لاتكف واشنطن.. ومن يدور في فلكها، عن تلقيننا 'درس حقوق الإنسان''صباح.. مساء.. تتربص بنا.. وبنمطقتنا.. وكأن لاشيء يعنيها في الدنيا، سوي السهر علي حق البشر جميعا في معاملة إنسانية.. راقية.. ومتحضرة.. حتي بات'دستور حقوق الإنسان'.. الذي تتغني به'قاموسا'علينا أن نستذكر مفرداته.. ونتأمل وصاياه.. حتي لانقع في 'فخ الخطيئة'المنصوب لنا بإحكام. وتمتلك واشنطن قدرة هائلة علي توجيه الاتهامات.. دون تمحيص.. أو تدقيق.. بل يكفي بيتها الأبيض أن يتلقي'قصاصة ورق'من أحد تابعيها في مصر، لتقيم الدنيا، ولا تقعدها.. من تصريحات ممجوجة علي لسان المتحدثة بإسم البيت الأبيض.. تردد فيها تعبيرات باهتة، لوقائع مختلقة.. وانتهاء بالرئيس الأمريكي أوباما.. والذي لم يجد في مصر من قضية يتأسي عليها، سوي اعتقال الناشط'صنيعتهم'أحمد ماهر.. مؤسس حركة 6 إبريل. تتمتع واشنطن بقدرات فولاذية في ممارسة'الكذب البواح'.. فسياستها لاتعبأ بملايين الضحايا من الذين فتكت بهم طائراتها المقاتلة f16 ولا صواريخها بعيدة المدي'توماهوك كروز'.. ولابوارجها التي اقتحمت شواطئنا.. واحتلت مياهنا.. لتقتلنا عبر الإقامة الآمنة بين ظهرانينا.. ولتصب حممها علي العراق وشعبه.. وترسم'مخطط الشر'لوأد المنطقة العربية، بمن فيها.. ولتحقق لإسرائيل حلمها الأبدي في وطن خال من 'الرعاع العرب'. وحين تضبط واشنطن متلبسة بالدنايا من جرائمها في'سجن أبو غريب'.. بالعراق، وسجون 'أفغانستان'وغيرها من بقاع الأرض.. تغض أمريكا بصرها عن التعذيب المنظم والممنهج.. ودفن الأبرياء'أحياء'.. وغير ذلك من وسائل تعذيب جهنمية.. كدفع المعتقلين لاغتصاب بعضهم البعض.. وتعرية بنات العرب.. والإتيان بأفعال مشينة.. لم يشهدها تاريخ الأمم.. حين يحدث كل ذلك.. لا تغضب داعية حقوق الإنسان في العالم.. ولا تثور علي أوضاع بربرية.. انتهكت فيها قواتها كل مواثيق الشرف عبر الحياة.. وارتكبت من الجرائم ما لايمكن تصنيفه، سوي أنه 'عود'لعهود البربرية السحيقة'. وبرغم كل ذلك.. تصمم واشنطن.. في أبواقها الإعلامية.. وتصريحات كبار مسئوليها.. وفي المنتديات العالمية.. واجتماعات المنظمات الحقوقية.. ومن خلال سفرائها عبر العالم.. تصمم علي إدراج بلداننا في 'قائمتها السوداء'في سجل حقوق الإنسان.. تعدد جرائمنا.. وانتهاكاتنا.. ترتكن إلي تقارير'منظمات مشبوهة'.. معروفة'المصدر والهوية'.. لتستند إليها في طعن سياسات بلداننا.. واتهامها بارتكاب جرائم نكراء لحقوق الإنسان.. بل وتري في محاكمة'إرهابيين'حرضوا علي العنف والقتل.. أو شاركوا، أو نفذوا، جرائم قتل متعمدة.. تري فيهم'معتقلين'يجب مراجعة مواقفهم. بل، وحين ترتفع الأصوات، والنداءات، بأن جماعة'الإخوان'.. تمارس إرهابا منظما، بحق المصريين.. ترد واشنطن، وعبر أبواقها الرسمية.. لتنفي عن الجماعة المارقة، تهمة'ممارسة الإرهاب'.. وتقول بكذب 'مدهش'.. أنها لم تجد في ممارسات جماعة 'الإخوان'تحولا عن منهجها السلمي في العمل السياسي.. وكأن كافة الوقائع الموثقة، والجرائم الثابتة، لاتقدم دليلا، وبرهانا علي حجم القتل، والعنف، الذي تمارسه'الجماعة الإرهابية'بحق المصريين، ومؤسساتهم. هذا السلوك المعوج في السياسة الأمريكية، لايعدو كونه ترجمة للوجه الحقيقي، والذي تسعي واشنطن جاهدة، لتجميله، عبر مساحيق'حقوق الإنسان'.. و'حرية الرأي والتعبير'.. و'الحقوق المدنية'.. و'حرية الاعتقاد'.. وغيرها من مفردات، يجري توظيفها، لخدمة سياسة'الشر'التي تمارسها'الولايات المتحدةالأمريكية'عبر العالم.. ساعية، عبر هذا 'التزييف'للحقائق، إلي إخفاء جرائمها.. والهرب من المساءلة، والمحاسبة. وإذا كان التقرير الذي أصدرته لجنة شئون الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي في الأيام الماضية، قد كشف عن جانب من الهمجية الأمريكية في التعامل مع المعتقلين.. فقد أرادت واشنطن، وآلتها الإعلامية.. وعبر سياسييها تبرئة الرئيس الأمريكي السابق'جورج بوش الإبن'من المسئولية.. حتي لا يخضع للمساءلة.. وذلك حين زعم مسئولون أمريكيون، أن'بوش الإبن'لم يبلغ بأمر برنامج التعذيب الذي انتهجته وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية'CIA 'الا يوم 8 إبريل 2006.. حين أطلعه مدير المخابرات الأمريكية آنذاك'بورتر جوس'بالتقنيات السبع، المستخدمة في الاستجواب المشدد للمعتقلين، وأظهر له صورة واحدة علي الأقل لمعتقل أخضع للتعذيب بهذه التقنيات، وأن'بوش'أعرب عن انزعاجه. لقد كشف التقرير.. والواقع في 40صفحة أن آل CIA طبقت برنامجا سريا علي 119من المتهمين الذين اعتقلتهم في'مواقع سوداء'.. وهي'سجون سرية'أقيمت في دول أخري، مثل'تايلاندوأفغانستان ورومانيا وبولندا وليتوانيا'.. واستعرض التقرير 'تفاصيل مقززة لعمليات التعذيب'.ومنها'الإيهام بالغرق-تغطية الرأس والدفع باتجاه الحائط-الصفع-الغمر بالمياه المثلجة-الحرمان من النوم لفترات طويلة قد تصل الي أكثر من أسبوع، وهم واقفون ومكبلون وعراة.-التهديد باستخدام العنف ضد عائلات المعتقلين. إن ما احتواه تقرير لجنة شئون الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي من رصد لوقائع تعذيب علي هذا النحو، إنما يكشف عن العقيدة المتأصلة في الاستخبارات الأمريكية.. بل ولدي كافة أركان الادارة الامريكية.. وهي عدم الاعتداد بما يرفعونه من شعارات حول'حقوق الإنسان'.. وأن تعذيب وإبادة الشعوب المقاومة لهيمنتهم الاستعمارية، تشكل ضلعا أصيلا في سياستهم المعادية لبلداننا، وشعوبنا.بل ولكل الأحرار في العالم. ولعل ما احتواه التقرير، لايمثل سوي'النذر اليسير'لسياسة'الكاوبوي'والمرتكزة علي'القوة الغاشمة'في تنفيذ أحلامها الاستعمارية.. بيد أن وقائع الحال، تفتح ثغرة واسعة في 'سياستها العدوانية'وتعري محاولاتها المتكررة لتحسين صورتها عبر العالم.. ولعل هذا مادفع صحيفة 'الجارديان 'البريطانية، لتوجيه أقسي العبارات للسياسة الأمريكية.. حين رأت أن التقرير الأخير حول وسائل استجواب المعتقلين'كشف القصة الكاملة والمخزية للأمريكيين'.. واصفة ماحدث ب'واحدة من أسوأ الفترات في التاريخ الأمريكي'.. مختتمة بالقول'إن عمليات التعذيب التي نفذتها ال CIA ألحقت الخزي والعار بأمريكا'.