البعض يتناول قضية تمثال 'شامبليون' من زاوية الثقافة، والفن.. والبعض يعتبره موضوع لا يستحق تلك الضجة التي ستؤدي إلي مزيد من الإحباط لدينا ما يكفي منه.. وآخرون يرونه مسألة هامشية لا يجب الخوض فيها الآن، حيث أمامنا الكثير من التحديات والقضايا الملحة.. وهناك من يدعون أن التمثال ضمن مشاكل الآثار التي لا تنتهي، مع أن الرأس الفرعوني المُنتَهَك ليس أثري ولا يمت للآثار بأي صلة.. الجميع متخبطون في آرائهم، مختلفون في رؤاهم.. لأنهم ببساطة لا ينظرون للأمرعلي أنه قضية 'كرامة'.. ففي حديقة مقر الحكومة المركزية الواقع فوق تلة تطل علي 'بريتوريا' التي تُعَدُ إحدي العواصم الثلاث لجنوب أفريقيا، قام رئيس الدولة 'جاكوب زوما' بإزاحة الستار عن تمثال من البرونز يزن 4.5 طن للزعيم المناضل 'نيلسون مانديلا'، وذلكفي السادس عشر من ديسمبر 2013 وهو اليوم التالي لمراسم دفنه التي تمت بعد 11 يوم من وفاته.. وبعد حوالي شهر من ذلك إكتشفت صحيفة 'بيلد' الألمانية شيئاً في منتهي الغرابة.. فقد لاحظت وجود 'أرنب' مصنوع من البرونز داخل نفق الأذن اليمني للتمثال!! علمت الحكومة بالخبر فثارت ثائرتها، واحتدم غضبها باعتبار الواقعة محض ازدراء للعظيم 'مانديلا'، ولجنوب أفريقيا وشعبها.. بل إهانة لأفريقيا كلها والعالم بأسره!! وعلي الجانب الآخر إنبري كلا الفنانين اللذين قاما بنحت التمثال في تبرير فعلتهما، معللين ذلك أن الحكومة كانتمنعتهما من توقيع إسميهما علي التمثال، كما طالبتهمابالتعجيل في تنفيذه.. فقررا التحايل علي الموقف، وضرب عصفورين بحجر واحد باختيار 'الأرنب' الذي يعتبر في بلادهم رمزاً للسرعة ليكون شعاراً مميِزاً لهما. إنتقلت الأزمة إلي القضاء فأمرت المحكمة بتكليف فريق من النحاتين بإزالة 'الأرنب' المخفي داخل أذن الزعيم، وخرج المتحدث الرسمي باسم المحكمة ليصرح بأن: القرار جاء لإعادة الكرامة لمانديلا.. أما 'موجوموتسي موجوديري' المتحدث باسم وزارة الفنون والثقافة فقد أعرب عن أسفه للواقعة.. وأن حكومته لا تري مبرراً لها.. وأن ما حدث يعتبر إساءة، وانتقاص من قدر 'مانديلا' الذي لو كان علي قيد الحياة لرفض هذا الفعل المشين.. كما أقر بأن النحاتَين قدما اعتذاراً رسمياً عما اقترفت أيديهما.. وأن الحكومة تبحث موعد إزالة 'الأرنب' من داخل أذن التمثال!! ما حدث هناك في جنوب أفريقيا، صب علينا المزيد من العار والهوان هنا في مصر.. أرنب مانديلا هذا استطاع أن ينزع البقية الباقية من ورقة التوت التي كان مسئولونا يتوهمون أنها لازالت تستر عوراتهم المفضوحة أمام كل مصري.. 'حتة أرنب' لا يتجاوز طوله الخمسة سنتيمترات، مُخَبَأ داخل أذن تمثال بارتفاع تسعة أمتار، تعامل معهالأسياد الأعزاء علي أنه قضية شرف.. بينمايراه العبيد الأذلاء نوع منالترف!! هؤلاء العبيد مطأطئي الرؤوس هم أنفسهم من فرطوا، وتعاموا عن كارثة في حجم تمثال شامبليون الواطئ بحذائه علي رأس الفرعون. [email protected]