أسابيع.. ويقبل علينا شهر رمضان.. بكل مايجسده من معانٍ 'دينية'.. و'إنسانية'.. وبقدر ترقب أيام هذا الشهر الكريم، لجلال قدومه، ومناسبته، بقدر الخوف من تكرار ذات 'المهازل' التي حفل بها العام الماضي.. والتي باتت تكشف حالة من الانفصام، يعيشها المجتمع.. لا تراعي أيًا من القيم الإنسانية، والأخلاقية، والوطنية، التي يعيشها مجتمعنا، ونعاني جميعا وطأتها.. ومرارتها. فبينما يترقب جمهور المشاهدين المصريين، أعمالا ترقي إلي جلال وفضائل هذا الشهر الكريم.. وتراعي الأوضاع والظروف التي تمر بها البلاد.. انطلاقا من إدراك البعض دور الفن الهادف.. كمرآة للمجتمع.. وإنعكاسا لجملة أوضاعه.. بيد أن الواقع يعكس نقيض ماينتظره الناس ويأملونه.. حيث يتباري المنتجون للمسلسلات، والمسابقات، في تقديم 'السخائف' وعرض 'الحوارات الساخنة' و'القبلات الحارة' و'زيادة مساحات العري' في أجساد الفنانات.. وغير ذلك من ممارسات 'وضيعة' لاهدف لها سوي 'جذب المشاهدين'وزيادة 'مساحة الإعلانات' في سياق المعارك الضارية بين الشركات والمنتجين، للصراع علي 'تورتة الاعلانات' وسحب الجمهور للتنقل والمشاهدة من قناة إلي أخري.. ومن مسلسل إلي آخر. لا يخجل هؤلاء في حروبهم من تقديم كل 'ما يفقد الحياء' ويعكر صفو 'الصيام'في الشهر المبارك.. ولا يتواني من بيدهم الأمر عن تلويث لحظات القيام وصلاة التراويح بما يعرضونه من 'تدن'خلقي، وأخلاقي.. بل تقدم عديد من المسلسلات وجوها، سيرتها تزكم الأنوف، وتهدم كل القيم، للتنافس في 'حلبة العراك' التي تشتعل أوائل الليل وآخره.. مقدمة كل عوامل الجذب، والإغراء دون مراعاة لأية اعتبارات. ولأن كثيرًا من الأجيال، والطوائف، تتحلق في الشهر الكريم حول 'الشاشة الصغيرة'لمتابعة ما يبث عليها.. فإن قطاعا واسعا منهم- إلا من رحم ربك-'تجذبه' المسلسلات بمغرياتها.. بل وبفساد البعض منها.. وتجعله يلهث خلف 'سيل' المسلسلات، الذي ينهمر كالمطر علي عيون المشاهدين.. والذين تحمر عيونهم من كثرة مشاهدتهم لها، مرة، ومرتين.. في العرض الأول.. وفي الإعادة.. والتي تدور علي مدار اربع وعشرين ساعة.. تتعطل فيها المصالح، ويهمل الطلاب دروسهم، ويتحول 'شهر العمل والجهاد' إلي 'شهر التخمة والكسل'.. ندرك بالطبع، أن من ينتجون مثل هذه الأعمال، قد أعدوا العدة، وبدأوا في تصوير ما استقرت عليه عقول من لا يدركون مصلحة الوطن والدين.. ونعرف أن الاستفزاز قادم.. وسيبلغ أعلي مراتبه، بفعل ما يتسرب حول ماهية الأعمال الفنية، والتي ستحفل بها الفضائيات الرسمية والخاصة في موسم 'الإساءة'للشهر الكريم.. ولا نملك ازاء هذا 'التغول'علي كل القيم غير أن ندعو هؤلاء.. المنتجين.. والعارضين.. أن يتقوا الله في وطن، يزف شهداء الواجب إلي مثواهم الأخير، ليل.. نهار.. وأن يتذكروا أن لدينا مئات الأسر، والعائلات، فقدت أعز ما تملك في حروب المواجهة مع 'الإرهاب'الضال.. والمضلل.. وعليهم أن يدركوا.. أن ما يقدمونه من 'سفه'علي شاشة التليفزيون.. ليس سوي'مدد' و'دعم' للقتلة، الذين يستغلون هذه السقطات، لتشويه صورة الدولة.. وإظهارها وكأنها تتبني هذه النماذج الساقطة، في مواجهة من يدافعون عن شرع الله 'وهم منه براء'. علي من يلهثون وراء 'المكاسب الحرام' أن يتقوا الله في وطن يتجرع كؤوس المرارة صباح مساء.. وأن يراعوا أن ما يقدمونه من'مفاسد'إنما هو سلاح لذبح قيمنا، وأخلاقنا في الشهر الكريم.. ندعوهم أن يراعوا حرمة الدماء.. وينأوا بأنفسهم عن صب المزيد من النار في القلوب الملتهبة، حزنا، وغضبا، وكمدا.. اتقوا الله.. ياخلق الله.!