اثارت تصريحات الإعلامي إبراهيم عيسي، بإنه لا يوجد شيء في الدين الإسلامي يسمي 'عذاب القبر'، أو 'الثعبان الأقرع'، وأن الهدف من الحديث عن عذاب القبر هو تهديد وتخويف الناس، ومفيش لا ثعبان أقرع ولا بشعر علي حد قوله في برنامجه 'مدرسة المشاغبين'، استنكارا من قبل علماء الدين الاسلامي، وكلف شيخ الازهر أحمد الطيب، المكتب الفني بالمشيخة بجمع التسجيلات المنتشرة مؤخرًا حول 'إنكار عذاب القبر' أو 'عذاب تارك الصلاة' وغيرها من الأحاديث، لعرضها علي مجمع البحوث الإسلامية لاتخاذ الإجراءات القانونية.. منذ القدم وجميعنا يستعذ بالله من عذاب القبر، حيث في ترجمة الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز، يوجد بابا بعنوان 'عذاب القبر'، روي فيه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، واكتفي بآية واحدة استدل بها جميع أهل السنة بلا خلاف علي ثبوت عذاب القبر في سورة غافر في حق آل فرعون: وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:45-46]. فعندما نتدبر الآية الكريمة نجد الله تعالي ذكر في هذه الآية عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار ذكراً صريحاً، 'وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا' أي: صباحاً ومساءً. هذا في دار البرزخ، وفي دار القرار يوم القيامة 'وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ'، فذكر الله عذابين في الآية: عذاباً في الدنيا وعذاباً في الآخرة، عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار. كما ذكر عذاب القبر في دعاء الرسول صلي الله عليه وسلم: 'اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر'، وفي الحديث الذي رواه مسلم وأحمد وابن حبان والبزار وغيرهما من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: 'أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يركب علي بغلة له، ودخل حائطاً -أي: حديقة أو بستاناً لبني النجار، وهم أخوال النبي- ومر النبي في الحائط علي ستة أقبر أو خمسة أو أربعة، فلما مر ببغلته عند القبور حادت البغلة بالنبي صلي الله عليه وسلم حتي كادت أن تلقي النبي علي الأرض، فسأل النبي صلي الله عليه وسلم: من يعرف أصحاب هذه القبور؟، فقال رجل أنا يا رسول الله. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: متي ماتوا؟ قال الرجل: ماتوا في الشرك. فقال المصطفي: إنهم ليعذبون في قبورهم، ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع'، وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: 'دَخَلَتْ علي امرأة يهودية من يهود المدينة، فذكرت عذاب القبر فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر. فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النبي صلي الله عليه وسلم عن عذاب القبر. فقال: نَعَمْ عذاب القبر''. ومن جانبه يري وزير الاوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، ان انكار ثوابت العقيدة يصب في مصلحة قوي التطرف والارهاب، وفتح باب الشائعات والفتن، مضيفا في بيان له: 'الدين ليس كلامًا مباحًا، إنما يجب الرجوع في قضاياه العقدية والفقهية إلي علمائه المتخصصين'، مشيرا إلي أن الأمة في غني تام عن إثارة مثل هذه القضايا الشائكة المثيرة للجدل والمستفزة لمشاعر الخاصة والعامة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلي جمع كلمتنا معًا في دعم قضايا العمل والإنتاج وترسيخ مكارم الأخلاق. واوضح وكيل وزارة الاوقاف السابق، الشيخ سالم عبد الجليل، إن حديث الإعلامي إبراهيم عيسي، وانكاره لعذاب القبر كلام فارغ لا يستحق الرد، مشيرا الي انه كلام صادر من اعلامي لا صلة له بالفقه او علم الشريعة. وتعليقا علي تصريحات عيسي، قال نقيب الأئمة والدعاة، الشيخ محمد عثمان البسطويسي، ان انكار عذاب القبر إقحام صحفي في العمل الديني، مؤكدا ان عذاب القبر موجود بالكتاب والسنة وليس لأحد أنه ينكره بعد قوله تعالي 'النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب'، حيث أنهم كانوا يعذبون غدوا وعشيا ثم يدخلون النار يوم القيامة. واضاف البسطويسي ان ما نقل عن الرسول أكد وجود عذاب القبر ومنها وضعه جريد أخضر علي قبر شخصين يعذبان لمشيهما بالنميمة بين الناس وعدم التبرؤ من البول.