تواطأت أمريكا لتوظيف ما سمي بتنظيم داعش لتحقيق أكبر قدر من المكاسب لها. أما مامنح الفرصة ومهَّد الأرضية فهو انقسام العرب فيما بينهم وهو مارسم أغرب مشهد هزلي علي مسرح السياسة الدولية عندما تخلوا عن التنسيق والتعاون لحل قضاياهم وانهمك بعضهم في ممارسة لعبة جهنمية كان الهدف من ورائها إضعاف دول شقيقة بل والعمل علي إسقاطها. وبالتالي فشلوا في مجابهة هذه الجماعات الارهابية مثل داعش التي أسهم الغرب بقيادة أمريكا في دعمها لتكون الذريعة التي تتيح له اختراق المنطقة من جديد.ولهذا تماهي مع التنظيم عندما مضي يتحدث عنه بمصطلح الدولة الاسلامية رغم أن هذا التنظيم الآثم ليس بدولة كما أنه لايمت للإسلام بصلة، فهو تنظيم فاجر داعر ومخرب وعميل، فهو الفوضي الارهابية التي عاثت في الأرض فسادا وقتلا وتدميرا وترويعا للآمنين. ولهذا كان التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا تحت ذريعة محاربة داعش تحالفا ورقيا لاجدوي من ورائه، بدليل أن الضربات الجوية التي تنفذها أمريكا ودول أخري لم تفت في عضده بل علي العكس أضفت عليه القوة ليحقق المزيد من التمدد علي الأرض.. وهكذا ظهر داعش كتنظيم إرهابي تم زرعه في المنطقة من أجل تحقيق مصالح وتنفيذ أجندة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ليتم من خلالها إسقاط النظام السوري وإنشاء الدولة الكردية شمال العراق التي ستكون بمثابة إسرائيل جديدة في موقع بالغ الأهمية من الناحية الاستراتيجية كرأس جسر علي الحدود الإيرانية ومنابع النفط لاسيما بعد أن احتل البشمركة الآبار الغنية في كركوك. ومن ثم بدا أن الرهان علي الدولة الكردية بات خيارا استراتيجيا للحفاظ علي المصالح الأمريكية في الإقليم، فوجود داعش فرضته الضرورة لتقسيم المنطقة وإضعاف دولها ولهذا تم دعمها سرا وعلانية كي تعمل لمصلحة الغرب وإسرائيل وتركيا. لقد تم تسليط الإرهاب علي دول تم استهدافها في المنطقة كسوريا لإنهاء سلطتها الشرعية عبر القتل الممنهج والمتواصل للقيادات الأمنية والعسكرية، فالهدف هو استئصال الجيوش العربية وإسقاط الأنظمة لمصلحة قوي دولية.. ولهذا شحذ الاستعمار الجديد أسلحته واستهدف الدول العربية في مقتل، فرأينا كيف وصل الحال في اليمن وليبيا بعد سورياوالعراق. ويظل الخطر محدقا بجميع الدول العربية فلن يكون أحد بمنأي عن خطر تنظيم داعش وشركائه، فملف داعش باق لسنوات وهو ماأكده مؤخرا مسؤولون أمريكيون. ولاشك أنه أمر يخدم الولاياتالمتحدة علي المدي البعيد ويكفي أنه يمنحها الهيمنة علي منابع النفط. لقد وضح للجميع الآن أن المواجهة التي تقودها أمريكا ضد داعش تهدف في الأساس إلي إنشاء الدولة الكردية في العراق وإسقاط النظام السوري. ولهذا تعمدت أمريكا ترك داعش ينمو في سورياوالعراق ولم تقترب منه البتة. بل ولم تقترب من جماعات الارهاب والكفر الأخري وبادرت باحتضان الاخوان المجرمين ودعمتهم بكل السبل للوصول إلي السلطة. كان يتعين علي أوباما لو كان جادا في محاربة الارهاب أن يتصدي لداعش منذ أن ظهرت علي سطح الأحداث. وكان يتعين عليه محاربة العناصرالارهابية علي اختلافها ممن سافروا عبر تركيا إلي سوريا للانضمام إلي هذه المنظمات والتي أبدت تعاطفها مع داعش والتحمت بصفوفها. كان يتعين علي أمريكا فيما لو كانت صادقة في محاربة الارهاب أن تبادر بوقف الدعم المالي والتسليحي والتدريبي واللوجستي الذي تحصل عليه هذه الجماعات وألا تقتصر المجابهة علي داعش فقط وإنما تتعداه لتشمل جبهة النصرة وسرايا بيت المقدس والفرقان وقبل كل هؤلاء بيت الداء الاخوان الارهابيين وهم أصل البلاء وأصل النبتة الخبيثة التي خرجت من رحمها كل هذه التنظيمات....