الحزب الوطني يشعل مصر .. هذا أقل وصف يمكن إطلاقه علي 'خطيئة' اختيارات الحزب لمرشحيه في انتخابات مجلس الشعب ومدي الاستهتار الذي تعامل فيه مع ملفات ساخنة تمس الأمن القومي في الصميم. فالحزب الوطني أولاً ارتكب خطيئة في ملف الوحدة الوطنية بكل تعقيداته وتشابكاته، ثم ارتكب جرماً في ملف سيناء الشائك وتحديداً في الجنوب، وأقدم علي حماقة لا نظير لها في تأجيج ملف الثأر في الصعيد واللعب علي هذا الوتر لإشعال دائرة العنف المجتمعي، في بيئة منتجة للعنف بطبيعتها. ثلاثة أمثلة كاشفة عن التعامل مع مستقبل الوطني ووحدته واستقراره مما يضع علامات استفهام كثيرة حول ترك الوطن لمجموعة من مشعلي الحرائق، يسيطرون عليه كما يريدون دون حساب. تمخض جبل جهابذة الحزب ومخططيه، فولد فأراً بعد أن أقتصر عدد الأقباط علي عشرة فقط من أكثر من 700 مرشح في الدوائر المفتوحة أي بما يعادل 5.1٪ من إجمالي المرشحين.. وهنا يتم إقصاء الأقباط من الحياة السياسية المصرية الحقيقة مع سبق الإصرار والترصد والدفع بالاحتقان الطائفي إلي أقصي مدي بل وتشجيع الممارسات الخاطئة التي سادت العلاقة بين الإخوة الأقباط والدولة في السنوات الأخيرة وتحويل الكنيسة القبطية رغماً عنها، إلي ملاذ مغلق منطوٍ علي نفسه في مصر، ولا تجد المؤسسة الدينية القبطية بديلاً عن تمثيل الأقباط لدي النظام السياسي المصري، والتحدث باسمهم طالما أن أصواتهم الطبيعية في الحياة السياسية قد تم إقصاؤها عن عمد ولحسابات انتخابية ضيقة. الخطيئة الثانية التي ارتكبها الحزب الوطني، في جنوبسيناء هي فتح أكثر من نصف الدوائر وبما يوازي 50٪ منها، والأغرب هو تشجيعه لمرشحين ليسوا من أبناء سيناء وقبائلها سواء كمستقلين كنقيب المحامين مجدي عويس الذي أكد في أكثر من مناسبة انه تلقي وعداً بنجاحه في الانتخابات أو رجل الأعمال د.عاطف عبد اللطيف، ويتحدث أبناء جنوبسيناء عن ان فتح الدوائر جاء لحساب المستقلين المحسوبين علي الحزب الوطني وهم في الغالب ليسوا من أبناء القبائل في المحافظة،كما أن فتح الدوائر سوف يفتح الصراعات القبلية الدموية بين أبناء جنوبسيناء ليزيد الأمر اشتعالاً. الملف الثالث هو العنف القبلي والعائلي في الصعيد والمثال الأبرز علي ذلك هو دائرة ديروط في محافظة أسيوط كنموذج صارخ لرعونة اختيارات الحزب الوطني وعدم تقديره للتركيبات المعقدة في الصعيد حيث تم فتح الدائرة علي مقعد الفئات بين أكثر من مرشح وهم: شاهين شاكر كيلاني وناصر ابو العيون ومحمد مصطفي سليم والقاصي والداني يعرف أن هناك واقعة ثأر بين الكيلانية ويمثلهم شاهين كيلاني وبين أولاد سليم الذين يمثلهم ناصر ابو العيون، وهو ثأر ممتد لأكثر من ربع قرن، راح ضحيته الكثير، وهو جرح لم يندمل بعد. ليست مسألة الثأر الجسدي هي الوحيدة التي يمكن أن تشعل منطقة ملتهبة بالعنف كأسيوط أو باقي محافظات الصعيد ولكن التنافس العائلي الذي خلقه الحزب الوطني بين العائلات ألكبري يمكن ان يحصد العديد من الأرواح لاسيما ان السلاح أصبح في متناول الأطفال في الشوارع. ولا يوجد رادع يمكن ان يحد من حالة العنف إذا اندلعت. وهكذا ينثر الحزب الوطني بذور الكراهية والعنف المجتمعي والطائفي ليسهم في تشتيت الوطن الذي يعاني أصلا من حالة احتقان لم يسبق لها مثيل.. ويصبح حزب الفتنة بلا منازع. [email protected]