قال الدكتور جمال عصمت نائب رئيس جامعة القاهرة عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، إن توصل مصر إلي اتفاق مع شركات الأدوية العالمية جعلها تحصل علي الأدوية الجديدة الفعالة لمرض فيروس 'سي' بأسعار رخيصة للغاية تشكل نحو 1% فقط من سعرها الحقيقي في الدول الأوروبية وأمريكا. وأضاف عصمت -في تصريح صحفي في العاصمة فيينا اليوم الأحد، أثناء حضور أعمال المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لأمراض الكبد- 'أن مصر نجحت في تشكيل قوة ضغط بالاتفاق مع منظمات عالمية مثل 'الصحة العالمية، اليونسيف، وأطباء بلا حدود' علي شركات الأدوية العالمية مفاده أن نجاح إنتاج أي دواء لعلاج فيروس 'سي'، يجب أولا أن يثبت قدرته علي العلاج في مصر، موضحاً أن البرنامج القومي لعلاج الفيروس في مصر أصبح يستخدم هذه الأدوية الحديثة استناداً إلي هذا الاتفاق، الذي سيسهم بشكل كبير في منع انتشار المرض من المصابين به إلي الأصحاء، كما أن مشكلة فيروس 'سي' التي تعاني منها مصر ليست محلية ولكنها تحد يواجه العالم بأكمله. وأعرب جمال عصمت عن تفاؤله إزاء القضاء علي الفيروس بمصر في المستقبل المنظور، موضحاً أن أسلوب العلاج القديم، الذي كان يعتمد علي رفع مناعة المريض كانت تؤدي إلي شفاء المرضي بنسبة تتراوح ما بين 50 إلي 60%، لافتاً إلي أن الأبحاث العلمية الجديدة أسفرت منذ نحو 4 سنوات عن اكتشاف علاجات جديدة تهاجم الفيروس ذاته وتفقده القدرة علي التكاثر والانتشار، وبذلك يتم تحقيق نسبة الشفاء التام من الفيروس بنسبة تصل إلي 95%. وثمَن نائب رئيس جامعة القاهرة الدور الهام الذي لعبته اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية والباحثون المصريون في توجيه شركات الأدوية العالمية حتي تكون تجارب الأدوية الجديدة مناسبة للسلالة الرابعة من المرض الموجودة في مصر، مشيراً إلي أن حجم الإصابة بهذه السلالة علي مستوي العالم يتراوح ما بين 15 إلي 20%. علي صعيد آخر، شدد جمال عصمت علي ضرورة إصدار3 تشريعات وهي 'تشريع يعاقب الشخص، الذي يتسبب في نقل عدوي مرض فيروس 'سي' إلي شخص سليم دون استثناء، بداية من الطبيب والعاملين في الحقل الصحي، حتي الحلاق، الذي يتسبب بأدواته في نقل العدوي إلي آخرين أصحاء، وتشريع ثان يعاقب كل من يعلن عن دواء لعلاج فيروس 'سي' دون الحصول علي موافقة وزارة الصحة والجهات الطبية المعنية بطرحه في السوق حسب الإجراءات المعروفة. أما التشريع الثالث فيتضمن منع التمييز ضد المصابين بفيروس 'سي'، حيث إنه من غير المقبول منع تشغيل الأشخاص بسبب وجود أجسام مضادة لفيروس 'سي' لديهم، أو منعهم من السفر أو ربما الزواج بسبب إصابتهم بعدوي فيروس 'سي'، لأنه لا يستند إلي خلفية طبية سليمة'. وأكد عصمت أنه أصبح من الممكن الآن القضاء علي المرض في مصر، وهناك نتائج لدراسة عالمية توضح ضرورة توافر 3 عناصر بالتوازي للقضاء علي المرض منها العلاج بدواء تصل كفاءته إلي نحو 90%، وتقليل معدل انتشار العدوي، أما العنصر الثالث يركز علي زيادة معدل علاج المرضي سنويا حتي يصل إلي 300 ألف مريض في العام. وقال: 'هدف العام الحالي في مصر هو علاج 150 ألف مريض، مقارنة بطرق العلاج القديمة، التي كانت تستهدف علاج 50 ألف مريض سنوياً، مؤكدا أن مصر لديها هدف طموح وهو تقليل معدل انتشار مرض فيروس 'سي' بين المصريين من المعدل الحالي البالغ 15% إلي أقل من 2% بعد مرور 10 سنوات ولدينا أمل أن يزيد عدد المرضي المعالجين سنوياً في مصر إلي أكثر من 300 ألف مريض'. وشدد عصمت علي ضرورة تكاتف الجميع في مصر للقضاء علي فيروس 'سي'، مؤكداً أن العناصر الثلاثة المعنية بالقضاء علي المرض أكبر من قدرة لجنة مكافحة الفيروسات الكبدية، وزارة الصحة، والدولة، إلا في حالة تكاتف جميع القوي والعمل سوياً لتحقيق هذه العوامل، منوها بضرورة تدشين حملة إعلامية قوية جداً تصل إلي كل مواطن في مصر تجعله علي درجة من الوعي بطرق انتشار العدوي'. وتطرق الخبير في شئون مكافحة الفيروسات الكبدية إلي تكاليف العلاج حيث إن تكلفة علاج 400 ألف مريض، تبلغ نحو مليار ونصف جنيه سنوياً، وهذا المبلغ أكبر من طاقة وزارة الصحة وقدرة أية دولة مما يستدعي مساهمة مجتمعية وتأسيس صندوق لجمع أموال تخصص لدعم علاج فيروس 'سي'، يوفر من مليار إلي مليار ونصف جنيه سنوياً علي الأقل، لافتاً إلي أهمية إدراك المجتمع أن العلاج علي الفيروس هي قضية قومية يجب التصدي لها من قبل كل أطراف المجتمع. وحذر من الوقوع في فخ جلد الذات بالنسبة لقضية علاج مرضي فيروس 'سي'، مشيرا إلي نجاح مصر في علاج مرض البلهارسيا بعد أن نسبة الإصابة به عام 1980 كانت 40%، وتراجعت حالياً إلي أقل من نسبة نصف بالمائة، وأرجع أسباب النجاح إلي جهود وزارة الصحة وتكاتف مؤسسات الدولة والإعلام والعاملين في الحقل الطبي، متوقعاً أن يتكرر هذا النجاح في علاج فيروس 'سي'. ونوه عصمت بالجهود التي يبذلها أطباء مصر في مجال مكافحة فيروس 'سي'، حيث قدموا أكثر من 50 بحثا علميا في المؤتمر المنعقد في فيينا حاليا.