مملكة تدمر الأثرية وعاصمتها مدينة تدمر في سوريا تعتبر من أهم الممالك القديمة، كما تعتبر من أقدم المدن التاريخية بالعالم، وتوجد بقايا آثارها علي مساحة كبيرة ومنها الشارع المستقيم الذي تحيطه الأعمدة، وقوس النصر والمسرح والمدرج والساحة العامة والقصور والمعابد، والمدافن الملكية وقلعة ابن معن ومعبد بعل وغيرها من التماثيل والآثار الخالدة التي تنطق بعظمة تلك المدينة التي يرجع تاريخها للقرن الثاني قبل الميلاد، ومن المعروف تاريخيا أن تلك المملكة ازدهرت في عهد الملكة زنوبيا في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد وهي تتميز بأبنيتها وطرزها المعمارية التي جمعت بين الطراز الإغريقي والروماني، ولهذا فهي تعتبر للعالم من أهم المدن القديمة الباقية التي تحكي لنا قصص التاريخ وروعته وعن الصراعات بين الحضارات القديمة وبما تحمله لنا من قصص تقدم الإنسان في تلك الحقبة وما لها من أهمية، إذ أن تلك المدينة ازدادت في نفوذها وقوتها السياسية والتجارية والثقافية في عهد الملكة زنوبيا حتي أنها نافست في زمنها روما وسيطرت علي الكثير من المناطق من حولها من حدود أسيا الصغري في الشمال إلي مصر في الجنوب حتي عرفت زنوبيا بأنها أهم ملكات الشرق وأكثرهم قوة حتي أطلق عليها ملكة ملكات الشرق. يوجد أيضا بمدينة تدمر التي تبعد عن العاصمة دمشق حوالي 215كم متحفين هما متحف تدمر للآثار ويضم العديد من الآثار والمكتشفات والتماثيل، ثم جناح الممياءات والكثير من الكنوز الأثرية والثاني هو متحف التقاليد الشعبية التدمرية ويضم أقسام التقاليد الشعبية والبادية وكل ما يتعلق بها من الحياة والتنقل وغيرها. إن هذه المدينة العظيمة التي نجت من الكثير من الكوارث والزلازل عبر التاريخ ثم القصف الجوي من الثورة السورية إلا أنها الآن تتعرض لهجوم وشيك من تنظيم داعش الإرهابي الذي أصبح علي بعد كيلو متر واحد منها وهو التنظيم الوحشي البربري المعروف عنه بعدائه لكل الموروث والحضارات القديمة والمتاحف والثقافات وبخاصة في بلداننا العربية التي تعج بآثار أهم الحضارات التي عرفها التاريخ، إن هذا التنظيم وكعادته في العراق وبخاصة ما فعله في مدينة ومتحف الموصل وغيرها من المناطق الأثرية الخالدة يقوم بالتخريب والنهب والاتجار بتلك الآثار وهو يعرف الآن الهدف الذي يسعي ويقاتل من أجله وبخاصة في استيلائه علي الآثار كأحد المنافذ الهامة للتمويل . وقد أعلن المرصد السوري من ساعات بأن التنظيم قد سيطر علي نقاط هامة بين منطقة السخنة وتدمر واقترابه من المنطقة الأثرية وهو ما أكده مدير الآثار السورية مأمون عبد الكريم في تصريح إعلامي أعلن فيه للعالم طلب التضامن والمساندة لحماية تلك المنطقة الأثرية التي اعتبرتها منظمة اليونسكو منطقة آثار عالمية عالية القيمة باعتبارها من أهم المراكز الثقافية الحضارية بالعالم، ولهذا يري مدير الآثار السوري أن تدمر يمكن أن تتعرض لما تعرضت له النمرود ومتحف الموصل في العراق وكما حدث في أفغانستان وتومبوكتو في مالي وغيرها من الأماكن التي تعرضت بالتخريب من التنظيمات الإرهابية ولهذا نري أن سقوط تدمر سوف يكون بمثابة كارثة حضارية وإنسانية عالمية كبيرة وخسارة لنا ولحضاراتنا التي ورثناها عبر آلاف السنين وتعتبر امتداد تاريخي وحضاري وأصيل لوجودنا، ولا يمكن أن يحدث ذلك والجيش السوري يحارب تلك التنظيمات الإرهابية لصدها عن تخريب تلك الأماكن التي تهم العالم وحده ودون مساندة من هذا العالم الذي يدعي عبر منظماته الثقافية والحضارية حمايته وحرصه علي تلك الآثار، فلا طلعات جوية ولا مساندة برية ولا حتي إدانة معنوية وجدناها من أحد تجاه الثقافة والفنون والآثار الخالدة التي خلفاها لنا أجدادنا القدماء والذين لو عرفوا ما يحدث لما تركوه الآن فإنهم ربما كانوا هدموه قبل أن يرحلوا.. فهل يتحرك العالم الحر ويترك السياسة والخلافات والأجندات جانبا ويفعل شيئا يحمي لنا وللأجيال القادمة تلك الآثار أم أن هناك أمور ممنهجة تسعي وتعمل علي هدم تراث منطقتنا العربية.