لاشك أن دخول روسيا الساحة السورية كان ضروريا لمجابهة داعش وغيره من التنظيمات الارهابية. استعادت روسيا بذلك الدور والمكانة ونجحت في تحركاتها، فنالت تأييد الداخل إلي حد أن الكنيسة الأرثوذكسية وصفت الضربات التي توجهها روسيا ضد الارهاب بأنها حرب مقدسة. عادت روسيا إلي المنطقة كي تدافع عن مصالحها الاستراتيجية بعد ما آل إليه الوضع وتم سحب البساط من تحت أقدام أمريكا. ظهرت روسيا كجبهة إنقاذ ضد المؤامرة التي دبرت بليل ضد سوريا من أجل تفكيكها والقضاء عليها عبر تسليح وتمويل التكفيريين والارهابيين. بدخولها إلي الحلبة السورية استعادت روسيا مكانتها كقوة كبري في النظام الدولي وأثبتت بذلك أنه ليس بوسع أمريكا أو الغرب المريض تجاهل مصالحها، بل واستطاعت روسيا بتحركها نزع الغطاء عن غطرسة أمريكا التي لاتزال تحلم بأن تظل القوة الأحادية القطبية المهيمنة علي العالم. إنه القيصر بوتين رجل الاستخبارات الذي لا يضارع. أيقظ روسيا فظهرت الصحوة عندما اتخذ قرارا باسترداد شبه جزيرة القرم الروسية والتي كانت قد تنازلت عنها لأوكرانيا في سياق ترسيم الحدود بين الجمهوريات السوفيتية. واليوم يأتي تحرك روسيا الايجابي لدحر الارهاب الذي زرعته أمريكا والغرب في المنطقة بدعم من دول خليجية وتركيا.أي أن التحرك الروسي تجاه سوريا جاء بوازع رد الارهاب عنها. لاسيما بعد أن خشي القطب الروسي من أن يرتد عليه ارهاب داعش بعد ذلك وهو الأمر الذي استوعبه الشعب الروسي رغم الضائقة الافتصادية التي تمر بها البلاد من جراء فرض العقوبات وتدهور أسعار النفط. ولا أدل علي ذلك من ارتفاع نسبة المؤيدين الروس لما تقوم به دولتهم إلي أكثر من 70%. جاءت روسيا كجبهة انقاذ بعد أن ظل الوضع علي ماهو عليه بالنسبة للارهاب الذي يتصدره داعش وفشلت أمريكا وتحالفها الدولي في بتره. بل إن التحركات الأمريكية أثبتت عدم وجود استراتيجية للمواجهة رغم امتلاكها ترسانة هائلة من السلاح. وظهر تخبطها في تعاملها مع ما أسمته معارضة سورية معتدلة التي بادرت بتسليم السلاح الذي أمدتها به أمريكا إلي جبهة النصرة المنتمية إلي القاعدة.وبالتالي فشلت أمريكا في الاستراتيجية وفي تحديد الهدف وتحقيقه خلافا لروسيا التي أنجزت الكثير خلال أيام بعد أن حدد بوتين الأهداف بدقة منذ أن شرعت روسيا في مهمتها في 30 سبتمبر الماضي وكبدت الارهاب خسائر فادحة أربكت بها حسابات الغرب في سوريا، فكان أن سارع بنسج الادعاءات ضدها متهما إياها باستهداف المعارضة المعتدلة وليس داعش بل واتهامها بقتل المدنيين السوريين.إلا أن الحقيقة تقول إن دخول روسيا إلي المعترك شكل ضربة قاصمة لداعش الارهابي بعد أن دمر بناه التحتية. يحمد لروسيا استراتيجيتها الواضحة التي ترتكز في الأساس علي دحر داعش واستئصاله. أما أمريكا فلم تقدم إلا الخداع والتضليل والزيف، ولهذا كان من الطبيعي سقوط مصداقيتها وانتزاع الثقة منها.أما مصر فيحمد لها موقفها الداعم لوحدة الأراضي السورية وظهر هذا في تأكيد وزير خارجيتها أهمية مشاركة روسيا في الحرب علي التنظيمات الارهابية. وهو الموقف الذي جاء متكاملا مع التنسيق المصري الروسي من أجل دفع جهود التسوية السياسية في سوريا وصولا بها إلي بر الأمان..