صدر حديثًا عن الدَّار المصرية اللبنانية كتاب 'الأولة مصر .. عن هوية مصر ومستقبلها' ، للكاتب 'إيهاب قاسم' يقع الكتاب في أربعة فصول و 190 صفحة من القطع المتوسط ، ويدور حول سؤال محوري ، حيَّر كل المفكرين والكُتَّاب في بلدنا وهو : لماذا مصر وطن له تاريخ ناصع يحتفل ويحتفي به كل العالم ويأتي لمشاهدته من كل بقاع الأرض ، ورغم هذا التاريخ فإننا ببساطة شعب متخلف ، ودولة لا تحتل مكانتها اللائقة بها بين الأمم حتي التي تلتها ؟ هل السبب في الاستبداد ؟ أم المؤامرات؟ أم الاحتلالات الكثيرة التي مرَّت علي هذا الشعب ؟ وبرغم أن الأسئلة تبدو أكاديمية وعميقة فإن إجاباتها جاءت بسيطة وبديهية ، تذكرنا فقط بما نعرف وتتساءل في براءة هل نحن مصريون حق و صدقًا، ننتمي لحضارة مصر و تاريخها و أرضها ؟ . و تأتي الإجابات لأنها جاءت من قلب معجون بحب وطنه ومهموم بمستقبل شعبه ، ومكانة الأمة التي ينتمي إليها ودورها بين الشعوب الأخري ، وهي هموم لا يخلو منها قلب محب لهذا الوطن . وبمنتهي البساطة يستعير الكاتب 'إيهاب قاسم' جملة 'هذيان' من فؤاد المهندس تقول : أنا مين؟ أنا فين، أنا ازاي، أنا بكام؟ هذه الجملة الهذيانية من أحد أفلام الفنان فؤاد المهندس تضعنا مباشرة أمام طبيعة هذه الكتابة الي لا تتقعر ولا تتفلسف ، ولا تتباهي بكم المراجع التي استندت إليها ، بل هي كتابة تخرج من القلب مباشرة ، فالأوجاع التي تقف أمامها لا تحتاج إلَّا النظر المباشر والحس السليم والعقل الواعي المتفهم لظروفه والذي احتك بحضارات أخري ليبدأ بعقد المقارنة ، كما تحتاج إلي الإدراك العميق لخطورة من يخلطون بين الوطن والدين ، أو الذين يتشدقون بقولة 'إن الدين وطن' فينتهي بهم الأمر إلي مقولة مفزعة ومخرِّبة ، بل هي خيانة عظمي ، هي مقولة طز في مصر.