أدلي الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامي المعروف ورئيس مجلس إدارة قناة 'الرحمة' بحديث خاص إلي صحيفة 'الأسبوع' أكد فيه أن أحداً لم يخطر قناة الرحمة بقرار إغلاقها بخطاب رسمي يوضح الأسباب التي دعت وزارة الإعلام إلي إغلاقها. ونفي الشيخ حسان أن تكون القناة قد تورطت في أحداث الفتنة أو في إصدار فتاوي متطرفة وعلي غير صحيح الدين وقال إنه رفض كافة العروض التي دعته إلي بثّ القناة من الخارج. وأكد الشيخ محمد حسان أن هناك بعض القنوات قد ارتكبت أخطاء تمثل خروجا علي مواثيق الشرف ودعا إلي تشكيل لجنة من خبراء الإعلام وأساتذة القانون وعلماء الأزهر لمراقبة وتقييم أداء هذه القنوات. وأشار الشيخ حسان إلي أن هناك أعداء بالداخل يسعون إلي ضرب ثوابت الأمة والاعتداء علي العقيدة والاساءة إلي رموز الدين وقال إن هؤلاء أخطر علي الأمة من أعداء الخارج، هذا هو نص الحوار الذي أجراه رئيس التحرير. مؤخرًا صدر قرار من وزارة الإعلام بإغلاق قناة 'الرحمة' إلي جانب قنوات أخري عديدة .. كيف علمتم بالقرار؟! لم نخطر رسميًا بأي خطاب رسمي إلي هذه اللحظة بل فوجئنا قبل إغلاق القناة بساعة تقريبًَا بمكالمة تليفونية بأنهم سيغلقون علينا القناة وإلي الآن لم نعرف ما هي الأسباب، وما هي التجاوزات التي وقعت فيها قناة 'الرحمة' والأخطاء التي ارتكبتها. وهل خاطبتم المسئولين لمعرفة الأسباب؟ نعم تمت مخاطبة المسئولين بخطابات رسمية من القناة في كل الاتجاهات ولم يصلنا إلي الآن أي رد يوضح لنا هذه الأخطاء التي وقعت فيها القناة لنصححها بلا كبر أو تعنت ما لم يكن المقصود بهذه الأخطاء الثوابت والأصول التي لن نتنازل عنها أبدًا. ولكن هناك من يتهم قناتكم بالتطرف الديني! قناة 'الرحمة' تتبني من أول لحظة أعلنت فيها البث المنهج الوسطي المعتدل وأكبر دليل علي ذلك هو التنوع الثري الذي تراه كملاحظ لبرامج قناة 'الرحمة'، وما من قضية من القضايا التي تعرضت لها الأمة إلا وتناولتها القناة بالنقاش العلمي الهادئ الرصين مع المتخصصين، سواء في مجال الطرح العلمي أو الشرعي أو في جانب الفتوي أو في جوانب الاقتصاد والاجتماع والثقافة وغيرها. وماذا عن وضعكم الآن؟! نحن الآن عدنا إلي بث مواد مسجلة ولايزال عندنا الأمل في الله سبحانه وتعالي أن نعود مرة أخري إلي البث المباشر من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، وأنا إلي هذه اللحظة لا أريد أن أبثّ من خارج مصر. ولماذا ترفضون البث من الخارج؟ لحبي لهذا البلد، لا أريد البث من الخارج، لقد عرض عليّ أن أخرج لأبث من خارج مصر واعتذرت ولا ينبغي أن يزايد أحد علينا في حبنا لديننا ثم لبلدنا وأرجو الله ألا نكون أقل غيرة من أولئك الصادقين الذين يحبون هذا البلد الكريم. هل تعتقد أن ما جري مقصود به حملة علي القنوات الدينية دون غيرها؟ لأكون صادقًا، أنا إلي هذه اللحظة لا أعلم ما هي الأسباب الحقيقية وراء إغلاق هذه القنوات ولا أريد أن أشكك في المقاصد، ولكن أنا أنقل ما أسمعه من كثير من المسلمين والمسلمات من أنهم يرون أن هذه الحملة يُراد بها القنوات الدينية فقط، التي تقوم الآن بدور كبير في توعية الناس بأصول وثوابت دينهم وتزكية الأخلاق، ولا ينبغي أن نحارب هذه القنوات، لأن وجه الأمة إلي الآن لم يتغير، لأن ما هدم في سنوات لا يبني في أيام فكيف إذا كان الهدم والتطاول علي الثوابت والأركان لايزال مستمرًا؟! ولكن بعض هذه القنوات الدينية له أخطاء، هناك فتاوي تتعارض مع صحيح الدين، وهناك دعوات للتطرف والفتنة. نعم أوافقكم علي هذا، هناك بعض الأخطاء وأنا قلت بعد ذلك أنا مع من ينادون بالحجر الدعوي قياسًا علي الحجر الصحي، فليس كل أحد يستطيع أن يفتي في دين الله تعالي، والفتوي مسئولية كبيرة وأمانة عظيمة بل لقد جعل ربنا القول عليه بغير علم أخطر من الشرك، قال تعالي: 'قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا علي الله مالا تعلمون' صدق الله العظيم .. فجعل القول عليه بغير علم أكبر أنواع المحرمات في الآية، لأن المشرك قد يهلك نفسه .. أما من يتكلم في دين الله بغير علم فهو يهلك نفسه وغيره، والنبي 'صلي الله عليه وسلم' يقول: 'من تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليباري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار' ويشترط لمن يتصدر لإفتاء الناس والحديث عن الله ورسوله أن يكون عالمًا بالقرآن وصحيح السنة وأن يقف علي مسائل الاجماع وأن يكون عالمًا بالقياس ليرد الفرع إلي الأصل والمسكوت عنه إلي المنطوق به، فضلاً عن علمه بالواقع إذ لا يجوز لأحد أن يتكلم إلا بعلمين، الأول فهم الواقع والثاني فهم الواجب في الواقع، أي فهم الأدلة الشرعية في المسائل محل البحث والدراسة، وإذا كان ذلك كذلك، فلا ينبغي أن يكون الحل بتكميم الأفواه أو بإغلاق هذه المنابر، وإنما بالنصح والتوجيه والتصحيح، فإن أصر بعض هذه القنوات علي الخطأ فلا عيب حينئذ أن يُحاسب، فالفكر لا يعالج إلا بفكر، وسياسة الكبت تولد حتمًا الانفجار. وكيف تري ضرورة وضع ضوابط تحول دون هذه الأخطاء في الفضائيات؟ رؤيتي أن تتشكل لجنة من بعض خبراء الإعلام والقانون وبعض مشايخنا الأفاضل من الأزهر ممن لا يستطيع أحد أن يشكك في دينهم وخلقهم، ولتكن وظيفة هذه اللجنة مراقبة المواد المقدمة علي هذه الفضائيات ويبقي الحكم لها علي صحة أو خطأ هذا المحتوي حفاظًا علي ثوابت وأركان وأصول ديننا، ثم قيم وأخلاق مجتمعنا، فنحن مع كل ما يضمن لأهل هذا البلد الكريم سلامة دينهم ودنياهم، فما جاءت الشريعة إلا بهذا. ولكن بعض هذه القنوات يسعي إلي نشر الفتنة بين المذاهب الدينية وتحديدًا بين السنة والشيعة؟ نعم أعترف بأننا نعيش الآن أزمة حقيقية وما أراه الآن إنما هو رد فعل لحملة شرسة من هذه القنوات علي القرآن والسنة وأصحاب النبي 'صلي الله عليه وسلم' ولا حرج أن نختلف، لكن فليبق الخلاف في بوتقة الخلاف الفقهي، أو النقاش العلمي مظللاً بأدب الخلاف دونما تجريح أو إيذاء، لأن الهدف هو إظهار الحق بحق، فلنحرص - وهذه وصيتي ونصيحتي للقائمين علي كل هذه القنوات - أن يظل الحوار لمناقشة أي قضية أو أي أصل أو فرع بالضوابط الشرعية والأخلاقية التي علمنا إياها رسول الله 'صلي الله عليه وسلم' حتي لا تزداد الأمة تشرذمًا وهذا ما يريده أعداؤنا، قال تعالي: 'ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم' صدق الله العظيم. ألست معي في أن محاولة بعض هذه القنوات نشر الفتن الطائفية والمذهبية يلتقي مع ذات المخطط الأمريكي بخلق شرق أوسط جديد يقوم علي الكانتونات الطائفية والعرقية؟ هذا حق، لأن الأعداء لا يستطيعون أبدًا النفاذ إلي قلب هذه الأمة إلا من خلال بذر بذور النزاع والشقاق، والتاريخ شاهد علي ذلك، فمن بين مقولاتهم: لابد أن يتسبب في قطع الشجرة أحد أعضائها. ولا يمكن لأمريكا أو غيرها أن تصل إلي أعماق أعماق بلادنا إلا بمثل هذا الأسلوب المتبع للنيل من هذا الدين منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره وعلي العقلاء في الأمة أن يفطنوا لهذا المخطط الخبيث وليبق توضيح الحق في جميع المسائل الخلافية بين السنة والشيعة منضبطًا بالضوابط الشرعية والأخلاقية لبيان الحقيقة والحق بلا تفلت أو انحراف. هناك أيضًا من يقول: إن الخطاب الدعوي لبعض هذه القنوات يخدم ما يسمي برؤية 'الإسلام السياسي'. هذا الأمر يحتاج إلي مراجعة الخريطة الإعلامية والدعوية لكل قناة من هذه القنوات لمعرفة الغاية التي من أجلها أنشئت، ولها تعمل وهذا يحتاج إلي فريق متخصص كما ذكرت لمراقبة والاطلاع علي محتويات هذه القنوات، فعلي سبيل المثال اتحدث عن قناة الرحمة التي أشرف بخدمتها، إنها منذ اللحظة الأولي أعلنت انها تريد أن تقدم الإسلام بصفائه ونقائه وشموله وكماله إلي كل بيت مسلم بحيث يستطيع كل مسلم ومسلمة حرم هذه الدراسة - أن يتعرف علي دينه بحكمة ورحمة واعتدال، وهذا الطرح يبصر الناس بحقوقهم وواجباتهم فليس معني ذلك اننا نسلب الحياة اليومية من الدين أو اننا نفرغ الدين من هموم الناس ومشكلاتهم فأنا أعتقد أن الدين ما أنزله الله عز وجل إلا ليسعد الناس في دنياهم وأخراهم، قال تعالي 'من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون' قناتكم اتهمت بمعاداة السامية من قبل المجلس السمعي والبصري الفرنسي بناء علي شكوي من احدي المنظمات اليهودية.. ماذا حدث بالضبط؟! هذا وقع بالفعل فقد قام اللوبي الصهيوني الفرنسي بتقديم شكوي الي المجلس السمعي البصري الفرنسي اتهم فيها قناة الرحمة بمعاداة السامية وقد نجح هذا اللوبي بالفعل في كسب هذه القضية بعد أن بني اتهاماته بالباطل فدعوي معاداة السامية يرمي بها كل من يسيء إلي اليهود بحق وبغير حق، وقد بينت في حلقة مستفيضة حقيقة السامية وأصل هذا المصطلح وقلت ماهو إلا تُكأة يريدون بها اسكات كل من يفضح الصهاينة ويبين غطرستهم وعنادهم وما يفعلون باخواننا وأخواتنا المستضعفين في أرض فلسطين، وقلت: لن نتخلي أبداً عن قرآننا الذي فضح حقيقة هؤلاء وأظهر أنهم لا يصدقون في عهد ولا ميثاق فلقد نقضوا العهود مع الرسل والانبياء كما قال تعالي 'فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية' صدق الله العظيم ويؤسفني أن يصدر القرار من فرنسا باغلاق قناة الرحمة من بلد يزعم ويتغني بالديمقراطية والحرية في عصر الفضائيات والانترنت التي لم يعد يخفي فيها شيء من مثل هذه الترهات علي احد من الناس. في مقابل ذلك نراهم صامتين، بل ومؤيدين للحملة المسمومة ضد الرسول صلي الله عليه وسلم - كيف تري حملة الغرب علي الدين الاسلامي والسعي للتشكيك في العقيدة والثوابت؟ الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الحياة علي ظهر الأرض، وقد أعلنت هذه الحرب علي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وعلي ثوابت هذا الدين من أول لحظة أعلن فيها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - دعوته، وقد يكون السر وراء هذه الحرب المعاصرة هو جهلهم بعظمة هذا الرسول وبعظمة دينه الذي جاء به ليسعد البشرية كلها في الدنيا والآخرة، ولذا أنا أقول دائماً إن الحق معنا وإن الباطل مع غيرنا ولكننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق الذي معنا شهادة عملية خلقية علي أرض الواقع، وإن الباطل مع غيرنا لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق وأن يصل بالباطل إلي حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذ يضعف حقنا وينزوي كأنه مغلوب وينتفخ باطلهم وينتفش كأنه غالب. وهنا نتألم لحقنا الذي ضعف وانزوي ونعبر عن ألمنا بصورة من صورتين، إما أن يكون تعبيرنا صاخباً منفعلاً منفلتاً، وإما أن يكون صامتاً سلبياً مهزوماً، فنزداد عزلة عن الناس وعن المجتمع ويزداد الناس بغضا للحق الذي معنا. فعلي الأمة ان تتحرك علي جميع مستوياتها حكاماً وعلماء وأفرادًا للشهادة العملية الخلقية لهذا الدين ولهذا النبي الكريم - صلي الله عليه وسلم - لأن الخطب الرنانة وحدها والمقالات الملتهبة لن تصحح هذه الصورة الخاطئة في أعين هؤلاء وليس معني ذلك أن ننتظر أن تتوقف الحرب أو تنتهي، فحرب الباطل علي الحق سنة كونية لا تتبدل ولا تتغير، إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكن النهاية تتألق كالفجر الصادق بنصرة الحق وهزيمة الباطل كما قال الحق تبارك وتعالي 'بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون'. ولله در القائل 'فلئن عرف التاريخ أوساً وخزرجا.. فلله أوس قادمون وخزرج - وان كنوز الغيب تخفي طلائع حرة رغم المكائد تخرج'. البعض يقول ان الحرب التي تشن في داخل الأمة ضد العقيدة وضد رموز الدين تعطي المبرر لهؤلاء.. ما رأيك؟ نعم هذا جزء من هذه الحرب وهو اخطر مراحلها فعدوك الخارجي انت تعرفه اما من يندس معك في الصف ويتكلم بلسانك ويلبس زيك ثم يطعن في ثوابت هذا الدين ورموزه بهدف اسقاطهم واسكاتهم, لهو أخطر بكثير من اولئك الذين يعلنون الحرب من منطلق معتقدهم الذي يعلنونه بوضوح وصراحة، وقد حذرنا نبينا - صلي الله عليه وسلم - من هذا الصنف الخبيث كما في حديث حذيفة بن اليمان: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يارسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فنجانا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم وقلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: 'نعم، وفيه دخن' قلت وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منه وتنكر' وفي لفظ أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا هؤلاء هم الرويبضات الذين اخبرنا عنهم الصادق - صلي الله عليه وسلم - وفي حديثه 'سيأتي علي الناس سنوات خادعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها 'الرويبضة' قيل: من الرويبضة يارسول الله؟ قال: 'الرجل التافه يتكلم في أمر العامة' وكأن الصادق يجسد لنا واقعنا الذي نعيش فيه، فلقد تكلم الرويبضات لافي أمر العامة فحسب بل في أمر الدين فسفكت الدماء ونزفت الأشلاء وانتهكت الاعراض ودنست المقدسات واحتلت الأرض وأبيدت حضارات. وأين دور الازهر من كل ما يحدث؟! دور الازهر محوري بحق وليس ثانوياً أبداً، ولا ينبغي لأي أحد أن يشكك أو أن يطعن في الأزهر ولا تتعجب أن الأعداء يعرفون قيمة دور الأزهر وانه يشكل عقبة حقيقية في طريقهم، يقول جلادستون أمامنا اربع عقبات: القرآن والكعبة والازهر وصلاة الجمعة' ولا يمكن لأوربا أن تسيطر علي بلاد الشرق الأوسط أو أن تعيش هي نفسها في أمان إلا بالقضاء علي هذه العقبات. صحيح أن الأزهر يمر الآن بمرحلة من مراحل الضعف التي هي صورة لما تمر به أمتنا كلها من ضعف لكن لا ينبغي أن نجرد الأمة أو الأزهر من الخيرية فمازالت اعتقد أن في الأزهر علماء صادقين حقيقيين وينبغي أن يتحرك الآن هؤلاء وبقوة لبيان الحق في كل القضايا بما يرضي الله عز وجل ودون مجاملة أو مواربة.