في ضوء اتفاقية الحدود البحرية بين مصر والسعودية الاتفاقية تضمنت ثلاثة بنود وارتكزت علي القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 والمرسوم الملكي في عام 2010 11 اجتماع للجنة المشتركة لتحديد الحدود البحرية استمرت 6 سنوات، وبدأت منذ عام 2010 الاستفتاء الشعبي علي الاتفاقية يتصادم مع نص المادة )151( من الدستور مندوب مصر بالأممالمتحدة قال في 27 مايو 1967 مصر لم تدّع أبدًا سيادتها علي الجزيرتين الرسائل المتبادلة بين سعود الفيصل ود.عصمت عبدالمجيد أكدت ملكية السعودية للجزيرتين أعلن المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية والنيابية أن الحكومة المصرية سترسل إلي البرلمان خلال الأيام القليلة القادمة نصوص اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، حتي يتخذ البرلمان موقفه الحاسم منها. وقد أثارت هذه الاتفاقية جدلاً واسعًا في كافة الأوساط المصرية، مما يرجح انتقال هذا الجدل إلي ساحة البرلمان مع بدء المناقشة والتصويت عليها. وقد تضمنت نصوص الاتفاقية المذكورة عددًا من البنود المهمة التي أكدتها اجتماعات اللجان المشتركة بين البلدين واستندت أيضًا إلي نصوص القرار 27 لسنة 1990 بتحديد نقاط الأساس الخاصة بالبحر الإقليمي المصري والمنطقة الاقتصادية الخالصة. وقد تضمنت المادة الأولي من الاتفاقية: 1 يبدأ خط الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المصرية السعودية الأردنية في خليج العقبة والتي سيتم الاتفاق عليها لاحقًا بين الدول الثلاث. كما تضمنت أن يمتد خط الحدود البحرية بين البلدين من نقطة الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المذكورة في الفقرة )1( من هذه المادة إلي نقطة الحدود البحرية رقم )1(، ومنها يمتد في خطوط مستقيمة تصل بين نقاط خط الحدود البحرية بين البلدين في خليج العقبة والبحر الأحمر حتي نقطة الحدود البحرية رقم )61(، وفقًا للإحداثيات الجغرافية لنقاط خط الحدود البحرية بين البلدين. وقد تضمنت نصوص الاتفاقية النقاط المحددة بالتفصيل، ذلك أن خط الأساس، هو خط يقاس ابتداء من البحر الإقليمي لبلد ما، وتعتبر المياه التي خلفه مياهًا إقليمية للدولة الساحلية، ذلك أن خط الأساس هو خط مستقيم يصل بين رؤوس النقاط البارزة لشاطئ الدولة وبشرط أن لا يبعد عن الاتجاه العام للشاطئ وأن تكون المياه التي خلفه متصلة بما فيه الكفاية باليابسة لتلك الدولة. ولقد سمحت اتفاقية 1982 )اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار( باتباع طريقة الخطوط المستقيمة الواصلة بين النقاط المختلفة، وهي ما يطلق عليها الخطوط الأساسية، ويقاس منها عرض البحر الإقليمي؛ كما تقول الاتفاقية، وتكون المياه المحبوسة بين خط الأساس والحد الخارجي للعرض المتفق عليه )12 ميلاً مثلا( هو البحر الإقليمي للدولة وما يقع خارجه ليس تابعًا للدولة. وقد حددت اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار 1982 ثلاث طرق مستخدمة لقياس خط الأساس وهي خط الأساس الطبيعي الشعب المرجانية خطوط الأساس المستقيمة. وهنا تؤكد الاتفاقية أنه يجوز للدولة الساحلية أن تحدد خطوط الأساس تباعًا بأية طريقة من الطرق المنصوص عليها بما يناسب اختلاف الظروف. ومن هنا يمكن القول: إن تعيين حدود البحر الإقليمي بين دولتين ذواتي سواحل متقابلة أو متلاصقة وفقًا لهذه الاتفاقية في حال عدم وجود اتفاق بينهما لا يحق لأي منها أن تمد بحرها الإقليمي إلي أبعد من الخط الوسط الذي تكون كل نقطة عليه متساوية في بعدها عن أقرب النقاط علي خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي لكل من الدولتين. وقد تضمنت الاتفاقية التي جري توقيعها في 8/4/2016 خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلي القاهرة تحديد خطوط الأساس وفقًا للقرار الجمهوري المصري رقم 27 لسنة 1990، وأيضًا استنادًا إلي محاضر اللجنة المصرية السعودية المشتركة والتي عقدت إحدي عشرة جلسة بدأت في 26 27/1/2010م، برئاسة مريع الشهواني رئيس الهيئة العامة للمساحة في المملكة العربية السعودية والسفير وجيه سعيد حنفي مساعد وزير الخارجية المصرية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات وانتهت بالاجتماع الحادي عشر خلال الفترة من 21 مارس إلي 7 أبريل 2016 برئاسة السفير محمود سامي مساعد وزير الخارجية المصري للشئون القانونية الدولية والمعاهدات ود.عبدالعزيز بن إبراهيم الصعب رئيس الهيئة العامة للمساحة في المملكة العربية السعودية والتي تضمنت قيام الجانبين بتبادل إحداثيات نقاط الأساس الواردة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 27 لسنة 1990 بشأن خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية، ونقاط الأساس الواردة بالمرسوم الملكي رقم )م/4( بتاريخ 26/1/1431ه الموافق 12 يناير 2010م، بشأن خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة العربية السعودية. وقد أكد هذا الاجتماع أنه قد تمت مراجعة الإحداثيات الجغرافية التي تم إرفاقها لنقاط الحدود البحرية بين البلدين علي المرجع )الجيوديسي( العالمي 84، وتم تدقيقها بصورة فنية، بما يؤهل لإبرام اتفاقية تعيين الحدود بين البلدين. وهكذا نصت الاتفاقية في بندها الثالث علي أن النظام الجيوديسي العالمي 84 )84 WGS( هو مرجع الإحداثيات الجغرافية لنقاط الحدود البحرية التي تم ذكرها في هذه المادة. وقد أكدت المادة الثانية من الاتفاقية )المذكورة( علي ارفاق خارطة مجمعة من خارطتي الادميرالية البريطانية رقم )158( ورقم )159( بمقياس )750000:1( موقع عليها من البلدين توضح خط الحدود البحرية بينهما وتكون هذه الخارطة للإيضاح فقط. كما نصت الفقرة الثانية في هذه المادة علي أن يكون المرجع الأساس لخط الحدود البحرية بين البلدين هو الإحداثيات الجغرافية لمواقع نقاط خط الحدود البحرية الواردة في المادة الأولي من هذه الاتفاقية وهي التي تبدأ من نقاط الالتقاء المشتركة للحدود البحرية المصرية السعودية الأردنية. أما المادة الثالثة والأخيرة من اتفاقية تحديد الحدود البحرية فقد تضمنت فقرتين: الأولي يتم التصديق علي هذه الاتفاقية وفقًا للإجراءات القانونية والدستورية في كلا البلدين علي أن تدخل حيز النفاذ من تاريخ وثائق التصديق عليها. وإذا كانت الحكومة السعودية ومجلس الشوري السعودي قد وافقا مؤخرًا علي نص الاتفاقية فإن مجلس النواب المصري في انتظار وصول نص الاتفاقية إليه من الحكومة، لإحالتها إلي اللجان المختصة ومنها )لجان الشئون العربية والعلاقات الخارجية والدفاع والأمن القومي والدستورية لمناقشة الاتفاقية وبدء عقد لجان استماع يتحدث فيها الخبراء والمختصون لمناقشة كافة وجهات النظر حول الاتفاقية، ثم تعرض علي الجلسة العامة لمناقشتها تفصيليًا، ثم عرضها للتصويت فإذا ما وافق عليها البرلمان في ضوء ما هو مقدم من وثائق فسيتم التصديق عليها، اما إذا اعترض البرلمان فهنا لن يكون أمام المملكة العربية السعودية سوي اللجوء للتحكيم الدولي، وهو أمر بالقطع سينعكس بالسلب علي العلاقات بين البلدين، خاصة إذا كانت الحكومة المصرية قد أقرت بملكية السعودية للجزيرتين، مما يعني أن السعودية ستحصل علي حكم سريع من هيئة التحكيم الدولية في حال رفض البرلمان للاتفاقية. أما الحديث عن عرض الاتفاقية علي الاستفتاء الشعبي استنادًا إلي المادة )151( من الدستور فهو حديث مغلوط وغير دستورية. لقد نصت المادة )151( من الدستور علي «يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء علي معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز ابرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة». إن حقائق التاريخ تقول إن مصر لم تعترف إطلاقًا بملكيتها للجزيرتين، أو سيادتها عليهما، بل إن مندوب مصر لدي الأممالمتحدة قال في كلمته أمام الأممالمتحدة في 27 مايو 1967 عندما قال: «إن مصر لم تحاول في أي وقت من الأوقات أن تدعي أن السيادة علي هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، بل إن أقصي ما أكدت عليه هو أن تتولي مسئولية الدفاع عن الجزيرتين». وقد كشفت د.هدي جمال عبدالناصر عن وثائق لوزارة الخارجية المصرية في 20/5/1967 فيها إجابة واضحة لا تقبل الجدل وتؤكد نصًا علي أن الحكومة المصرية اتفقت مع المملكة العربية السعودية علي أن تقوم القوات المصرية باحتلال جزيرتي تيران وصنافير. كما تضمنت مذكرة الخارجية المصرية علي أنها أرسلت في 28 فبراير 1950 بمذكرة إلي الحكومة البريطانية بوصفها الدولة التي تستعمل الخليج لتموين قواتها في الأردن تفيدها بأنها قد قامت باحتلال الجزيرتين بالاتفاق التام مع الحكومة السعودية وأن هذا الاحتلال لن يعكر المرور البريء وفقًا للعرف الدولي ومبادئ القانون الدولي المقررة، كما أبلغت السفارة الأمريكية بمذكرة مماثلة في 30/1/1950. ولا يغني عن ذلك المذكرة التي رفعها د.عصمت عبدالمجيد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصري ومعه د.مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة إلي مجلس الوزراء المصري المنعقد في 4 مارس 1990 برئاسة د.عاطف صدقي ردًا علي رسالتي وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وتضمنت: 1 انه من الثابت أن الجزيرتين تتبعان المملكة العربية السعودية. 2 أن الوجود المصري في الجزيرتين بدأ عام 1950، وبموافقة المملكة العربية السعودية خلال فترة المواجهة مع إسرائيل. 3 أن أي نظرة خاصة لهاتين الجزيرتين من جانب حكومة جمهورية مصر العربية تفرضها طبيعة وضع معين، يستدعي أن تبقيا تحت إدارة مصر وإلي أن تحتاج المملكة لهما، ستنال من جانب حكومة المملكة ما هو جدير بها من اهتمام، وسينظر إليها الجانب السعودي بكل تبصر في الأمور. 4 أن الجانب السعودي لا ينوي خلق ظروف قد تؤثر علي النهج الذي رسمته مصر لسياستها الخارجية. وفي ضوء ذلك أكد د.عصمت عبدالمجيد في هذا الاجتماع: 1 حكومة جمهورية مصر العربية في موقفها من الجزيرتين تركز اهتمامها علي ضرورة مراعاة عدم الإخلال بالتزاماتها الإقليمية والدولية طبقًا لاتفاقيات الدولة التي أبرمتها بشأن إقرار السلام في المنطقة )ج( حيث توجد بعض القيود علي الوجود العسكري المصري، وحيث تتولي الشرطة المدنية المصرية مهامها داخل المياه الإقليمية للمنطقة، فضلاً عن تمركز القوات متعددة الجنسيات. وقال د.عبدالمجيد «إنه تمت الاستعانة بالإدارة القانونية لوزارة الخارجية والأستاذ الدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة لدراسة الموضوع من الجوانب القانونية وأسفرت الدراسة عما يلي»: انه من الأمور الثابتة تاريخيًا أن السيادة علي الجزيرتين كانت للمملكة العربية السعودية، إلا حين قيام مصر في ظروف المواجهة العسكرية مع إسرائيل عام 1950 باحتلالهما احتلالاً فعليًا وأن مصر لجأت إلي ذلك في ضوء المحاولات التي ظهرت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين وأن هذه الخطوات تمت بموافقة ومباركة المملكة العربية السعودية. انه من الأمور المستقرة في القانون الدولي فقهًا وقانونًا أن السيادة علي الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخري. وهكذا فإن كافة الدلائل والوثائق تؤكد أن مصر لم تفرض سيادتها علي علي الجزيرتين وإنما تولت إدارتهما فقط، مما يعني تعارض ذلك مع نص المادة )151( من الدستور المصري القاضية بإجراء استفتاء في حال التنازل عن السيادة، ومن ثم فلا حاجة لهذا الاستفتاء وإنما يكون مجلس النواب هو فقط المعني بالموافقة علي الاتفاقية أو رفضها. أما عن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من الاتفاقية والتي تنص علي ضرورة إخطار الأمين العام للأمم المتحدة بهذه الاتفاقية لتسجيلها وفقًا لأحكام المادة )102( من ميثاق الأممالمتحدة بعد دخولها حيز النفاذ، فهذا لن يتم إلا بعد التصديق النهائي من الدولتين علي الاتفاقية وتحديدًا )مجلس النواب المصري(. وقد جري التوقيع علي هذه الاتفاقية في الثامن من أبريل 2016، من خلال المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري والأمير محمد بن سلمان ولي ولي عهد السعودية، حيث أكد البلدان علي أن التوقيع علي هذه الاتفاقية يعد انجازًا هامًا من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد وتعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما، وأشار البيان إلي أن هذا الانجاز جاء بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات انعقدت خلالها إحدي عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين. وأكد البيان «أن اللجنة اعتمدت في عملها علي قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية والذي تم إخطار الأممالمتحدة به في 2 مايو 1990 وكذلك علي الخطابات المتبادلة بين البلدين خلال نفس العام، بالإضافة إلي المرسوم الملكي الصادر عام 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية». وقد أسفر الرسم الفني لخط الحدود البحرية بناء علي المرسوم الملكي والقرار الجمهوري المشار إليهما عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية. هذا هو مضمون البنود التي حوتها اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية وهو ما سيتم طرحه علي البرلمان المصري خلال الأيام القادمة بكل نزاهة وشفافية، ومن ثم يتوجب علي البرلمان في هذه الحالة أن يقوم بإذاعة جلسات المناقشة علي الهواء مباشرة سواء تلك المتعلقة بجلسات الاستماع أو المتعلقة بالمناقشة العامة للاتفاقية.