هزتني، كما هزت كثيرين، الأنباء الواردة من القاهرة عن تدهور صحة "الاستاذ" محمد حسنين هيكل الذي من الصعب أن تمر امامنأ ، أيا كانت درجة خلافنا معه او اختلافنا،مقالة له دون ان نلتهمها ، ونتصفح كتابا له دون ان نغوص في فصوله، و نشاهد مقابلة معه دون متابعتها بشغف، فهو من القلة الذين يحسنون الجمع بين غزارة المعلومة واناقةالصياغة وسلاسة السرد بحيث تشعر انك أمام مركز أبحاث، وموسوعة تاريخ ، ونخلة أدبية باسقة. أجيال عدة من أبناء مصر والأمة والمهتمون بأمور العرب كانت تنتظر ماذا سيقول هيكل.البعض يطرب لما يقول، والبعض الاخر يعترض، والبعض الثالث يحقد عليه كرمز من رموز مرحلة عرف فيها العرب طعم الكرامة.في كل مرة ازور فيها القاهرة ولا ألتقي فيها "الاستاذ" أشعر فيها ان الزيارة كانت ناقصة.الجلسة معه مأدبة من أطايب فكرية وسياسية ،ووقائع تاريخية تفسر الحاضر وتستشرف المستقبل.لا نملك في هذه اللحظات الا أن نصلي لشفاء "شاب" تجاوز التسعين من عمره ،احتفظ بذاكرة مذهلة مقرونة بقدرة مدهشة على التعبير .اعترف أنني لم أتفق دائما مع كل تحليلاته لكنني اعترف ايضا أنني مااستطعت مرة القفز عليها .اكثر ما أخشاه ان تكون وعكة "الاستاذ" أكثر من عارض صحي بل ان يكون فيها بعض من احباط وخيبة لتسعيني أمضى العمر ينثر الامل والتفاؤل من حوله.