هاجسٌ لطالما حذرت القيادات والشخصيات الدينية والوطنية المقدسية منه باتت ملامحه تظهر في الأفق، وبات قاب قوسين أو أدني من التطبيق العملي، ويتمثل بتطبيق الاحتلال لمخطط التقسيم الزمني للمسجد الاقصي المبارك، من خلال اقتطاع أوقات زمانية قبل وبعد ظهر كل يوم لليهود المستوطنين علي حساب المصلين المسلمين. التقسيم الذي تحاول تكريسه شرطة الاحتلال باعتبارها الذراع المتقدمة لسلطات الاحتلال الرسمية في المسجد الاقصي يعني فرض التقسيم الزمني في المسجد الاقصي بفترتين زمنيتين: قبل الظهر وبعد الظهر لليهود المتطرفين. وكانت منظمات الهيكل المزعوم المتطرفة وزعت بعد منتصف ليلة أمس دعوات تحث فيها جميع اليهود علي اقتحام المسجد الأقصي خلال أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس احتفالا ب'عيد العنصرة' أو نوزل التوراة، حسب التقويم العبري، وخلال الدعوات تم وضع برنامج لنشاطات تلمودية استفزازية داخل باحات المسجد الأقصي. وتم تحديد أوقات الاقتحامات الجماعية للمستوطنين اليهود خلال 7:30 صباحا وحتي الساعة 11:00 صباحا ومن الساعة 1:30 مساء وحتي الساعة 2:30 ظهرا. وعبّرت الجماعات اليهودية، اليوم، عن بهجتها بما حققته اليوم من اقتحام المسجد الاقصي ب'حرية' بفضل حماية وإجراءات الشرطة، وأعربت علي مواقع التواصل الاجتماعي- عن شكرها لدور الشرطة التي وفرت لهم 'الحماية' لاقتحام الأقصي. وقال المتطرفون: 'كل الاحترام لشرطة 'إسرائيل' مئات اليهود في 'جبل الهيكل' وعشرات العرب في الخارج، اليهود المتواجدون في 'جبل الهيكل' اليوم يقولون بأن هناك يهود في 'جبل الهيكل' أكثر من العرب، والكثير من العرب يضربون علي أبواب 'جبل الهيكل' لأن الشرطة منعتم من الدخول، الجمهور يقدر ويثمن ويثني علي دور الشرطة وتصرفاتهم الراقية والمؤدبة'. وأفاد حراس المسجد الأقصي أن أكثر من 250 يهودياً متطرفا اقتحموا الأقصي، عبر باب المغاربة، خلال الفترة الصباحية، وكان من بينهم عضو 'الكنيست' ميخائيل بن آري، والحاخام 'يهودا غليك'، الذي اقتحمه اليوم 3 مرات برفقة مجموعات متطرفة، وتعمد غليك خلال جولته تقديم شروحات عن الأقصي بأنه الهيكل المزعوم، مطالبا بضرورة هدم مسجد قبة الصخرة لبناء الهيكل، وفي ساحات الأقصي وخلال جولة المتطرفين أدي العديد منهم طقوساً تلمودية في الأقصي، بحراسة من شرطة الاحتلال. أما علي أبواب الأقصي فلا تزال قوات الاحتلال تمنع الشبان والنساء من الدخول الي الأقصي، منذ صلاة ظهر امس، وبدي المسجد شبه خالٍ من المصلين، وتجبر شرطة الاحتلال كبار السن الذين يريدون الدخول الي الاقصي بتسليم هوياتهم علي الأبواب. من جانبها، طالبت شخصيات وقيادات دينية مقدسية ب'هبّة' عربية إسلامية لإنقاذ المسجد الأقصي، الذي بدأ الاحتلال بتقسيمه زمنياً وفعلياً اليوم بين المسلمين واليهود، وذلك في مؤتمر صحفي طارئ وعاجل عقدته الهيئة الاسلامية العليا ومجلس الأوقاف الاسلامية أمام باب الأسباط في القدس القديمة. وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس الأوقاف الاسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب: 'ان شرطة الاحتلال وفّرت اليوم الحماية الكاملة للمتطرفين اليهود خلال استباحتهم للمسجد الاقصي وإغلاقه أمام المسلمين'. واعترف الشيخ سلهب بأن ما حصل اليوم هو تجسيد فعلي للتقسيم الزمني للأقصي باشراف حكومة الاحتلال رغم كل ما يُشاع من تصريحات بأنه لا يوجد تغيير علي الوضع القائم'. وطالب الشيخ سلهب بأن تعي الأمة الإسلامية مدي خطورة ما يجري بالأقصي، وقال: 'هذا المسجد أمانة في أعناقنا جميعاً'. وطالب 'جميع العرب والمسلمين كبارا وصغارا الهبة لإنقاذ الأقصي، ومواجهة المخطط الصهيوني الخطير، ورفع المعاناة والظلم عنه'. كما طالب رئيس الأوقاف 'كل مرابط في فلسطين بأن يشد الرحال إلي الأقصي، فمن يُمنع من الوصول إلي إليه بسبب الحواجز الظالمة والجدار فإنه يصلي حيث يمنع، وله ثواب مساوٍ لمن يصلي في الأقصي'. أما رئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس خطيب المسجد الاقصي الشيخ عكرمة صبري فأكد رفض الفلسطينيين اجراءات الاحتلال التي اتخذت في المسجد الاقصي، وقال: 'ان الغطرسة 'الاسرائيلية' لن تعطي اليهود أي حق في الأقصي'، مؤكدا علي الحق الشرعي للمسلمين فيه، وعدم التنازل عن أي ذرة تراب عن الأقصي. وحمّل الشيخ صبري حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة لانتهاك حرمة الأقصي، وأي توتر يقع نتيجة الاجراءات فيه. بدوره، ناشد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، العالمين العربي والإسلامي التحرّك لنصرة فلسطين شعباً ومقدسات في مواجهة الاعتداءات 'الإسرائيلية' التي تستهدفها. ونوّه الشيخ حسين إلي قيام 'منظمات الهيكل' اليهودية المتطرّفة بإطلاق دعوات تحثّ خلالها المستوطنين اليهود علي اقتحام المسجد الأقصي المبارك خلال الأيام القادمة للاحتفال بما يسمي 'عيد إتمام نزول التوراة' أو 'عيد العنصرة'. وقال 'إن سلطات الاحتلال أطلقت العنان لقطعان مستوطنيها ليعيثوا فساداً في الأرض المباركة، حيث سمحت للعشرات من المتطرفين باقتحام الأقصي المبارك والقيام بجولات في ساحاته كالمعتاد، في حين تمنع الفلسطينيين ممّن هم دون سن ال 50 عاماً من دخول المسجد'. وأكد الشيخ حسين، أن استمرار الاعتداءات 'الإسرائيلية' علي المقدسات الفلسطينية وعلي رأسها المسجد الأقصي المبارك من شأنه أن يحوّل المنطقة إلي 'قنبلة موقوتة'، وينذر باندلاع حرب دينية وشيكة. ولفت إلي 'أن الاحتلال يسعي لإفراغ المسجد الأقصي من أي مدافع عنه لضمان استفراد اليهود به، مستخدماً لتحقيق تلك الغايات وسائل القمع المختلفة ضد المواطنين الأبرياء العزل'. وحذر من 'أن استمرار النهج العدواني علي المسجد والمسؤولين عنه قد يقود إلي مجزرة، كما حدث في مرات سابقة، ومن ثم إلي نتائج لا يمكن التكهن بمداها وعواقبها'. من جانبه، استنكر مدير عام أوقاف القدس وشوؤن المسجد الأقصي الشيخ عزام الخطيب التميمي إغلاق المسجد الأقصي والسماح للمتطرفين بالدخول اليه، وقال، في تصريحات صحفية: 'إن شرطة 'اسرائيل' هيأت كافة الظروف لدخول المتطرفين الي الأقصي واستباحته خلال عيدهم، وأغلقت المسجد منذ ظهر أمس، وفرضت قيودها المشددة علي الأبواب'. وأوضح الخطيب انه أجري اتصالات مع وزير الأوقاف الأردني، والسفير الاردني في 'تل ابيب'، وأطلعهما علي خطورة الأوضاع في المسجد الأقصي المبارك وما يتعرض له من مخططات واعتداءات عنصرية خطيرة وكذلك بإغلاقه أمام المسلمين واستباحته من المستوطنين بحراسة من شرطة الاحتلال. وطالب مدير الأوقاف من الاحتلال بتسليمه مفتاح باب المغاربة 'أحد أبواب المسجد الأقصي المبارك' والذي تم الاستيلاء عليه بعد احتلال مدينة القدس مباشرة، وعبر هذا الباب تنظم الاقتحامات اليومية للأقصي. أما مدير المسجد الاقصي الشيخ عمر الكسواني فقال 'ان الوضع في المسجد الأقصي صعب للغاية، ويشمل إغلاقات منذ يوم أمس ومنع المسلمين من دخوله، والسماح للمتطرفين باقتحامه. ولفت الي عدم استجابة شرطة الاحتلال لمطالب الأوقاف بإغلاق باب المغاربة وعدم السماح لأي متطرف باقتحام الأقصي. ووصف الشيخ الكسواني ما جري اليوم بأنه 'سياسة ممنهجة لفرض أمر واقع جديد بالمسجد، بدعم من حكومة يمينية متطرفة تضرب بعرض الحائط كافة الأعراف والاتفاقيات الدولية المختصة بحرية الوصول الي اماكن العبادة، وحرمة المسجد الأقصي'. كما وصف الشيخ الكسواني الوضع بالأقصي 'بالمؤلم'، وقال: ' الاحتلال يتحكم بدخول المسلمين الي الأقصي، وهذا يمس بسيادة الأوقاف والدول العربية التي لها علاقة بالمسجد'. ودعا الكسواني لاتخاذ موقف اسلامي عربي موحد لإيقاف الانتهاكات 'الإسرائيلية' المتصاعدة في الأقصي.