يخطئ من يظن أن الرئيس السيسي سعيد في حياته، أنظر إلي وجهه قبل وبعد توليه رئاسة الدولة، إنه مهموم، غارق في التفكير، يشعر بمسئولية تسعين مليونًا من المواطنين في رقبته، هو مسئول شخصيًا عن معيشتهم وأمنهم واستقرارهم. والرئيس السيسي، رجل لديه من المشاعر والأحاسيس، يعرف الناس جيدًا، ويدرك حاجياتهم، ويعرف متطلبات ومفردات الأمن القومي، إنه ابن المؤسسة العسكرية، التي تربي علي ثوابتها، ويعرف جيدًا التحديات التي تواجه هذا الأمن. لقد تحمل الرئيس المسئولية بناء علي استدعاء شعبي، تعامل مع الأمر بروح الجندي المقاتل، الذي لا يستطيع الهروب من الميدان، أدرك جيدًا أن الوطن في حاجة إليه، لم يستطع أن يرفض المطالب الجماهيرية، تحمل المسئولية بكل شجاعة ومروءة، كان زملاؤه في المجلس الأعلي للقوات المسلحة مشفقين عليه، قال له الفريق أول صدقي صبحي : نعرف حجم المسئولية، نلقي بك إلي النار، لكنك قادر، وهذا قدرك، وقال له الفريق عبد المنعم التراس: 'لقد اختار الشعب القوي الأمين وحمله المسئولية'. لم يستطع الرئيس أن يرفض أو أن يعتذر أو يهرب من المسئولية رغم ادراكه بخطورة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وافق وتحمل المسئؤلية بكل بسالة، وقال في خطاب تاريخي 'لن اتحمل المسئولية وحدي، أنتم شركاء في المسئولية'، وأطلق خطابًا هامًا في السادس والعشرين من مارس من العام 2014، تحدث فليه عن العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وحدد هدفه الأساسي إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة علي أسس وقيم وثوابت حددها في هذا الخطاب'. ومنذ هذا الوقت يفاجئنا الرئيس بين الحين والآخر بإبداعاته وسعيه الدؤوب والمستمر لإنهاء الأزمات المستحكمة في أسرع وقت ممكن، يضطر أحيانًا إلي اللجوء لقرارات صعبة، تفرضها مقتضيات الأزمة، يستجيب له الشعب، مستعد أن يتحمل معه المسئولية أيا كانت، لأنه يثق فيه، ويدرك تمامًا أن الرئيس هو الأقرب إليه، والأكثر حرصًا علي نهوض البلاد وانفاذها من حافة الإفلاس. والرئيس الذي يمتلك حسم الفرسان وطيبة قلب الإنسان يدرك قبل زي أحد آخر، أن سعادته في الدنيا هي في سعادة الفقراء، وانقاذهم من الأوضاع التي عاشوا في كنفها قرون طويلة من الزمن، اتذكر في إحدي اللقاءات التي جرت مع رؤساء التحرير قبيل الترشح أنه عينيه غرورقت بالدموع وهو يحكي لنا 'مأساة الأسرة المصرية التي لا تتذوق طعم اللحم أبدًا وإنما تذهب لشراء هياكل الفراخ من الأسواق، وماذا يعني ذلك؟! كان الرئيس يومها يتحدث بعقل وقلب 'الإنسان' ابن المنطقة الشعبية، ابن البلد، الذي التصق بالناس وعرفهم جيدًا ولم يولد وفي فمه ملعقة ذهبية، بل عاش كما عاشت أغلبية الشعب المصري، ولذلك هو يدرك جيدًا طبيعة مشاكلهم، لأنه لم ينفصل عنهم أبدًا. والرئيس بطبعه محب للناس، انظر إليه، عندما يهبط إلي الشارع فجأة، ويقف معهم، ويحاورهم ويلتقطون معه الصور بروح المحبة التي تعودوا عليها منهم. في 18 يناير 2015 أجري الرئيس حوارًا تليفزيونيًا مع قناة أبو ظبي قال فيه الرئيس حرفيًا 'أنا مهموم بيكم أكثر مما تتصور، ولو أطول أجيب لك حتة من السما هجيبها لك'. كلمات أبلغ من كل مفردات وقواميس اللغة، لأنها تأتي من القلب، هو صادق فيها، لكنه يعرف أن المسئولية ليست هينة، وأن التحديات التي تواجه حكمه للبلاد، ليست بسيطة، بل أنها تحمل تعقيدات وتراكمات أزمانًا سابقة، لكنه مع كل ذلك يسعي دومًا إلي بعث الأمل في النفوس، وقهر الأزمات، لأنه كما قال أكثر من مرة ليس أمامه من بديل، إنها مسئولية ليست بالهينة، وهو يعرف تمامًا أنه مؤهل لها. تأمل وجه الرئيس وهو يفاصل في القيمة والزمن، انظر إلي عطفه وأدبه علي المسئولين، بل حتي الضباط الصغار، يطلب العقيد الأذن ببدء العرض فيقف الرئيس بأدب جم ويقول له 'اتفضل يافندم'. يدرك السيسي أن البلاد عاشت فترة صعبة من الانفلات وهو أمر ترك انطباعًا سلبيًا علي القيم والثوابت المجتمعية، لكنه مع ذلك لديه ذات الإيمان بأن هذا الشعب العظيم قادر علي الخروج من الأزمة، وأن لديه من الأصالة ما يجعله يقفز إلي السماء ويهتف معه 'تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر'. ويضع الرئيس 'الدولة' في مقدمة أولوياته.. لقد تحدث أكثر من مرة وركز فلي لقائه مع المثقفين يوم 26 ديسمبر 2014 بحديثه وتفاءله من أن إصلاح مؤسسات الدولة سوف يتم، حتي لو أخذ بعض الوقت، وأن مصر لو سقطت لا قدر الله، فسوف يحتاج العالم العربي إلي خمسين عامًا، كي يستعيد توازنه وأن المخاطر التي تهدد أمن واستقرار مصر تمثل تهديدًا للأمة العربية كلها. وانطلاقًا من وعيه ومسئوليته القومية يقول الرئيس 'إن واجبنا في الداخل والخارج أن نواجه كل من يشارك في هذه المؤامرة الخبيثة التي تكشفت أبعادها واضحة أمامنا تمامًا'. والرئيس كان صادقًا وواعيًا عندما اطلق مقولة 'مسافة السكة' أنه يعرف أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزء، وعندما تتحدث فلي لقائه بطلاب الكلية الحربية عن أنه يفضل 'الحل السلمي' في اليمن، فقد كان ينطلق من حرص علي ثوابت الأمة ودماء أبنائها، وهو يعرف تماما أن الحل السياسي ليس معناه الرضوخ لإرادة مغتصب السلطة أو الانقلابي أو المستبيح لثوابت الأمن القومي لكنه يفضل دومًا الحوار علي لغة العنف والقتل. عندما زار الرئيس مؤخرا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لا يكف الاشادة بحكامها وشعبها ويشيد بمواقفهم، حضر مؤتمر الطاقة، كنت أنا وغيري مبهورين بهذا الاستقبال التاريخي من قادة وأبناء الإمارات، بل من العالم كله لهذا الحاكم الذي يمثل شعبًا يضرب بجذوره في عمق التاريخ. وكان السيسي كعادته يتحدث بلغة 'الإنسان المتواضع والذي يوصي الجميع أيضا بأن 'يخلوا بالهم من أوطانهم' ارتفعت وتيرة التصفيق، ذلك أن الكل يعرف أن هذا القائد لا يتحدث من فراغ بل يعرف جيدًا أبعاد المؤامرة.. ويمتلك السيسي طاقة إيجابية يوزعها علي الجميع، مجرد خروجه علي التلفاز، يعطي الناس احساسا بالأمن والأمان، يولد الأمل ويبعث التفاؤل في النفوس، ولذلك أحبه الشعب بكل ما يملك من جوارح. وهو لا يكن ضغينة أو حقدا لأحد، أنه رجل متسامح في كل شيء، عدا حقوق وثوابت الوطن، يقول دوما 'نحن لم نخاصم أحد كي نصالحه، القانون هو الحكم بين الجميع'. لقد قارب العام علي رئاسة، ومع ذلك حقق في شهور قليلة ما عجز غيره عن تحقيقه في سنوات طوال، قد يكون له تحفظ أو ملاحظة، ولكن قطعا، انظر حولك لتري، ثم انظر خلفك وقس القياس الصحيح. كنا نعيش في فوضي، فعاد إلينا الاستقرار، كنا نعيش الانقسام، فعاد إلينا التآلف والتوحد. كنا نعيش في حرب كراهية، فإذا بالحب يوحد بيننا وتنتهي أزمات الخلافات اليومية من البيوت. كان هناك كثيرون يهاجرون الآن مصر لم تعد وطنهم، فعادوا مجددًا يساهمون في البناء.. كنا قد فقدنا الأمل في عودة البناء الاقتصادي والاجتماعي، فعاد الأمل من جديد، وأصبحنا نتحدث عن نهوض منتظر ومشروعات استراتيجية للجميع.. كنا وكنا وكنا.. ولكن عدنا وعدنا وعدنا إذا سألت عن السبب في كل ذلك فعليك أن تعرف، أن رجلا أحب الوطن، فأحبه الجميع، وأن قائدا تولي المسئولية وضرب المثل، فمضي من خلفه كل أبناء الأمة من المحيط إلي الخليج. إنه ذلك الرئيس، الذي قرر أن يكون مواطنا بدرجة رئيس، وقالها أكثر من مرة 'لن أنتظر الشعب حتي يثور عليّ'. والحقيقة أن الشعب وجد في هذا الرجل، الملاذ، فشعب مصر العظيم، قادر علي الفرز، ويعرف من الصادق، ومن الكاذب. وبكل المعايير أثبت الرئيس صدقه مع الله أولا، وصدقه مع النفس ثانيا، وصدق مع الناس ثالثا.. ولذلك يعيش الهموم، وستبقي الهموم تحاصره حتي يشعر بسعادة الآخرين وأنه قادر علي هذا الفعل الذي بدأ يمضي نحوه وبسرعة غريبة.