وكيل "خطة النواب": رئيس المركزى للمحاسبات لم يحضر للمجلس منذ 10 سنوات    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    متحدث الحكومة يكشف المواعيد الجديدة لقطع الكهرباء خلال فترة الامتحانات: تبدأ غدا    وزير المالية السعودي: عجز الميزانية مقصود ولأهداف تنموية.. وسنواصل الإنفاق الاستراتيجي    نازحون يفرّون من رفح الفلسطينية تحت القصف: صرنا زي الطابة كل يوم في ملعب    نهضة بركان يستعيد مهاجمه أمام الزمالك    ضبط عاطل وراء سرقة مسجد بالشرقية    الكوميديا تسيطر على برومو فيلم بنقدر ظروفك لأحمد الفيشاوى    النيابة تصرح بدفن جثة سيدة دهسها قطار في سمالوط بالمنيا    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    انطلاق قافلة طبية مجانية لمدة يومين في قرية الحنفي بكفر الشيخ ضمن حياة كريمة    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف فاز مرسي.. وكيف أُسقط أحمد شفيق؟
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 24 - 08 - 2015

طنطاوي: لا تقلقوا الشعب سينقلب علي الإخوان إذا فشلوا في الحكم!!
مخطط لإعلان ولاية سيناء وإشعال البلاد حال فوز أحمد شفيق الجنزوري يعقد اجتماعًا لتشكيل الجمعية التأسيسية قبل تولي مرسي رئاسة البلاد
لماذا قررت اللجنة العليا تأجيل إعلان النتيجة أكثر من مرة؟
مرسي يخترق القواعد ويدخل القصر الجمهوري قبل أداء القسم
بعد إغلاق صناديق الانتخاب وبدء عملية الفرز الأولية، كانت الأرقام تشير إلي فوز محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان بمنصب الرئيس، قبل إجراء التحريات اللازمة حول وقائع التزوير التي شهدتها الجولة الثانية من الانتخابات.
كان المستشار حاتم بجاتو الأمين العام للجنة قد أجري اتصالاً بالمستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة في الواحدة من صباح اليوم التالي الإثنين 18 يونية 2012 أبلغه فيها بكافة التطورات التي وردت إلي الأمانة العامة للجنة العليا، وبعض النتائج الأولية التي تم الإبلاغ بها، وأكد له أنه لن يغادر المقر الذي ظل به حتي الثالثة والنصف من صباح ذات اليوم.
في فجر هذا اليوم كان الإخوان وأعوانهم قد أعدوا عدتهم لقد احتشدوا في ميدان التحرير ورفضوا مغادرته للاحتفال بإعلان نتيجة فوز محمد مرسي أيا كانت النتائج المبلغة، لقد قرروا فرض سياسة الأمر الواقع مبكرًا، وأعدوا العدة، ورسموا السيناريو كاملاً، وتم الاتفاق بينهم علي استباق قرار اللجنة العليا للانتخابات ووضعها أمام خيار واحد ووحيد.
في هذا الوقت تحديدًا تلقي المشير حسين طنطاوي تقريرًا علي جانب كبير من الخطورة، أعدته أجهزة أمنية متعددة تضمن تفاصيل عملية رصد تهريب الأسلحة من ليبيا إلي عناصر الإخوان والجماعات الإرهابية عبر الحدود الغربية في أوقات سابقة، وذلك بناء علي اللقاء والاتفاق الذي جري بين عناصر إخوانية وعناصر تنتمي للتنظيمات المتطرفة في ليبيا.
وكان أخطر ما تضمنه هذا التقرير وصول شحنة من صفقة أسحلة حديثة استولي عليه المتطرفون في ليبيا من مخازن نظام القذافي وقاموا بتسليمها لجماعة الإخوان في شهر فبراير 2012، وهي التي قامت الجماعة بنشرها إلي عناصرها من المنتمين إلي اللجان النوعية.
ورصد التقرير أنه في مطلع شهر يونية 2012، وقبيل إجراء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، دفعت حركة حماس بعناصر مدربة من جيش الإسلام وجماعة جلجلة، والتوحيد والجهاد ومجموعة عماد مغنية وحزب الله، تسللت إلي داخل الأراضي المصرية عبر الأنفاق غير المشروعة.
وأكد التقرير أن هذه المجموعات قامت في هذا الوقت بتحديد ومعاينة الأماكن والمنشآت المهمة والأمنية بشمال سيناء، ثم العودة مرة أخري إلي قطاع غزة عبر الأنفاق، حيث جري تدعيم هذه العناصر بالرشاشات الآلية وقذائف أر. بي جي وسيارات دفع رباعي وبطاقات هوية بأسماء كودية وكان ذلك هدفه الإعداد لمواجهة التطورات انتظارًا لما سوف تسفر عنه الانتخابات الرئاسية في مصر.
كانت الخطة تقضي في حال إعلان فوز الفريق أحمد شفيق أن يجري استهداف تلك المنشآت والسيطرة علي أقسام الشرطة وقتل عناصرها وإعلان شمال سيناء 'إمارة إسلامية' مستقلة.
وأكد التقرير المقدم أن حماس ألقت بكل ثقلها خلف جماعة الإخوان لأنها قامت بالتنيق مع المنظمات التكفيرية الأخري لتنفيذ مخطط إثارة الفوضي وإرهاب الشعب المصري حال سقوط محمد مرسي.
ولأجل ذلك تم تجميع ما اسمي ب'الكتائب الشعبية' وتسليحها وتسليمها كميات كبيرة من المهمات والملابس العسكرية للإيحاء للمصريين أن هناك انشقاقاً قد حدث في الجيش المصري حال الإعلان عن فوز أحمد شفيق وكانت الخطة تقضي أيضاً بأن تقوم هذه المجموعات بالانتشار داخل المواقع الاستراتيجية في البلاد، في حين جري تشكيل مجموعات أخري هدفها بث الشائعات علي موقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط المختلفة مستخدمين في ذلك وسائل الإعلام الإخوانية، ومن بينها قناة '25يناير' التلفيزيونية التي كلفت باستخدام أكواد مشفرة وبثها لتحريك تلك المجموعات وبث أحداث العنف والإرهاب للمواطنين وضرب المظاهرات السلمية التي سوف تخرج داعمة لأحمد شفيق في حال فوزه.
لقد أشار التقرير أيضاً إلي وجود خطة للإخوان بالاشتراك مع بعض التنظيمات الإرهابية المتحالفة معها لضرب العديد من المنشآت الاستراتيجية ومحطات الكهرباء والمياه في شتي أنحاء البلاد، والقيام بعمليات خطف وقطع للطرق، ودفع مئات الآلاف للنزول إلي الميادين بهدف جرجرة الجيش والاعتداء علي عناصره، والهجوم علي كافة البنوك والمؤسسات الاقتصادية وقطع المواصلات وصولًا إلي سيادة العنف والفوضي وتكرار نموذج السيناريو السوري والليبي علي أرض مصر.
كان المشير طنطاوي قد تعهد بعدم التدخل في الانتخابات وكان السؤال المطروح أمامه: ماذا إذا نجح مرسي، وكانت الإجابة التي رددها أكثر من مرة تقول 'لن نتدخل ولن نكون عقبة أمام أي رئيس يختاره الشعب'!!
كان المشير قد وافق علي بنود الإعلان الدستوري المكمل الذي أعده اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلي للشئون القانونية والدستورية، وهو الإعلان الذي صدر في يوم 17 يونية، متضمنا مواد تهدف إلي الحيلولة دون تدخل الرئيس القادم في شئون الجيش ومواجهة احتمال صدور قرار من القضاء الإداري بحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد.
وقد أثار الإعلان الدستوري المكمل قلق جماعة الإخوان والعناصر المرتبطة بها، غير أنهم ركزوا وجعلوا اهتمامهم في هذا الوقت علي حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح مرشحهم محمد مرسي.
في الرابعة من فجر الأثنين 18 يونية كنت نتائج الفرز في كافة المحافظات عدا القاهرة وصلت إلي غرفة عمليات جماعة الإخوان وإلي اللجنة العليا للانتخابات وكان محمد مرسي وفقًا للنتائج المقدمة في هذه الوقت فائزًا علي المرشح أحمد شفيق بنحو مليون صوت وفق ما تم إعلانه!!
في هذ الوقت عقد محمد مرسي مؤتمرًا صحفيًا بحضور عدد من أنصاره وأعلن خلاله فوزه بمنصب رئيس الجمهورية، وكان الأمر مثار دهشة وصدمة، إلا أن الكثيرين شككوا في هذه النتيجة !!
بعد انتهاء المؤتمر الصحفي توجه محمد مرسي وبعض مرافقيه إلي ميدان التحرير الذي احتشد فيه الآلاف انتظارًا لنتيجة الانتخابات، ومن هناك ردد ذات الكلمات، معلنا فوزه القاطع والنهائي، واحتفل مع أنصاره الذين كانوا قد أعدوا العدة لهذا الاحتفال.
منذ البداية كنت اللجنة العليا للانتخابات قد حددت الإثنين 18 يونية موعدًا لإعلان نتيجة الانتخابات علي أن يتم فتح باب تلقي الطعون ابتداء من يوم الثلاثاء 19 يونية، إلا أن اللجنة قررت تأجيل إعلان النتائج لحين تلقي تقارير وزارة الداخلية والمخابرات العامة والرقابة الإدارية بشأن ما تردد عن وجود تجاوزات خطيرة في العملية الانتخابية، وتم الاتفاق في هذا الوقت علي إعلان النتائج يوم الخميس 21يونية.
في الحادية عشرة صباحًا كان حاتم بجاتو يعقد اجتماعًا مع المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات وبعدها اتجه إلي وزارة الخارجية للتحقيق في الاتهامات الموجهة إلي اللجان الانتخابية في الخارج خاصة السعودية، حيث تم اتهام اللجنة الانتخابية هناك بأنها تلقت تصويتًا جماعيًا وكذلك الحال بالنسبة للصناديق القادمة من جنوب أفريقيا لصالح محمد مرسي.
وبدأت عملية االفرز من الساعة 12 ظهرًا حتي الحادية عشرة مساءً وتم استبعاد بعض الأصوات، إلا أن الشكوك والطعون ظلت مستمرة، وقدم محامي الفريق أحمد شفيق عدداً من التظلمات الخاصة بالتزوير الذي حدث في المطابع الأميرية ومنع الأقباط من التصويت في عدد من المحافظات.
في هذا الوقت كان المستشار حاتم بجاتو قد أجري اتصالاً باللواء مراد موافي رئيس المخابرات العامة واللواء أحمد جمال الدين مدير الأمن العام وأيضاً رئيس جهاز الرقابة الإدارية طالبهم فيه بضرورة إجراء التحريات اللازمة حول ما تردد عن وقائع تجاوزات وجرائم تزوير في جولة الإعادة.
كانت الطعون قد زادت علي 446 طعنا، كل لها أسبابها وحيثياتها، وكانت اللجنة العليا معنية ببحث كافة هذه الطعون والرد عليها.
في هذ الوقت أعلنت جماعة الإخوان المسلمين علي موقعها الالكتروني حصول محمد مرسي علي 13، 732، 000 مليون صوت بنسة تصل إلي 52% من مجموع الأصوات، بينما أعلنت حصول المرشح أحمد شفيق علي 12، 338، 973 مليون صوت بنسبة تصل إلي 48%.
ويبدو أن جماعة الإخوان كانت قد أعدت نفسها جيداً لهذا اليوم، فقد بدأت ماكينتها الإعلامية تبث التقارير والبيانات إلي شتي أنحاء العالم، لتؤكد وقبيل إعلان نتيجة الانتخابات أن محمد مرسي سيبدأ علي الفور بعد الإعلان الرسمي في تشكيل الحكومة الجديدة من ألوان متعددة من الطيف السياسي، وأن مرسي سيختار خمسة نواب له في رئاسة الجمهورية من بينهم نائب قبطي، ونائب من الشخصيات ذات الكفاءة من خارج حزب الحرية والعدالة ونائب من الشباب، ونائبة تمثل المرأآة.
في مساء ذات اليوم دار حوار هاتفي مطول بيني وبين الفريق سامي عنان حول ما يتردد عن فوز محمد مرسي بانتخابات الرئاسة، وقد شككت في الأمر، وقلت إنها النتائج التي أعلنها حزب الحرية والعدالة، ولكن اللجنة العليا للانتخابات لم تقل كلمتها بعد، كما أن نتائج القاهرة لم تصل إلي اللجنة حتي الآن.
وفي ذات المساء اتصل بي الدكتور كمال الجنزوري ودعاني إلي لقاء عاجل في الحادية عشرة من صباح الثلاثاء 19 يونية وعندما وصلت إلي هناك، عرفت أن هناك تكليفًا من المشير طنطاوي للجنزوري بالالتقاء بعدد محدد من الشخصيات وذلك للاتفاق علي تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور خوفا من حلها بحكم قضائي كان متوقعاً صدوره في نهاية ذات الشهر.
وقد ضمت اللجنة كلا من د.الجنزوري ود.فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ومنير فخري عبد النور وزير السياحة وفتحي فكري وزير القوي العاملة السابق ورجائي عطية وسامح عاشور ومصطفي بكري ود.عبد الله المغازي وياسر القاضي وآخرين.
كان الجنزوري قد وجه الدعوة أيضاً إلي د.حلمي الجزار ممثلاً عن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، ولكن بمجرد وصوله ومعرفته بالأمر، التقي الجنزوري وقرر الانسحاب ثم خرج ليتحدث إلي وسائل الإعلام متهمًا المجلس العسكري بأنه يشكل جمعية تأسيسية للدستور بهدف إسقاط الجمعية التأسيسية الحالية.
في هذا الوقت كان التوتر هو سيد الموقف فمع توالي نتائج الانتخابات، كانت كافة المؤشرات تشير إلي أن محمد مرسي سيفوز في هذه الانتخابات ما لم يتم التدخل للتحقيق في وقائع التزوير التي شاع الكلام عنها.
وأثناء الحديث عن التوقعات اطلعتني د.فايز أبو النجا علي مضمون مقل نشرته الايكومونيست البريطانية بعنوان 'انتخبوا الإخوان'، وقالت لي: إذن المؤامرة قد اكتملت الآن!! كان منير فخري عبد النور يجري الاتصالات بين الحين والآخر ليسأل عن نتائج بعض المحافظات، وكان يقول لي: يبدو أن الكارثة في الطريق، وكان يقصد بذلك احتمال فوز محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية.
بعد مناقشات استمرت لعدة ساعات تم الاتفاق علي تشكيل جمعية تأسيسية من مائة عضو يمثلون كافة ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وبعض الشخصيات العامة وأساتذة القانون الدستوري، وكان تمثيل الإسلاميين في هذه الجمعية المقترحة لا يزيد علي أربعة أشخاص.
وفي مساء ذات اليوم تحدث معي الفريق سامي عنان وقالي لي إن هناك نسخة من التشكيل المقترح قد وصلته وأن الأمر لن يطرح إلا إذا صدر حكم من القضاء الإداري ببطلان الجمعية السابقة، وفي هذه الحالة سيصدر المجلس الأعلي التشكيل الجديد استنادا إلي سلطة سلطته المخولة له في الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونية 2012.
وجاء يوم الخميس 21 يونية، لكن اللجنة العليا للانتخابات رأت ضرورة تأجيل إعلان النتيجة إلي يوم الأحد 24 يونية، وهنا اشتاط الإسلاميون غضبًا، وراحوا يوجهون الاتهامات إلي المجلس العسكري بالمسئولية عن التأجيل حتي يتمكن من تزوير نتائج الانتخابات.
ودعا الإخوان وأنصارهم في هذا الوقت إلي مليونية في ميدان التحرير أطلقوا عليها 'مليونية الشرعية' طالبوا خلالها بإعلان فوز محمد مرسي فوراً، والتوقف عن التدخل في شئون الانتخابات وتزوير نتائجها لصالح المرشح أحمد شفيق كما كانوا يزعمون، واحتشد عشرات الآلاف بعد صلاة الجمعة ليحذروا وينذروا ويوجهوا التهديدات بإشعال الأوضاع في حال فوزه.
وفي نفس اليوم عقد المرشح أحمد شفيق مؤتمرًا صحفيًا أعلن فيه فوزه في الانتخابات بنسبة 52% علي المرشح المنافس محمد مرسي، وفهو أمر أثار مخاوف الإخوان وزاد من حدة قلقهم!!
كانت الأجواء في البلاد تشهد حالة متصاعدة من التوتر، وقد انتشرت في هذا الوقت شائعات تقول إن الإخوان سيحرقون القاهرة في حال فوز أحمد شفيق.
وفي الثالثة صباحاً من فجر اليوم التالي السبت 23 يونية، كان مندوب من النيابة العامة قد وصل إلي مقر اللجنة العليا للانتخابات ليسلم مظروفًا خاصًا من نيابة استنئناف القاهرة إلي الأمين العام للجنة العليا للانتخابات.
وكان المظروف يتضمن كتابين مؤرخين بتاريخ 21 يونية من المستشار النائب العام المساعد ومدير التفتيش القضائي إلي المستشار حاتم بجاتو الأمين العام للجنة العاليا للانتخابات يتضمن نتائج التحقيق الأولية حول محضر التحريات المحرر بتاريخ 21 يونية بمعرفة اللواء محمود يسري وكيل الإدارة العامة للمباحث الجنائية بمصلحة الأمن العام، والذي قدمه بناء علي طلب السيد وزير الداخلية بإجراء التحريات عن الجرائم الانتخابية التي وقعت يومي 16، 17 يونية 2012، والكتاب الثاني في شأن الشكاوي التي تلقتها النيابة العامة عن مخالفات أحكام القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية ومباشرة الحقوق السياسية في نحو ما يزيد علي الستمائة بلاغ.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات مكونة من رئيس وأربعة أعضاء هم: المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسًا، والأعضاء هم: المستشار محمد ممتاز متولي النائب الأول لرئيس محكمة النقض، والمستشار عبد المعز أحمد إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة، والمستشار ماهر البحيري نائب رئيس المحكمة الدستورية، والمستشار أحمد شمس الدين خفاجي النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، في حين تولي المستشار حاتم بجاتو موقع الأمين العام للجنة دون أن يكون له حق التصويت.
وعندما اجتمعت اللجنة في يوم السبت 23 يونية، كان قد تم اكتشاف وجود 120 ألف صوت مزور في 16 محافظة، وهذا هو ما تم حصره، وكان السؤال المطروح أمامها: هل تتم إعادة الانتخابات في هذه المحافظات، أم يتم استبعاد الصناديق التي اكتُشف فيها التزوير؟ وهل إذا تقررت إعادة الانتخابات تعاد بين مرسي وشفيق، أم تعاد بين الثلاثة عشر مرشحًا الذين دخلوا الانتخابات في الجولة الأولي؟
وبعد مناقشات مطولة كان هناك ثلاثة من أعضاء اللجنة مع إعادة الانتخابات في المحافظات الست عشرة وهم: المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم والمستشار ماهر البحيري والمستشار أحمد شمس الدين خفاجي، في حين اعترض كل من المستشار فاروق سلطان والمستشار محمد ممتاز متولي، ولكن المناقشات انتهت بانحياز المستشار أحمد شمس الدين خفاجي إلي وجهة النظر الأخري، تقرر إعلان النتيجة كما هي، رغم أن المؤشرات كلها كانت تؤكد أن استبعاد صناديق الانتخابات المزورة يعني فوز الفريق أحمد شفيق.
وفي وقت مبكر من فجر يوم الأحد 24 يونية تم الاتفاق علي إعلان نتيجة الانتخابات في الثالثة من عصر اليوم ذاته، وفي صباح اليوم ذاته بدأ المستشار حاتم بجاتو في الاستعانة بأحد موظفي الكمبيوتر الذي كان يعمل معه منذ فترة طويلة لإملاء النتيجة، ثم قام بكتابتها بنفسه بعد ذلك.
وفي هذا اليوم أعلن المجلس العسكري حالة الاستنفار العام، فدعا موظفي البنوك وبعض الجهات الأخري إلي الانصراف في الحادية عشرة صباحًا، كما تم نقل كميات هائلة من أموال البنوك إلي البنك المركزي، وفرض إجراءات مشددة علي المنشآت العامة والخاصة، وكانت هذه الإجراءات تشير إلي احتمال فوز الفريق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة.
وكانت المعلومات التي وصلتني شخصيًا تؤكد ذلك، فاتصلت بالفريق أحمد شفيق في هذا الوقت وأبلغته بالنتيجة بالأرقام التفصيلية، فقال لي إنه يجلس معه في نفس الوقت أحد الأصدقاء الموثوق بهم وأبلغني نفس الأرقام حرفيًا، والتي تؤكد فوزه بنسبة 50.7%، وهو نفس ما أذاعته قناة ال'سي. إن. إن' نقلاً عن الموقع الإلكتروني للأهرام بالإنجليزية.
كانت لديَّ ثقة كبيرة في مصدري، وهو ما دعاني في هذا الوقت إلي الخروج علي بعض الفضائيات لإعلان أن كل التوقعات تؤكد فوز أحمد شفيق وأن الحرس الجمهوري يتجه الآن إلي منزله.
بعد قليل حدثني د.السيد البدوي رئيس حزب الوفد وأكد لي أن المعلومات التي لديه تؤكد فوز محمد مرسي وليس أحمد شفيق، أبديت دهشتي من هذا الكلام، ولكن البيان الذي تلاه المستشار فاروق سلطان في الرابعة إلا الربع أكد فوز مرسي بنسبة تبلغ 51.76%.
في هذا الوقت حاولت التواصل مع عدد من أعضاء المجلس العسكري إلا أنهم جميعًا أكدوا أن أحدًا فيهم لم يكن يعرف بنتيجة الانتخابات، بل إن بعضهم مثل اللواء ممدوح عبد الحق عضو المجلس وآخرين أكدوا لي أن المشير طنطاوي لا يعرف شيئًا عن النتيجة.
بعد إعلان فوز محمد مرسي عمَّت الصدمة أنحاء البلاد، لم يكن أحد يتوقع أن تمضي الأمور علي هذا النحو، خرجت بعض المظاهرات المحدودة التي تستنكر نتيجة الانتخابات رافعة صور الفريق أحمد شفيق، لكن كل شيء كان قد حُسم وانتهي.
في اليوم التالي الخامس والعشرين من يونية 2012، التقي المشير طنطاوي بقادة وضباط وجنود المنطقة العسكرية المركزية بوسط القاهرة، أدرك المشير حالة القلق التي تعتريهم جميعًا وخوفهم علي هوية الدولة ومؤسساتها في ظل حكم رئيس إخواني للمرة الأولي في تاريخ مصر، وبعد أن استمع المشير إلي هذه المخاوف علي ألسنة الحاضرين خاصة شباب الضباط، قال لهم: لا تقلقوا كثيرًا، إن الذين تطاولوا عليكم وطالبوكم بالعودة إلي ثكناتكم حتي قبيل انتهاء المرحلة الانتقالية سوف يأتون إليكم خلال عدة أشهر فقط ليطالبونكم بانقاذهم إذا لم تلتزم جماعة الإخوان بالحفاظ علي الدولة ومصالح الجماهير، أما إذا التزمت فسوف يقف الشعب ومؤسسات الدولة بكل ما يملك ومع الرئيس الذي جري انتخابه بغض النظر عن الموقف منه، واستكمل حديثة بالقول: 'ثقوا إن جيشكم سيحافظ علي الدولة وعلي هويتها ولن يسمح بالهيمنة عليها لصالح فئة بعينها'.
كانت كلمات المشير حاسمة، هدَّأت من مشاعر الحاضرين الذين أدركوا أن الكلمة باتت في ملعب محمد مرسي وجماعته، وأن الجيش لن يفرط في الثوابت الوطنية ومصالح البلاد تحت أي حال من الأحوال.
وفي مساء اليوم ذاته أذاعت بعض الفضائيات بيانًا مسجلًا من الفريق شفيق إلي الرأي العام المصري يعلن فيه قبوله بنتيجة الانتخابات ويقدم التهنئة للرئيس محمد مرسي.
وكان الفريق شفيق قد التقي في اليوم نفسه بالمشير طنطاوي وأبلغه أنه سيغادر البلاد لأداء العمرة، وأنه سيعود إلي البلاد عندما تتحسن الظروف، وبالفعل غادر شفيق وأسرته القاهرة في وقت مبكر من صباح اليوم التالي 'الثلاثاء' إلي أبو ظبي ومنها إلي السعودية بعد ذلك لأداء العمرة.
كان شفيق يعرف أن الإخوان سوف يتربصون به من خلال البلاغات الكيدية، ولذلك تلقي نصيحة بمغادرة البلاد من بعض المقربين، حتي يكون بمأمن من غدرهم وتآمرهم عليه.
وفي يوم الاثنين ذاته التقي محمد مرسي بالمشير طنطاوي وأعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة بمبني وزارة الدفاع، وفي هذا اللقاء وجَّه مرسي الشكر إلي المشير والمجلس العسكري علي وفائهم بالوعد وإخلاصهم للعهد الذي قطعوه علي أنفسهم، وفي نهاية اللقاء قال إنه سيتوجه إلي القصر الجمهوري للزيارة.
أبدي المشير دهشته، فالرجل لم يكن قد أدي اليمين الدستورية بعد، ولكنه لم يستطع الاعتراض أو يقف حائلًا أمام ذلك.
توجه مرسي علي الفور إلي مبني القصر الجمهوري في الاتحادية وبرفقته عصام الحداد وخالد القزاز وآخرون، ثم مضي إلي مكتب الرئيس علي الفور، وطالب بتغييره، خاصة أن مبارك كان يجلس علي هذا المكتب طيلة فترة حكمه.
في صباح اليوم التالي، كان مرسي يتوجه إلي القصر الرئاسي مرة أخري، ويلتقي بالموظفين ويحذرهم من خطورة التقاعس أو التواطؤ لصالح النظام القديم، يومها قال لهم: 'أنا مواعيدي من 7 صباحًا إلي 12 مساء'.
في الحادية عشرة من صباح الأربعاء 27 يونية، كان موعدي مع الفريق سامي عنان، ثم لحق بنا أحد الأصدقاء، جلسنا معه بدايةً لأكثر من ساعة ونصف الساعة، كان سؤالنا المشترك: ماذا حدث؟!، وكانت إجابة الفريق سامي أن أحدًا لم يكن يعلم بنتيجة الانتخابات حتي تم إعلانها، أبديت دهشتي، فقال لي الفريق بكل حسم: 'ولا المشير كان يعرف، صدقني، كنا ننتظر النتيجة مثل أي شخص آخر'.
بعد حوار مطول غادر صديقي مكتب الفريق عنان، وبقيت أنا، قضيت بعض الوقت مع اللواء ممدوح شاهين، ثم التقيت المشير حسين طنطاوي برفقة الفريق سامي عنان.
بادرني المشير بالسؤال: إيه الأخبار؟!
فقلت له: 'الأخبار عند سيادتك'.
قال لي: 'أنا أسأل عن رأي الناس'.
قلت له: 'الناس منقسمة في الشارع، والكثيرون مصدومون، وهناك من يري أن شيئًا ما قد حدث في اللحظات الأخيرة'.
قال المشير: 'زي إيه؟!'.
قلت له: 'إنهم يقولون إن المجلس العسكري قد تدخل بفعل وجود ضغوط خارجية وأجبر اللجنة العليا للانتخابات علي تغيير النتيجة، أي أن سيادتكم سلمتم البلد للإخوان'.
نظر إليَّ المشير وقال: 'لا أحد فينا كان يعرف بالنتيجة، أنا كنت موجود مع أعضاء المجلس نتابع النتيجة، دخلت الحمام، وما أن عدت حتي فوجئت بفوز مرسي في منصب الرئيس'.
قلت: 'ولكن الناس لها رأي آخر'.
قال: 'نحن لم نتدخل ولا نستطيع أن نتدخل، لقد قالوا قبل ذلك إننا تدخلنا لدي المحكمة الدستورية لحل مجلس الشعب، وأنت نفسك تعرف أن هذا الكلام غير صحيح، والآن جاء البعض يردد نفس الكلام، ونحن لا مصلحة لنا في نجاح هذا أو ذاك، لقد تركنا اللجنة العليا تمارس حريتها واحترمنا قرارها وإرادة الشعب، الشعب هو الذي جاء بالإخوان، خاصة أن هناك كثيرين سافروا للساحل الشمالي، والشعب الذي جاء بالإخوان هو صاحب القرار، انتظر لفترة من الوقت إذا مشيوا كويس مع الشعب هيدعمهم ويقف معهم، أما غير ذلك فبعد عدة شهور هتشوف هيعمل معاهم إيه'، ثم ابتسم وقال لي: 'لا تقلق كثيرًا، الإخوان دلوقتي أصبحوا في يد الشعب، والشعب المصري ده شعب عظيم، متخافش، متخافش'.
تركت المشير ومضيت إلي خارج مبني وزارة الدفاع متجهًا إلي مكتبي، حدَّثني أحد أعضاء المجلس العسكري يسألني عن لقائي مع المشير، قلت له: 'مش عارف، معقولة المشير لم يكن لديه علم بالنتيجة'، قال لي بحسم: 'والله ولا واحد فينا كان يعرف حاجة!!'.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.