يخطئ من يدعي أن الخوض في موضوع التمثال هو مجرد نبش في كهوفالماضي، كمحاولة عبثية لإعادة الروح إلي رفات أحداث ماتت وشبعت موت، فهذا غير صحيح بالمرة.. أولاًلأن ذلك الصنم القبيح ابن المائة وأربعون عاماً لايزال حياً أمام أعين ناظريه حتي اللحظة، وإلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.. وثانياًلأن هذا العمل الوضيع يمثل جريمة من النوع الذي لا يسقط بالتقادم، حيث تعمد مرتكبها ازدراء أمة عمرها من عمر البشرية.. وثالثاً لأن هناك دوافع مريضة تجلت لنا من خلال هذا البحث الذييسعي لإزالةركام من شكوك كانت تحجب وجه الحقيقة، مما سيؤدي بالقطع إلي إحراج كل من دافعوا عن التمثال من زاوية حرية الفن والإبداع، علي اختلاف نواياهم. فقضية التمثال ببساطة لا تخرج عن كونها صدي لأحقاد تلفها أكاذيب، ويبثها مجاذيب من سحرة اليهود، وحراس التلمود.. وحتي لا تضل الأفهام وتشرد في ظنون مفادها أننا نجنح إلي العنصرية أو التمييز الديني، فنحن نؤكد من جانبنا أننا بالطبع وبمنتهي الإجلال والتقديس، نقر ونعترف بالأديان السمائية الثلاث، ونحب ونحترم أتباعها الذين نحن من بينهم، فدعونا نوصد هذا الباب كي نتفرغ لما هو أهم. ورغم طهارة الرسالات السمائية الثلاث وعظمتها، إلا أن أتباع كل دين قد تناوبواالإضرار به علي مدار التاريخ، ولا زالوا يفعلوننفس الشئ يومياًبطمعهم وغبائهم وأنانيتهم، فلم يسيئوا لغيرهم وللأديان الأخري بقدر ما أساءوا لأنفسهم ولدينهم، ومن البديهي أن يكون اليهود همالسباقين في ذلك بحكم الأقدمية. فالمعروف أن اليهود التلموديين هم أول من وضع شريعة دينية موازية للشريعة الموسوية، بل وأضافوا لليهودية مزيد من التعاليم التي لم ينزلها الله علي نبيه ، حيث أن التلمود هو كتاب تعليم الديانة اليهودية المكتوب بواسطة حاخاماتهم.. وهكذا منحوا لذواتهم ما شاءوا من سلطان في الفتاوي والأحكام والتشريعات، بل أنهم قادوا مصير الأمة اليهودية علي مر العصور بحسب ما ارتأوا من تفسيراتوأفكار واستراتيجيات لا تخلو من مؤامرات، وكلها تخدم أهدافاً يعتقدون أو يزعمون أنها مقدسة.. فأرض 'المعاد'أي التي سيعود إليها اليهود تحت قيادة المسيح المخلص بحسب ما يؤمنون به، راحوا يخلطون عمداً بينها وبينأرض 'الوعد' التي وعد الله بها وذريته من بعده، وحدودها من النيل إلي الفرات، وبعضهم يزعم أنها من المحيط إلي الخليج، وأن هذا الوعد الإلهي يقتصر علي نسل إبراهيم من ولا يشمل إبنه من المصرية.. وعلي أية حال نحن لسنا بصدد مناقشة صحة النصوص من عدمه، فالجميع أحرار فيما يعتقدون ويؤمنون، ولكن ما يهمنا هو انعكاسات تلك المعتقدات بالسلب علي مقدراتنا كعرب بشكل عام، وكمصريينعلي وجه الخصوص. فهؤلاء التلموديون المتشددون هم من وضعوا حجر الأساس للماسونية في العالم بأسره، وهي منظمة يهودية الأصل والهوي، مهمتها تحقيق أهداف دينية بحتة، وفي سبيل ذلك تتستر خلف شعارات ظاهرية خداعةكالحرية، والإخاء، والمساواة، والإنسانية، والتي هيأبعد ما يكون عن جوهر مقاصدها. كما تدعو الماسونية إلي أفكار شيطانية هدامة كالإلحاد والإباحية والفساد.. وكل ذلك بغرض تدمير عقول 'الأمميين أو الأغيار' ايغير اليهود، وتخريب ضمائرهم، وتفريغهم من ثوابتهم، وإقصائهم عن جميع انتماءاتهم المتأصلة فيهم، لإضعافهم وإخضاعهم، حتي إذا ما حدثت المواجهة المرتقبة بين اليهود والأمم في نهاية العالم، تكون النتيجة المحسوبة والمحسومة سلفاًلصالحهم، كما هو مرسوماً في خيال هؤلاء المتطرفين المهاويس. وعلي الجانب الآخر لهذا المستنقع العفن نري الصهيونية العالمية تعمل في نفس الاتجاه ومن أجل ذات الحلم ولكن في إطار تنظيم سياسي يختبئ تحت 'الكيباه' أو 'اليارمولكه' وهو غطاء الرأس الذي يرتديه اليهود من الرجال، وتدعو الحركات الصهيونية يهود العالم للعودة إلي أرض الآباء والأجداد. تلك التنظيمات تحمل جميعاً في قلوبها المتفحمة غلاً وحسداً وكراهية لكل ماهو مصري، فرغم أن ابن كان الرجل الثاني في مصر بعد فرعون الذي أكرم أبيه وإخوته، حباً وتقديراً لمكانة يوسف عنده، إلا أن بني إسرائيل عاشوا زمان غربتهم في مصر لأكثر من أربعمائة عام، ولم يستطيعوا نسيان كم كان وضعهم تافهاً تعيساً في تلك الحقبة بعد وفاة كل من يوسف وفرعون.. ومع ذلك فعند خروجهم مع موسي النبي من مصر، لم يبخل عليهم المصريون ببعض ما كانوا يمتلكونه من حلي ومقتنيات ذهبية وفضية علي سبيل المساعدة في صورة هدايا تذكارية قيمة، ولكن ذلك لم يثنهم عن حقدهم الأسود تجاه المصريين. وهو ما سنتحدث عنه باستفاضة في العدد القادم بإذن الله. [email protected]