كانت الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.. هي المأوي الأول والأخير لمغامري جماعة الإخوان الإرهابية.. كلما تم التضييق عليهم في مصر.. سواء في العصر الملكي أو عصر ثورة يوليو 2591.. وكثيرًا ما تم التضييق عليهم ومحاسبتهم علي جرائمهم التي لم تتوقف منذ قيام جماعتهم عام 8291 حتي اليوم، وتواصلت كسلسلة من الاغتيالات.. ونسف المنشآت.. وتخريب المرافق.. وترويع المجتمع.. والتآمر علي السلطة القائمة.. والعمالة التي لم تنقطع لقوي أجنبية معادية، لا فرق في ذلك بين قوي الاحتلال البريطاني أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو العدو الصهيوني.. وكافة المنظمات المشبوهة بامتداد العالم.. وقد أصبح كل ذلك مؤكدًا وموثقًا بعد عمليات الكشف عن الوثائق السرية لأكثر دول العالم.. ولم يعد في مكنة الإخوان إنكار شيء منه.. وعندما تحول الصراع بين الإخوان والسلطة الحاكمة في مصر.. إلي صراع بينهم وبين المجتمع المصري بعد أن كشفهم المزاج الشعبي ورفضهم.. خارت قوتهم تمامًا إذ لا قبل لهم برفض المجتمع، ولا حيلة لهم في تغيير مزاجه العام.. وحينئذ بدأت الدول العربية وفي مقدمتها -أيضًا- المملكة العربية السعودية تكتشف الحقيقة.. وتلازم ذلك مع بزوغ عدد من المثقفين والمفكرين.. وتصديهم للعديد من الأفكار التقليدية.. والمفاهيم السائدة.. وأولها الفهم الخاطئ لأهداف ومرامي جماعة الإخوان الإرهابية.. وقد بلغ التصدي الواعي والحاسم لتلك الجماعة حد القول إن.. الإخوان والجماعات المتشددة التي خرجت من عباءتها هم من سيعيدون الاستعمار إلي المنطقة.. وقد رتبوا أمورهم ليكونوا سادة الشرق الأوسط الجديد الذي تمثل قطر ذراعه الإعلامية.. وتركيا وسيلته التنفيذية.. وتلتقي مصالحه مع إيران.. والكلام للمفكر السعودي الدكتور سعيد السريحي -ضمن عدد من المقابلات الصحفية التي أجرتها معه صحف مصرية.. حرصت علي استطلاع رأيه في الإخوان وعلاقتهم بمشروع الشرق الأوسط الأمريكي.. وثورة 03 يونية.. والموقف السعودي- المصري الذي ستحاول أمريكا امتصاصه لكي تمرر مخططات أخري بديلة.. ثم رؤيته الحاسمة للمواطن المصري العربي الآن، وحاجته إلي إعادة الأمن والاستقرار بدلًا من التشدق الفارغ ب'الديمقراطية'.. يقول د.السريحي: إن ما يجري في المنطقة الآن هو ترجمة لمشروع السياسي الأمريكي 'زيجنيو بريجنسكي' الداعي لطمس معالم وهوية النظام الإقليمي العربي وإعادة تقسيمه وفقًا لأسس عرقية وطائفية ودينية للقضاء علي مسيرة الدولة القومية في المنطقة بإشعال الحروب الطائفية.. حتي ينعم الكيان الإسرائيلي بالأمان.. علمًا بأن المشروع المشار إليه وتتبناه أمريكا يقضي بوصول حكومات دينية متشددة إلي السلطة 'ويعني الإخوان' حتي يكون هناك مبرر للتدخل الدائم وفرض الهيمنة الغربية.. ومن ثم فالطريق معروف.. والحكومات الدينية هي الوسيلة لعودة الاستعمار.. وهي كفه المخطط الأمريكي ومشروعه الشهير الذي يمثل الإخوان جزءًا لا يتجزأ منه.. وهو ما تجسد في مشاركتهم في حكومة العراق التي نصبها الاحتلال الأمريكي، وحرصهم علي التواجد في كل الأجهزة التنفيذية.. والاستفادة من الظروف القائمة في العراق المحتل.. ولابد من التنبه إلي أن المستوي القيادي للإخوان يعمل وفق أجندة متفق عليها داخل مشروع الشرق الأوسط، أما المستوي الشعبي فهو الأغلبية المغرر بها والتي تم تزييف وعيها وتعتقد أن الإخوان يمثلون الدعوة الإسلامية والشريعة.. والواقع أن للإخوان ظاهرًا وباطنًا شأن كل الحركات الإسلامية السرية.. فالظاهر أنهم إسلاميون.. أما الباطن فشيء آخر يتعاون مع 'الشيطان' من أجل مصالحه.. والمصالح الغربية هي ما أوصل الإخوان إلي السلطة.. والمؤكد أن السعودية كانت فطنة، وكان لديها وعي مبكر بخطورة هذا النوع من الجماعات.. وفي عام 8491 سعي حسن البنا مؤسس الإخوان في مصر -خلال موسم الحج- للقاء الملك عبد العزيز.. وانكب علي يده يقبلها ويطلب فتح مكتب للإخوان في المملكة.. وكان رد الملك حاسمًا.. قال: 'لسنا بحاجة إلي ذلك، وجميعنا إخوان وجميعنا مسلمون'.. وكان موقف الملك عبد الله الداعم لمصر متسقًا تمامًا مع رؤية الملك عبد العزيز الثاقبة.. ووقف إلي جانب ثورة 03 يونية التي كانت بالأساس ثورة لتصحيح مسار ثورة 52 يناير واستردادها من أيدي من خطفوها.. وسوف تظل المملكة فطنة وحذرة من كل الجماعات التي تعمل علي تسييس الدين.. للوصول إلي السلطة.. وقد تضاعف حذرها وهي ترقب بكل دقة كل المخططات التي ظهرت عقب 03 يونية.. وعن ثورة 03 يونية.. والموقف السعودي الداعم لها.. وتأثيرات ذلك علي المخطط الأمريكي المسمي مشروع الشرق الأوسط الجديد.. قال د.السريحي: علينا أن نعي جيدًا أن أقوي قوتين في المنطقة العربية هما: 'السعودية ومصر' ولهما نفوذهما وثقلهما الكبيران في المنطقة، ووقوفهما معًا يُفشل أي مشروع لا يوافقان عليه، ولا يريان فيه فائدة للمنطقة.. فما بالك بمشروع يريد طمس معالم وهوية المنطقة.. وإعادة ترسيمها وفقًا لأهواء ومرام لا تخفي علي أحد.. والحقيقة أن ثورة 52 يناير في مصر.. حدث فيها تداخل كبير بين القوي الثورية الحقيقية وأخري انتهازية وهي بالتحديد جماعة الإخوان.. لكنها ومع الوقت ومن خلال الممارسة.. والتفاعل.. جرت عمليات إعادة التصنيف والفرز.. واستطاعت الثورة أن تعيد صياغة نفسها.. وتستعيد توازنها.. وأن تبرز الثورة بعد أن تخلصت مما علق بها.. وقد لبي الجيش المصري نداء الواجب.. واستجاب للإرادة الشعبية.. ودعم ذلك الموقف.. لنفاجأ بثورة 03 يونية التي دعمتها المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج العربي.. ليسقط الإخوان ومعهم المشروع المشبوه.. والحسابات الأمريكية الباطلة.. التي لم تضع إرادات الشعوب في حساباتها ولم تر في المنطقة غير الإخوان.. ولم تدرك أنهم قوة متواضعة.. مشكوك في مصداقيتها.. وولائها للعقيدة ولصحيح الإسلام.. ولأوطانها العربية الإسلامية..