأة فيهما فالثائرات القابعات في ميدان التحرير اليوم كأنهن انتقلن لتوهن من ميدان عابدين الي ساحة التحرير