دخل الطالب لجنة الامتحان, بدأالمراقب يوزع ورق الاجابات, ويوضح التعليمات الخاصة بالاجابة. وضع المراقب ورقة الاسئلة أمام الطالب فتهلل وجهه, ظن المراقب ذلك نبوغا منه, فهو الطالب الوحيد في اللجنة الذي ابتسم عندما رآي ورقة الاسئلة والجميع من حوله مرعوبون, يجيبون علي وجل والقلق باد علي وجوههم خشية الرسوب في الامتحان. ولكن في الحقيقة ان الطالب لم يكن قد قرأ الاسئلة لكن أعجبه شكل ورقة الاسئلة فلقد كانت الأسئلة مكتوبة بألوان مبهجة والورقة من حولها مزركشة فوضع الطالب ورقة الاسئلة امامه ومضي يزينها ويرسم فيها رسوما جميلة في كل ناحية, ويزخرف ويزركش كل جزء منها, لفت المراقب نظره الي الوقت الضيق للامتحان والاسئلة الكثيرة التي وراءه, فلم يلتفت لكلامه ومضي يرسم ويلون في ورقة الاسئلة, لفت انتباهه ان ورقة الاسئلة هذه لا يعتد بها وان ما سيحاسب عليه هو ما كتبه في ورقة الاجابة وأعاد عليه أن وقت الامتحان ضيق أصلا, فرد عليه ببساطة أنه حينما يفرغ من زركشة ورقة الاسئلة التي أعجبته فسيشرع في اجابة الاسئلة في ورقة الاجابة, حاول المراقب ان يفهمه ان الوقت لا يتسع سوي للاجابة ولكن بلا طائل, تركه المراقب ومضي يمر علي زملائه الذين كانوا علي وجل وظهر علي وجوههم الرعب في بدايت الوقت فوجد بعضهم وقد شمروا ساعد الهم وشرعوا يكتبون ويجيبون بكل عزم وتركيز ويحاولون أن لا يشغلوا انفسهم بأي ضوضاء أو تشتت في اللجنة منهمكون تماما, فهم قد قدروا للأمتحان قدره وللوقت أهميته وأن لكل سؤال وقت محدد ليجيبوا عليه حتي ينتقلوا الي باقي الاسئلة, وآخرون من شدة خوفهم وهلعهم انخرطوا في بكاء شديد فلم يستطيعوا الأجابة حتي عن الاسئلة التي يعرفونها من شدة التوتر, وغيرهم يحاولون الغش ويسترقون بعض الاجابات من ورق الذين هم أمامهم منهمكين في الاجابة, وآخرون يحاولون أن يجيبوا الأسئلة التي يعرفونها بقدر طاقتهم وما درسوه سابقا يصيبون تارة ويخطئون تارة اخري ولكنهم يحاولون. اما صاحبنا هذا فكان وياللعجب لا يزال منهمكا في زركشة ورقة الاسئلة, والآن وقد أوشك الوقت علي الانتهاء كل مشغول بحاله من أخذ الأمر مأخذ الجد الآن يراجع ويضع اللمسات الأخيرة في ورقة الاجابة ليطمئن أن جميع الاجابات صحيحة, ومن حاولوا أجابوا معظم الأجابات ويحاولون التفكير ولو في بعض كلمات يرصونها حتي لايتركوا ورقة الاجابة فارغة من باق الاسئلة ويتندمون ويلومون انفسهم أنهم لم يذاكروا جيدا ولم يعملوا حساب هذا اليوم علي الوجه الذي يستحقه, وهؤلاء الذين كانوا هلعون مرعوبون يتندمون علي أنهم ضيعوا وقت الامتحان في النحيب بدلا من الأجابة بقدر المستطاع حتي يصلوا ولو للدرجة الصغري للنجاح بدلا من الرسوب, وأما الذين كانوا يغشون فقد أدركوا أن الفهلوة والغش لن ينفعهم شيئا عندما ينتهي وقت الامتحان, واما صاحبنا وقد بدأ يري القلق يعلو الوجوه والحسرة تخرج في أصوات طلاب آخرين فقد التفت الي ساعته وأدرك أن الوقت موشك علي النفاد فامسك بورقة الاجابة والقلم وبدأ ينظر في ورقة الاسئلة ولكن هذه المرة ليجيب أول سؤال وما أن وضع القلم علي الورقة لائما نفسه علي كل ما ضيعه من وقت وكل ما فات, حتي وقف المراقب أمامه وجذب منه ورقة الاجابة, حاول أن يستغيث به, حاول ان يستعطفه, حاول أن يستجديه, حاول أن يتمسك بورقة الاجابة لكن هذه المرة المراقب هو الذي لم يلتفت لكلامه ونحيبه وبكائه, بل نظر اليه بكل استهزاء فلطالما نصحه وحذره أن يلتفت للأسئلة المطالب بها بل واستجداه أن يلتفت للاجابة في ورق الاجابة لكنه استهان بكل نصح وكلام, الآن البكاء والنحيب والرجاء أن يعطي فرصة اخري ليعيد الأمتحان ويصحح أخطاءه ويبدأ الاجابة من جديد. لقد انتهي وقت الامتحان وضاع وقت الاجابة, ولم يبق سوي اعلان النتيجة ليفرح الناجحون الفائزون بنتاج كدهم وتعبهم, ويثاب كل واحد علي قدر كده وتعبه ويثاب كل واحد علي قدر درجاته ويحزن الراسبون ويجنون جزاء كسلهم واستهانتهم ويندم التائهون المضيعون لعمرهم بلا عمل ولا معني لأيامهم, فعندما ينتهي وقت الامتحان لا يكون للعمل قيمة ولايبق سوي الفرح بالنجاح والفلاح أوالندم والحرمان والحسرة علي ما فات وما كان.