الحديث عن محافظة الجيزة وما ضرب بنواحيها من فوضي وإهمال وعشوائية، حديث لا ينتهي، بل تكاد الكلمات لا تكفي لوصف ما وصل إليه حال المحافظة السياحية بالدرجة الأولي. وإذا كنا في العدد الماضي قد تطرقنا إلي المخالفات التي تتم جهارًا نهارًا علي مرأي ومسمع من مسئولي المحليات وما ترتب عليها من وجود أوضاع غير مقننة لكثير من المباني السكنية، وهو ما يؤدي إلي لجوء السكان الذين يقعون في الفخ إلي سرقة التيار الكهربائي، وبالتالي التحميل علي المرافق، بما يهددها كل فترة بالتوقف عن العمل، فإننا نتحدث عن جوانب أخري لا تقل خطورة، ولا يحرك أحد المسئولين عنها ساكنًا. مشكلة المرور في شوارع الجيزة تضاف هي الأخري للمشكلات المستعصية في المحافظة، فإذا تجولت بسيارتك أو حتي مترجلًا، في بعض شوارعها التي يفترض أنها مهمة، فستري بالتأكيد العجب، ففي محيط جامعة القاهرة مثلًا تجد سيارات الميكروباص المتكدسة أمام أبواب الحرم الجامعي والتي تتسابق فيما بينها علي تحميل الركاب من الطلبة، بينما السائق يسرح ويمرح ويقف فجأة في نهر الطريق إذا ما استوقفه أحد الركاب دون مراعاة لحق الطريق وإفساح المجال للسيارات الأخري المارة، وكل ذلك يحدث دون وجود شرطي مرور واحد ينظم تلك العملية. منطقة الجامعة ما هي إلا مثال للتدليل فقط علي أن أحد أهم المعالم البارزة في المحافظة يعاني الفوضي، فما بالك إذا اتجهت إلي أماكن أخري مثل منطقة بولاق الدكرور وأرض اللواء وإمبابة، وهي مناطق يفترض أنها في قلب المحافظة، وليس في ضواحيها. وإذا تحدثنا عن 'التوك توك' وما أحدثه في الشارع المصري، من تفشي البلطجة والعشوائية، فإن كل ما يقال لا يعبر بالطبع عن واقع يزداد قبحًا يومًا بعد يوم، دون أن يهتم أحد من مسئولي المحافظة بتقنين هذا القبح، فإذا كان محافظ القاهرة قد أصدر قرارًا بمنع سير التوك توك ببعض مناطق المحافظة، فإن الجيزة مباح فيها كل شيء، فلا حساب ولا عقاب، وبالتالي تمادي سائقوه، وأصبحوا يسيرون في الشوارع الرئيسة، ناهيك عن أن صبية صغار يقودونه ويرتكبون ما يحلو لهم من حماقات. في شوارع الجيزة تتكدس أكوام القمامة بينما الذباب يحوم حولها في مشهد لا يثير الغثيان فحسب، بل يجلب الكثير من الأمراض، والغريب أن بعض الرعاة يأتون بقطعان الأغنام والخراف ليأكلوا من هذه المائدة العامرة بالجراثيم والميكروبات، وأقسم أن هذا المشهد رأيته بعيني مرارًا في طريق المريوطية بالهرم، المدهش أيضًا أن مقالب القمامة أصبحت تجاور المطاعم ومحلات العصائر التي يتهافت الزبائن عليها في مشهد لا يدل سوي علي أننا اعتدنا 'القبح'. أين نحن من زمن جميل كان كل بيت فيه يهتم بنظافة المنطقة المقابلة له في الشارع كان ذلك يحدث في المدن والقري علي السواء، بالتوازي مع جهود البلدية.. ولكننا الآن لم تعد نظافة شوارعنا تهمنا في شيء.. ماذا ننتظر حتي يهتم مسئولونا.. لا أدري؟!