أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بدون مصر ومن يدّعي غير ذلك فهو لا يعرف المنطقة وتاريخها.. قائلا: 'إن مصر تعد أكبر بلد عربي من حيث السكان إذ تشكل لوحدها 25% من المجتمع العربي واستقرارها وأمنها واعتدالها ودورها المحوري ينعكس إيجابيا علي المنطقة ككل'. ووفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي، اليوم السبت، شدد العاهل الأردني علي أن العرب والمسلمين بحاجة لدور مصر المحوري في نشر الأمن والاستقرار والاعتدال وأن تعود قوية وفاعلة وتحمي كل مكونات الشعب المصري، خاصة وأنها في قلب العالم العربي والإسلامي وحلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا. ونقل البيان عن الملك عبد الله الثاني قوله – في مقابلة مع صحيفة 'الحياة' اللندنية نشرت اليوم –' إننا ندعم مساعي مصر للعودة إلي الاستقرار والأمن الكامل والتصدي للإرهاب ونبذه، ونعول علي استمرار الدور التاريخي للأزهر الشريف في الدفاع عن صورة الإسلام الحنيف وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتآخي والتعايش' مؤكدا في الوقت ذاته علي أن الأردن لا يتدخل في الشأن الداخلي لأي من الأشقاء العرب وهذه من ركائز السياسية الخارجية الأردنية. وتابع 'إن فترة الولاية الرئاسية القادمة بشكل شامل تعد محطة مهمة لمستقبل مصر وتتطلب قيادة قوية تتمتع بثقة غالبية المصريين، وحكيمة وقادرة علي قيادة هذا البلد الشقيق ومؤسساته الراسخة إلي بر الأمان خلال هذه الفترة، والتصدي للتحديات الأمنية الداخلية وللمساهمة في استعادة الاستقرار في الدول المحيطة به والمهمة لنا جميعا في الدول العربية'. ونوه بضرورة المضي قدما في خارطة الطريق التي تحظي بتوافق الأغلبية في مصر بما تتضمنه من محطات إصلاحية وديمقراطية في هذه التحولات الدقيقة، قائلا 'إننا سنحترم دائما خيارات الشعب المصري الشقيق وندعم من يختاره ويثق به ليمثله ويحمي مصالحه وهو الذي سيقرر والتاريخ سيبيِّن من عمل لمصر ومن عمل ضدها'. وحول القمة العربية القادمة في الكويت.. شدد العاهل الأردني علي أن هذه القمة تأتي في وقت يواجه فيه العالم العربي تحديات مصيرية في ظل تغيرات إقليمية وعالمية مستمرة أبرزها التجاذبات والتنافس بين أبرز القوي الدولية، وتحديات اقتصادية وأمنية كبيرة.. مشيرا إلي أن انعقاد القمة يتزامن أيضا مع حاجة الدول العربية الماسة لاستعادة زخم العمل العربي المشترك كإطار لمواجهة التحديات. وفيما يتعلق بلقائه الأخير مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.. أفاد الملك عبد الله الثاني بأنه أكد خلاله علي ضرورة ضمان المصالح الأردنية في قضايا الحل النهائي، قائلا 'إنه كي تقوم الحلول العادلة والمستدامة يجب أن تكفل المصالح الأردنية العليا والمرتبطة بقضايا الحل النهائي خاصة القدس، اللاجئين، الحدود، الأمن، والمياه'. وشدد الملك عبد الله الثاني علي مركزية القضية الفلسطينية وارتباط أمن واستقرار المنطقة وما هو أبعد منها بحل هذه القضية بشكل عادل وشامل خاصة وأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل النزاع الأطول عمرا في المنطقة، بما يجسده من غياب للعدالة والظلم المستمر، وسيكون حله مدخلا لمعالجة العديد من تحديات الإقليم. وبالنسبة لتطورات عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال العاهل الأردني 'إن السلام المستدام يتطلب انخراط الأردن وضمان مصالحه العليا ولن نقبل بأي شكل من الأشكال بحل علي حسابه وشعبه'.. مضيفا 'تلوح اليوم فرصة حقيقية لإيجاد حل سلمي عادل وشامل والأردن يقوم بدور بنّاء في تقريب وجهات النظر والوصول إلي حلول تكفل حق الفلسطينيين في إقامة دولة ذات سيادة وفق مبادرة السلام العربية وتوفر الضمانات الأمنية الضرورية لأمن واستقرار كل دول المنطقة'. وحول ما يسمي بالوطن البديل، أجاب الملك عبد الله الثاني 'بأنه إذا كان المقصود بالوطن البديل الأوهام التي يروج لها متشددون إسرائيليون يتوهمون بإمكانية إفراغ الأراضي الفلسطينية من أهلها وإقصائهم إلي الأردن فهذه فعلا أوهام.. إن الظرف الدولي والموضوعي والوطنية والدولة الأردنية بمؤسساتها الراسخة والوطنية الفلسطينية جميعها ستكون الصخرة التي ستتحطم عليها هذه الأوهام'. وتابع 'أما إذا كان الحديث عن الوطن البديل هو مدخل لبث سموم المحاصصة السياسية في الأردن وفرز الناس وشحنهم علي أساس الأصول والمناطق، فالهوية الوطنية الأردنية جامعة والشعب الأردني بكل مكوناته كفيل بردع مثل هذا الخطاب الهدّام'.. مشيرا إلي أن الأردن وعلي مدار سنوات النزاع العربي الإسرائيلي وبعد إقرار معاهدة السلام مع إسرائيل التزم بمواقف وسياسات داعمة للشعب الفلسطيني ولاستمراره في وجوده علي أرضه بحرية وكرامة ولحقه في إقامة دولته المستقلة'. وفيما يتصل بالزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما قريبا إلي المملكة العربية السعودية، أعرب العاهل الأردني عن أمله في أن تكون نقطة إيجابية إضافية في سجل العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة والأشقاء في السعودية، قائلا 'إنني لمست خلال لقائي الأخير مع الرئيس أوباما مدي تقديره لأهمية دول الخليج وقياداتها ومدي حرصه علي تعميق العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين الجانبين'. وأكد حرص الأردن علي إبقاء قنوات التواصل بين الدول العربية الشقيقة والولاياتالمتحدة في أفضل المستويات لنقل قضايا المنطقة وهموم شعوبها والتحديات الاستراتيجية وإبقائها علي رأس الأجندة الدولية وحاضرة في عواصم القرار العالمي.. معربا عن أمله في أن توفر زيارة الرئيس أوباما القادمة نافذة لإحراز تقدم إيجابي في مسائل ترتبط بعملية السلام والوضع في سوريا، قائلا 'إنني لمست دوما من الطرفين السعودي والأمريكي حرصا علي تجاوز أي سوء فهم أو تباين في وجهات النظر'. وحول الأزمة السورية، قال الملك عبد الله الثاني'لا أعتقد بأن سوريا قادرة علي الاستمرار في نزاع بهذه الوتيرة من العنف والحدة لسنوات طويلة لأنه يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي السوري وبتدمير بنيتها ومؤسساتها وبالانزلاق لا قدر الله نحو سيناريو الدولة الفاشلة'. وأضاف 'لذا يجب أن لا نسمح لهذا النزاع بالاستمرار، وعلي الدول العربية جميعا ودول الجوار المعنية والمجتمع الدولي العمل بشكل جدي من أجل إنهاء كافة جوانب الصراع، ومعالجة مأساة اللاجئين السوريين، وإنجاح حل سياسي يُفضي لمرحلة انتقالية شاملة تتوافق عليه مكونات المجتمع السوري ويكفل وحدة سوريا وسيادتها ويمثل جميع أطياف الشعب السوري، ويرتكز إلي عملية إعادة بناء نابعة من الداخل'. وعن مخاطر التقسيم في سوريا.. أجاب العاهل الأردني 'إن كل سيناريوهات التقسيم كارثية النتائج علي سوريا والمنطقة، كما أن التقسيم والتفكك سينتج كيانات هشة تشكل عبئا أمنيا وبشريا علي جيرانها، وقد يغذي توجهات انفصالية خطيرة في المنطقة'. وبالنسبة لتطورات الأوضاع علي الساحة العراقية، قال الملك عبد الله الثاني 'إن الأردن حريص جدا علي استقرار العراق ووحدته وانسجام مكوناته.. ونحن نقف علي مسافة واحدة من جميع أطراف الطيف والمشهد السياسي هناك.. وتعاملنا معه يتم عبر قنوات مؤسسية رسمية تثريه علاقات اجتماعية وطيدة بين الشعبين'. وفيما يتصل بلبنان وتداعيات الأزمة السورية عليه، أجاب العاهل الأردني قائلا 'إنه طالما حذرنا من تداعيات الأزمة السورية واستمرارها علي دول الجوار وكنا دائما إلي جانب لبنان في كل المحافل العربية والدولية لحشد الدعم الإغاثي، وتمكينه من التعامل مع التبعات الإنسانية للأزمة السورية'.. مضيفا 'إن الوضع الأمني والسياسي في لبنان دقيق، وهو يحاول جاهدا النأي بنفسه عن الانجرار إلي الأزمة السورية، فتركيبته لا تحتمل من أي طرف لبناني أن يتدخل في هذه الأزمة، فيقحم كل لبنان في تبعاتها'.