لست أعرف إن كان الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة- الذي لم يعد جديداً- يدري شيئاً عن أمر تمثال 'شامبليون' الواطئ بنعل حذائه رأس الفرعون، أم أنه لايزال في مرحلة 'الإحماء'!! لذا رأيت أن أقَلّب عليه المواجع ليتعود سريعاً علي أرضية الملعب، فيَهم بالتدخل لمحو العار المبصوم علي جباه المصريين طوال قرن ونصف القرن وحتي اليوم بسبب ذلك التمثال الوقح. وإليك الجديد يا سيادة الوزير.. فالمثال الفرنسي 'فريدريك أوجست بارتولدي' ذو الأصول الإيطالية، والميول الماسونية، صنع عام 1867 النموذج الأول للتمثال من الجبس.. تلك الخامة الأسهل في النحت، ولكنهاالأقل عمراً، مما حدا ببارتولدي إلي الاتجاه نحو عمل نسخة للتمثال من البرونز بعد صبه علي القطعة الأصلية المنحوتة من الجبس.. إلا أنه فشل في تحقيق ما أراد بسبب عجزه عن توفير المال اللازم لذلك، فأعاد نحت التمثال من جديد علي قطعة من الرخام الأبيض الصلب.. وهو النسخة التي اشترتها 'الكولاج دو فرانس' والقابعة بفنائها منذ 1875. مات 'بارتولدي في أكتوبر 1904 مصاباً بالسل.. وبعد عام قامت أرملته بإهداء الأصل المصنوع من الجبس إلي مدينة 'جرونوبل' التي عاش فيها 'شامبليون'سبعة عشر عاما قبل أن يحصل علي شهرته التاريخية.. ظل التمثال 'الجبس' معروضاً بمتحف المدينة لسنوات، انتقل بعدها- معاراً- إلي 'مدرسة جرونوبل' التي تغير اسمها عام 1923 ليصبح 'مدرسة شامبليون' مواكباً للذكري المئوية الأولي لفك طلاسم الهيروغليفية. وفي يوم حزين من عام 1995 قرر متحف جرونوبل استعادة التمثال 'الجبس'، فقام بعض الطلاب بربط أنفسهم به لمنع انتقاله حيث كانوا يعتبرونه رمزاً لمدرستهم. وعلي أثر ذلك قررت إدارة المدرسة استنساخ تمثال برونزي من النموذج الأصلي، لكنهم فوجئوا بعدم احتماله لعملية الصَب نظراً لهشاشته الشديدة.. ومع العزم علي تحقيق رغبة الطلاب، والتي توافقت مع حلم 'بارتولدي' نجحت الإدارة في عمل قالب طبق الأصل من التمثال باستخدام أحدث تقنيات المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، وبذلك استطاعت الحصول علي نسخة بارتفاع 2.4 متر، تزن 800 كيلو جراماً من البرونز أزاحت الستار عنها في سبتمبر 2014 وسط احتفال مهيب، ليستقر التمثال بصفة نهائية في فناء المدرسة. إنه الإصرار السافر من أبناء 'شامبليون' علي إهانة أجداد المصريين، بناة المجد والحضارة، وأصحاب الفضل علي كل أجناس الأرض.. أبناء 'شامبليون' الذين التفوا حول التمثال عقب حادث 'شارلي إبدو' يطالبون بحماية حرية الفكر والإبداع.. مقرين بذلك أن التمثال الذي يمثل قمة الإهانة لمصر هو واحد من رموز حرية الفكر الواجب حمايته.. أبناء 'شامبليون الذين ينتوون استنساخ مجموعة أخري من نفس التمثال إحتفالاً بالمئوية الثانية لفك الشفرة الهيروغليفية عام 2022 أي بعد سبع سنوات فقط من الآن!! فلتنتفض يا سيادة الوزير وإلا فلن تنجو من العار.. [email protected]