بعد قانون تقسيم الدوائر يتوقع فتح باب الترشح في يناير.. والجولة الأولي للانتخابات في مارس رأس المال السياسي والمتاجرة بالدين من أخطر التحديات التي تواجه انتخابات البرلمان القادم رئيس حزب سياسي اشتكي وقال: 'تسعيرة النائب 3 ملايين جنيه.. وبعض كوادرنا سقطوا في الفخ' رأسمالي عائد من الماضي يستدعي النواب ويزعم: نحن نسعي لمساندة السيسي وآخر قال: 'الجيش حصل علي الرئاسة ونحن لنا البرلمان والحكومة'!! التيار الديني يستعد بوجوه غير معروفة والهدف شل حركة البلاد عبر الحصول علي 'الثلث المعطل' في البرلمان خلال هذا الاسبوع يتوقع أن ينتهي قسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة من قانون تقسيم الدوائر، ويتوقع أن يصدره رئيس الجمهورية قبيل نهاية الشهر الجاري، وربما بعد عودته مباشرة من زيارة الصين التي سيبدؤها يوم 23 ديسمبر الجاري وتستمر لمدة يومين. وبعد صدور القانون ستكون الكرة في ملعب اللجنة العليا للانتخابات باعتبارها المعنية بتحديد المواعيد والجداول الزمنية لإجراء الانتخابات البرلمانية التي نصت عليها خارطة الطريق باعتبارها آخر الاستحقاقات بعد الاستفتاء علي الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية. وبعيدًا عن بعض الملاحظات المحدودة حول خريطة الدوائر، فإن هذا القانون لاقي استقبالاً إيجابيًا من غالبية الأحزاب والقوي السياسية والفئات الجماهيرية. وفي حال اقدام اللجنة العليا للانتخابات علي تحديد الجدول الزمني للانتخابات والذي سيبدأ بفتح باب الترشح ويعتقد أن ذلك قد يتم في النصف الأول من شهر يناير الجاري، وقد يستمر الباب مفتوحا للترشح لفترة قد تصل إلي ثلاثة أسابيع، فمعني ذلك أن الجولة الأولي للانتخابات قد تبدأ في شهر مارس القادم وتحديدًا قبيل عقد المؤتمر الاقتصادي. وتري مصادر داخل اللجنة العليا أن الانتخابات لابد أن تجري علي مرحلتين، المرحلة الأولي وفيها يتم إجراء الانتخابات في محافظاتالقاهرة ووسط الدلتا والتي تشكل قائمة واحدة، ومعها أيضا الشرقيةومحافظات القناة وسيناء ودمياط باعتبارها تشكل قائمة واحدة أيضا. أما الجولة الثانية فتجري فيها الانتخابات في محافظات الصعيد من الجيزة حتي أسوان، باعتبارها تشكل قائمة واحدة وأيضا في محافظاتالاسكندرية والبحيرة ومطروح باعتبارها تشكل قائمة واحدة أيضًا. لقد ظن البعض من المشككين أن الرئيس السيسي أميل إلي تجميد الوضع، خاصة أن البرلمان بما يملكه من سلطات تفوق سلطات رئيس الجمهورية سيمثل صداعا للرئيس وللحكومة في وقت تحتاج فيه البلاد إلي وحدة الموقف لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية والتي تستهدف أمن الوطن واستقراره.. وليس صدفة أن الرئيس طالب الحكومة أكثر من مرة بالاسراع في إنهاء الاجراءات المتعلقة بقانون تقسيم الدوائر، حتي تبدأ اللجنة العليا للانتخابات مهمتها، للإسراع في تحديد الجدول الزمني للانتخابات.. إن الخطير في الأمر أن الانتخابات القادمة سوف تجري دون تخطيط مسبق، فالرئيس السيسي يرفض أن يكون له ظهير سياسي أو حزب مقرب إليه، بل هو يتعامل مع الجميع علي قدم المساواة، ويرفض أية محاولات للتدخل. وعندما تردد اسم الدكتور كمال الجنزوري بكل تاريخه الوطني وأنه يسعي إلي جمع الصفوف علي قائمة وطنية موحدة في مواجهة الإخوان وأنصارهم، خرج المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية لينفي أن يكون الرئيس قد كلف أحدا بمهمة إعداد القوائم. صحيح أن ذلك هو ما أكده الدكتور الجنزوري أكثر من مرة، وقال إن تحركه يأتي في سياق مهمته التوافقية التي بدأها مع الأحزاب منذ ما قبل الدستور الأخير، وأنه عقد معها نحو 12 اجتماعا بهدف الحشد للاستفتاء، إلا أن البعض لا يزال مصممًا علي التشكيك في النوايا والأهداف. ويخطئ من يظن أن التيار الإخوان الديني بكافة اتجاهاته قد استسلم للأمر الواقع، وانسحب من الحياة السياسية، ذلك أن حقائق الوضع تقول عكس ذلك وإن هناك محاولات حثيثة تجري لدفع عناصر غير معروفة بانتمائها للإخوان لتشارك في الانتخابات القادمة سواء بشكل فردي أو ضمن قوائم أحزاب وقوي أخري. وليس الأخوان أو التيار الديني وحده هو الذي يسعي إلي كسب المعركة لصالحه ولصالح أهدافه، وإنما هناك أصحاب المال السياسي الذين ينتمون إلي القوي المدنية، لديهم خطتهم في ذلك، فهناك عمليات شراء واسعة تتم الآن في الشارع الانتخابي لعدد من العناصر المتوقع فوزها، سواء كانت منتمية إلي الحزب الوطني، أو كانت مستقلة وبعيدة عن الأحزاب. لقد وصلت عمليات الشراء، إلي مليون جنيه علي 'الرأس' الواحد في البداية ومليون آخر للدعاية والمليون الثالث يدفع للمرشح في حالة الفوز. وقد رصدت الأجهزة الرقابية العديد من هذه الحالات، الأمر الذي دفع رئيس أحد الأحزاب إلي القول 'إن هناك عملية اصطياد وقنص لعناصرنا في المحافظات لحساب أصحاب الأموال الذين لديهم أجندة إما سياسية مرتبطة بطموحهم السياسي وإما لحساب قوي خارجية لا ترغب في إنهاء التوتر وعودة الاستقرار إلي مصر.. إن أحد هذه الشخصيات من أصحاب المليارات، الذي أطلق أمواله في العديد من المحافظات قال في جلسة علنية: 'ماذا يريد الجيش؟، لقد تولوا رئاسة الجمهورية ونحن يجب أن نسيطر علي مجلس الشعب حتي نستطيع أن نشكل الحكومة'!! وعندما تحدث بصيغة أنا، كان يتحدث بمنطق العائلة وليس بمنطق الحزبية أو الحياة السياسية، ونسي هذا الشخص الذي يظن أن أمواله قادرة علي شراء مجلس النواب أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يأت علي رأس انقلاب عسكري وإنما جاء بانتخابات حرة ومباشرة. وهناك من يسعي إلي عودة الوجه القبيح للماضي، يدفع الأموال، ويلتقي النواب السابقين، ويحمل لهم شعارًا واحدا ووحيدًا 'أنا لا أريد شيئًا فقط نريد دعم الرئيس السيسي' مع أنه يعرف تماما أن مجرد ظهوره هو أكبر اساءة للرئيس السيسي الذي حذر من استغلال اسمه لتبييض صفحة البعض، أو تحقيق أهداف لا علاقة لها بالوطن أو بمصالحه'. لقد حذر الكثير من خبراء الانتخابات من خطورة المال السياسي والمتاجرة بالدين، إلا أن الغريب أن الحكومة لا تزال تقف صامتة أمام هذه التجاوزات والاختراقات التي أصبحت ملء السمع والبصر، تُحكي علي المقاهي وفي المنتديات. إن الدولة المصرية أصبحت هدفًا، والسعي لاختراقها أصبح هو البوابة التي من شأنها تعطيل أداء الرئيس وشل حركته، فالبرلمان القادم والسلطات التي حصل عليها وهي سلطات مبالغ فيها وتجاوزت كل الحدود يمكن أن تعرقل كافة خطط الدولة للنهوض واعادة الأمن والاستقرار. إن مجلس النواب القادم هو صاحب القرار الفصل في تشكيل الحكومة أو سحب الثقة منها، أو تعطيل اختيارات الرئيس، وهو أيضا يستطيع سحب الثقة من رئيس الجمهورية، ويستطيع أيضا إذا ما امتلك الآخرون 'الثلث المعطل' أن لا يتم الموافقة علي القوانين التي صدرت قبيل تشكيل البرلمان ومنها قانون الانتخابات الرئاسية والذي لو حدث سيكون مجلس النواب مطالبًا باجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. إننا أمام 'مجلس نواب' هو الأخطر في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، وإذا لم يتوحد كل الشرفاء لانتخاب برلمان يدافع عن ثوابت ومؤسسات الدولة الوطنية ويدعم المشروع الوطني للرئيس السيسي، فاعلم أن البلاد ستدخل إلي مرحلة خطيرة من الفوضي تفتح الأبواب أمام كل الخيارات في البلاد.. وساعتها لن ينفع الندم.