كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معلومات تنشر لأول مرة عن بطولات نسائية في حرب اكتوبر.. فرحانة وأخواتها.. قنابل بدوية 'صنع في سيناء'
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 04 - 10 - 2010

انفردت مجلة الاذاعة والتلفزيون المصرية في عددها الصادر اليوم معلومات نادرة وفريدة عن بطولات نسائية مصرية مثيرة في حرب اكتوبر المجيدة1973 .
وجاء في التحقيق الذي اجرته الزميله هدي امام مساعد رئيس تحرير مجلة الأذاعة والتليفزيون والذي انفردت به في الصحافة المصرية ما يلي
لا.. ليسوا مجرد حفنة من البدو الموصومين سلفاً بخيانة لم يجنوها وليست نسائهن مجرد راعيات أغنام، مستسلمات، ظاعنات، راضيات بل مناضلات، مكافحات ومجاهدات تتقافز منهن حكايات البطولة كأنبل الفرسان وتتماوج في ذاكرتهن ذكريات النضال كأشجع الرجال.. لم لا وقد كفرت كل منهن بقيم
القبيلة البالية وتقاليدها الكسيحة، والكاسحة التي تحرم عليهن حتي مجرد الاختلاط بغيرهن من الرجال فما بالك بالكفاح ضد عدو قاهر جبار.. لم لا وقد فرت كل منهن من زوجها وذويها وأمها وأبيها وبناتها وبنيها ونذرت نفسها لوطن لم تكتحل عيونها قط بحبيب سواه.. لم لا وحكايات "فرحانة" و"وداد"، و"هند"، و"فوزية" و"عائشة" خير دليل علي أن مصر "حبالة وولادة" لكل أنواع المناضلات والمجاهدات من نساء المدن إلي الفلاحات والبدويات.
في منزل غاية في التواضع بمدينة الشيخ زويد تلك التي تبعد عن العريش قرابة 30 كيلو متراً تعيش فرحانة حسين سلامة التي تبلغ من العمر 83 عاماً، قضت الشطر الأعظم منها في نضال ضد آلة الحرب الإسرائيلية العاتية، فكان طبيعياً والحالة هذه أن تحصل من الرئيس السادات علي وسام الشجاعة من الدرجة الأولي ونوط الجمهورية ورغم ذلك فهي تعيش مع ابنها شوقي كأبسط النساء، إذ لا تملك مالاً ولا أرضاً وهي لا تريد مالاً ولا أرضاً، فكل ما قامت به لم يكن إلا جزءاً بسيطاً من ديون الوطن الحبيب كما تقول لكنها تريد فقط أن تؤدي فريضة الحج قبل أن تموت. ورغم أن وزير التضامن منح جمعية مجاهدي سيناء 10 تأشيرات حج إلا أن شيخة المجاهدات البدويات لن تحج هذا العام لأنها ببساطة لا تملك ثمن التأشيرة فأي حجيج وأي وفود هذه التي ستذهب إلي الأراضي المقدسة دون "الحاجة" فرحانة كما يطيب لأهلها وجيرانها أن يلقبوها؟!..
تحرير سيناء يبدأ من إمبابة
الكفاح ضد العدو في سيناء يبدأ بعد الثلاثين ومن "إمبابة".. نعم هذا ما تؤكده فرحانة، فبعد أن اضطرت علي وقع ضربات الاحتلال إلي الهجرة إلي القاهرة وجدت لنفسها مأوي في مدينة إمبابة وهناك دلتها ابنة عمها علي الطريق الصحيح للجهاد ضد العدو الذي سلب منهم أرضهم وشردهم وشرد أولادهم فكانت بداية رحلات الشتاء والصيف من إمبابة إلي سيناء ومن سيناء إلي إمبابة بعد أن دربها رجال منظمة "سيناء العربية" التي أسسها جهاز المخابرات علي حمل القنابل وطرق تفجيرها وإشعال الفتيل وتفجير الديناميت ونقل الرسائل والأوامر من القيادة إلي رجال المنظمة الذين أنفقوا الغالي والرخيص لكي تعود سيناء حرة.. كانت البداية بالرسائل، فلما نجحت فرحانة في الحفاظ علي سرية رسائلها رغم كل أجهزة تفتيش العدو، كان طبيعياً أن تنتقل إلي المهمة الأرقي التي تبدأ بتوصيل القنابل والمتفجرات مروراً بقيامها هي نفسها بعمليات الرصد والتفجير لدبابات وقطارات مؤن العدو بعد أن رشحها الحاج محمد حمدان الهشة، أحد كبار المجاهدين للانضمام إلي فيالق المجاهدات السيناويات..
كانت سيارة تابعة لجهاز المخابرات تأتي إليها صباحاً وتأخذها للتدريب علي العمليات القتالية، الأمر الذي قد يستغرق مدداً طويلة. وحتي لا تبدأ تساؤلات الجيران كانت "فرحانة" تقول إنها تذهب لشراء وبيع الأقمشة لتوفير احتياجات أبنائها بعد انفصالها عن زوجها، وتقول عن ذلك: كان الجيران يتعاطفون معي ويتولون رعاية أولادي خلال فترة سفري إلي سيناء وفي السويس تحديداً تلقيت القسط الأكبر من التدريب علي فك القنبلة وإشعال الفتيل.
نسف القطارات والتقاليد والأعراف
كانت أول عملياتي هي عملية تفجير قطار في العريش، فقد قمت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملاً ببضائع لخدمة الجيش الإسرائيلي وبعض الأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين وفي دقائق معدودة كان القطار متفجراً بالكامل.. وتوالت العمليات بعد ذلك وكنت أترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في سيناء وقبل قدوم السيارة كنت أشعل فتيل القنبلة وأتركها بسرعة أمام السيارة التي تتحول في لحظات إلي قطع صغيرة محترقة، لقد أعطينا الجنود الإسرائيليين دروساً لن ينسوها طوال حياتهم ولم يتوقع أحد أن تخرج السيدة البدوية إلي ميدان المعركة ناسفة كل التقاليد والأعراف والتقاليد التي تحرم علي البدويات حتي مجرد الخروج أمام الرجال.
وتروي "فرحانة" أنها كانت تحمل ذات يوم عدداً من القنابل مخبأة بطريقة خاصة أحضرتها من القاهرة للتوجه بها إلي العريش لتسليمها للمجاهدين الرجال وقامت دورية إسرائيلية بتفتيش القارب الذي كانت علي متنه مع عدد من زميلاتها، فأحست فرحانة أن تلك اللحظات ستكون اللحظات الأخيرة في حياتها، فالمؤكد أن الإسرائيليين سيكتشفون القنابل المخبأة لديها وسينسفون رأسها بإحداها لكن هدوءها ورباطة جأشها جعلا المفتشة الإسرائيلية تفتشها تفتيشاً سطحياً فلم تعثر علي القنابل، وتضيف فرحانة: "بعد واقعة تفتيشنا من قبل القوات الإسرائيلية في مدخل مدينة العريش وعدم تمكنهم من العثور علي ما أخفيته من قنابل ورسائل للمجاهدين تعودت علي المجازفة وأصبحت أعصابي قوية جداً وقمت بتهريب القنابل والرسائل عشرات المرات بعد أن تم تدريبي جيداً من قبل عمليات تدريب كانت تتم بدقة شديدة جداً وفي سرية تامة لدرجة أننا كنا لا نعرف زميلاتنا المجاهدات وإذا صادف أن تواجدنا معاً في مكان التدريب في وقت واحد يتم إخفاء كل مجاهدة عن الأخري حتي لا تري إحدانا الأري، وقد عرفت بعد انتهاء حرب أكتوبر وانتصارنا علي العدو الإسرائيلي أن بعض أقاربي كانوا يقومون أيضاً بتنفيذ عمليات فدائية وقد تم تدريبهم أيضاً في نفس المعسكرات التي تدربت فيها.
محاربة بدرجة تاجر قماش
ووصل الأمر إلي حد أن أولادها أنفسهم لم يعرفوا شيئاً عن بطولات أمهم كما يؤكد ابنها شوقي سلامة "50 عاماً" ويعمل موظفاً، مشيراً إلي أن أمه كانت تغيب عنهم وهم صغار لمدة طويلة قد تصل إلي أكثر من شهر وتقول لهم إنها كانت تشتري قماشاً وتسافر لبيعه في سيناء لكي توفر لهم المصاريف وتلبي احتياجاتنا، يقول: كنا لا نعرف عنها شيئاً فكنا نسكن في إمبابة بجوار بعض أفراد أسرتنا برعايتنا ونحن صغار ويتناوبون علي إعداد الطعام لنا ظناً منهم أن أمي تتاجر بالقماش في سيناء لكي تلبي احتياجاتنا بعد أن انفصلت عن والدي وأصبحت هي المسئولة عنا ولم نعلم بما كانت تقوم به أمي من عمليات فدائية إلا من خلال حفل تكريمها من الرئيس الراحل أنور السادات الذي منحها الأنواط والأوسمة وكذلك الفريق أحمد بدوي وعرفنا بعدها أن أمي كانت تضحي بنفسها وبصغارها الذين تركتهم وحدهم من أجل تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
وتعبر فرحانة عن سعادتها وهي تكشف لنا عن أسرار لم تكشفها من قبل، قائلة: "أحمد الله علي أنه منحني فرصة مشاركة رجالنا الأبطال في الدفاع عن بلدنا".
صلابة فوزية الهشة
فوزية محمد أحمد الهشة نموذج آخر من المجاهدات السيناويات، تقول إن الشيخ محمد الهشة ابن عمها كان هو همزة الوصل بيننا وبين رجال المخابرات الذين قاموا بتدريبنا فكان يعطينا الرسائل في القاهرة ونتولي توصيلها إلي القيادات في سيناء بطريقتنا الخاصة حتي عجزت وحدات جنود التفتيش الإسرائيلية عن كشفها رغم أنها طرق بسيطة لكننا تغلبنا علي أجهزة التفتيش التي كانوا يمتلكونها في هذا الوقت.
وتوضح الحاجة فوزية أن زوجها الراحل الشيخ سعيد أبو زرعي كان يقوم أيضاً بعمليات فدائية ضد الجيش الإسرائيلي فكنا نحمل رسائل ومفرقعات ونعبر بها قناة السويس بقوارب بسيطة حتي نصل بها للعريش وسيناء وكنا نركب السيارة من عين شمس متوجهين للسويس ثم نركب اللنش ونعبر القناة ثم نقابل المجاهدين الرجال ونسلمهم ما لدينا من رسائل ومفرقعات فيتولي هؤلاء توصيلها بطريقتهم الخاصة إلي رجالنا في العريش لاستخدامها في العمليات الفدائية، وقد استطعنا تدمير عدد من السيارات الخاصة بالقوات الإسرائيلية التي كانت تحتل سيناء، وعن أصعب العمليات التي قامت بها، تقول الحاجة فوزية إنها قامت ذات مرة بتوصيل جهاز اتصالات لأحد رجالنا في العريش وبعد عشر دقائق من خروج هذا الرجل من منزله متوجهاً بالجهاز خارج المنزل اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل الرجل وقامت بتفتيشه ولم تجد شيئاً فقد كان الله معنا في كل خطواتنا فنجانا من الإسرائيليين في أخطر المواقف وأصعبها.
تعترف فوزية أنها أمضت أياماً طويلة بعيدة عن أولادها السبعة " أربعة أولاد وثلاث بنات" حباً في الوطن وهي تنتمي لعائلات كلها من المناضلين فعائلتها "الهشة" وعائلة زوجها "أبوزرعي" كانوا كلهم مجاهدين سواء كانوا من السيدات أو الرجال فكانت النساء تأتي بالرسائل والقنابل من القاهرة ليتسلمها علي الشط الآخر من القناة رجالنا الأبطال ليقوموا بالتفجيرات التي استهدفت الكثير من منشآت قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتقول فوزية إن أولادها السبعة كانت تتركهم هي وزوجها في رعاية جيرانها في العريش وأقاربهما وكان الجيران يقومون برعاية بعضهم البعض ويوزعون علي بعض الأطعمة والدقيق وكان هناك تعاون يقوم علي المحبة فكان المجاهدون والمجاهدات يتركون أولادهم شهوراً طويلة وهم مطمئنون عليهم.
أبوزرعي يزرع الألغام
وتكشف فوزية عن إحدي العمليات الفدائية التي قامت بها مع أخيها أحمد الهشة وزوجها سعيد أبوزرعي فقد قاموا بزرع عدد من الألغام في طريق الجورة فجاءت سيارة الدورية الإسرائيلية فمرت علي الألغام فتفجرت في الحال وتحولت في دقائق معدودة إلي حطام فقامت القوات الإسرائيلية بالقبض علي زوجها وشقيقها واحتجزوهما في إحدي الوحدات العسكرية لمدة شهرين وأذاقوهما أبشع أنواع العذاب حتي تحولوا إلي حطام رجال وقاموا بسلخ جلدهما بالكي بالنيران لكي يعترفوا بقيامهم بتفجير سيارة الدورية في الجورة وأنهم ينتمون لمنظمة سيناء، وعن ذلك تقول: إن زوجي وأخي لم يعترفا حتي أشرفا علي الموت من الضرب والتعذيب فشعرت القوات الإسرائيلية أنها لن تأخذ منهما أي اعترافات وأنهما سيموتان من جراء التعذيب فتركوهما أمام منازلنا.
في بيتنا صعيدي!!
رغم أن فوزية من قبيلة الريشات إلا أنها لم تجد أي صعوبة أو اعتراضات من مشايخ قبيلتها للخروج للجهاد لأن رجال القبيلة يقدرون قيمة الدفاع عن الوطن وأنه واجب والتزام للرجال والنساء علي السواء، وتسرد في ذلك واقعة اكتشافها جندياً مصاباً بجروح خطيرة في ضواحي العريش فحملته إلي منزلها لتداويه فتعاون معها كل أفراد أسرتها وظلوا يعالجون الجندي الذي كان من أبناء الصعيد حتي شفي من جراحه واستعاد عافيته.. وتقول: لم تعترض قبيلتي علي غيابي عن المنزل لمدة أربعين يوماً فترة تدريبي في القاهرة وذلك لإيمانهم بما أقوم به من واجب وطني تجاه مصر.
وتضيف فوزية عن رحلة خروجها من القاهرة متوجهة إلي العريش وهي تحمل الرسائل مرة وبعض القنابل مرة أخري لاستهداف المنشآت الإسرائيلية في العريش كأنها تحمل كفنها علي يديها قائلة: "لا تهدأ روحي وأتنفس بشكل طبيعي إلا عندما أصل لمنزلي في العريش بعد أن أكون أديت مهمتي".
هند والنقيب جميل
في بئر العبد كان لهند دور عظيم في إيواء الجنود المصريين الجرحي، فهند ذات العشرين ربيعاً استطاعت أن تجوب الصحراء إبان حرب 67 وحتي انتصارات أكتوبر 1973 بحثاً عن الجنود المصريين المصابين والجرحي لتأخذهم لخيمتها لتداوي جراحهم، وكانت هند تستغل أغنامها للتجول في الصحراء لتضليل قوات الاحتلال الإسرائيلي وحتي لا يكتشفوا ما تقوم به بالبحث عن الجنود المصريين وذات يوم وجدت هند النقيب جميل وهبة وهو ضابط مسيحي وجدته مصاباً في الصحراء ودمه ينزف بغزارة وكاد يفقد حياته من شدة الحرارة وخطورة الجراح فحملته هند وذهبت به إلي خيمتها وقامت مع أفراد قبيلتها بمعالجته حتي استعاد صحته وعافيته فطلب منهم أن يستمر في الإقامة معهم حتي يقوم بدوره في مقاومة جنود الاحتلال فساعدته هند وكانت تصطحبه وهو متنكر في الزي البدوي من سيناء إلي الإسماعيلية وكان يرجع محملاً بالمعلومات لمرافقيه لتنفيذ عملياتهم العسكرية ضد قوات الاحتلال وظل جميل وهبة يعيش مع أسرة هند السيناوية شهوراً طويلة وهو يؤدي مهمته المكلف بها وذلك بمساعدة قبيلة هند وعشيرتها، وفي الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي تجوب الصحراء للبحث عن جميل وهبة وباقي الجنود المصريين كان معظم هؤلاء يعيشون وسط قبائل البدو في بيوتهم وخيامهم البسيطة كأنهم أفراد من أسرهم وكان البدو يساندونهم في الوصول إلي قادتهم والرجوع مرة أخري لسيناء لتنفيذ مهامهم ضد العدو الإسرائيلي.
وداد.. 3 إعدادي متفجرات
وداد حجاب إحدي المجاهدات اللاتي قمن بدور فعّال في مقاومة قوات الاحتلال الإسرائيلي، تقول إنها بدأت الجهاد ضد الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يحتلون سيناء في سن مبكرة جداً بعد أن حصلت علي شهادة الإعدادية وكان عمرها لم يتجاوز السادسة عشرة وقد بدأت وداد طريقها في الدفاع عن وطنها بتعلم الإسعافات الأولية ومداواة الجرحي كخطوة أولي لأن أهل العريش استشعروا أن المعركة كانت علي الأبواب وذلك منذ عام 1968 وتعلمت وداد علاج الجرحي علي يد أطباء متخصصين وأثناء قيام حرب أكتوبر 1973 حاصرت النيران كل مدن قري شمال سيناء والطرق المؤدية للعريش فتركت وداد منزلها الكائن بوسط العريش وذهبت للمستشفي العام بالعريش، وبمساعدة "أبلة خديجة عودة" المدرسة في المدرسة الإعدادية بالعريش استطاعت وداد أن تجتذب فتيات العريش وبنات البدو للتوجه للمستشفي لمساعدة الجرحي والمصابين.
وتقول وداد تعلمت علي يد "أبلة خديجة" معني مقاومة الاحتلال والصمود والقوة والتحدي، فقد كانت أبلة خديجة بالنسبة لفتيات العريش نموذجاً مثالياً للمُدرسة الوطنية الرافضة لكل أنواع الاحتلال وكانت تلقن الفتيات في مدرسة العريش الإعدادية دروساً ..... علي مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض.
وتضيف وداد أنها أقامت في مستشفي العريش أسابيع طويلة بدون أن تري أهلها لأن جنود الاحتلال فرضوا حظر التجوال، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه فكانت حالات المصابين صعبة جداً لدرجة أن فتيات العريش والبدويات كن يتناوبن علي تمريضهم وتقول: لقد أعلنا حالة الطوارئ ولم نذهب لبيوتنا لعدة أشهر متصلة لكن بعد فترة سمحت القوات الإسرائيلية بخروج الفتيات المتطوعات من مستشفي العريش لكن بشروط أن يرتدين ملابس التمريض البيضاء ويذهبن لبيوتهن لكي يطمئن أهلهن، وقد ذهبت بنات البدو والسيناويات لأهاليهن ثم عدن وهن يخبئن كمية من الطعام المعلبة أو المجففة إلي المستشفي من أجل مساعدة الأطباء في علاج الجرحي والمصابين بعد أن نفدت جميع الأغذية من المستشفي وأصبح الأطباء محاصرين تماماً.
المرأة التي خدعت وايزمان
تروي وداد أنها أثناء تواجدها في مستشفي العريش سمعت بوجود منظمة جديدة اسمها منظمة سيناء العربية وذلك عقب حرب 67 مباشرة، تقول: عندما سمعنا أن الرئيس جمال عبدالناصر تنحي عن الحكم قمنا بقيادة مظاهرة كبيرة في العريش لمطالبة الرئيس عبدالناصر بالاستمرار لأن جميع أبناء سيناء يساندونه.
وبعد أن توفي الرئيس عبدالناصر انطلقت مع باقي أهالي سيناء في تظاهرات عارمة ونحن نرتدي الملابس السوداء وذلك أوائل السبعينات ولم أتمالك نفسي وانطلقت مسرعة إلي مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي الميجور عزرا وايزمان حيث قررت أن انضم لمنظمة سيناء العربية وكان ذلك يستدعي سفري للقاهرة، فقلت للحاكم العسكري إنني أريد أن أسافر إلي القاهرة لأقدم واجب العزاء في الرئيس جمال عبدالناصر.
ومن كثرة بكائي، أمام الحاكم العسكري وإلحاحي علي السفر للقاهرة وأعلنت أمامه أنني ساعدتهم هنا في مقره لحين السماح لي بالسفر للقاهرة لم يجد عزرا وايزمان أمامه سوي السماح لي بالسفر برفقة 99 رجلاً من أبناء العريش وسافرنا إلي القاهرة عن طريق عمان وقابلنا المشير أحمد إسماعيل والرئيس السادات وأثناء فترة تواجدي في القاهرة استطعت أن أتوصل إلي مؤسسي منظمة سيناء العربية وعرفت أنها تضم شخصيات كبيرة ولها قدر من الاهتمام السياسي فانضمت إليهم وقلت لهم إنني أقدم إليكم روحي فداءً لبلدنا مصر وأي شيء ستطلبونه مني سأنفذه بدون مناقشة
التنكيل والتهديد بالاغتصاب
تستطرد وداد قائلة :"أول ما قمت به من خلال مشاركتي في منظمة سيناء العربية توزيع منشورات تحث علي الجهاد والمقاومة".
وقد سافرت وداد بنفسها إلي غزة من اجل الحصول علي الورق وعلي المنشورات التي كانت توزعها، وقد انتبهت لذلك الشرطة العسكرية الإسرائيلية وبدأت في مراقبة أهالي العريش ونجحوا في القبض عليّ مع أسرتي وتعرضت للتعذيب علي أيديهم وقاموا بتعذيب والدي وأخي من أجل الكشف عن أي معلومات تفيدهم بخصوص منظمة سيناء العربية وأعضائها، ومع إصراري علي رفض الاعتراف هددوني بالاغتصاب وانتهاك حرمتي ومستغلين العادات والتقاليد البدوية التي أخضع لها، ومع تمسكي بالرفض أطلقوا سراحي بعد أن صدقوا أنني لا أعرف شيئاً، وقد استطعت أن أخدع الميجور عزرا بأنني فعلاً سافرت للقاهرة من أجل العزاء في جمال عبدالناصر فقط ولم أنضم لمنظمة سيناء العربية.
تضيف وداد أن التهديدات التي تلقتها علي أيدي الشرطة الإسرائيلية لم تؤثر عليها وأن الله قد أعطاها في هذا الوقت قوة وإصراراً كبيراً علي التحدي والصمود أمام كل التهديدات والتعذيب التي تعرضت له ولم تتأثر بالتهديد باغتصابها علي الرغم أنها كانت غير متزوجة وربما كانت ستفقد أعز ما تملكه كل فتاة في شبابها، وتقول: بعد خروجي من الحجز استمررت في توزيع المنشورات التي تدعو للجهاد والكفاح وكنت متنقلة بين القاهرة والإسماعيلية وسيناء من أجل نقل المعلومات لخدمة قواتنا المسلحة وجعلنا سيناء كتاباً مفتوحاً أمام قادتنا من القوات المسلحة حتي حقننا الانتصار في حرب 1973.
عائشة ورسائل الصحراء
وقبل أن نغادر مدينة الشيخ زويد التقينا بالمجاهدة عائشة الهشة والتي تقول إنها شاركت زميلاتها البدويات في توصيل عدد من الرسائل من القادة في القاهرة إلي رجالهم في العريش، وتتذكر عائشة أنها تعرضت ذات يوم لعمليات تفتيش دقيقة عند مدخل مدينة العريش وكانت تحمل عدة رسائل خطيرة قادمة بها من القاهرة للقادة في سيناء ولم تتمكن المفتشة الإسرائيلية عن كشف المكان الذي كانت عائشة تخبئ فيه الرسائل، وتضيف عائشة أنها شاركت زميلاتها البدويات في العريش مما أسفر عن تفجير عدد من سيارات العدو.
ولم تكشف عائشة لأولادها الأربعة عن العمليات التي قامت بها في سيناء إلا عندما كرمها الرئيس الراحل أنور السادات مع زميلاتها البطلات عام 1973


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.