سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية الأسبوع السبت 11 مايو 2024    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة سيؤدي لخلق جيل عربي غاضب    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة مدنية بغزة    مأ أبرز مكاسب فلسطين حال الحصول على عضوية الأمم المتحدة الكاملة؟    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    الخارجية الفرنسية: ندعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية في رفح    البحرين تدين اعتداء متطرفين إسرائيليين على مقر وكالة الأونروا بالقدس    هانيا الحمامى تعود.. تعرف على نتائج منافسات سيدات بطولة العالم للإسكواش 2024    أوباما: ثأر بركان؟ يحق لهم تحفيز أنفسهم بأي طريقة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    «كاف» يخطر الأهلي بقرار عاجل قبل مباراته مع الترجي التونسي (تفاصيل)    جاياردو بعد الخماسية: اللاعبون المتاحون أقل من المصابين في اتحاد جدة    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    ضبط المتهم بقتل صديقه وإلقائه وسط الزراعات بطنطا    أنهى حياته بسكين.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص داخل شقته بالطالبية    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حار نهاراً.. ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    مصرع شخص واصابة 5 آخرين في حادث تصادم ب المنيا    غرق شاب في بحيرة وادي الريان ب الفيوم    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    «عشان ألفين جنيه في السنة نهد بلد بحالها».. عمرو أديب: «الموظفون لعنة مصر» (فيديو)    عمرو أديب عن مواعيد قطع الكهرباء: «أنا آسف.. أنا بقولكم الحقيقة» (فيديو)    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    الإبداع فى جامعة الأقصر.. الطلبة ينفذون تصميمات معبرة عن هوية مدينة إسنا.. وإنهاء تمثالى "الشيخ رفاعة الطهطاوى" و"الشيخ محمد عياد الطهطاوى" بكلية الألسن.. ومعرض عن تقاليد الإسلام فى روسيا.. صور    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رانيا وداليا عمر سليمان في أول 'حديث' للصحافة ووسائل الأعلام
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 27 - 07 - 2015


تفاصيل القصة الحقيقية لوفاة عمر سليمان
* تدهور حاد في صحته بعد أن أدرك أن 'الإخوان' سيفوزون بالانتخابات * في 'أبوظبي' قال لابنتيه رانيا وداليا: الأمريكان يريدون محمد مرسي رئيسًا للبلاد
* لماذا 'بكت' داليا عندما قرر ترشيح نفسه للانتخابات؟!
* وماذا قال بعد إبعاده عنها؟!
* الأطباء الألمان نصحوه بإجراء عملية جراحية في سبتمبر، لكن تدهو صحته دفعه إلي 'كليفلاند'!!
* نتائج التحاليل أكدت إصابته بمرض فقدان المناعة والراحل تلقي الخبر بهدوء
* الطبيب المعالج عندما عرف شخصيته قال: 'إذن نحن أمام شخص مهم'
* قبل الوفاة اتصل بزوج ابنته المهندس عبد الحميد حمدي وقال له: خلي بالك من مائدة الرحمن هذا العام
* قبل الوفاة بساعتين كان يجلس مع أسرته في حالة طبيعية وبعدها أسلم الروح
* محمد بن راشد قام بالتنسيق مع جهاز المخابرات وتم نقله علي طائرة رئاسية إماراتية
* فرج أباظة زوج ابنته داليا قام بالكشف عن وجهه في ثلاجة مستشفي وادي النيل قبل دفنه
أجري الحوار: مصطفي بكر'
في التاسع عشر من شهر يوليو الجاري مرت الذكري الثالثة لرحيل اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق ورئيس المخابرات العامة منذ عام 1993 وحتي 29 يناير 2011.
لقد ظلت وفاة اللواء عمر سليمان لغزًا محيرًا لدي الكثير من المحللين والكتاب، بل وقطاعات عريضة من الشعب المصري والعربي، وهو ما حدا بالبعض إلي ترديد شائعات عديدة وكاذبة حول مكان وطريقة وفاته، حتي وصلت هذه الشائعات إلي القول بأن الرجل لا يزال حيًا، وأنه سيظهر في اللحظة المناسبة.
ومنذ فترة من الوقت، كنت قد التقيت كريمتي اللواء عمر سليمان رانيا وداليا في منزل المهندس فرج أباظة زوج السيدة داليا وبحضور المهندس عبد الحميد نجل الشهيد أحمد حمدي وزوج السيدة رانيا.
كنت في هذا الوقت أعد كتابًا عن 'الصندوق الأسود عمر سليمان'، وكنت أبحث وأدقق في كل معلومة حول وفاته وبعض من الوقائع التي استقيتها منه خلال لقاءات متعددة في عامي 2011 و2012.
ونظرًا لأهمية هذه الحوارات والأسرار التي حوتها أستاذنت من أسرة الراحل العظيم في نشرها فكان هذا الحوار مع كريمتيه رانيا وداليا وبحضور المهندس عبد الحميد حمدي والمهندس فرج أباظة.. والذي ينشر بالتوازي مع صحيفة 'الأسبوع'.
كانت تلك هي المرة الأولي التي ألتقي فيها كريمتي اللواء عمر سليمان وجهًا لوجه، له من البنات ثلاث هن: رانيا وداليا، وعبير التي تسكن في لندن، طلبت اللقاء من المهندس عبد الحميد حمدي زوج السيدة رانيا، اتفقنا علي أن نلتقي في منزل المهندس فرج أباظة زوج السيدة داليا في شقته بمنطقة الدقي.
وفي السابعة من مساء اليوم المحدد، كان اللقاء الخماسي، قلت للحاضرين، إنني أعد كتابًا عن 'الصندوق الأسود.. عمر سليمان' وأريد الاستفسار عن بعض الأمور.
كان الكتاب قد أصبح في طور الانتهاء وهو عبارة عن مجموعة لقاءات ومعلومات كنت قد حصلت علي الكثير منها من السيد عمر سليمان خلال حوارات متعددة جرت بيني وبينه في أعوام 2010، 2011، 2012، بعضها كان يجري في مستشفي وادي النيل، حيث كان يقوم بإجراء تدريبات العلاج الطبيعي والكشوفات الطبية عصر كل أربعاء.
قال لي عبد الحميد حمدي: لقد حكي لي الجنرال عن هذه اللقاءات وقد حدثني كثيرًا عنك. قلت له: نحن بلديات، ونظرت إلي داليا ورانيا وقلت: لا تنسوا أنكم صعايدة، لقد كان السيد عمر سليمان ينتمي إلي أسرة عريقة في مركز قفط، محافظة قنا، إلا أنه غادر البلدة في وقت مبكر وسافر مع أسرته إلي الإسماعيلية، لكنه كان دومًا يحن إلي قنا وإلي الصعيد.
عندما كان يقابلني في المناسبات أو في مكتبه، كان يرحب ببشاشة وجهه ويقول: 'أهلا يا أبو البلديات'، وكان دائمًا يعتز بصعيديته وبأهله وناسه في عمق الجنوب.
كان حديثي الأول عن المرض، وعن الوفاة، فمن يمكن أن يحدثني عن اللحظات الأخيرة أكثر من ابنتيه اللتين رافقتاه في رحلة العلاج من أبو ظبي إلي ألمانيا إلي لندن وأخيرًا في مستشفي كليفلاند بالولايات المتحدة؟!
قالت رانيا: لم يكن الأمر جديدًا في منتصف عام 2012 لكننا لم نعلم بخطورة المرض وتداعياته، كان والدي يعاني في فترات سابقة، ولكن كنا نظن أنه حتي هذه اللحظة، الأمر عادي، ولا يخرج عن المألوف في مثل هذه الحالات، كان والدي يمارس رياضته المعتادة، صحيح أنه لم يمارس لعبة 'الاسكواش' منذ فترة، إلا أنه كان يمارس الرياضة بين الحين والآخر. وكان يتردد علي مستشفي وادي النيل لإجراء بعض الفحوصات ويتلقي العلاج الطبيعي بشكل منتظم.
عندما قلت لها إنه سافر إلي ألمانيا أكثر من مرة، وأنه دخل المستشفي في ميونخ وأن آخر مرة كانت يوم 24 مايو 2012، أي بعد إبعاده من الترشح لرئاسة الجمهورية، قالت رانيا: بالفعل لقد سافر والدي إلي ألمانيا في هذه الفترة، لقد تزايدت حدة المرض لديه، كان لديه قلق شديد علي مصر بعد أن لاحت في الأفق إمكانية سيطرة الإخوان علي شئون البلاد، وترشحهم لانتخابات رئاسة الجمهورية.
وفي هذه الفترة سافر والدي إلي ألمانيا وكان برفقته د.علاء العزازي طبيبه الخاص الذي كان يتابع حالته جنبًا إلي جنب مع د.حازم عبد المحسن الذي كان يشرف علي علاجه.
عادت رانيا بذكرياتها إلي الخلف في هذه اللحظات وقالت: لقد سبق لوالدي أن أجري عملية 'قسطرة' في القلب في شهر يونيو عام 2011، ولكن حتي هذا الوقت كان المرض عارضًا، والدي لم يفقد أبدًا التفاؤل، رغم حزنه وألمه الشديد علي مصر بسبب الفوضي التي سادت البلاد في هذا الوقت، وكان يري أن الحالة التي تعيشها مصر حالة مؤقته، وأن البلاد سوف تتعافي من أزمتها بعد تحقيق الأمن والاستقرار.
عندما تحدثت معها عن المؤامرة التي تتعرض لها مصر، قالت رانيا: والدي كان يحدثنا دومًا عن المخاطر التي تتعرض لها البلاد من جراء المخططات الدولية والمحلية، كان يعرف أن البعض لن يترك مصر وحالها، وكان يقدم النصائح في كثير من الأحيان بهدف تفويت الفرصة علي الأعداء، ولكن حجم المؤامرة كان كبيرًا.
كانت داليا تتتابع أطراف الحديث جنبًا إلي جنب مع المهندس عبد الحميد حمدي والمهندس فرج أباظة، كنت أعرف أنها لم تكن راضية عن قبول والدها لمنصب نائب رئيس الجمهورية في هذا الوقت فقالت: المخاطر كانت كبيرة والشارع كان ساخطًا والأوضاع الأمنية كانت صعبة ولذلك كان الخبر بالنسبة لي صادمًا، لقد عرفت بخبر اختيار والدي في منصب نائب الرئيس بعد أدائه ليمين القسم كنت ذاهبة إلي منزل واليد في التجمع الخامس يوم 29 يناير وفي الساعة الخامسة بدأت أتلقي العديد من الاتصالات، الكل يقول لي: إن والدي أدي يمين القسم كنائب لرئيس الجمهورية، ولم أكن أنا أو زوجي فرج أباظة لدينا علم بذلك، بعدها تكمل داليا وتقول: اتصلت بي شقيقتي رانيا وتأكدت منها من صحة الخبر، وكنت في حالة ذهول، وتوقعت أن يتسبب هذا القرار في مشاكل كثيرة، لكنني احترمت قرار والدي، الذي كان يعرف أن الوطن يحتاج إليه في هذا الوقت تحديدًا أكثر من أي وقت مضي، وقالت داليا: لقد عرفت فيما بعد أن والدي كان يتمني أن يبقي في منصبه كرئيس للمخابرات المصرية فقد أمضي فيها أحلي سنوات عمره، وكان سعيدًا بدوره في الجهاز، وعرفت أيضًا أنه أبلغ الرئيس مبارك بأن بقاءه في منصب رئيس الجهاز أفضل، إلا أن الرئيس مبارك قال له في هذا اليوم 29 يناير 'أنا حشيلك الشيلة كلها، وأمشي بحد أقصي يوم 30 يناير، ولن ارشح نفسي مرة أخري، وعاوزك تمسك البلد ال6 شهور القادمين لحين إجراء انتخابات الرئاسة'.
واستكملت داليا حديثها بالقول: 'لقد عرفت من والدي بعد ذلك أن الرئيس مبارك جاء بالدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري في هذا الوقت أخذ موافقتهما القانونية علي تفويض والدي بكامل سلطات رئيس الجمهورية، إلا أن جمال نجل الرئيس رفض ذلك وثار عليه'، وقال له: 'هناك 80 مليون عاوزينك ولا يجب أن تتنازل عن سلطاتك لأحد'.
وبعدها تم وضع سيناريو جديد يقضي باستمرار الرئيس في موقعه وتأجيل نقل صلاحياته لحين معرفة تطورات الأمور في البلاد.
هنا تدخل المهندس فرج أباظة في الحديث وقال: ولكنه كان يعرف أن، هناك من يستغل المظاهرات البريئة والتي استهدفت تحقيق الإصلاح، وكان دائمًا يسألني عندما يعود في التاسعة مساء كل يوم عن أخبار ميدان التحرير وكنت أحكي له ما يحدث بصراحة والهتافات التي كانت تتردد في الميدان، وقال: عندما اقترح السيد عمر سليمان علي الرئيس مبارك في هذا الوقت تفويض رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية لتولي مهام الحكم في البلاد لفترة مؤقتة قال مبارك: إذا فوضت فأنا سأفوض المجلس العسكري، لأني واثق أن الجيش هو الذي سيحافظ علي أمن البلاد واستقرارها وسيجري انتخابات تؤدي إلي اختيار رئيس جمهورية جديد.
أما رانيا فاستكملت حديث داليا وقالت: عندما كان المتظاهرون يزحفون إلي القصر الجمهوري في الاتحادية كانت هناك مخاوف وقلاقل عديدة من احتمال حدوث الصدام يوم الجمعية 11 فبراير، وكنا قلقين جدًا علي مستقبل البلد، لكن كانت ثقتنا في الجيش كبيرة، وعندما سألت والدي عن احتمالية حدوث الصدام قال لي: متخافيش الحرس الجمهوري ليس معه طلقة واحدة من الرصاص، كما أن التعليمات الصادرة تقضي برفض أي اعتداء علي المتظاهرين أيا كانت النتيجة.
تحدثت مع رانيا عن وقائع ما جري يوم الجمعة 11 فبراير 2011 وقلقها علي والدها في هذا اليوم فقالت: لقد تحدثت مع والدي في هذا اليوم، حيث كان المتظاهرون يتجهون إلي القصر الجمهوري في مصر الجديدة، وسألته عن الأحوال فقال لي: لا تقلقوا.. كل شيء حيبقي تمام إن شاء الله، والأمور حتمشي كويس، ومصر حتعدي هذه الأزمة ولن تحدث أي اشتباكات'.
وقالت رانيا: في هذا اليوم طلب مني والدي أن نذهب جميعًا إلي منزل المهندس فرج أباظة زوج شقيقتي في الدقي، حيث كنت أقيم أنا وزوجي والأبناء مع والدي ووالدتي في التجمع الخامس.
وقالت: انتقلنا بالفعل إلي هناك، وظللنا نتابع الأحداث بقلق شديد، وبعد أن اتخذ الرئيس مبارك قرار التنحي عن السلطة في مساء نفس اليوم حدثنا والدي ليطمئن علي أحوالنا، فسألناه ماذا سيحدث بعد رحيل مبارك عن الحكم، فقال لي سيكون لنا دور مع المجلس العسكري، وغدًا سوف نجتمع لبحث تشكيل مجلس رئاسي يتولي إدارة شئون البلاد جنبًا إلي جنب مع المجلس العسكري.
واستكملت حديثها بالقول: في هذا المساء طلب منا أن نعود غدًا إلي التجمع الخامس، وبالفعل في تمام الساعة الثالثة من عصر يوم السبت 12 فبراير، كان والدي لايزال موجودًا في المنزل، فاندهشت وسألته عن أسباب تواجده وعدم ذهابه في الموعد المحدد للقاء مع المجلس العسكري في صباح نفس اليوم، فقال لي: لقد تم تأجيل اللقاء إلي السابعة مساء.
وقالت رانيا: لقد ظللنا إلي جواره نتابع الأحداث في هذا اليوم، وقبيل السابعة مساء غادر المنزل وذهب هو والفريق شفيق لمقابلة المشير حسين طنطاوي لكنه فوجئ برفض فكرة المجلس الرئاسي، ثم عاد مرة أخري إلي المنزل ولم يتحدث معنا في التفاصيل، فقد كان والدي كتومًا، ونادرًا ما يتحدث معنا في أمور العمل أو العلاقات أو غيرها، ولكننا عرفنا أن المجلس العسكري قرر صرف النظر عن فكرة المجلس الرئاسي وعرفنا أيضًا في هذا الوقت أنه تم سحب الخط الهاتفي المشفر بين والدي ورئيس الجمهورية، فأدرك ساعتها أن الموضوع قد انتهي، ولم يعلق ولو بكلمة واحدة، بل دخل إلي غرفته والتزم الصمت، فقد كان كل ما يهمه هو أن تمضي الأمور إلي الأمام.
وعندما سألت داليا عن محاولة الاغتيال التي تعرض لها والدها يوم 30 يناير، قالت: الحقيقة أنه لم يبلغنا بشيء، ولكن الشائعات كانت تتردد عن تعرضه لمحاولة اغتيال من مجهولين، بينما كان متجهًا للقصر الرئاسي في مساء نفس اليوم، ولكنه أبلغ والدتي فقط بما حدث، وطلب منها عدم ابلاغنا بأي شيء، في هذا اليوم عندما عاد والدي إلي المنزل كان كل شيء طبيعيًا، وكان هادئ الأعصاب، بل وراح يلعب مع الأحفاد، وكأن شيئًا لم يحدث، وقد اقتنعنا أنه لم يحدث أي شيء بالفعل وأن ما تردد لم يكن سوي شائعات كاذبة، ولكننا عرفنا بعد ذلك أن هناك محاولة بالفعل جرت لاغتياله، ولم نعرف من كان يقف وراءها.
وقالت داليا: سارت الحياة بعد ذلك بشكل طبيعي كان والدي يذهب في بعض أيام الأسبوع إلي مكتبه في المبني القديم للمخابرات العامة، يذهب ليقضي بعض الوقت، ويلتقي بأصدقائه، ثم يعود إلي المنزل.
سألت رانيا عن هوايات الوالد فقالت: كانت القراءة أهم هواياته، وأيضًا رياضة 'الاسكواش'، وكان يهوي السير علي الأقدام وبالذات علي الكورنيش بمدينة الإسكندرية، كان السائق يذهب به إلي محطة الرمل وكان يترك السائق للسير علي الكورنيش وحيدًا.
وقالت: في إحدي المرات قابلته سيدة مصرية نظرت إليه جيدًا، وقالت له: أنت عمر سليمان، فصمت ولم يرد عليها، ثم عادت مرة أخري لتلحق به وتقول له: 'أنا متأكدة أنك أنت عمر سليمان شخصيًا'، ابتسم في هدوء وصافحها وتركها وواصل السير علي الكورنيش.
وتتابع رانيا الحديث وتقول: كان والدي يعود إلينا يوم الخميس من كل أسبوع مبكرًا، وكان يطلب من السائق أن يصطحبه إلي منطقة وسط البلد في القاهرة، وكان أيضًا يواصل السير علي الأقدام وحيدًا من شارع قصر النيل وحتي شارع فؤاد، وفي إحدي المرات ذهب والدي إلي منطقة درب البرابرة القريبة من هناك وكان في هذا الوقت يشغل منصب رئيس المخابرات العامة، وظل يتجول ويتفرج علي النجف والانتيكات، وأثناء ذلك تعرف عليه صاحب المحل، فتجمهر الناس من حوله، وكان والدي وحده، فخاف عليه صاحب المحل، وطلب منه أن يختبئ لحين انصراف الناس لكن والدي أصر علي أن يصافح الناس، ثم مضي بعد ذلك.
قالت رانيا: نعود مجددًا لحكاية المرض، وسألتها عن أسباب التدهور السريع في صحته فقالت: عندما كان والدي في القاهرة تزايدت حدة المرض عليه خاصة بعد أن قام بترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية استجابة لرغبة الكثيرين وخوفًا علي مستقبل البلاد خاصة بعد أن قدم الإخوان خيرت الشاطر ومحمد مرسي للترشح في الانتخابات فحسم أمره ورشح نفسه في اللحظات الأخيرة، يومها قال والدي: 'لن أدخل الانتخابات إلا بضمانة 100%'، وبالفعل في 48 ساعة تم جمع حوالي أكثر من 47 ألف توكيل من العديد من المحافظات، ساعتها عندما علمت داليا بدخول والدي الانتخابات قلقت كثيرًا، لانها كانت تعرف أن الأمر ليس سهلًا، كما أن الحملة من الإخوان وبعض أنصارهم ضد والدي كانت عنيفة وظالمة، المهم في الأمر حدث نقص في التوكيلات وقد طلب والدي من المشير طنطاوي أن يطلب من اللجنة أن تمد ساعتين لحين وصول السيارة القادمة أسيوط، إلا أن ذلك لم يحدث وعندما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات خروج والدي من السباق الرئاسي، وعندما احتشد الناس رافضين، قال لهم: أنا متشكر جدًا، وأرجو أن تعودوا إلي منازلكم، كل شيء قد انتهي وعسي أن تكرهوا شيئًا ويكون فيه خيرًا كثيرًا'.
وفي اليوم التالي التقي والدي بحملته الانتخابية وأوصاهم وقال لهم: 'أحرصوا علي مصر وحافظوا علي البلد وهو كان يعرف منذ البداية أن النار ستفتح ضده من خصومه، ولكنه لم يخف أو يتراجع، بل كان مستعدًا لكل شيء من أجل مصر'.
وقالت: كان والدي يشعر بالخطر علي مصر إذا تولي الإخوان حكم البلاد، وساعتها بدأت تتزايد حدة المرض، فقرر السفر إلي ألمانيا يوم 24 مايو وبصحبته د.علاء العزازي طبيبه الخاص، وعندما عاد من ألمانيا قرر السفر إلي أبو ظبي في 6 يونيو 2012، وذلك لاستكمال الكشوف الطبية في مستشفي الشيخ زايد العسكري، حيث اصطحب معه حفيده زياد عبد الحميد، ثم سرعان ما سافرت أنا وماما وداليا وزوجها المهندس فرج أباظة للحاق به يوم 21 يونيو.
وقالت رانيا: إننا عندما بدأنا نسمع عن نتائج الانتخابات الرئاسية واحتمالية فوز محمد مرسي لم نصدق ذلك، وأنهمرت الدموع من أعيننا، وقلنا لوالدي: كيف ذلك؟ إن كل الدلائل تقول إن أحمد شفيق هو الفائز ليس محمد مرسي، فقال لنا.. يجب أن تعرفوا أن الأمريكان يريدون الإخوان.
ساعتها سادت حالة من الوجوم، فبادرت داليا بالقول: 'ولكن أحد الأشخاص المقربين من لجنة الانتخابات أبلغها أن أحمد شفيق هو الفائز، إلا أن والدها رد عليها بالقول: مهما حدث محمد مرسي هو الفائز'.
قالت داليا 'كان والدي يتحدث بلغة الواثق، ربما كان ذلك هو توقعه، أو معلوماته من خلال قراءة الأحداث، ولكن في كل الأحوال كان الحديث مذهلًا لنا، وكان والدي خائفًا علينا وعلي مستقبل مصر في ظل هذه الأجواء.
في هذا الوقت قال لنا لابد من تقبل الأمر الواقع حاليًا، وعليكم أن تكونوا علي ثقة أن من جاءوا بالإخوان هم الذين سيسقطونهم في يوم ما، لأن الإخوان لن يستطيعوا حكم مصر، لأن مواقفهم وأفكارهم تتصادم مع المصريين.
وتكمل رانيا الحديث بالقول: 'بعدها ساءت حالته النفسية، وظل في المستشفي، ولم يخرج منه سوي يوم عيد ميلاده في الثاني من يوليو، وفي هذا اليوم احتفلنا بعيد ميلاده في الفندق الذي كنا نقيم فيه، وكانت نصيحة الأطباء هي ضرورة أن يسافر الوالد إلي ألمانيا لإجراء المزيد من الكشوفات.
وقالت داليا: 'انا ورانيا كنا بنتخانق' من منا تذهب معه إلي ألمانيا، واضطررنا لعمل قرعة، وأنا كسبت الرهان، وبقيت رانيا في هذا الوقت لمتابعة الأولاد والأسرة، سافرنا أنا ووالدي علي الطائرة الإماراتية المتجهة إلي ألمانيا، وعندما جاءت المضيفة بقائمة الطعام رفض والدي تناول أي شيء، وعندما وصلنا إلي ألمانيا كانت شقيقتي عبير في انتظارنا، وأيضًا كان موجودًا د.حازم عبد المحسن المشرف علي علاج والدي، بقينا يومين في ألمانيا، وقد أجري والدي كشوفًا عديدة، وبعد الانتهاء من إجراء الفحوص، طلب الدكتور منه العودة إليه في منتصف شهر سبتمبر لإجراء عملية جراحية في القلب، وكان التشخيص الطبي للمرض في هذا الوقت هو 'ضعف في عضلة القلب'.
وفي ضوء ذلك قررنا السفر إلي بريطانيا، انتظرنا في مطار ميونخ لمدة 4 ساعات، وفكرنا في العودة مرة أخري إلي الفندق، إلا أن أبي صمم علي الانتظار، وعندما وصلت الطائرة صعد السلم بصعوبة بالغة، وجلسنا ثلاث ساعات في الطائرة حتي وصلنا إلي لندن، وبقينا هناك من 6 15 يوليو، وقد لاحظنا في هذا الوقت تدهورًا سريعًا في صحته، مما استدعي دخوله أحد مستشفيات لندن، كان والدي مهتمًا بالجلوس مع شقيقتي عبير وأولادها أكبر وقت ممكن، لأنها كانت مقيمة في لندن مع زوجها في هذا الوقت السفير أيمن القفاص.
وقالت: 'عندما رأينا صحته تتدهور، كان القرار بالسفر إلي أمريكا للعلاج، أجرينا الاتصالات وتم الحجز في مستشفي كليفلاند، وبدأنا نعد العدة للسفر، خاصة بعد أن رفض والدي دخول مستشفي لندن، رغم أن نتائج التحليلات لم تكن مطمئنة.
وقالت: 'لقد اتصل بي د.علاء العزازي وطلب مني عدم السفر لأن الرحلة طويلة وحذرني من احتمال تعرض والدي لأزمة قلبية في الجو، وعندما أبلغت والدي برأي د.علاء العزازي قال: 'أنا حطلع الطيارة وأسافر أيا كانت النتيجة'، فقد كان يشعر في هذا الوقت بضيق شديد في التنفس، ولكن كان لديه إيمان قوي وحب للحياة، وكان لديه إيمان بأن كل شيء قضاء وقدر، واتذكر يومها قال للدكتور علاء العزازي: 'انا عمري لم إؤذ أحدًا، وسأموت علي السرير مثل أخي جمال أو سأموت شهيدًا'.
وقالت رانيا: 'عندما وصلنا إلي أمريكا يوم الأحد 15 يوليو، نزلنا في فندق ملحق بمستشفي كليفلاند، والليلة الأولي قضاها والدي معنا في الفندق، وكانت غرفتي أنا وداليا ملحقة بغرفته، وعندما أصيب بالتعب في هذا المساء، أعطيناه أكسجين وتناوبنا أنا وداليا متابعة حالته الصحية.
وقالت رانيا.. في يوم الاثنين 16 يوليو عملنا دخولا للمستشفي، وبدأنا رحلة الفحوصات، وكان هناك اثنان من الأطباء الكبار يتوليان متابعة حالته الصحية، أحدهما طبيب من أصل سوري فقال لنا: 'أريد أن اتعرف علي المريض'، فعندما قال له والدي 'أنا كنت رئيس المخابرات العامة ونائب رئيس الجمهورية في مصر، رد عليه الطبيب وقال: إذن المريض شخص مهم جدًا، وطلب منه أن يحكي عن نفسه، فقال والدي 'أنا أمارس الرياضة طول عمري، بلعب الاسكواش، وأعوم ولا أعاني الأمراض إلا منذ فترة قصيرة، سأله الطبيب عن تاريخ العائلة والمرض، وقابلنا في هذا الوقت د.راندل ستارينج طبيب القلب المعروف، أما المسئول الإداري بالمستشفي فقد اتضح أنه من أصل مصري ويدعي 'بشاي' وكان والده قسيس الكنيسة في كليفلاند ويدعي 'القس بيشوي'.. وعندما علم بهوية والدي ظل يتابعه في كل كبيرة وصغيرة.
وتقول رانيا: 'قبل وصولنا إلي أمريكا بيوم واحد، جاءتني مكالمة من الطبيب المختص في مستشفي زايد العسكري، وقال لي: 'لقد وصلتنا نتيجة المرض من ألمانيا، وأن النتيجة أكدت أن المرض المصاب به والدي هو مرض 'إميلويدوزيس' الذي من شأنه أن يقلل المناعة، كما أن تأثيره علي الجسم لا يظهر إلا بعد سنوات من الاصابة به، وأن هذه الفترة قد تستمر لعشر سنوات.
وتقول داليا: 'عندما علمنا بالمرض وتأثيراته ازداد قلقنا علي حياة والدي، وأبلغنا الطبيب المختص بنتيجة التحاليل الألمانية للمرض، وكنا نذهب بشكل منتظم للجلوس مع والدي من 6 9 مساء يوميًا.
وتقول رانيا: 'في يوم الأربعاء 18 يوليو، جلس المسئول الإداري 'بشاي' مع والدي للتخفيف عنه، فحكي له والدي عن ذكرياته في حرب 67، وعن حرب 73، وعن الأوضاع في مصر خلال الفترة الأخيرة.
وفي هذا الوقت بعد أن علم د.علاء العزازي بنتيجة التحليل الألماني، اقترح إجراء عملية زرع قلب فقال الأطباء: 'إن المرض خطير وأن هناك صعوبة في إجراء العملية رغم أن 'كونسولتو' من الأطباء كان قد أجري الكشف عليه يوم الثلاثاء وقال: 'إنه سوف يعيش بهذه الحالة، ولكن بشرط أن يكون المجهود محدودًا'.
وتقول داليا: 'عندما ذهبنا يوم الأربعاء 18 يوليو إلي غرفة والدي بالمستشفي، وكان معنا السفير أيمن القفاص وراجي سليمان ابن شقيقه، ظللنا معه في هذا اليوم حتي الثانية عشرة مساء علي غير العادة، وكان الوالد سعيدًا جدًا في هذا اليوم، وكان يتحدث معنا بشكل طبيعي.
وتقول رانيا: في هذا الوقت اتصل والدي بزوجي المهندس عبد الحميد أحمد حمدي وطلب منه الاهتمام بمائدة الرحمن في شهر رمضان وزيادة الاعداد في هذا العام عن أي مرة سابقة، وعندما علم والدي بالمرض من طبيبه الخاص لم يهتز، بل تلقي الخبر بهدوء كامل، حتي أن الطبيب المعالج قال: 'هذا رجل عظيم ولديه إيمان حقيقي'.
وبعد أن انتهينا من زيارته ذهبنا إلي الغرفة في الفندق المجاور، وكان أيمن القفاص قد ترك رقم هاتفه في المستشفي لاستدعائه في حال حدوث أي طارئ، وفي نحو الثانية صباحًا اتصلت به إدارة المستشفي، وفوجئ بوالدي في حالة صحية سيئة، وقالوا له إنه يحتضر، ففوجئنا به يطلب منا الحضور سريعًا، وعندما ذهبنا إلي هناك كان الأطباء يجرون صدمات كهربائية لتنشيط عضلة القلب، وقد استمرت الصدمات لنحو ثلث ساعة علي غير المعتاد، ولكنه كان قد أسلم الروح، ولم نصدق ما حدث، فأنهرنا جميعًا وكنا في حالة من الصدمة، ثم بعد أن شاع الخبر بدأت الاتصالات تتوالي علينا، فقد اتصل جورج تينت رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق وقدم لنا العزاء، لأنه كان يعرف والدي جيدًا، ويومها تولي المهندس عبد الحميد أحمد حمدي ابلاغ المشير طنطاوي واللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة بخبر الوفاة، وأبلغونا بأن السفارة سترتب كل شيء، بحيث يتم نقله من مستشفي كليفلاند إلي نيويورك ومن هناك يتم نقله إلي القاهرة ورفضنا ذلك وقلنا هذه بهدلة لن نقبل بها، وصممنا أن يعود إلي أرض بلاده بكرامته مباشرة من المستشفي إلي القاهرة.
وسعي اللواء مراد موافي مع المشير طنطاوي وزير الدفاع في هذا الوقت لإرسال طائرة خاصة ولو علي حساب جهاز المخابرات، كما أن المهندس عبد الحميد قال: سوف نجمع ثمن الطائرة من العيلة ولكن جهاز المخابرات بذل كل الجهد، وتم الاتفاق علي ارسال طائرة عسكرية من القاهرة، ولكن كان من الصعوبة الانتظار لحين وصولها ثم العودة، وفي هذا الوقت جرت اتصالات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتحديدًا الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد مع جهاز المخابرات وقالا عندنا طائرة قريبة في أمريكا سنرسلها لنقل الجثمان، وقال الشيخ محمد بن راشد: 'يجب أن ينقل بطائرة رئاسية وعليها علم رئاسة فهذا هو الذي يليق به'، وبالفعل وصلت الطائرة يوم الجمعة الأول من رمضان، اثناء نقل الجثمان كنا نقرأ له القرآن، وكانت معنا شرائط الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لأنه كان يصطحب معه هذه الشرائط في كل زياراته للخارج وبدأنا في تشغيل جهاز الكاسيت وقد قام جهاز المخابرات العامة بمجهود كبير عند وصول الجثمان وتم نقله من مطار القاهرة بالشكل الذي يليق به وتم وضعه في ثلاجة مستشفي وادي النيل، وقام المهندس فرج أباظة زوج داليا برفع الغطاء عن وجهه، وقضي الجثمان الليلة كاملة في المستشفي، وفي عصر اليوم التالي كنا نودعه من مسجد آل رشدان، وجاء المفتي وصلي علي الجثمان، وكان ذلك ردًا علي المتطرفين الذين قالوا لا تجوز الصلاة عليه لقد كان هناك جمهور كبير من المواطنين والبسطاء وضباط الجيش والشرطة والمخابرات يتقدمهم المشير طنطاوي، وودعوه بالشكل الذي يليق به، بعد أن أعطي الوطن كل الجهد وكل الوقت، وكنا سعداء بذلك رغم فترات الحرمان ولكن 'مصر' كانت لديه لها الأولوية علي كل شيء حتي أولاده وأسرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.