رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    تحرك جديد في أسعار الذهب.. والأسواق تترقب بيانات التضخم الأمريكية    دعم اوروبي 10 ملايين يورو لنفاذ مياه الشرب إلى المناطق المحرومة في إفريقيا وآسيا    «المصري للفكر والدراسات»: مصر أكدت رفضها تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها    بين أوكرانيا وإسرائيل وغيرهم.. الكونجرس يتبنى حزمة مساعدات دسمة    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مواعيد مباريات الجولة 20 من الدوري المصري.. عودة القطبين    ضبط 65 كيلو مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه بمحافظتين    بعد مقتل ربة منزل على يد زوجها فى ملوى فى لحظة غضب ..نصائح هامة يقدمها طبيب نفسى    نقابة الموسيقيين تنعى مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    بكلمات مؤثرة.. ريهام عبدالغفور توجه رسالة لوالدها الراحل في حفل تكريمه    في الذكرى ال42 لتحريرها.. مينا عطا يطرح فيديو كليب «سيناء»    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    إزالة إشغالات وحالات بناء مخالفة في دمياط الجديدة    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الإخوان.. اللحظات الأخيرة بين مرسي والسيسي
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 29 - 06 - 2014

انتصار ثورة 30 يونية أربك الأعداء والخصوم وأنهي أسطورة الإخوان
خيال 'مرسي' المريض هيَّأ له أن 30 يونية 'ثورة فوتوشوب'!! السيسي يحذره.. ويتهمه بالعناد وإشعال الحرب الأهلية
يوم هتف الملايين في 30 يونية: انزل 'ياسيسي'.. 'مرسي' مشرئيسي
ماذا جري في اتصال 'جون كيري' ب'البرادعي' و'عمرو موسي'؟!
السيسي لمدير المخابرات: أبلغ 'مرسي' أن الجيش 'يغلي' والغضب وصل لأقصي مراحله
سر مكالمة مدير المخابرات الأمريكية للواء 'شحاتة' في الأول من يوليو
بيان القيادة العامة للقوات المسلحة يبعث الأمل في نفوس المتظاهرين
تفاصيل مبادرة 'جبهة الإنقاذ' التي نقلها المخرج 'خالد يوسف'
حوار المعزول ل'الجارديان' البريطانية استفز المشاعر الوطنية
حازم أبو إسماعيل يقود اعتصامًا مفتوحًا بميدان النهضة.. والبلتاجي دعا لاحتلال 'رابعة العدوية'
رئيس الأركان الأمريكي يتصل بالفريق صبحي محذرًا مما أسماه بالانقلاب علي 'الشرعية'!!
91 دبلوماسيًا بالخارجية يصدرون بيانًا شديدًا للمطالبة بإقالة مرسي
حزب النور والدعوة السلفية انضموا للمطالبين بالرحيل 'إنقاذًا للبلاد'
أوباما لمرسي فجر 2 يوليو: الأزمة في مصر لا يمكن حلها إلا ب'عملية سياسية'
المرشد السابق للإخوان: مهلة الجيش للرئيس لا قيمة لها.. ومرسي الرئيس الشرعي!!
الأحداث تتسارع.. ومحكمة النقض تقرر إعادة المستشار عبد المجيد محمود لمنصبه نائبًا عامًا
الجماهير تمنع 'محافظي الإخوان' من دخول مكاتبهم بالقوة
مرسي يلقي خطابًا يتحدي فيه الجيش والشعب.. ويزعم استمرار شرعيته
كيف قاد اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري عملية اعتقال مرسي ومساعديه؟
لماذا رفض مرسي رسالة أحمد فهمي ود.العوا بطلب من السيسي؟!
تفاصيل البيان التاريخي للفريق أول السيسي في الثالث من يوليو 2013
رسالة أوباما واتهامه للجيش بالتدخل في الحياة السياسية
مقدمة
بين عشية وضحاها.. استيقظت مصر.. والعالم.. علي هدير الشعب المصري، والذي خرج عن بكرة أبيه في الثلاثين من يونية 2013، ليعلن إنهاء حكم جماعة الإخوان للأبد.. وعزل مندوبها في مؤسسة الرئاسة 'محمد مرسي'.
ثلاثة وثلاثون مليونًا من المصريين، انتشروا في كافة أرجاء البلاد، ليعلنوا تحديهم لحكم الإرهاب، وتفتيت الوطن.. وعلي مدي ساعات، كان العالم كله يشهد أكبر مظاهرات تنطلق في مواجهة حاكم عبر التاريخ.
في الداخل.. كان الجيش المصري قد أعلن انحيازه الكامل لإرادة الشعب المصري بعد أن وجه الإنذار تلو الآخر للرئيس وجماعته من مغبة الاستمرار في طريق سوف يجر مصر إلي 'حرب أهلية' وويلات لا يعرف مداها.
فيما جماعة الإخوان، وأنصارها من فلول الإرهاب، راحت تهدد، وتتوعد بإحراق البلاد، وأقامت مستعمرتين مسلحتين في كل من ميدان النهضة بالجيزة، ورابعة العدوية.
ومن الخارج راحت الضغوط تتزايد من قبل الولايات المتحدة، وحلفائها، مهددة بوقف المساعدات، ومتخذة العديد من الخطوات المناهضة لإرادة الشعب المصري.
قبل الشعب، بمساندة الجيش البطل، والشرطة الوطنية كافة التحديات، وأطلقت مصر خارطة المستقبل في الثالث من يوليو 2013، معلنة أن أحدًا في العالم لن يستطيع إيقاف إرادة الشعب.
تفاصيل، وأسرار مثيرة جرت في تلك الحقبة الهامة من تاريخ مصر.. ننشرها في هذا العدد.
كان يوم الثلاثين من يونية يومًا تاريخيًا، منذ الصباح الباكر بدأت الحشود تتدفق باتجاه ميدان التحرير والاتحادية وميادين وشوارع مصر بأسرها.. بلغ ميدان التحرير الذروة في نحو الثالثة من عصر هذا اليوم.
مضيت في الثانية ظهرًا إلي نقابة المحامين، حيث كانت هناك مظاهرة أمام مبني النقابة المطل علي شارع رمسيس، في تمام الثالثة ظهرًا انضممت إلي المظاهرة الحاشدة التي كانت تقف أمام نقابة الصحفيين، مضينا إلي نادي القضاة، ومنه إلي دار القضاء العالي، ثم اخترقنا الشارع المؤدي إلي طلعت حرب.
بالقرب من ميدان التحرير كانت الجماهير قد ملأت الشوارع الجانبية، ومن وسط الحشد الهائل خرجنا في مظاهرة ضخمة، عادت مرة أخري إلي دار القضاء العالي ومنها إلي شارع رمسيس متجهة إلي القصر الجمهوري بالاتحادية.
كان عدد المتظاهرين الذين بدأوا في التوجه نحو القصر الجمهوري من ميدان التحرير في البداية حوالي عشرة آلاف، وما أن وصلنا إلي شارع رمسيس حتي بلغ عددنا نحو 50 ألف شخص.
كانت الهتافات كلها تطالب برحيل محمد مرسي وتدعو الجيش إلي استلام السلطة وعزل الرئيس 'الخائن'، كانت النساء المسنات يهتفن من نوافذ العمارات المطلة علي شارع رمسيس ويرفعن علم مصر ويرددن شعارًا واحدًا ووحيدًا 'أرحل'.
عندما وصلنا إلي مبني الكاتدرائية بالعباسية، كانت الأعداد قد وصلت إلي نحو 150 ألف متظاهر، كانت الحشود ممتدة، والشوارع مكتظة بالمواطنين، نساء ورجال، فتيات وشباب، وحتي الأطفال الصغار كانوا يرافقون أهليهم.
هتف المتظاهرون 'مسلم مسيحي إيد واحدة'، الهتاف رسالة للمحتشدين أمام الكاتدرائية والسكان المجاورين لها من أشقائنا المسيحيين الذين عانوا القهر والاضطهاد في ظل حكم جماعة الإخوان.
وأمام منطقة غمرة، كان المئات من أبناء المنطقة قد أقاموا منصة وراحوا يبثون الأغاني الوطنية، وما أن شاهدوني علي رأس المظاهرة حتي دعوني لإلقاء خطاب وسط المحتشدين في هذه المنطقة، وبالفعل تحدثت فيهم لدقائق معدودة ثم مضينا إلي القصر الجمهوري مرورًا بشارع الخليفة المأمون.
توقفنا أمام وزارة الدفاع وبدأنا نهتف 'واحد اتنين.. الجيش المصري فين'، كان الضباط والجنود الموجودين أمام مبني الوزارة يوجهون إلينا التحية، وكأنهم يشدون علي أيادينا.
أربع ساعات ونصف الساعة قضيناها سيرًا علي الأقدام حتي نصل إلي القصر الجمهوري بمصر الجديدة، كان المشهد هناك عظيمًا، مواطنون من كافة الأعمار، والفئات الاجتماعية المختلفة، لا يوجد موطئ لقدم في هذا المكان، كانت الساعة قد جاوزت السابعة والنصف مساء تقريبًا.
كانت مصر كلها في الشارع، القري والكفور، الأحياء الشعبية والراقية، لقد قال الشعب كلمته واضحة صريحة في هذا اليوم.
كان الجيش يراقب الموقف عن كثب، وكان الفريق أول السيسي يتابع الموقف أولاً بأول من مركز العمليات '66' بمبني وزارة الدفاع، كان يدرك حجم المسئولية الملقاة عليه في هذا الوقت.
كان المتظاهرون يرددون 'أنزل ياسيسي.. مرسي موش رئيسي'، لم يكن السيسي يتوقع نزول تلك الحشود الهادرة، لقد قدرتهم قناة ال'سي.إن.إن' نقلاً عن موقع 'جوجل' بنحو 33 مليون متظاهر، نزلوا إلي الشارع في هذا المساء، يطالبون بإسقاط النظام.
وكان الجديد في الأمر هو نزول هذه الحشود الضخمة من أبناء الصعيد إلي الشارع وبأعداد كبيرة، وهو أمر أثار قلق الإخوان الذين ظلوا يراهنون علي أن الصعيد لن يتحرك.
قرر رجال الشرطة المشاركة في هذا اليوم، لقد بدأت مظاهرتهم من أمام دار الأوبرا، ضباط وجنود، جاءوا ليقولوا إن الشرطة تقف جنبًا إلي جنب مع الشعب، شاركهم في هذا اليوم وزير الداخلية الأسبق اللواء منصور العيسوي والعديد من القيادات الأمنية الكبري.
في هذا الوقت أجري 'جون كيري' وزير الخارجية الأمريكية اتصالاً بالدكتور محمد البرادعي وآخر بالسيد عمرو موسي، تناول الاتصال: وقف العنف، وإجراء مصالحة وطنية تقوم علي تنازلات متبادلة، إلا أن الرد الذي وصل إليه من الطرفين أكد أن خيار الشعب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة هو خيار لا رجعة فيه.
في هذا اليوم طلب الفريق أول السيسي من اللواء رأفت شحاتة رئيس المخابرات العامة أن يجري اتصالاً بالرئيس مرسي وأن يبلغه أن الجيش يغلي وأن الغضب وصل إلي مرحلة كبيرة.
لقد حذر اللواء رأفت شحاتة الرئيس مرسي وقال له: إن الوضع في مصر يستحق إجراءات عاجلة لتهدئة الشارع الغاضب، وقال له: أنت وحدك الذي ستدفع الثمن، ونحن لا نريد مصر مثل السودان، تتعرض للعقوبات، وتكون النهاية إحالتك لمحكمة الجنايات الدولية شأنك شأن الرئيس عمر البشير.
طلب اللواء شحاتة من الرئيس أن يُعد خطابًا جديدًا للشعب، يؤكد فيه أنه وبرغم حرصه علي 'الشرعية' إلا أن حرصه علي الدم أكبر بكثير من أي طموحات سياسية، وأن يؤكد أنه لن يقبل أن يُذكر اسمه في التاريخ مقترنًا بأي فتنة تشهدها البلاد فتؤدي إلي اقتتال أبناء الوطن الواحد، وأنه إذا كانت السياسة ستؤدي إلي الفتنة فلتذهب إلي الجحيم، وأنه مستعد للوصول إلي حل جاد وحقيقي ينهي الأزمة في البلاد.
استمع الرئيس مرسي إلي نصيحة اللواء رأفت شحاتة فكانت إجابته كالمعتاد 'طيب هنشوف'!!.. أدرك اللواء رأفت شحاتة أن الرئيس مصمم علي العناد وأنه يرفض أي نصيحة توجه إليه، ومن ثم التزم الصمت بعد ذلك حتي اليوم الأخير في حكمه.
وفي مساء هذا اليوم اتصلت السفيرة الأمريكية 'آن باترسون' باللواء رأفت شحاتة وقالت له: 'إنني أحاول ومنذ الساعة الرابعة الاتصال بالرئيس إلا أنني لم أتمكن حتي الآن'، وقالت: 'إنها تحمل رسالة هامة من الرئيس أوباما وتريد إبلاغها إليه'.
وعندما سألها رئيس المخابرات العامة عن مضمون هذه الرسالة قالت 'إننا كحكومة نشجع أن يكون هناك تنازلات متبادلة لتجنيب البلادمخاطر الفوضي'.
وقالت الرسالة 'إن تقديرنا هو أن حل الأزمة يتطلب عددًا من التنازلات، منها: تغيير الرئيس وإسناد رئاسة الحكومة إلي شخصية مستقلة، لديها القدرة علي اختيار الحكومة وإدارة الأمور في البلاد، وكذلك نتمني إيجاد حل عاجل لقضية النائب العام باختيار بديل عنه يرضي عنه القضاة وبقية أبناء الشعب المصري'.
حاول اللواء رأفت شحاتة الاتصال بالرئيس مرسي، لم يتمكن في البداية، وعندما تمكن من الاتصال به في الثامنة والربع من مساء 30 يونية وأبلغه رسالة الرئيس الأمريكي رد عليه بالقول: 'حنشوف حنشوف'!!
في هذا الوقت وصلت معلومات إلي اللواء رأفت شحاتة بأن جماعة الإخوان تُعد لمهاجمة جهاز المخابرات العامة، أبلغ القائد العام للقوات المسلحة، فقال له السيسي: اطمئن لو حاولوا مهاجمة الجهاز أو أي من مؤسسات الدولة فسوف نواجههم بكل حسم وقوة.
في اليوم التالي الأول من يونية، كانت الصورة تبدو أكثر وضوحًا، عقدت القيادة العامة للقوات المسلحة اجتماعًا لتدارس الموقف بعد مظاهرات الثلاثين من يونية، كان رجال الجيش فخورين بما حدث، لكنهم في نفس الوقت كانوا قلقين من أن يلجأ الرئيس إلي الاستمرار في عناده ف يدفع البلاد إلي حرب أهلية طاحنة.
كان قرار الجيش هو عدم السماح بأي محاولة لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد حيث وجهوا في هذا اليوم تحذيرًا شديد اللهجة للإخوان من أن الجيش هو الذي سيتصدي لأي محاولة إخوانية أو غير ذلك للاعتداء علي المتظاهرين السلميين.
في الأول من يوليو تلقي رئيس الاستخبارات المصرية اتصالاً هاتفيًا من رئيس المخابرات المركزية الأمريكية قال فيه: 'إن الرئيس أوباما يتابع المشهد في مصر بكل دقة، وإنه بالرغم من سلمية المظاهرات حتي الآن، إلا أنه قلق من عنف محتمل'، وقال 'لقد قمنا بنصيحة الرئيس مرسي بأن يحكم بشكل شامل وتقديم تنازلات للمعارضة'، وقال 'كما تعلم فإن أوباما تحدث مع مرسي يوم الجمعة 28 يونية وحثه علي تقديم تنازلات، إلا أنه كان صعبًا إقناعه بهذه التنازلات'.
ورحب اللواء رأفت شحاتة بالرؤية الأمريكية وقال لنظيره الأمريكي: 'إنني أرحب بمضمون ما أبلغتني به، وأود أن أؤكد لكم أن الجيش لن يتدخل وسيكون ضامنًا للاستقرار والديمقراطية'.
وقال: 'إن الجيش المصري لا يستهدف العودة إلي الحكم، لأنه يدرك أن ذلك سيؤدي إلي ردود فعل عنيفة، وأكد له أن الجيش غير طامع في السلطة، ووعده بنقل مضمون هذه الرسالة إلي الرئيس'.
كان مرسي قد انتقل إلي دار الحرس الجمهوري ومعه مستشاروه وأسرته، وفي هذا اليوم الأول من يوليو أعلنت رئاسة الجمهورية عن تأجيل المؤتمر الصحفي الذي كان مقررًا عقده مساء ذات اليوم إلي الغد في موعد يعلن عنه لاحقًا بزعم استمرار الرئاسة في مشاوراتها مع الجهات التنفيذية والمساعدين والمستشارين بشأن تطورات المشهد الداخلي.
وكان الرئيس قد عقد في هذا اليوم اجتماعًا إزاء التعامل مع المستجدات الراهنة، كما التقي علي مدار اليوم عددًا من الوزراء ليؤكد بذلك أنه لايزال ممسكًا بالسلطة.
كان اللقاء الأهم في هذا اليوم هو الاجتماع المشترك الذي جمع مرسي مع رئيس الوزراء هشام قنديل ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لقد ناقش معهما تطورات الأوضاع في البلاد، حيث أبدي هشام قنديل استعداده للاستقالة، إذا كان من شأن ذلك أن يهدئ الأوضاع في البلاد.
وبعد انتهاء الاجتماع المشترك، طلب الرئيس أن يجلس مع الفريق السيسي بمفرده، وشهد اللقاء حوارًا ساخنًا للغاية.
لقد سأل الرئيس محمد مرسي الفريق السيسي عن رؤيته للأوضاع.
فقال السيسي: الأوضاع تزداد سوءًا، وسيادتكم لا تريد إيجاد حل للمشكلة.
قال مرسي: الأوضاع جيدة والشعب معنا وهو يحترم الرئيس الشرعي ولذلك رفض الخروج في المظاهرات!!
قال السيسي: كيف ذلك وهناك عشرات الملايين خرجت وامتلأت بهم الشوارع.؟
مرسي: لقد قيل لي إن هذه الصور التي بثتها التليفزيونات هي صور 'فوتوشوب'، وكل من شاركوا في هذه المظاهرات لا يزيدون علي مائة ألف فقط.
قال السيسي: هذه معلومات مغلوطة، الأعداد وصلت إلي 33 مليون.
مرسي: هذه تقديرات خاطئة، وعمومًا أرجو منك أن تقف مع 'الشرعية'!!
السيسي: الشرعية هي للشعب، والشعب كله في الشارع، والقوات المسلحة لن تترك الشعب المصري وحيدًا، أنا أطلب منك الاستجابة لمطالب الجماهير.
مرسي: أي جماهير؟ هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، انهم مجموعة حاقدة ومتآمرة علي مصر.
السيسي: بل هم شعب مصر، وليس أمامك إلا الاستجابة لمطالبهم وأولها قبول مبدأ الانتخابات الرئاسية المبكرة.
مرسي: أنا أرفض الانتخابات المبكرة، هؤلاء مدفوعون بأغراض خاصة، ونحن نعرفهم جيدًا.
السيسي: الجيش ليس له مطمع في سلطة لكنه لن يقف صامتًا ويترك البلد ينهار.
مرسي: الجيش يجب أن يلتزم بعدم التدخل في السياسة وأنا أطلب منك سحب الإنذار الذي وجهته.
السيسي: البلد علي وشك الانهيار والدخول في حرب أهلية ولابد من إيجاد حل، وأنت لا تريد أن تساعدنا، لذلك كان إنذار الجيش ونحن جادون فيه.
مرسي: ولا حرب أهلية ولا حاجة، ولذلك أنا أحذرك وأطالبك بأن تسحب بيانك وألا تستدعي الجيش، خاصة أن شباب الإخوان لن يسمحوا وسيتصدون له.
السيسي: من سيتصدي للجيش، سوف نسحقه بكل ما نملك، وأنا أحذر من مغبة أي موقف معادٍ.
مرسي: ولكن لماذا الغضب؟ نحن نقدرك ونحترمك، وأنا القائد الأعلي للجيش، وأنت لا تستطيع تجاوز الشرعية.
السيسي: الشعب هو مصدر الشرعية.
مرسي: ومن قال إن الشعب ضد الرئيس؟ لقد جئت من خلالهم وعبر صندوق انتخاب نزيه.
السيسي: ولكن البلاد قد تدخل إلي حرب أهلية، بسبب العناد وعدم الاستجابة لمطالب الشعب.
مرسي: أنا أعرف الشعب المصري جيدًا، والحرب الأهلية قد تنشأ في حالة الانقلاب علي الشرعية.
السيسي: الجيش لن يقبل بأن يظل متفرجًا، لذلك أدعوك مجددًا إلي الموافقة علي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، الناس في الشارع لن تعود إلي بيوتها إلا بعد الاستجابة لمطالبها.
مرسي: وأنا أرفض الاستجابة لهذا المطلب، لأنني رئيس شرعي ومنتخب ومكلف من الشعب ولابد من استكمال مدتي الدستورية، وأنا مستعد لبحث بقية المطالب ولكن ليس الآن، يمكن بحث كل هذه المطالب بعد إجراء الانتخابات البرلمانية التي سأحدد لها موعدًا في سبتمبر المقبل.
السيسي: وأنا أحذر من خطورة ما هو قادم.
خرج الفريق أول عبد الفتاح السيسي من قصر القبة غاضبًا، اتجه إلي مبني وزارة الدفاع، عقد اجتماعًا مع أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة، أبلغهم بتفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين الرئيس، طالب عدد من القادة باتخاذ إجراء سريع في هذه الليلة وإعلان الانحياز إلي الشعب، لحماية البلاد من المخاطر التي تحيق بها.
كان القائد العام يحاول تفادي أي صدام يمكن أن يحدث، راهن علي اللحظة الأخيرة، وتمني علي الرئيس أن يعود إلي رشده، وأن يتوقف عن عناده، وأن يستجيب لمطالب الملايين التي خرجت إلي الشارع وقررت ألا تعود إلي البيوت مرة أخري إلا بعد الاستجابة لمطالبها.
بعد انتهاء اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة بعد ظهر يوم الإثنين الأول من يوليو، صدر بيان عن الاجتماع دعا فيه الرئيس مرسي إلي التوصل إلي اتفاق مع القوي السياسية الأخري خلال 48 ساعة، وإلا طُرحت خارطة طريق لمستقبل البلاد.
جاء بيان القيادة العامة للقوات المسلحة ليبعث الأمل في نفوس المتظاهرين، أدركت الجماهير أن صمودها في الميادين سوف يدفع الجيش إلي الاستمرار في ضغوطه علي الرئيس لإجباره علي الاستجابة لمطالب الشعب.
لقد تجاوزت الجماهير جميع المطالب السابقة وركزت مطلبها الوحيد فقط في رحيل الرئيس فورًا ودون انتظار والدعوة إلي تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.