جدد.. وقدامى.. طيور جارحة.. تغرس مخالبها فى قلب الوطن .. هاهم يعودون .. بغبائهم .. ودعواتهم الماجنة.. لينهشوا جسد وطن.. أثخنته الجراح .. ولكنه لا يزال صامدًا.. قادرًا على المقاومة.. ودحر كل مَنْ تسول لهم أنفسهم المساس بترابه المقدس. شعارات بالية .. وعبارات ممجوجة .. وسلوك بربرى .. وادعاءات زائفة .. راحت تنطلق من وجوه، لا تعرف غير لغة الانحناء للخارج .. والسجود عند أبواب عتبات الشر، والبهتان، إما فى واشنطن، أو تل أبيب، أو غيرهما من بوابات تصدير الموت والخراب لبلادنا المبتلاة بنبتهم الشيطانى. يستغلون حوادث فردية، لتسويد وجه الوطن، وتلطيخ ثوبه الأبيض.. فوجهتهم هى تهيئة التربة، لتكون جاهزةً ليوم معلوم لديهم.. يريدونه نارًا.. ودمارًا.. وهلاكًا للحرث والنسل.. هكذا يأمرهم سادتهم.. الذين عز عليهم أن تتساقط جيوش العرب فى كل البلاد، ويبقى الجيش المصرى، صامدًا.. قويًا، قادرًا على دحر عملاء الداخل.. وأعداء الخارج. عز عليهم، أن تستعيد المؤسسة الأمنية قوتها، وتغادر مرحلة الموات، التى أرادوها لها فى وقت كئيب، أعقب جمعة الغضب فى الثامن والعشرين من يناير 2011، فاستغلوا جملة من الحوادث الفردية فى الآونة الأخيرة، وراحوا يسبغون على الشرطة الوطنية كل سمات القهر والعنف والتعذيب، فى الوقت الذى لم يوجع قلوبهم هذا العدد الهائل من شهداء الشرطة، الذين ضحوا بأنفسهم، ليوفروا لكل مصرى أمنه الكامل.. لم يراع هؤلاء أن الحوادث الفردية هى مسئولية أصحابها الذين تلقوا الجزاء على ما اقترفت أيديهم، بل مضوا فى غيهم سادرين، فى مسعى محموم لدفع الاحتقان إلى قلوب المصريين، بخلط الأوراق، وقلب الحقائق. ولأنهم، لا يعرفون معنى الوطنية، فلم تؤثر فيهم تلك الحروب الطاحنة التى تدور من حولنا، وهى حروب دفعت إليها مجموعات «شاذة» كتلك التى تدعو للتمرد على الدولة الوطنية فى مصر فى الخامس والعشرين من يناير المقبل، عبر إعلانات مدفوعة، يتم ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعى، بأموال مغموسة فى دماء شهداء الوطن الذين يدفعون دماءهم الذكية من أجل هذا الوطن وشعبه العظيم. يريد هؤلاء «المخربون» أن يكرروا فى مصر النموذج العراقى، حيث الدمار فى كل مكان منذ دخول القوات الأمريكية والبريطانية أرض الرافدين بدعم العملاء هناك.. تحت زعم تحقيق الديمقراطية التى لم ولن تحدث.. يريد جوقة «العملاء» أن يكرروا النموذج السورى، ويحولوا بلادنا لمستودع للموت، والخراب، ويشردوا شعبنا خارج البلاد، ويدفعوا بنسائنا، وأطفالنا إلى التشرد، والضياع فى بلاد الدنيا.. ليموت من يموت.. غرقًا.. أو حرقًا.. أو كمدًا.. أو بقطع الرؤوس، والدهس بجنازير الدبابات على أيدى «كفار العصر». يريد هؤلاء أن يحولوا أرض مصر الطاهرة إلى مرتع للعصابات المتناحرة، كما يحدث فى ليبيا، كلًا بل بعضًا من مخاطرها فى استحقاق قادم، خاصة أننا بعد فترة ليست ببعيدة سنبدأ فى مرحلة انتخابات المحليات. الظاهرة الثانية التى يجب التوقف عندها أيضًا هى فوز عدد من الشخصيات المثيرة للجدل بنسبة تصويت عالية جدًا، وهو أمر وإن كان مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى يتندرون به تارة ثم يسمون الشعب بالجهل تارة أخرى، يحتاج إلى الفهم والتفسير ويجب أن يكون محل دراسة من قبل المتخصصين، لأن هذه الأعداد الغفيرة لتى ذهبت إلى لجان الاقتراع وأعطت صوتها لشخصيات هناك العديد من الملاحظات على أدائها من قبل النخبة والإعلام، هى بلا شك تفكر فى اتجاه آخر ومغاير لما تتصور النخبة أنه الصواب. من الممكن أن تكون هذه الشخصيات قد فهمت لغة رجل الشارع البسيط الذى لا يفهم لغة المثقفين ولا حكايات برامج التوك شو، ومن الممكن أيضًا أن تكون قد تماست مع هموم البسطاء ولم تتعالى عليهم.. الموضوع بحق يحتاج لإعادة التفكير فيه من زوايا جديدة، ولا يجب أن يُتْرَكَ كمادة للفكاهة من دون أن نصل إلى دوافع الناخبين فى الاختيار.