ورد في الأثر: 'حب الوطن من الإيمان'. وورد أيضاً، أن رسول الإسلام محمداً صلي الله عليه وسلم قال حينما أخرجه قومه من مكة: 'والله، إنك لأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت'! فكيف ينكر المتأسلمون الوطن، والوطنية إذن؟! بل كيف يعدُّونها بدعةً وهرطقةً، من وجهة نظرهم الخاطئة الكاذبة؟! أجل، لقد شب المتأسلمون علي ثقافة راديكالية، ديماجوجية، متطرفة، لا تعرف للأوطان مكانة، ولا كرامة، ولا سيادة! بل تعتبرها وسيلة، وذريعة، للانقضاض عليها، لإقامة الخلافة، أوأستاذية العالم، كما سماها حسن البنا، بعد أن تلوثت كلمة الخلافة في عام 1925م، بفعل كتاب الشيخ/ علي عبد الرازق'الإسلام وأصول الحكم'! ولكي ينجحوا في تقويض الأوطان العربية، عمدوا إلي تنشئة من يتم تجنيدهم إلي تكفير الأوطان، واعتبار الحدود شيئاً مصطنعاً من قبل الاستعمار الحديث! ولم يكتفوا بذلك، فأدبياتهم تشدد علي أن الأنظمة العربية الحديثة علمانية، تخالف الشرع، وتحتكم إلي القوانين الوضعية، فهي أنظمة جائرة، فاسدة، كافرة! وبالتالي، انسحبت هذه الأحكام المتطرفة علي القضاء، والجيش، والشرطة، وكافة مظاهر الحياة! ولكي يؤسسوا شرعيتهم البغيضة، فلابد أولاً من القضاء علي الجيوش النظامية! وأني لهم ذلك؟! فكانت الخطة الموضوعة لهم، بالاتكاء علي الغرب، وطلب مساعدته، والتحالف معه ضد أوطانهم! لم يستطع المتأسلمون تنفيذ خططهم في البداية، فعاشوا وفق سياسة العصا والجزرة، التي تمارسها معهم الأنظمة العربية! كانوا يهدمون بنيان الدولة العصرية، ولكن ببطء، وعلي مهل، وبلا تعجل! والأنظمة، لا تعرف، بل لا تدرك أنها بتقريبها للمتأسلمين، فقد قربتهم من تحقيق آمالهم في تأسيس أستاذية العالم المزعومة! كانوا في البداية، لا يملكون القوة، ولا العتاد، ولا التخطيط، ولا الاستراتيجية! فأني لهم كل ذلك؟! وكيف أقنعوا الغرب بذلك؟! عندما انتصرت مصر علي إسرائيل في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973م، ووقفت الدول العربية معها، أيقنت الولاياتالمتحدة، أن بقاء إسرائيل مرهون بالتخلي عن هذه الأنظمة، وعن جيوشها! لكنها لم تستطع الجهر بهذه الاستراتيجية الجديدة، فقد اعتمدتها، ولكنها انتظرت ساعة الصفر! كانت ساعة الصفر، التي بدأت فيها سياسة واشنطن المتخلية عن الأنظمة العربية من خلال: تأييد ما سمي بالثورة الإسلامية في إيران ضد الشاه عام 1979م، وتجنيد المتأسلمين في الحرب ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان عام 1979م أيضاً! فبرغم، تحالف الرئيس المصري الراحل/ أنور السادات معهم، وإبرامه معاهدة السلام مع إسرائيل، إلا أنه لم يمض سوي عامين حتي تم اغتياله، علي يد المتأسلمين، بإيعاز من واشنطن، وإسرائيل! إذن، تخلصت واشنطن بسهولة من أخلص حليفَين لها في المنطقة، وهما: السادات، والشاه! لصالح أعدي أعدائهما، من الموتورين، اليمينيين المتطرفين! فلماذا لجأت الولاياتالمتحدة إلي هذا الأسلوب التكتيكي الجديد، بالتخلص من حلفائها المقربين، بتقريب أعدائهم المتأسلمين، غير الوطنيين؟! لقد عرفت واشنطن أن الجيوش النظامية العربية، تبقي هي المعضلة الكبري أمام سيطرتها علي المنطقة كلها، لترسيمها، وتقطيعها، وتمزيقها! فهذا الشاب العربي، الذي يلتحق بالحياة العسكرية، ينشأ، وهو يعرف قيمة الوطن، وقداسته، وأهمية الذود عن حدوده، فلا يفكر إلا في الدفاع عنه، وحمايته! فالعقيدة العسكرية، هي حب الوطن أولاً وأخيراً، والحفاظ علي وحدته، وسيادة أراضيه! وهي عقيدة وطنية ودينية من الأساس، إلا أنها تتصادم مع عقيدة المتأسلمين التلفيقية، الانتهازية، التآمرية، غير الوطنية، ولا الدينية! من هنا، كان تحالف الغرب مع هذه العقيدة المتأسلمة، وأجندتها العميلة! لأنها، ستقضي لهم علي هذه الجيوش، وعلي هذه الأنظمة، وعلي وحدة الأوطان العربية! لذلك، فلا نعجب، ولا نصاب بالحيرة، ولا الارتباك، إذا مارأينا الآن، كيف أن المتأسلمين في كل البلاد العربية يقفون في وجه الجيوش الوطنية، بل يحاربونها، بأسلحة غربية، وتمويل غربي، وتخطيط أمريكي! ولا فرق في ذلك، بين متأسلمين من السُّنَّة، أو من الشيعة! فالكل عملاء، وخونة! فالإخوان المسلمون، وأنصار بيت المقدس، والسلفيون، والقاعدة، وداعش، وحماس، وبوكو حرام، والسلفية الجهادية، هي هي، حزب الله، والصحوات، وجيش المهدي، والحشد الشعبي، والحوثيون! كلهم خائنون للأوطان! وكلهم عملاء للغرب ضد جيوش بلادهم، ووحدة أوطانهم! اتفقوا جميعاً، برغم اختلاف المذهب، والفكر، والأيديولوجيا علي هدف واحد رسمته لهم واشنطن، هو: البدء فوراً في تمزيق الأوطان العربية، وإرباك الجيوش العربية، وإحداث الفوضي العارمة! وتنفيذ سيناريو الفوضي الهدامة، بأيدي الفجار، الذين'يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ'! سورة الحشر: 2' وبئس القرار للمتأسلمين! من هنا، فيجب وضع كل المتأسلمين في سلة واحدة، هي سلة التآمر، والخيانة! فلا فارق بين متأسلم وآخر، فالكل في حرب الوطن إخوان! والكل في خيانة الجيوش العربية مرتزقة، وشيطان! ولذلك، فيجب علي الدولة المصرية العريقة، بجيشها، وشرطتها، وقضائها، تلك الدولة العصية علي الذوبان، والتي لم يستطع الإخوان، ولا أسيادهم في الغرب تركيعها، ولا إذلالها، ولا تمزيقها، فالله مع مصر، وأوكل لها قيادة حكيمة، وأبناء بررة، عرفوا قيمتها، وفرادتها، وعظمتها، فوقفوا في وجه الطوفان، طوفان المتأسلمين الهائج، الغادر، المتآمر ضد مصر، وسلامة أراضيها! فيجب عليها، منع وصول المتأسلمين إلي البرلمان القادم، بكل الوسائل، والطرق الممكنة، فالدستور يمنع إنشاء أحزاب علي أساس ديني! فالمؤمن الحق، لا يلدغ من جحر الخيانة المتأسلمة مرتين! فما يفرق مصر عن سورية، والعراق، وليبيا، واليمن، ولبنان، هو دولتها العريقة القوية، وجيشها النظامي الباسل الفتي، وأجهزتها العتيدة: كالقضاء، والشرطة إلي جانب شعبها المرابط الواقف خلف قائده الهمام، وجيشه البطل! من هنا، سقطت سورية، والعراق، وليبيا، واليمن، ولبنان في فخ الفوضي، والتقسيم، وعاثت فيها فيروسات المتأسلمين'السنية والشيعية' وجراثيمهم الخطيرة، لفقدانها قوة الجيش المصري، وحكمة الرئيس المصري، وهبّة الشعب المصري!