نفس الأسلوب.. نفس اليد السوداء والأصابع الآثمة.. وإن اختلف المكان.. فاغتيال النائب العام المصري هشام بركات في تفجير استهدف موكبه في حي مصر الجديدة في القاهرة، وما حدث قبلها من تفجيرات في مناطق أخري من مصر، تقوم علي خاصية سفك الدم المصري، ونشر الفوضي والذعر والخوف، والتأسيس لثقافة الإقصاء والتكفير، وإدخال مصر في نفق التفكك والتلاشي. إن العمل الإرهابي الوحشي الذي جاء بتحريض من دول استعمارية، وبتمويل من قطر، ترافق مع حملة إعلامية تحربضية مضللة من قنوات الفتنة من أجل إثارة الفوضي وذلك عبر فبركة الأخبار الكاذبة والتستر علي الأعمال الإجرامية للعصابات الإخوانية المجرمة، الأمر الذي يظهر حجم المؤامرة التي تتعرض لها مصر، ومدي حقدهم علي الشعب المصري الذي أبدي تحدياً وصموداً أسطورياً في مواجهة المخططات التي تستهدف أمنه واستقراره. المسألة اليوم، لا تحتمل القسمة علي اثنين، لا تحتاج إلي كثير من الجهد كي تعلن فرزاً نهائياً بين قتلةٍ امتهنوا لغة الدم حتي الاحتراف، وبين عالم يبحث عن الحلول ووضع حدّ لسفك الدم المصري، حيث لا منطقة رمادية هنا.. ولا موقف حيادياً هناك.. المصريون الذين يرقبون المشهد، يعرفون قاتلهم.. ويدركون أدواته وقد حسموا أمرهم معه، حيث المصالحة هنا قضية لا يمكن النظر فيها ولا يقبلون حتي النقاش حولها، فمن فقد مبادئه وكرامته، وأوصلته انتفاخاته إلي حدودٍ من وهم العظمة، ودفعت به استطالاته المرضية وهوسه بالدم المصري إلي ارتكاب كل هذه الفظائع بحق المصريين، وأن ينفلت حقده الدفين والأسود ليكون قاتلاً للمصريين، هذا لا مهادنة ولا مصالحة معه.. ولا حلول وسطاً بينهم وبينه وقد تعرّي أمام العالم حتي من ورقة التوت الأخيرة، وبان وجهه القبيح لكل من يريد أن يري. لذلك، لم يتفاجأ المصريون أن ينفي ''تميم'' دعمه للإرهاب الأخواني، وأن يرفض الإقرار بجرائمه وإرهابه.. وفيها إدانته، لكنهم لن يعدموا الوسيلة التي ستجبره يوماً علي الاعتراف.. وكان غيره أذكي.. وقد أقر.. واعترف.. والشعب المصري أعلنها صراحة وعداً بأن هذا اليوم لن يتأخر كثيرا.. بل هو أقرب بكثير مما يتوهّم.. وحينها لن تنفعه أوهامه ولا مرتزقته، كما لن يحميه أسياده.. ولا مشغّلوه. المصريون يعرفون طريق خلاصهم، وقد قرروا المضي به دون توقف، وإن المواجهة مع الإرهاب وعصاباته وأجرائه وسادته باتت اليوم مفتوحة.. وهي لا تعرف لها مكاناً ولا موضعاً إلا وستذهب إليه، ولو كان في آخر الدنيا. من الصعب علي حاكم مشيخة قطر، أن يفهم ذلك، وقد دفعت به أوهامه إلي حالة هستيريا.. وأفقدته استطالاته توازنه ومنطقه.. وجاءت تورّماته لتطيح بورقة التوت التي كشفت عُريه.. هذه مصر.. وهؤلاء هم المصريون، الحضارة والتاريخ والإنسان.. لا يمكن أن تنال منها تورمات مجرم أو استطالات مهووس.. وقد لمس العالم الشريف ماذا تعني مصر للمصريين؟ وأدرك كل الشرفاء في هذا العالم، كيف يمكن لمصر أن تجد طريق خلاصها بعيداً عن تدخلات الآخرين وإملاءاتهم.. وحتي نصائحهم..؟ وسيلمس كل شريف في هذا العالم، أيضاً أنّ المصريين إيجابيون مع أي جهد جادّ، لكنهم لا يمكن أن يسكتوا علي ضيم.. ولا علي أي مساس بسيادتهم.. هذه رسالتهم.. وهذا تاريخهم وهكذا سيكون حاضرهم ومستقبلهم. إن مشاهد الدم التي قدمتها تفجيرات مصر الجديدة بالقاهرة واغتيال الشهيد البطل والقاضي الشريف هشام بركات، تفضح القتلة والداعمين لهم، وتؤكد أن هؤلاء ليسوا مسلمين، ولا دعاة إصلاح وحرية، وليس في قلوبهم ذرة من إيمان، أو من عروبة، وإنسانية، وحوش تستهدف الدم المصري. هذه التفجيرات، آخر ابتكارات القتل الماسونية الصهيونية التي تنهض علي فلسفة تدمير الأوطان وقتل الشعوب، لأن أفعال القتل وتمزيق الأوطان والشعوب كما يجري في مصر، تندرج تحت خاصية الانتماء إلي الشيطان التي تشكل الماسونية أهم مرتكزاتها الإيديولوجية. لا يمكن للعربي، ولا للمصري، القبول بهذا النموذج التدميري للفكر قبل الجسد، وللعقل قبل الروح، وللإرادة قبل الفعل، لأنه بهذا النموذج التدميري لن يكون حراً، ولا مبدعاً، وغير قادر علي تحقيق وجوده الإنساني، سيتحول إلي كائن ضائع، مسلوب الإرادة والقرار والفعل. أي حرية يريد حاكم مشيخة قطر، وتركيا تسويقها إلينا عبر عمليات القتل عبر التفجيرات..؟ لنتأمل تاريخ هؤلاء السياسي والاجتماعي والثقافي، أقصد حكام مشيخة قطر، والعثمانيين الجدد.. إن كل تاريخهم يقوم علي التآمر، وعلي العداء للعروبة والإسلام الحنيف الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم، لصناعة إسلام خاص بهم، يحلل القتل والاغتصاب والتدمير والعنف والتكفير، وعبر تمرير مهام تقوم علي أن يقتل العرب العرب، والمسلمون المسلمين وغير المسلمين، وأن يكون العالم العربي في جبهتين متضادتين متصارعتين.. وغير قادر علي تأسيس دولة الوحدة، أو علي الأقل دويلات متضامنة في وجه ما يتهددها من أخطار تستهدف وجودها، بأسلحة الفتاوي والتكفير والتهميش والاغتصاب والطائفية والمذهبية والعنصرية والعشائرية خدمة لأهداف الغرب الاستعمارية وإسرائيل. من يقرأ بروتوكولات حكماء صهيون يدرك العلاقة الإجرامية بين هؤلاء التكفيريين والصهاينة الذين رسموا ما يجري في العالمين العربي والإسلامي منذ مائة سنة. إن مشيخة قطر والإخوان المسلمين، هما الوجه الآخر للماسونية، والطريق الآخر للمشروع الغربي منذ أن وضع الغرب نفسه في خدمة الصهيونية. ومن الطبيعي جداً، ومن حق المصريين أن ينظروا إلي حاكم مشيخة قطر علي أنه زعيم مافيات وسماسرة مال، بعيداً جداً عن مفهوم الدولة الحديثة والقديمة، وحتي عن أخلاقيات القبائل البدائية التي يعرف عنها الالتزام بالعهد، وتحاشي الغدر. حاكم مشيخة قطر، الذي يسمي نفسه حاكماً لدولة، يتعاون جهاراً نهاراً مع تنظيم الأخوان الإرهابي ومع مجموعات مسلحة مارقة مأجورة بقصد قتل المصريين، وإيقاع أكبر أذي ممكن بهم وبدولتهم وباقتصادهم وبلقمة عيشهم أيضاً. وهم يفركون أيديهم شماتة وفرحاً كلما تمكنوا من تنفيذ تفجير دموي في مصر عبر مجموعاتهم الإرهابية، وتزداد فرحتهم وشماتتهم كلما زاد عدد الضحايا المصريين المدنيين والعسكريين والأطفال بسبب هذه التفجيرات الإرهابية الخسيسة. كما أن هؤلاء المشايخ من أشباه الرجال يتباهون وهم يعلنون أنهم يدعمون التنظيم الأخواني الإرهابي والمجموعات التابعة له، الذي تعني بالنسبة لهم هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية التي لا وطن ولا دين ولا عهد لها، ولا تعرف التعامل إلا بالمتفجرات والرصاص والسيوف، وكأنها، مثل داعميها ورعاتها، خرجت للتو من كهوف الماضي السحيق. أما عن الأموال التي يدفعها ''تميم'' قطر لهؤلاء القتلة وسفاكي الدماء، فهناك دلائل موثقة تؤكد أنها تدفع بلا حساب ما دام الهدف قتل المصريين وزعزعة استقرار دولتهم، وهناك من التقارير الإعلامية ما يؤكد أن هؤلاء القتلة يتقاضون مئات الآلاف من الدولار نقداً، إضافة إلي ما يتلقونه من أسلحة وذخائر ومتفجرات عبر التهريب. ولكي يكتمل مشهد خساسة هؤلاء المشايخ الصغار في القدر والقيمة، فقد عملوا علي تجميع جوقة من مدعي العلم بالإسلام، كي يفتوا حسب الطلب، ويشرعوا قتل المصريين. هؤلاء المفتون الذين لا دين لهم لا يجدون أي حرج في تشريع قتل المصريين، من أجل إسقاط الدولة المصرية، ولا يرف لهم جفن وهم يفتون بتحريم التظاهر في مشيخة قطر وتحليلها في مصر، والمدعي القرضاوي أحد هؤلاء الدمويين من أحفاد 'أبو لهب' قاتلهم الله. وليس من الأسرار القول: إن مشيخة قطر التي تتحكم بعائدات ثروة نفطية وغازية هائلة جداً، ولديها من الأموال في بنوك الغرب ما يصعب تقديره، تلمح إلي أنها مستعدة لدفع كل ثرواتها لمن يسقط الدولة المصرية، فهل عرف التاريخ الحديث كيدية كهذه؟ كلمة أخيرة: إنّ إرهابهم مهما تصّعد فلن يرهب المصريين، ومتفجراتهم لن تشتت عزيمة المصريين، وحكمهم الجائر علي المصريين 'بالموت العشوائي' لن يفلّ إرادة المصريين في الحياة الحرة الكريمة مهما تفننوا وأنفقوا واستوحشوا في سلب المصريين هذه الحياة. يقول كيسنجر لصحيفة ''ديلي سكيب'' الأميركية: إن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط.. سنبني مجتمعاً عالمياً جديداً لن يكون إلا لقوة واحدة، وحكومة واحدة ''السوبر باور'' إذا سارت الأمور كما ينبغي سيكون نصف الشرق الأوسط ل ''إسرائيل''.