كان القرار مفاجئا, كافة المعلومات والمؤشرات كانت تؤكد أن هناك تعديل وزاريا متوقعا، لكن ربما لم يكن كثيرون يعتقدون أن الرئيس ربما يقدم علي التغيير الشامل للحكومة، خاصة أن البعض قد ردد معلومات تقول إن الرئيس ربما يبقي علي المهندس إبراهيم محلب رئيسا للحكومة لحين إجراء انتخابات مجلس النواب التي من المقرر أن تنتهي في الأسبوع الأول من ديسمبر المقبل. إن أحدا لا يستطيع أن ينكر الدور والجهد الذي قام به المهندس إبراهيم محلب طيلة الفترة التي ترأس فيها الحكومة التي خلفت حكومة حازم الببلاوي، ذلك أن محلب قدم نموذجا مختلفا في الأداء عن كثير من رؤساء الحكومات السابقة، ورسخ قاعدة التواصل الجماهيري بين رئيس الحكومة والمواطنين البسطاء الذين ربما لا يستطيع بعضهم التواصل مع رئيس الحي أو المدينة التي يقطن بها.. غير أن تطورات المرحلة، وحاجة البلاد إلي تغيير واسع في بعض الوزراء والمحافظين ربما دعت الرئيس إلي اسناد المهمة لرئيس وزراء جديد، هو المهندس شريف إسماعيل وزير البترول ليقوم بمهمة التشكيل الوزاري الجديد.. إن الأسباب التي دعت الرئيس السيسي إلي اختيار المهندس شريف اسماعيل رئيسا للحكومة الجديدة يمكن اجمالها في عدة نقاط أبرزها: السمعة الطيبة والنزاهة المعروفة التي يتحلي بها طيلة فترة عمله بوزارة البترول ثم تولي مهام الوزارة ضمن الفريق الوزاري لحكومة محلب. عدم وجود عداوات بينه وبين أعضاء الحكومة السابقة، وهو أمر يؤهله لأن يكون قاسمًا مشتركا للتشكيل الحكومي الجديد والاختيار وفقا للمعايير التي حددها الرئيس السيسي وأولها النزاهة والكفاءة والخبرة والقدرة علي الانجاز. إن اختياره جاء مرتبطا بالفترة الانتقالية التي لن تزيد علي ثلاثة أشهر، يتولي خلالها إدارة العمل الحكومي لحين اختيار رئيس وزراء جديد في أعقاب الانتخابات البرلمانية القادمة. إن ذلك يتفق مع الرأي القائل بأن رئيس الوزراء المرتقب لم يظهر اسمه بعد، وربما يحدث ذلك في أعقاب الانتخابات القادمة، ولذلك جري اختيار رئيس الوزراء المؤقت 'شريف اسماعيل' ليتولي المهمة المؤقتة، دون أية خلافات أو اعتراضات. لقد وصل التكليف إلي المهندس شريف اسماعيل منذ عدة أيام، وبالفعل بدأ في قراءة ملفات بعض الشخصيات المرشحة ولكن دون إعلان، وكان آخرها لقاءات أجراها صباح أمس السبت، استمع فيها إلي آراء بعض وزراء الحكومة الحالية.. إن التوقعات تشير إلي أن التغيير قد يمتد إلي أكثر من 16 وزيرا، وإن الجهات الرقابية ستكون لها الكلمة الفصل فيمن سيتم اختيارهم حتي لا تتكرر مأساة وزير الزراعة، وبالفعل كانت الأجهزة الرقابية قد أعدت هذه الملفات التي أصبحت في حوزة رئيس الوزراء الجديد منذ نحو شهرين تقريبا. إن الحكومة الجديدة لن تكون منفصلة عن أداء الحكومة السابقة، بل ستمضي علي ذات المسيرة خصوصا أن المهندس شريف اسماعيل كان واحدا من وزرائها ويعرف تماما العديد من المشاكل والمعوقات وأسبابها، وهو أمر سوف يسهل من مهمة الأداء الوزاري في الفترة القادمة. وسوف تكون الحكومة الجديدة بمثابة حكومة انتقالية تشرف علي انتخابات البرلمان بحيدة وموضوعية، بعيدا عن الانحياز لطرف لصالح الآخر، وكان طبيعيا أن يتم اختيار رئيس حكومة تكنو قراط ولا علاقة له باللعبة السياسية للقيام بهذا الدور الهام والخطير. وإذا كانت بعض التحليلات بدأت تتحدث عن أسباب استقالة حكومة محلب، وتطرح العديد من التساؤلات التي تستهدف النيل من الحكومة وأدائها وسمعتها، فمن المهم القول هنا إن ما قدمه المهندس إبراهيم محلب والعديد من وزراء حكومته سوف يظل علامة هامة في تاريخ حكومة تحملت جنبا إلي جنب مع الرئيس العديد من المخاطر والمشاكل والأزمات، واستطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات.