تعتبر المساجد في فرنسا وغيرها من الدول الأوربية من أهم الأماكن لاستقطاب شباب أبناء الجاليات الإسلامية للانضمام إلي صفوف الجماعات الإرهابية وذالك لأن الذين يسيطرون علي تلك المساجد هم من هؤلاء الأئمة الذين يتبنون الأفكار السلفية الجهادية التي تقوم علي التكفير ورفض الأخر من خلال فدرتهم علي ذرع روح الحقد والكراهية تجاه الغرب يعملون علي الترويج لها من خلال خطابهم الديني المتشدد ونقله إلي هؤلاء المقبلون علي تعلم مفاهيم وتعاليم الدين الإسلامي من الشباب وصغار السن من أبناء الجالية الإسلامية وبخاصة بلدان المغرب العربي وإفريقيا ومسلمي بلدان شرق أوربا, ومع استدراجهم والاعتراف بهم يتم غسل أدمغتهم باسم الدين مستغلين تردي أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية وتجاهل المجتمع الفرنسي لهم ليصبح الدين هو الملاذ الآمن لهوية هؤلاء حتي يسهل تجنيدهم في مرحلة لاحقة, كما تعتبر المشاريع الصغيرة كمحلات بيع أطعمة الحلال المنتشرة بفرنسا وأوربا مكانا ثانيا لاستدراك هؤلاء الشباب باسم العمل كمدخل آخر يسمح بتبنيه للأفكار الجهادية وهي مشاريع نجحت الجماعات الدينية الريديكالية في إقامتها بالمدن والضواحي الفرنسية وجعلها فئ البداية آماكن تحتوي علي فرص العمل وتجمع الشباب من الجنسين وبعدها يتم تجنيدهم لصفوفهم مقابل إغرائهم بالمزايا والوعود الزائفة حتي يتم استقطابهم, إضافة إلي تجنيد الشباب المسلم من خلال المدارس والجامعات الفرنسة ونظائرها في أوربا عبر شبكات متخصصة تمتلك مهارة في التأثير علي الشباب واستقطابهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي, يحدث ذالك وسط غياب الأهل وإهمال المجتمع الفرنسي والغربي للقيام بواجبه المنوط به تجاه هؤلاء, وأيضا لعدم وجود جهاز تمثيلي وتثقيفي فعلي للجالية والديانة الإسلامية بفرنسا وهو ما أدي لغياب الدور التوعوي والديني الحقيقي والمعتدل نحو أبناء تلك الجاليات وجعلها لقمة صائغة وصيدا ثمينا لدي التنظيمات الإرهابية ليصبح أبناء تلك الجاليات مشتبه بها ولا ندري ماذا سيحدث لها إذا ما تمكنت الأحزاب اليمينية المتطرفة الوصول إلي الحكم, ويمكن القول بان الإعداد التي تم استقطابها للفكر الجهادي من أبناء الجالية الإسلامية بفرنسا تحديدا يصل إلي العشرة آلاف من عدد ابناء الجالية إذ يشكل ما يقارب الألف منهم الخطورة البالغة علي الأمن الفرنسي بعد قيام الأكثرية منهم للجهاد خارج فرنسا انطلاقا من الإيمان بفكرة الهجرة من بلاد الكفر إلي بلاد الإيمان وارض الميعاد بسوريا ثم عودة البعض منهم مرة أخري لفرنسا وبلدان أوربا بعد تلقيهم تدريبات عالية للقيام ببعض الأعمال الإرهابية داخل المدن الفرنسة واستخدامهم كعقول مدبرة ومؤهلة لتجنيد الشباب من فقراء الضواحي والمهشمين بالأحياء والمدن الفرنسية ليصبح هؤلاء رجال داعش داخل أوربا ومدنها يمكن لهم أن يقوموا في أي لحظة بالقيام بالعمليات الإرهابية, ومما يساعد هؤلاء علي القيام بالعمليات داخل وخارج فرنسا هو استفادتهم من حرية التنقل داخل فضاء شنجن مع سهولة السفر إلي تركيا ومنها إلي الجهاد مع داعش وأخواتها في العراق وسويا ثم العودة لفرنسا وأوربا, يحدث ذالك برغم الإجراءات الأمنية والقانونية الصارمة التي اتخذتها أوربا بحقهم وهو ما ساعد هؤلاء الإرهابيون علي القيام بالكثير من العمليات الإرهابية التي روعت فرنسا خلال هذا العام أخرها أحداث الأمس الدامية بباريس وضواحيها في مدينة سان دوني والتي راح ضحيتها أكثر من 130 قتيل من المدنيين العزل وأكثر من 300جريح إصابات عدد كبير منهم خطيرة إضافة إلي حالة من الفزع والرعب داخل صفوف الفرنسيين وتغيير في صورة باريس الجميلة والآمنة التي توصف بأنها عاصمة والنور والثقافة.