أقر القس الأميركي المتطرف تيري جونز أنه لم يقرأ القرآن الكريم ولم يطلع حتي علي بعض ما جاء فيه، وكان جونز تراجع عن تهديده بحرق نسخ من المصحف الشريف بذكري هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بعد موجة استياء واسعة علي الصعيدين الرسمي والشعبي، ومناشدة الرئيس الأميركي باراك أوباما عدم تنفيذ خطته.. وقال جونز - الذي يتزعم كنيسة بمنطقة جينسفيل بولاية فلوريدا لا يتجاوز أتباعها الخمسين - لمراسل الجزيرة محمد العلمي إنه لا يعرف القرآن "ولا أعرف ماذا يقول القرآن، لكنني أعرف ما يقوله الإنجيل عن القرآن".. ورغم تراجعه عن حرق المصحف في ذكري سبتمبر وعدم اطلاعه علي محتواه.. قال جونز إن لديه الرغبة في حرقه، مشيرا إلي أن تراجعه يأتي في مقابل تخلي المسلمين عن بناء مركز إسلامي قرب موقع هجمات سبتمبر.. وأشار القس إلي أنه ما زال بإمكان المسلمين بناء المسجد في نيويورك لكن في مكان آخر ليس قريبا من برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك اللذين دمرا بهجمات سبتمبر، مضيفا "كل ما نطلبه هو تغيير المكان وبعد ذلك لن نحرق القرآن". وقد وصل القس جونز - الذي أحيط بإجراءات أمن مشددة - نيويورك لحضور احتفالات إحياء ذكري هجمات سبتمبر، لكنه رفض الرد علي أسئلة الصحفيين الذين كانوا في انتظاره لدي وصوله. وكان جونز أعطي أمس الجمعة إمام المسجد الذي سيبني ضمن مركز ثقافي إسلامي في نيويورك فيصل عبد الرؤوف مهلة ساعتين للرد علي طلبه بتغيير مكان بنائه، لكنه لم يتلق منه أي جواب. جاء ذلك بعد أن أعلن جونز أول أمس - عقب اتصال تلقاه من وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس - أنه ألغي خطته لحرق نسخ من القرآن الكريم بعد توصله لاتفاق مع إمام مسجد نيويورك لنقل مشروع بناء المسجد من موقعه الحالي، لكنه تراجع لاحقا وقال إنه علق خطته ولم يلغها، وقد يعيد النظر في تنفيذها. وقد أكد عبد الرؤوف أنه لم يجر اتصالا مع جونز، ولم يعقد معه أي صفقات بشأن نقل موقع المركز الثقافي الإسلامي المسمي قرطبة بنيويورك. وبعد العديد من التصريحات المتضاربة للقس جونز، قال ابنه لوك جونز إن حرق نسخ القرآن لن يتم اليوم السبت بالتأكيد، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية حدوث ذلك في وقت لاحق. وفي هذا السياق قال زعيم كنيسة إنجيلية بولاية فلوريدا الأميركية إن خطة كنيسة القس جونز لإحراق نسخ من المصحف ألغيت تماما ولن تتم. وقال القس كي إيه بول - الذي يسعي للتوسط في عاصفة الاحتجاجات التي أثارتها خطة إحراق نسخ من المصحف الشريف - في مؤتمر صحفي "أريد أن أكون واضحا وأؤكد مائة بالمائة أنه لن تجري عملية حرق للقرآن يوم غد 'اليوم' في الساعة السادسة مساء كما كان مخططا". وأثارت حملة القس جونز لحرق المصحف موجة استياء واسعة علي الصعيدين الرسمي والشعبي، واستنكرها العديد من القيادات السياسية وعلي رأسها الرئيس الأميركي باراك أوباما. فقد حذر أوباما في مؤتمر صحفي أمس من أن المضي بخطة حرق نسخ من المصحف الشريف يمكن أن يسبب أضرارا فادحة للمصالح الأميركية في الخارج، ويتسبب في عمليات انتقامية ضد القوات الأميركية في أفغانستان ومناطق أخري، معربا عن أمله أن يحجم جونز عن مسعاه. وأكد أن حرق المصحف يمثل انتهاكا للقيم الأميركية ويسبب "ضررا شديدا" للولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم، منبها إلي أن عدو الأميركيين هو تنظيم القاعدة و"الجماعات الإرهابية التي هاجمت البلاد وما زالت تتآمر لإيذائها"، وليس الدين الإسلامي، ودعا الشعب الأميركي للتحلي بالتسامح والوحدة. وعلي الصعيد الشعبي تواصلت ردود الفعل والمظاهرات عبر العالم تنديدا بعزم القس جونز إحراق نسخ من المصحف الشريف، فقد تظاهر آلاف الأفغانيين لليوم الثاني علي التوالي في بدخشان شمالي أفغانستان رغم تعليق خطط الحرق. وكانت المنطقة نفسها شهدت أمس الجمعة كبري المظاهرات، حيث قتل متظاهر برصاص قوات حلف شمال الأطلسي 'ناتو' وجرح 11 آخرون. وفي إيران خرج المئات بعد صلاة الجمعة في العاصمة طهران للتنديد بخطة حرق نسخ من المصحف. كما اندلعت مظاهرات احتجاجية غاضبة في مصر وليبيا وعدد من الدول العربية.