'محمد عفيفي مطر.. أعظم شاعر في بر مصر'.. هكذا وصف الروائي الكبير إدوار الخراط - الشاعرالكبير الذي حلّت مؤخراَ الذكري الخامسة لوفاته، صحيح أن 'عم محمد'- كما تعودت أن أناديه - قد رحل عنا، ولكنه رحيل بالجسد، ولكنه ب'الروح' وب 'الطغيان الشعري' ما زال حاضرًا و خالدًا في القلوب والعقول. '1' أكثر من '50' عاماً قضاها مطر بين البحور والقوافي انتجت '13' ديواناً، هي من الثراء والتنوع والتجديد إلي الدرجة التي أعجزت الحركة النقدية عن ملاحقة هذا الإنتاج بالصورة المناسبة. ولكنها - من جانب آخر- أثبتت أننا أمام حقيقة تشبه الحقائق العلمية، وهي أنه 'شاعر لايشبه إلا نفسه'، ولم لا وقد كان 'الشعر' هو قضيته الرئيسية وهمه الأكبر، فهو القائل: ' عشقت الشعر من أيامي الأولي.. وغاية مقصدي: لو صرت بين السادة الشعراء ولو عبداً.. أسير وراءهم والرمح في كفي.. وأرعي الخيل.. أحرس بابهم في الليل'. '2' هناك ثلاثة ملامح أساسية رافقت تجربة مطرالشعرية، أولها:الاستناد الشامل علي التراث العربي الاسلامي كهوية، فهو القائل 'أنا ابن الحواميم' - أي السور القرآنية التي تبدأ ب 'حم' مثل غافر والأحقاف- حتي ليُخيل لنا أن تجربته الشعرية هي مغامرة الغوص في تاريخنا العربي الإسلامي لتقديم إحالة 'أو مساءلة' معاصرة ولذا نواجه الحسن بن الهيثم وغيلان الدمشقي فضلاً عن أبي ذر الغفاري والإمام علي، والفاروق عمر بطل أساسي في ديواني'كتاب الأرض والدم' و'شهادة البكاء في زمن الضحك'، بالإضافة إلي أعمال المتصوفة. '3' أما ثاني ملامح شعر مطر فهو تأثير القرية المحفور في وجدانه وعقله حيث تشتم في قصائده رائحة الطين وصوت الماء وطقوس الحرث والزرع، وثالث الملامح: سطوع الطابع الفلسفي.. لا سيما في ديواني'ملامح من الوجه الأمباد وقليسي' و'رباعية الفرح' واللذين استلهم فيهما الفلسفة اليونانية القديمة. والأمر الجدير بالذكر هنا أن مطر لم يهادن في حياته قط.. سلطة ولا معارضة.. ولذا اصطلي بنارهما معاً حتي إنه قال عنهما وعن نفسه في إحدي قصائده 'احتمل عنوة البرمكييّن'!! '4' في ديوان'أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت'، قدم مطر للرسول الكريم - صلي الله عليه وسلم - أعظم إهداء مقروء قائلاً: ' إلي محمد، سيد الأوجه الطالعة، وراية الطلائع من كل جنس، منفرط علي أكتافه كل دمع ومفتوحة ممالكه للجائعين، وإيقاع نعليه كلام الحياة في جسد العالم'. رحم الله.. محمد عفيفي مطر.