ولكشف المزيد عن بواعث الحسد الأرعن، والغيرة الحمقاء، اللذين يكنهما جنس اليهود للمصريين، يتحتم علينا أن نعقد بعض المقارنات التاريخية بين الشعبين، ولا أقول البلدين، حيث إن المصريين وُلِدوا واستقروا علي ضفاف نيل مصر، ذلك البلد، والدولة التي نشأت بالتزامن مع الأجيال الأولي لبني آدم، بينما جاء العرق اليهودي من نسل 'عابر'، فكانوا دائمي العبور، والهجرة، والترحال من مكان لمكان، حتي أنهم لُقِبوا قديماً بالعبرانيين، فَلَذة العيش عندهم في التنقل، واغتصاب أراضي الغير، بالقوة أحياناً، وبالمكر، والحيلة أحياناً أخري، فلم يكن لهم بلد بعينه، إلي أن أوفي لهم صهاينة العالم بما وعدهم 'بلفور' به، وذلك فقط منذ قرابة المائة عام. أما الوجه السافر في تلك المقارنة، فهو أن هؤلاء 'العبرانيين' لم يصنعوا حضارة أفادت البشرية، ولا خلفوا آثاراً ذات قيمة مادية، أو معنوية، غير بعض المقتنيات البدائية، والمنقولات التافهة، والتي تعبر عن حياة الاغتراب 'الطوعي'، والتشرد، والتشتت، التي طالما عاشوها، ومعظمها بخالص إرادتهم. يبدو أن المفارقة الأشد وطأة، تأتي من كون آثارهم الثمينة بالنسبة لهم، علي المستوي الروحي قبل المادي، قد اختفت تماماً من علي وجه الأرض، وليس هناك دليل قاطع علي وجودها بموقع ما في باطن أي أرض، إلا من خلال ما يرددونه من مزاعم هي محض خيال، وتدليس: خيمة الاجتماع، ولوحي الشريعة، وعصا موسي وهارون، وتابوت العهد، وهيكل سليمان.. كلها تبددت بسبب غلظة رقابهم، وافتراءاتهم، وتذمرهم المستمر علي أنبياء الله، بل علي الله ذاته، في حين بقيت آثار قدماء المصريين، وستظل باقية في شموخ- بإذن الله- إلي قيام الساعة. تلك النفائس التي يتمسحون فيها، ويدعون- زوراً، وبهتاناً- التشرف بالمشاركة في صنعها، تبرهن علي عظمة مصر والمصريين، وفضلهم علي سائر أقرانهم من البشر، في كافة أرجاء المعمورة، حين أنعموا علي الإنسانية كلها بمفاتيح الحضارة، والتقدم، والرقي، ولازالت آثار مصر تكتم أسرار الكون، التي لن يستطيع العقل البشري بنسخته الحالية أن يستوعبها، ويوجهها في طريق الحق، والخير، والجمال. وليس هذا إلا مجرد سرد قليل، وعابر لبعض أسباب كراهية هؤلاء الحاقدين من أصحاب العرق اليهودي، والمخطط الماسوني، والهوي الصهيوني، لكل ما يمت بصلة، من قريب أو بعيد، لمصر والمصريين. وقضية التمثال التي نحن بصددها، فكما أنها تبدو للبعض فضيحة، يجب أن يتم محوها، وإزالة آثارها تماماً، ثم فتح صفحة جديدة، عنوانها الاحترام المتبادل والمتكافئ، بعد اعتذار فرنسا رسمياً، وشعبياً، يراها القلة- للأسف- مسألة بسيطة، ولا تحتاج كل تلك الضجة، التي أحدثها عدد من المصريين، علي اختلاف توجهاتهم، ومواقعهم، ومن بينهم كاتب هذه السطور. وعموماً، يجب الاعتراف بأن هناك مأزقاً، أو مشكلة، والمخرج منها ليس بالأمر اليسير، ولكنه أيضاً غير مستحيل، بشرط توافر إرادة الحل، بإيجاد صيغة للتفاهم بين مصر وفرنسا، علي أرفع مستوي في الدولتين، علي أن يكون ذلك بالتوازي مع التحرك في مسارات شعبية، من خلال قنوات اتصال بين شخصيات مصرية، وأخري فرنسية لها من الثقل، والجماهيرية، والمصداقية لدي الناس، في كلا البلدين- ولا سيما فرنسا- ما يُمَكِنُها من إقناع الرأي العام، واستقطابه للضغط علي صناع القرار، وتشجيعهم علي تصحيح وضع مشين، كم أضر بفرنسا بلد النور الساطع، والجمال الساحر، بقدر ما أساء لمصر الكنانة، هبة النيل، واهبة الحضارة، وحافظة أسرار الكون في حضنها الدفيء، حيث يتغني الفرنسيون ليل نهار، بعشقهم للحضارة المصرية، وكنوزها المتمثلة في آثارها الخالدة، عبر كل الأزمان، والصامدة رغم الحروب المدمرة، والغزوات المتلاحقة، والانتهاكات المنظمة. وحتي يتحفز الجميع: المتخاذلون، والمتحمسون، والنبهاء، والبسطاء.. فيتبنون سلوكاً، يجمع بين الإصرار، والحكمة، لابد لنا أن نتحري عما صنعه ذلك 'الفسل' برأس الفرعون الملك، وحينها سنتيقن من كونه فعلاً مقصوداً، وممنهجاً، يتطابق نصاً، وروحاً، مع أحكام الشريعة الماسونية البغيضة، وبترحيب، وتسهيل، ودعم الشركاء من أطراف اللعبة الصهيونية الحقيرة، بُغيَة تحطيم أي رمز يمكن أن يلتف حوله المصريون، ويقتدوا به، والإطاحة بأي زعيم، قادر علي انتشال أبناء أمته من بحور المجهول المظلمة، إلي شواطئ النور المبهجة، وحشدهم في مواكب بناءالأوطان، ليسيروا خلفه علي دروب القمم، فيعودوا أنداداً للغرب المتغطرس، بل أسياداً له كما كانوا في زمن المجد التليد، وهو ما يفزع القياصرة السفاحون، في أوروبا، وأمريكا، وإسرائيل، ومعهم فلول الإمبراطورية المندثرة، من أحفاد الماسوني الشهير 'مصطفي كمال أتاتورك'. ولنستكمل في العدد القادم بمشيئة الله. [email protected]