لم يخطر ببال أحد من أعداء مصر أن يقوم وزير من حكومة 30 يونية بإلهاء الناس عن الاحتفال بملحمة قناة السويس الجديدة وسرقة فرحتهم وذلك بإشعاله حريقًا كبيرًا يغطي دخانه الكثيف علي انتصار إرادة المصريين وتحديهم للقوي الكبري وإنجاز المشروع العملاق الذي تم بأموالمه وأيدي عمالهم في زمن قياسي أذهل العالم، فبدلًا من أن يحشد صفوف المثقفين خلف القيادة الوطنية في هذا الظرف الوطني الحساس وبدلا من ان يقدم إبداعات مصرية تعبر عن الانتصار، راح الدكتور النبوي وزير الثقافة يشعل الحرائق في الأوساط الثقافية بل شق الصف الثقافي نفسة بدلا من أن يرأب صدعه وتفرغ لإدارة معركة إعلامية في الفضائيات والصحف ليسكب المزيد من البنزين علي النار مما يؤكد أنه لا يعرف أهمية منصبه ولا أهمية الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد في حربها مع الإرهاب والقوي الكبري، بل أكد بما لا يدع مجالا للشك انه ليس ' رجل دولة' ولا يعرف حجم المسئولية الملقاة علي الحكومة في هذا التوقيت الحرج. ومنذ بداية الأزمة وأنا أري ان مشكلة وزير الثقافة ليست في أنه أزهري فكونه أزهريًا لا يعيبه فلقد كان سعد زغلول وأحمد أمين وأحمد حسن الزيات وطه حسين أزهريين وغيرهم وغيرهم من أعلام الفكر والثقافة تعلموا في الأزهر والأزهر كان وسيظل جامعة للفكر المناهض للتطرف، وهو شريك في الدولة الوطنية نطالبه دائما بتطوير خطابه وتحديثه ليناسب العصر ويستطيع أن يقوم بتجديد الخطاب الديني الذي طالب به الرئيس السيسي في مواجهة التطرف والإرهاب لكن المشكلة أن الرجل ليس لديه رؤية فكرية أو مشروع ثقافي ويفتقد للمهارات القيادية وفوق ذلك كله لا يعرف طبيعة المؤسسات الثقافية ودورها والكارثة انه لم يحاول ان يجمع الحركة الثقافية في مؤتمر وطني عام لوضع استراتيجية ثقافية تناسب المرحلة ليلتزم بها ويَفعَّل مؤسسات وزارته لتنفيذها. بل راح يدمر المؤسسات ويطيح بالقيادات الخبيرة بالشأن الثقافي لصالح قيادات أخري لا تعرف شيئا عن هذه المؤسسات تحت دعوي تجديد الدماء لكن الذي حدث انه دبر مذبحة للثقافة والمثقفين وأسال دماءها في وقت حساس، وبعيدا عن شخصنة المعركة الدائرة الآن مع أو ضد الوزير أو مع أو ضد القيادات الثقافية، أري أن الحل الآن أن تسرع الحكومة بتعيين وزير جديد بالتشاور مع الجماعة الثقافية علي أن يلتزم بتنظيم مؤتمر وطني يشارك فيه المثقفون والمبدعون المصريون من الاتجاهات والاجيال كلها لوضع خطة قوميه للثقافة المصرية تنبثق منها استراتيجية ثقافية وطنية لمواجهة تحديات البناء والحرب علي الإرهاب تلتزم بها وزارة الثقافة.. فنحن في معركة كبري تحتاج إلي وقوف الجميع خلف القيادة الوطنية لبناء الدولة الوطنية الحديثة وحشد طاقات المبدعين والقيادات الثقافية لتفعيل هذه الاستراتيجية.. فهل تسارع الدولة بإطفاء هذا الحريق الثقافي المفتعل؟ لابد من ذلك.