"سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    ارتفاع أسعار النفط 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز على بيانات اقتصادية    خبير علاقات دولية: انتشار الصراعات أحد أسباب تزايد معدلات الإنفاق العسكري عالميا    مباشر مباراة أرسنال ضد تشيلسي في دربي لندن - (0-0)    تطورات مثيرة في مستقبل تشافي مع برشلونة    فريق سيدات يد الأهلي يتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    حسام حسن يستقر على ضم ثنائي جديد من الأهلي    الونش دهس السيارات.. حادث تصادم على طريق جسر السويس و3 مصابين (تفاصيل)    خالد الجندي عن مسجد السيدة زينب بعد تطويره: تحول إلى لوحة فنية (فيديو)    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    عمرو نبيل مؤسس شُعبة المصورين يضع روشتة علاج لإنهاء أزمة تصوير جنازات المشاهير والشخصيات العامة    «الرقابة الصحية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة «جهار _ إيجيكاب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    بشرى سارة.. تعديل كردون مدينة أسوان وزيادة مساحته ل 3 أضعاف    يبقى أم يرحل؟ جوريتسكا يتحدث عن مستقبله مع بايرن ميونيخ    العميد يؤجل طلب إضافة عناصر لجهاز المنتخب لبعد مباراتي بوركينا فاسو وغينيا    صدمة في ليفربول| غياب نجم الفريق لمدة شهرين    البرلمان الأوروبي يوافق على القواعد الجديدة لأوضاع المالية العامة لدول الاتحاد الأوروبي    خرجت بإرادتها لخلافات عائلية.. إعادة فتاة الصف الثانية بعد 48 ساعة اختفاء.. صور    "تعليم البحيرة": تخصيص 125 مقرًا للمراجعة النهائية لطلاب الإعدادية والثانوية - صور    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    المشدد 15 عامًا ل4 مدانين بالشروع في قتل سائق وسرقته بكفر الشيخ    .. وبحث التعاون مع كوريا الجنوبية فى الصناعات البحرية    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    أوكرانيا: روسيا ستقصف أماكن غير متوقعة.. ونحن نستعد لصد أي هجوم    مصر رئيساً لاتحاد المعلمين العرب للدورة الثالثة على التوالي    بدء حفل فني على مسرح قصر ثقافة العريش بحضور وزيرة الثقافة    عمرو يوسف يكشف عن حقيقة وجود جزء ثاني من «شقو»    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بكلمة وزير الأوقاف عن غزة بمؤتمر رابطة العالم الإسلامي    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    "بقى فخم لدرجة مذهلة".. خالد الجندي يشيد بتطوير مسجد السيدة زينب |فيديو    بشرى لأهالي سيناء.. 36 ألف وحدة سكنية و200 فيلا برفح والشيخ زويد    تعديل رسوم التراخيص والغرامات للعائمات الصغيرة بقناة السويس    دراسة: الوجبات السريعة تسبب تلف الدماغ عند الأطفال    غدا.. تدشين مكتب إقليمي لصندوق النقد الدولي بالرياض    للحوامل.. نصائح ضرورية لتجنب المخاطر الصحية في ظل الموجة الحارة    حذر من تكرار مصيره.. من هو الإسرائيلي رون آراد الذي تحدث عنه أبو عبيدة؟    كشف ملابسات سير النقل الثقيل في حارات الملاكي بطريق السويس الصحراوي    التوقيت الصيفي 2024.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    مجرد إعجاب وليس حبا.. رانيا يوسف توضح حقيقة دخولها فى حب جديد    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل من مصر !! 'السيسي' بين إرث الماضي وتحديات المستقبل
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 14 - 04 - 2014


الحلقة الأولي: الأزمة تبدأ مبكرًا.. !!
اكتشف 'خديعة' الإخوان مبكرًا.. فرفض طلبًا لمرسي بتعيين 'عباس مخيمر' رئيسًا للمخابرات الحربية
في اللقاء الأول مع الرئيس قال 'السيسي': أنا لست إخوانيا أو سلفيا والجيش هو لكل المصريين
تقرير 'سري' للمخابرات الحربية في نوفمبر 2012 يحذر من مخطط الإخوان لتمليك أراضي سيناء لعناصر 'حماس' استعدادًا لدولة 'غزة الكبري'
لماذا فشل 'السيسي' في إثناء محمد مرسي بالتراجع عن الإعلان الدستوري الجديد؟!
خيرت الشاطر يحّرض مرسي ضد السيسي وجمال الدين ويطالب بعزلهما سريعًا!!
مقدمة
حلقات جديدة يكتبها الزميل مصطفي بكري بعنوان 'رجل من مصر السيسي بين ارث الماضي وتحديات المستقبل' يكشف فيها أوراقا هامة في ملف العلاقة بين السيسي والإخوان، منذ بدايات الأزمة وحتي قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة..
أسئلة عديدة ومتعددة، معلومات يُكشف النقاب عنها للمرة الأولي حول وقائع ما حدث، والرؤية المستقبلية لما هو متوقع في ضوء المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد مصر وضد السيسي شخصيًا..
تساؤلات عديدة تجيب عنها هذه الحلقات
من يتحمل مسئولية سقوط مرسي، ولماذا انهار الإنخوان سريعا وفقدوا السلطة والتنظيم وتحولوا من حكام إلي مسجونين؟!
لماذا صبر السيسي طويلاً، وماذا لو تأخر عن الثالث من يوليو؟ ولماذا ظل مرسي علي يقين بأن الجيش لن ينحاز إلي الشعب؟
تفاصيل المباحثات الأخيرة بين الجيش وقادة من الإخوان قبل فض رابعة بقليل!!
حقائق الموقف الأمريكي وسيناريوهات ما بعد وصول السيسي للحكم!!
إذن هذا هو عبد الفتاح السيسي!!
شخص بسيط، هادئ، وجه يتميز بالسماحة، يفكر في كلماته قبل أن ينطق بها، تعود أن يجلس صامتاً في كثير من الأحيان، يسجل الكلمات علي الأوراق، أو يختزنها في الذاكرة، كان معروفاً بانضباطه الشديد، وقدرته علي الحسم واتخاذ القرار.. كان مثقفاً وواعياً بالتاريخ وحقائق الواقع.
كانت علاقته مع المشير طنطاوي، قد بدأت منذ سنوات طوال، وتحديداً منذ أن كان مسئولاً عن فرع الأمن والمعلومات بوزارة الدفاع، كان يومها برتبة مقدم، كان دوماً من أقرب الضباط إلي المشير، مضت الأيام سريعة، وعندما تولي منصب مدير المخابرات الحربية، كانت كل المؤشرات تقول إنه وزير الدفاع القادم في مصر..
عندما تخرج في الكلية الحربية في الأول من أبريل 1977، لم يدر في ذهنه للحظة واحدة، أن القدر كان يختزنه لهذه اللحظة، عندما كان يقال له ذلك من زملائه، كان يبتسم دون تعليق، لقد وصفته مجلة 'النيوزويك' الأمريكية 'بالجنرال الهادئ، والشخصية المبهمة، الذي يشبه تماماً نظارته الشمسية الداكنة'!!
كان موقعي إلي جواره دوماً، خلال اجتماعات المجلس العسكري مع قادة الأحزاب في الفترة من مارس إلي مايو 2012، كان الجدل يدور حول تشكيل جمعية تأسيسية جديدة، كان الصخب يتزايد، وكان 'السيسي' يكتفي فقط بتسجيل ملاحظاته.
سألته في إحدي المرات: لماذا الصمت علي الفوضي السائدة في الشارع والتطاول علي رجال القوات المسلحة من بعض العناصر التي تسعي إلي إسقاط الدولة؟ ابتسم بهدوء، وقال: 'أنت تعرف أن مصر مستهدفة، وأن الجيش مستهدف، وتدرك أننا نعيش حالة ثورية، كثير من الناس التي تتحرك في الشوارع، هم من أهلنا البسطاء، نحن أبناء المناطق الشعبية نعرف أهلنا ونعرف طبيعتهم، سيأتي وقت تتضح فيه الحقائق كاملة، ليس أمامنا سوي الصبر، نظر 'السيسي' إلي المشير طنطاوي الذي كان يجلس في منتصف الجلسة، وقال: 'هذا الرجل يتحمل الكثير، وغداً سيعرف الناس دوره، لا تقلق كثيراً'.
كانت كلماته برداً وسلاماً، شعرت بعمق رؤيته، وقدرته علي التحمل، وفهمه لحقائق الأمور، وهكذا أكدت أحداث عديدة، كان فيها طرفاً فاعلاً بشكل معلن أو من خلف ستار.
عندما وجد 'السيسي' نفسه وجهاً لوجه أمام محمد مرسي، لم يكن أمامه من خيار، أدي القسم، أدرك الخديعة بعد ذلك، ذهب إلي المشير طنطاوي، احتضنه بقوة، قال له: 'أنا مستعد أن أقدم استقالتي فوراً يا أفندم'..
كانت كلمات المشير طنطاوي محددة: 'أنت ابني يا عبد الفتاح، استمر ولا تتردد، أنا أعرفك جيداً، وأثق أنك ستحافظ علي الجيش، ومصر ستكون في أمان، طالما ظل جيشها قوياً وموحداً، أنا أديت رسالتي، والآن جاء دورك'.
كان 'السيسي' يدرك منذ البداية أن مهمته صعبة، وأن التحديات التي ستواجهه ليست بالهينة، كان يعرف أن مهمته منذ البداية هي الحفاظ علي الجيش واستعادة قدرته القتالية.
في اللقاء الأول بينه وبين مرسي، بعد اختياره وزيراً للدفاع، قال كلاماً محدداً: 'أنا لست إخوانياً أو سلفياً، والجيش لن يكون إخوانياً أو سلفياً أو حزبياً، الجيش هو جيش كل المصريين'!
لم يعترض محمد مرسي، لم يناقش 'السيسي'، قال كلمات محددة: 'ونحن نريده جيشاً لكل المصريين بالفعل، يحافظ علي أمن البلاد واستقرارها'..
كان 'مرسي' يظن أن الرجل سيكون تابعاً، ينفذ الأوامر والتعليمات، اعتقد أن قائد الجيش لن يعارضه مهما فعل، كيف يعارضه وهو القائد الأعلي، لقد تعود علي مبدأ السمع والطاعة وظن أن الجميع سيمضي معه علي ذات الطريق.
كان 'السيسي' يتذكر دوماً أنه واحد من أبناء هذا الشعب الطيب، البسيط، كان يعرف معني الوطنية والانتماء، كانت الجمالية بالنسبة له، هي الوطن، سمع من أهالي الحرنفش والبرقوقية كلمات ظلت راسخة في الذهن منذ الصغر.
هنا، حيث الأصالة وعبق التاريخ، هنا حيث سكن جمال عبد الناصر في حارة 'خميس العدسي'، القريبة من منزله، بعد مجيئه من الإسكندرية مباشرة، وعندما التحق بالجيش، وألحق نجليه بالكلية الحربية، كان يؤكد أن المدرسة العسكرية هي بيته، حياته ومستقبله، هي منبع الوطنية المصرية، أعطاها عمره، وها هو يدفع ابنيه علي ذات الطريق.
لم يكن 'السيسي' انقلابياً، لم يسع إلي سلطة، كان واضحاً وصريحاً، كلامه داخل الغرف المغلقة هو ذاته موقفه المعلن، ظل يحاول حتي اللحظة الأخيرة، أعطي أكثر من فرصة، كان يأمل أن يترجع 'مرسي' عن عناده، وأن يتوقف عن العبث بمؤسسات الدولة ومصالح الشعب، لكنه لم يجد آذاناً مصغية.
منذ الثاني عشر من أغسطس 2012، وجد الفريق أول السيسي نفسه علي رأس المؤسسة العسكرية، كان 'مرسي' يظن أن الرجل سيكون تابعاً، ينفذ الأوامر والتعليمات، اعتقد أن أحداً لن يستطيع أن يعارضه مهما فعل، وظن أن 'السيسي' يمضي علي ذات الطريق.
كان الاحتفال بالذكري التاسعة والثلاثين لانتصار أكتوبر 1973 هو البداية، بالونة الاختبار التي سيطلقها في وجه المؤسسة العسكرية.
كانت التعليمات الصادرة من مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان قد رسمت صورة الاحتفال وحددت أسماء المدعوين، جري تهميش وزير الدفاع، ثم رفض دعوة أي من أبطال أكتوبر 1973، وحتي المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، تم استبعادهما من حضور الاحتفال.
في المقابل، كان القرار بدعوة قتلة السادات لحضور الاحتفال، كان المشهد مثيراً للاستفزاز، شعر الفريق أول السيسي بالحسرة والألم، كتم غيظه، وفي اليوم التالي كان السيسي ينقل استنكار القوات المسلحة لدعوة قتلة السادات لتصدر مشهد الاحتفال في ظل غياب أبطال الانتصار.
أدرك 'السيسي' أن الرئيس مرسي تعمد الإساءة إلي القوات المسلحة بهذا الفعل، لكنه لم يسع إلي التصعيد.
كان أخطر ما يقلق 'الفريق أول' عبد الفتاح السيسي في هذا الوقت هو قضية الأمن القومي، كانت لديه معلومات خطيرة عن مخطط جماعة الإخوان بالاشتراك مع الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس لتنفيذ خطة إقامة دولة غزة الكبري علي أراضي سيناء.
في هذا الوقت قدمت المخابرات الحربية تقريراً إلي 'السيسي' يتضمن معلومات في منتهي الخطورة حول هذا المخطط وأبعاده وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات. لقد رصد تقرير المخابرات الحربية المقدم إلي القائد العام خمسة متغيرات هامة دلل بها علي حقيقة هذا المخطط وسبل مواجهته وهي:
1- بدء مرحلة جديدة من العلاقات مع إسرائيل تقوم علي أساس طي صفحة الماضي وبدء التواصل معها وهو ما عبرت عنه الرسالة التي بعث بها الرئيس محمد مرسي إلي الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في 19 يوليو 2012، والتي سلمها السفير المصري، عاطف سالم، بمناسبة اعتماده سفيراً لدي تل أبيب، كانت الرسالة تحوي كلمات من عينة 'عزيزي وصديقي العظيم، لي الشرف أن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة ولبلادكم من الرغد، صديقك الوفي' وقس علي ذلك.
2- الدور المشبوه الذي لعبه د.عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، في التوصل إلي اتفاق لهدنة دائمة بين إسرائيل وحماس، مع إدانة عمليات المقاومة ورعاية مرسي لهذا الاتفاق الذي جري توقيعه في 22 نوفمبر 2012.
3- وصول معلومات للمخابرات الحربية عن خطوات يعتزم مرسي الإقدام عليها والتي تضمن لأمريكا مراقبة الحدود بين مصر والعدو الإسرائيلي عبر أجهزة إلكترونية لرصد الأسلحة وعمليات التسلل داخل فلسطين والتجسس علي مصر أيضاً.
4- البدء في تنفيذ خطة تملك الفلسطينيين المنتمين إلي حماس للأراضي الملاصقة للحدود المصرية مع غزة، كتمهيد لإعلان دولة غزة الكبري علي مساحة إضافية تبلغ حوالي 720 كيلومتراً بطول الحدود حتي العريش.
5- فتح أبواب سيناء للإرهابيين من شتي أنحاء العالم ورصد المخابرات الحربية لدخول الآلاف منهم بطرق غير مشروعة إلي داخل سيناء، والبدء في فتح معسكرات للتدريب بالتعاون مع حركة حماس وعناصر فلسطينية أخري متطرفة.
كان الفريق أول عبد الفتاح السيسي -في هذا الوقت- يتابع بنفسه محاولات الاختراق، ومؤامرة تنفيذ مخطط غزة الكبري، ولذلك أصدر في الثالث والعشرين من ديسمبر 2012 - في خطوة استباقية - قراراً يحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة في المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية لمصر بمسافة 5 كيلومترات غرباً، ما عدا مدينة رفح، والمباني المقامة داخل الزمام وكردونات المدن فقط والمقامة علي الطبيعة قبل صدور القرار الجمهوري رقم 204 لسنة 2010.
لم يتوقف قرار القائد العام، الذي حمل رقم 203 لسنة 2012، عند هذه الحدود، بل امتد إلي حظر تملك أو انتفاع أو إيجار أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة في الجزر الواقعة في البحر الأحمر والمحميات الطبيعية والمناطق الأثرية وحرمها.
في هذا الوقت سعي البعض إلي تحريض بعض مشايخ سيناء بزعم أن القائد العام للقوات المسلحة يرفض تملك الأراضي المتاخمة للحدود لأهالي سيناء، وأن هناك مخططاً لهدم المناطق المجاورة، طلب المشايخ مقابلة محمد مرسي، عقد معهم لقاءً مطولاً حرضهم فيه علي 'السيسي'، وقال لهم: 'اذهبوا إلي السيسي وما تتوصلون إليه من حلول معه أنا لن أكون ضده'.
وذهب وفد المشايخ إلي 'السيسي' بالفعل، وكانوا غاضبين جداً، إلا أن 'السيسي'، الذي تحاور معهم لعدة ساعات، شرح لهم حقيقة المخطط، وقال لهم إن هناك آلاف الفلسطينيين ينتمون لحركة حماس ممن حصلوا علي الجنسية المصرية في عهد الرئيس مرسي يسعون إلي وضع أيديهم علي هذه الأراضي، ما يشكل خطورة علي الأمن القومي.
وبعد أن تفهم المشايخ أبعاد المخطط وحقيقته كان لهم موقف المؤيد والداعم لقرار 'السيسي'، بل أعلنوا وقوفهم معه صفاً واحداً للدفاع عن أراضي سيناء.
شكل هذا الموقف صدمة قوية للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان التي عقد مكتب الإرشاد بها اجتماعاً لمناقشة القرار الذي أصدره وزير الدفاع دون التشاور مع رئيس الجمهورية وبما يعرقل المخطط الذي جري الاتفاق عليه مع الأمريكان في وقت سابق.
منذ هذا الوقت قررت الجماعة وضع الفريق أول عبد الفتاح السيسي هدفاً لها، سعت إلي نشر الشائعات حوله، وتعمد أعضاؤها الإساءة إليه في الندوات والمؤتمرات، وتطاول المرشد شخصياً في أكثر من لقاء علي المؤسسة العسكرية.
كان 'مرسي' ينتظر اللحظة المناسبة لإبعاده، لم يكن البديل قد وجد بعد، لقد استبقه 'السيسي'، وأصدر قراراً بتعيين اللواء محمود حجازي، رئيساً للمخابرات الحربية، كان 'مرسي' يريد أن يزرع اللواء عباس مخيمر علي رأس هذا الجهاز، كان 'مخيمر' مسئولاً عن فرع الأمن الحربي في الجهاز في وقت سابق، لكنه انضم إلي حزب الحرية والعدالة خلال فترة التقاعد، وأصبح رئيساً للجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب الجديد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والذي كان الإخوان يشكلون فيه أغلبية كاسحة بمشاركة السلفيين وبعض التيارات الدينية الأخري.
كانت معركة مكتومة، لكن 'السيسي' حسم الأمر وأبلغ الرئيس، لم يكن أمام 'مرسي' من خيار، لقد أغلق 'السيسي' النافذة التي كان يريد 'مرسي' أن يطل من خلالها علي القوات المسلحة.
في هذا الوقت، كان خيرت الشاطر غاضباً من ضعف 'مرسي' أمام 'السيسي'، كان 'خيرت' يري أن هذه المعركة، لا تقل عن معركة الانقلاب علي المشير طنطاوي وقادة الجيش، وبخ محمد مرسي، وقال له لقد خسرت أول معركة أمام 'السيسي'، وأتمني ألا تدعه يحقق انتصاراً ثانياً.
كان 'مرسي' يهاب خيرت الشاطر، كان يدرك أنه الرجل الأقوي داخل الجماعة، يمتلك التنظيم والمال والخديعة أيضاً، كان 'مرسي' يعرف أن وصوله لرأس السلطة ضربة 'حظ' قد لا تتكرر، وكان يعرف أنه يمهد الطريق لخيرت الشاطر، ربما بعد دورة واحدة فقط من رئاسته للجمهورية.
لم يكن 'السيسي' مرتاحاً لخيرت الشاطر، كان يعرفه جيداً، لقد تحاور معه لعدة جلسات في مبني المخابرات الحربية، في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، بعضها جري بحضور المشير طنطاوي، كان 'السيسي' يعرف أن 'الشاطر' هو صانع القرار الحقيقي داخل الجماعة، وكان يعرف أن طموحه بلا حدود.
■ ■
قبيل الثاني والعشرين من نوفمبر 2012، رصد جهاز المخابرات الحربية اجتماعاً خطيراً لهيئة مكتب الإرشاد، تم فيه الاتفاق علي الإعلان الدستوري الجديد، الذي أحدث انقلاباً صامتاً في مصر.
كان خيرت الشاطر هو صاحب الفكرة، كانت كل المؤشرات تقول إن المحكمة الدستورية العليا سوف تصدر حكمها في الطعن المقدم بحل مجلس الشوري وإلغاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور في الثاني من ديسمبر، وكان 'الشاطر' يري أن الحكم سوف يصدر بحل مجلس الشوري أسوة بمجلس الشعب، ونفس الأمر بالنسبة للجمعية التأسيسية، التي لم يتلاف 'الإخوان' الأسباب التي أدت إلي حلها في العاشر من أبريل من ذات العام، وراحوا يعيدون تشكيلها بنفس المآخذ السابقة التي جري علي أساسها الحكم بالحل.
طلب 'الشاطر' في هذا الوقت إعداد المشروع في سرية تامة، رفض إطلاع نائب الرئيس 'محمود مكي' أو وزير العدل 'أحمد مكي' بمضمونه، لقد فوجئا كما فوجئ الكثيرون.
لقد جاء الإعلان الدستوري إلي محمد مرسي قبيل أن يعتمده رئيس الجمهورية بقليل، حاول 'مرسي' أن يعدل في المشروع، إلا أن خيرت الشاطر كان حاسماً في قراره، ولم يكن أمام 'مرسي' إلا الاستجابة.
بعد الإعلان مباشرة، أدرك الفريق أول عبد الفتاح السيسي خطورة الوضع، ذهب إلي الرئيس مرسي بعد أن طلب لقاءً عاجلاً، حذره من المشاكل التي ستنجم عن هذا الإعلان، قال له: 'إن الشعب لن يقبل، وإن الجماهير لن تسكت، وإن المظاهرات ستعود إلي الشوارع مجدداً'، إلا أن 'مرسي' كان له رأي آخر.
كان محمد مرسي يبدو غير مكترث بتحذيرات 'السيسي'، وجه اتهامات شديدة اللهجة إلي المحكمة الدستورية العليا، قال إنها من ذيول نظام مبارك، وإن حلها لمجلس الشعب كان حكماً سياسياً، وإنه لن يسمح بحل مجلس الشوري، أو حل الجمعية التأسيسية للدستور.
حاول 'السيسي' مع 'مرسي'، أكثر من مرة، غير أن 'مرسي' كان مصمماً علي موقفه، كانت المعلومات التي وصلت إلي 'مرسي'، عبر مكتب الإرشاد، تقول إن جهاز 'الرصد الشعبي'، وهو جهاز إخواني للمعلومات والاستخبارات، يقول: 'إن السيسي عقد تحالفاً مع اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، وإن الاجتماع الذي عقد بين الرجلين في يوم الخميس الثاني والعشرين من نوفمبر 2012 لم يكن بريئاً'! لم يكن الاجتماع تآمرياً، كما حاول مكتب الإرشاد تصويره للرئيس مرسي، بل إن هذا الاجتماع جاء علي خلفية حادثين خطيرين وقعا بين رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية، كان الأول قد وقع في شهر نوفمبر من ذات العام، عندما قام عدد من ضباط وجنود الجيش بمحاصرة قسم ثاني القاهرة الجديدة رداً علي حادث تعرض أحد أكمنة الشرطة لضابط بالقوات المسلحة، حيث أبلغ وحدته بالاعتداء عليه، فتمت محاصرة قسم الشرطة وحدثت أزمة عنيفة بين الجانبين.
أما الحادث الثاني فقد وقع في مدينة الإسكندرية عندما انتشرت شائعة عن احتجاز أحد أقسام الشرطة لضابط من القوات البحرية، فقام زملاؤه باقتحام قسم الشرطة وتفتيشه ولم يعثروا علي زميلهم.
في هذا الوقت تم الاتفاق بين وزيري الدفاع والداخلية علي عقد لقاء عاجل لإنهاء هذه الأزمة المتصاعدة.
عقد اللقاء بمقر القرية الأولمبية بنادي الدفاع الجوي بالتجمع الخامس وبحضور 1500 من ضباط الجيش والشرطة. في هذا اللقاء تحدث الفريق أول السيسي وقال: 'علينا أن نعرف أن ما يراد بمصر لن يتحقق إلا لو استطاع الأعداء هزيمتنا، نحن الجيش والشرطة'، وقال: 'إن هناك مخططات لإيذاء الجيش علي حدة، وأخري لإيذاء الشرطة علي حدة، ولا بد أن يكون الحرص علي البلد أكبر منا جميعاً'.
لقد خاطب 'السيسي' جموع الحاضرين في هذا اليوم بالقول: أنتم تحملتم من أجل بلدكم الكثير، ويجب أن ننظر إلي مصر أولاً قبل أي شيء، لأننا لو انكسرنا لن تقوم لمصر قائمة!!
أما اللواء أحمد جمال الدين فقد قال في كلمته: 'لن نسمح بأي محاولات للوقيعة بين الجيش والشرطة، البلد مستهدف، وهناك من يريد إحداث الشقاق بين أهل البيت الواحد'!
عندما تسربت أنباء هذا الاجتماع إلي مكتب الإرشاد وتفاصيل ما جري بداخله، احتقن الرأي العام داخل المكتب ضد الوزيرين، لقد رأي خيرت الشاطر أن الجيش والشرطة يتحالفان ضد الرئيس وضد الجماعة، وأن من شأن هذا التحالف أن يعرقل مخطط الأخونة في أقرب وقت ممكن.
لم يكن خيرت الشاطر مقتنعاً بأن ثلاثة لقاءات جرت بين قادة الجيش والشرطة في أقل من شهر هدفها فقط إزالة التوتر بين الجانبين، كان يعرف أن الهدف أكبر من ذلك بكثير، لقد تعامل مع الأمر بعقلية تآمرية، وراح يحرض 'مرسي' بالقول: 'إن هذه اللقاءات مثيرة للشبهات لأنها جرت بغير حضور أو دعوة رئيس الجمهورية، بل تم تجاهل الحديث عن الرئيس ولو بكلمة واحدة ترد علي لسان الوزيرين'.
وفي التاسع عشر من ديسمبر كانت صحيفة 'الجريدة' الكويتية تنشر خبراً نقلاً عن مصادر مقربة يقول: 'إن شكوكاً تزايدت لدي جماعة الإخوان بعد تكرار اللقاءات الثنائية بين وزيري الدفاع والداخلية وتزايد التصريحات الصادرة عن المؤسسة العسكرية والتي تؤكد ولاء القوات المسلحة للشعب'.
لم يحاول 'مرسي' ولو مرة واحدة أن يفاتح 'السيسي' في الأمر، انتظر اللحظة المناسبة لإصدار قرار بإقالته هو واللواء أحمد جمال الدين دفعة واحدة، كان يبحث عن البديل المقبول في المؤسسة العسكرية وينتظر اللحظة المناسبة. الإثنين القادم: الحلقة الثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.