في العشرين من سبتمبر 2014 وجهت توكل كرمان رسالة إلي الشعب اليمني عبر صفحتها علي الفيس بوك قالت فيها: 'يا شعبنا العظيم.. هذه الميليشيات المسلحة تعبث بأمنك وتدمر مستقبلك وحاضرك فانهض وعلمها الأدب'.. فما هو الأدب الذي كانت تقصده توكل كرمان، عضو اللجنة المركزية للتجمع اليمني للإصلاح 'إخوان اليمن'، وابنة القيادي الإخواني ووزير الشئون القانونية الأسبق وعضو مجلس الشوري اليمني عبد السلام خالد كرمان؟!! الإجابة كانت عند القيادي الإخواني ووكيل وزارة الثروة السمكية سابقا، حارث الشوكاني الذي أكد أن الأدب والتأديب تقوم به فرق الاغتيالات الإخوانية، وقال في صفحته علي الفيس بوك في التاسع من سبتمبر: '.. تحذير للقيادات الامامية أحذر القيادات الامامية من المساس بأي قيادي في حزب 'الاصلاح'.. ففرق الاغتيالات التابعة للحزب في صنعاء وفي عموم المحافظات.. تنتظر التوجيهات للانقضاض علي الرؤوس الإمامية.. القناديل منهم دون الزنابيل.. فمقابل الرأس من الاصلاح سنسقط عشرين رأسا من المجوس.. وقد اعذر من أنذر'، والإمامية هم جماعة أنصار الله الحوثيين، أما حزب الإصلاح فهو الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن !! والأدب والتأديب للمخالفين وأعداء 'الإخوان' ظهر في محاولة فض اعتصام صنعاء يومي السابع والثامن من سبتمبر 2014.. تلك المحاولة الفاشلة التي اشتركت فيها العناصر الإخوانية المسلحة، جنباً إلي جنب، مع قوات الشرطة الخاضعة لقيادة وهمينة إخوانية، وقامت بالاعتداء علي المتظاهرين، ولهذا اتهمت جماعة أنصار الله 'الحوثيون' 'الإخوان' بالاشتراك مع قوات مكافحة الشغب وعناصر الداخلية في الاعتداء علي المعتصمين السلميين في شارع المطار بالعاصمة صنعاء، و قال عضو المكتب السياسي في جماعة أنصار الله 'الحوثيون' علي البخيتي، في صفحته علي الفيس بوك : إن وزير الداخلية الإخواني اللواء عبده حسين الترب، أمر قوات الشرطة بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين!! وكان اللواء عبده حسين الترب وهو يأمر بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز رقيقاً مع المتظاهرين، مقارنة باللواء علي محسن الأحمر القيادي الإخواني البارز ومستشار الرئيس اليمني الذي توجه إلي رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وطلب منه أن يسمح له باستخدام الطيران الحربي لقصف مواقع تجمعات الحوثيين الشيعة.. لكن الرئيس منصور رفض وبشكل قاطع أن يتم قصف الحوثيين بالطائرات، فغضب اللواء الأحمر وخرج إلي غير رجعة!! وبعد هجمات إخوانية متفرقة استهدفت جماعة أنصار الله 'الحوثيون' أثناء تجمعهم في صنعاء.. جاء الرد بحشود حوثية مسلحة تدعمها تجمعات قبلية دخلت في مواجهات مسلحة ضد من يستهدفها، وتصاعدت الاشتباكات المسلحة وتحولت بشكل متسارع إلي قلب صنعاء.. خاصة بعد إطلاق النيران علي الحوثيين من تبة صادق الأحمر، ومن مقر جامعة الإيمان، التي يرأسها القيادي الإخواني الكبير عبد المجيد الزنداني، وكذلك من محيط مبني التلفزيون، وانتهت جميع هذه الاشتباكات المسلحة بتفوق عسكري للحوثيين.. وفوجئ 'الإخوان' بعمليات مسلحة استهدفت مكاتبهم ومنازل قياداتهم والمواقع المهمة الخاضعة لسيطرتهم، وأيقن حزب 'الإصلاح' الإخواني أن الدخول في مواجهة مسلحة يعني الإبادة التامة لقيادات الجماعة وعناصرها، وأن تكرار معارك 'الإخوان' ضد الحوثيين في محافظة عمران التي سقطت في يد الحوثيين قبل شهرين سيجعل من صنعاء بحراً تفيض منه دماء 'الإخوان'!! وكانت جماعة 'الإخوان' في موقف لا تحسد عليه.. فقد فقدت الدعم الخليجي – عدا الدعم القطري- بعد مواقفها الداعمة لتنظيم القاعدة، والمؤيدة لمواقف التنظيم الدولي ل 'الإخوان' والتي دفعت القيادي الإخواني حميد الأحمر إلي سب وإهانة أحد الملوك العرب.. !! وبعد مراجعة عاجلة للموقف استقرت القيادات الإخوانية علي التراجع والاستسلام التام أمام الحوثيين، ورفع راية السلمية، وتم الإعلان رسمياً من قيادات إخوانية بارزة أنهم يأمنون الحوثيين علي أموالهم وممتلكاتهم، ووافق 'الإخوان' علي أن يكونوا من بين القوي السياسية التي توقع علي اتفاقية السلم والشراكة، وتظهر – خلاف ما تبطن – التعاون مع الحوثيين ودعم ثورتهم !!! وانقلب حال 'الإخوان' من التهديد والوعيد والتأديب.. إلي الترحيب بالحوثيين، وإبداء الرغبة في التعاون معهم، وصدر بيان إخواني يدعو أعضاء الجماعة إلي العودة للتربية والدعوة، والإعلان عن عدم رغبة حزب الإصلاح في أية مواقع تنفيذية، والتأكيد علي أن مشاركتهم السياسية ستكون محدودة عند العمل البرلماني. وأصبح الطريق مفروشاً بالورود والرياحين أمام الحوثيين كي يتسلموا صنعاء علي طبق من ذهب.. فالإصلاحيون الإخوان في استسلام تام، وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح والنظام السابق، يرحبون بالحوثيين نكاية في 'الإخوان' و كراهية لأفعالهم وطمعاً في الخلاص منهم بيد أخري أشد بأساً وبطشا!! وبين يومي العشرين والحادي والعشرين من سبتمبر كانت صنعاء بمؤسساتها العسكرية والأمنية ووسائل الإعلام بما فيها التلفزيون الحكومي وعدد من القنوات الخاصة، في قبضة الحوثيين، وقدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه استقالته، وسلم نسخة منها إلي الحوثيين، ودعا وزير الداخلية 'الإخواني' عناصر الشرطة للتعاون مع جماعة أنصار الله 'الحوثيون' لحفظ الأمن والاستقرار، واستسلمت القيادات الإخوانية لعناصر الحوثيين التي تقوم بتفتيش منازلهم ومكاتبهم وأهم مواقعهم وسيطرت عليها لأكثر من 24 ساعة وهي فترة لازمة للتفتيش الذي كان بعده إعادة هذه المواقع لأصحابها، ولم يسلم منزل ياسين عبد العزيز مرشد إخوان اليمن، والمراقب العام من التفتيش، وكذلك لم تسلم منازل كبار القيادات، وتم اقتحام المكتب التنفيذي لحزب 'الإصلاح'، وسيطر الحوثيون علي منزل توكل كرمان – التي كانت تدعو الشعب للتصدي للحوثيين وتعليمهم الأدب - واستمرت السيطرة لمدة 24 ساعة تم بعدها تسليم منزل توكل إلي شقيقتها حكيمة بموجب إقرار بخط اليد بعد تفتيشه، والمدهش أن الإقرار كان يوضح أن المنزل به سلاح كلاشينكوف.. كلاشينكوف في حوزة توكل الحاصلة علي جائزة نوبل للسلام!!! وقال القيادي الإخواني الكبير زيد علي الشامي في رسالة إلي الإخوان : '.. أدعوكم للتجمل بالصبر والحلم والتزام منازلكم، وعدم الإنجرار لأي دعوات للعنف والانتقام، أنتم حزب سياسي ولستم مسئولين عن حماية مؤسسات الدولة، كما أنكم لستم البديل عنها'. وأضاف الشامي في رسالته التي نشرها موقع حزب الإصلاح: 'عودوا إلي ميادين التربية والتوجيه والعطاء، أعطوا أنفسكم فسحة من الوقت للمراجعة والبناء الداخلي، الجأوا إلي الله ولا تثقوا بغيره'. وشارك 'الإخوان' في التوقيع علي اتفاق السلم والشراكة بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله 'الحوثيين' يوم الأحد 21 سبتمبر، وكان عبد الوهاب الأنسي الأمين العام لتجمع الاصلاح ممثلاً لجماعة 'الإخوان' في التوقيع علي هذه الوثيقة. ورغم استسلام الغالبية العظمي لما أصبح واقعاً لا مفر منه.. أصرت عناصر وقيادات إخوانية علي المواجهة، وإظهار التمرد علي الجماعة، وسارعت بالهروب إلي تركيا ودول أوربية، لتبدأ مرحلة المواجهة من الخارج. واتهمت بعض هذه العناصر الرئيس السابق علي عبد الله صالح وتابعيه بالاشتراك في مؤامرة علي 'الإخوان' وقال العضو المؤسس في التجمع اليمني للإصلاح والقيادي الإخواني يحيي رسام إن هناك مؤامرة محلية وإقليمية ودولية حيكت لينتهي الوضع لما انتهي إليه. وأكد أن أبرز أطراف هذه المؤامرة هو الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ووزير الدفاع الحالي، ووجه يحيي الرسام ذات الاتهامات أيضا إلي مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر، كما اتهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بتسليم صنعاء للحوثيين. واحتفلت جماعة أنصار الله 'الحوثيون' بانتصارها علي 'الإخوان'، والسيطرة علي صنعاء ورغم هذا ألقي زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي خطابا عبر التلفزيون رحب فيه بمشاركة 'الإخوان' في العملية السياسية!! وفتحت هذه الدعوة الباب لأصوات داخل الحوثيين تحذر من مناورات 'الإخوان' تأسيساً علي أن الجماعة ستعمل في العلن كجماعة سلمية دعوية، لكنها ستدفع بالتنظيم السري لإثارة النزاعات القبلية التي تؤدي إلي ظهور قوي أخري تقاتل الحوثيين بالوكالة، ويبقي التنظيم الإخواني بعيداً عن مسرح القتال رافعاً شعار السلمية متظاهراً بأنه تنظيم دعوي إصلاحي. وقالوا إن انقسام الجماعة بين قيادات هربت للخارج وبين دعاة للسلمية لا يعدو أن يكون اتفاقا سريا داخل الجماعة، وستتولي قيادات الخارج التخطيط للانتقام من الحوثيين ومن الرئيسين اليمني الحالي والسابق. أما الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فقال في أول مؤتمر صحفي له عقب أحداث سقوط صنعاء إن ما حدث في اليمن 'مؤامرة كبيرة أعدت سلفا وتحالفت فيها قوي خارجية وداخلية وتجاوزت حدود الوطن'، ونفي الرئيس اليمني ما سماها الشائعات التي تقول إنه تخلي عن صنعاء من أجل إعلان الدولة في عدن. وفي تسارع ملحوظ للأحداث أعلنت قيادات الحراك الجنوبي عقب سيطرة الحوثيين علي صنعاء تأسيس المجلس العسكري الجنوبي بقيادة القيادي محمد صالح طماح ومحمد المنصوري، وقال طماح - في مؤتمر صحفي عُقد في أحد فنادق عدن - إن الهدف من هذه التحركات إعلان الاستقلال عن الشمال، وأكد أن المجلس العسكري سيبدأ بالتواصل مع الأطراف السياسية الجنوبية، وأعلنت فصائل وقيادات من الحراك الجنوبي أن مديريات يافع كاملة، منطقة خارجة عن سيطرة حكومة صنعاء. و في محافظة شبوة، عقدت ما تسمي بقوي 'التحرير والاستقلال' اجتماعًا لبحث المستجدات السياسية الأخيرة في صنعاء وانعكاسها علي الساحة الجنوبية ومسارها، وما يتطلبه الأمر في مواجهة ذلك. وفي بيان صادر عن الاجتماع أكدت هذه القوي، أن ما يحدث في صنعاء شأن داخلي، داعيًا القوي الجديدة إلي احترام حق أبناء الشعب الجنوبي في السيادة علي أرضه، ودعا البيان الجنوبيين في صنعاء، المدنيين والعسكريين، للعودة إلي الجنوب والمشاركة مع الحراك الجنوبي نحو بناء الدولة الجنوبية الحرة والمستقلة. وفي حضرموت بدأ تحالف القبائل هناك في المطالبة بتشكيل مجلس حكماء لتسيير شئون حضرموت في حالة انهيار منظومة الحكم في صنعاء، وطالب الحلف الدولة بسحب كافة معسكراتها من حضرموت، كما طالبوا بمحاصرة الشركات النفطية وإيقاف المقاولين عن العمل، وتم الإعلان عن تشكيل لجنة من المختصين لوضع خطة أمنية لتأمين حضرموت خلال 48 ساعة، كخطوة أولي نحو المطالبة باستقلالها كدولة قائمة بذاتها. وفي اطار الاتجاه المتسارع نحو تمزيق اليمن دعا الحراك التهامي إلي استقلال بلادهم 'تهامة' عما وصفوه بالاحتلال الزيدي اليمني، وقال ناشطون تهاميون علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: إن 'تهامة تعيش تحت الاحتلال الزيدي منذ قرن من الزمان'.. مطالبين بضرورة تحريرها من الاحتلال كما يقولون. وقال دهل الزرنوقي - في تعليق علي أحداث صنعاء الأخيرة - 'إن اليمن والشوافع معهم, وطبعًا تهامة المسكينة انتقلوا من حكم الزيود الجمهوري إلي حكم السيد الزيدي'. وقال ناشطون آخرون: 'إن الحوثيين خلّصوا الوطن من شرور آل الأحمر, ولكن من سيخلّص الوطن من شرور الحوثي'. وقال أكرم معروف: 'أبناء تهامة لم يحصلوا علي حقيبة وزارية واحدة أو أي مناصب سيادية مثل السفارات أو الشرطة العسكرية أو الجوية أو مديري عموم في الهيئات العامة'.. وقال: 'نحن دولة محتلة لا نعامل هكذا'. ومن عدن، وحضرموت، وتهامة بدأت دعاوي الاستقلال أو بمعني آخر بدأ مخطط تفكيك اليمن.. والخوف كل الخوف أن تتحول الأقاليم اليمنية الستة إلي دويلات ستة يقاتل فيها اليمني ابنه وأخاه وربما يقاتل الابن أباه وعمه وخاله وجاره وصديقه.. ومازالت الأحداث متلاحقة في اليمن الذي كان سعيداً !!