تعرف على كيفية ضبط ساعتك على الوقيت الصيفي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    التحالف يتصدى لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون    هل يبيع الزمالك زيزو لحل أزمة إيقاف القيد؟.. عضو الأبيض يكشف التفاصيل    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس 25- 4- 2024 في جميع البطولات    حالة الطقس غدًا.. أمطار رعدية ونشاط الرياح المثيرة للرمال والأتربة    تغير مفاجئ في حالة الطقس.. «الأرصاد» توضح سبب انخفاض درجات الحرارة    رحلة عطاء فنية| الاحتفاء بالفنان الراحل أشرف عبد الغفور بالمسرح القومي    فريد زهران: «رقمنة» دار الكتب الحل الجذري لاستيعاب زيادة عدد الناشرين    وفاء وايتن عامر في حفل زفاف ابنة بدرية طلبة    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    كرة السلة، ترتيب مجموعة الأهلي في تصفيات ال bal 4    عماد النحاس يكشف توقعه لمباراة الأهلي ومازيمبي    منسق مبادرة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: الحملة امتدت لمحافظات أخرى بعد نجاحها..فيديو    تجربة بكين .. تعبئة السوق بالسيارات الكهربائية الرخيصة وإنهاء الاستيراد    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا من بيت فوريك ويقتحم بيت دجن    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    يسرا اللوزي تكشف كواليس تصوير مسلسل "صلة رحم"|فيديو    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    ثلاثة منتجات توابل مستوردة من الهند تسبب السرطان.. ما القصة؟    وزيرة التضامن: المدارس المجتمعية تمثل فرصة ثانية لاستكمال التعليم    لبنان.. طيران إسرائيل الحربي يشن غارتين على بلدة مارون الرأس    ما موعد انتهاء مبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بعد آخر انخفاض    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    وزير الرياضة يتفقد استعدادات مصر لاستضافة بطولة الجودو الأفريقية    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أخبار الفن|طلاق الفنان أحمد جمال من زوجته سارة قمر.. وشريف منير يروّج ل«السرب».. وهذه الصور الأولى من زفاف ابنة بدرية طلبة    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زي النهارده».. بداية الحرب الأمريكية الإسبانية 25 إبريل 1898    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    تجديد اعتماد كلية الدراسات الإسلامية والعربية ب«أزهر الاسكندرية»    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اضرب المربوط
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 02 - 2014

كان مرسي يدرك أنه لن يسيطر علي مؤسسات الدولة إلا إذا تخلص من كل الدين يعرقلون مسيرته، كان يري أن الجميع يتربصون به، ويريدون إفشاله، أطلق الوعود في حملته الانتخابية، وعد الكثيرين، لكنه عندما فكر في الأمر جيدًا، قرر التخلي عنهم جميعًا، وعد حزب النور بمناصب ومقاعد ونائب للرئيس، لكنه أعطاهم ظهره، وأنكر كل ما تعهد به، أدرك الحزب أنه تعرض لخديعة استراتيجية كبري، بعد أن وعدهم مرسي بالكثير، حيث كانوا قد رشحوا له عددًا من كوادرهم لتولي عدد من الحقائب الوزارية، فوجئوا بأن كل المعروض عليهم هو وزارة البيئة فقط، تساءل قادة الحزب في هذا الوقت: وماذا نفعل بحقيبة البيئة؟! فرد عليهم بكل جليطة: 'خدوا البيئة وبعدين ندور علي الباقي'!.
كانت الصدمة كبيرة لقادة الحزب، الذين وقفوا مع الإخوان في كل أزماتهم ومعاركهم تحت قبة البرلمان، وقد أدركوا الآن أنهم خُدعوا وأن مرسي تعامل معهم بنظرية 'الاستبن'، وأنه لن يتردد في إبعادهم وطردهم، فلم يعد لهم دور بعد أن حسم الإخوان أمرهم، ووصلوا إلي السلطة!.
يومها أصدر حزب النور بيانًا أبدي فيه غضبه وندمه وحسرته، وقال الحزب في بيانه الصادر في 2 أغسطس 2012: 'إنهم فوجئوا بعد خطاب تنصيب مرسي علي مقعد الرئاسة بالانقطاع التام للاتصالات بينهم وبين الإخوان، سواء الحزب أو مؤسسة الرئاسة' وقال الحزب: 'لقد تم تجاهل أي تنسيق أو تشاور أو مجرد استطلاع للرأي أو محاولة للتعرف علي الكفاءات الفنية والإدارية لحزب النور وجميع القوي السياسية'، وهو أيضًا ما دعا د.طارق السهري وكيل مجلس الشوري والقيادي في حزب النور إلي أن يتساءل بحسرة كبيرة قائلًا: 'إن حزب النور تلقي أكثر من وعد من حزب الحرية والعدالة ومن د.مرسي بتولي وزارات معينة، وأن حزب النور تقدم بمجموعة من الكفاءات للاستعانة بهم في الحكومة إلا إننا فوجئنا بهذا التشكيل الصادم'.
كان كلام طارق السهري دبلوماسيًا، ولكن أحمد الشريف النائب السلفي السابق، وصف حكومة قنديل التي شكلها الإخوان 'بأنها حكومة الحزب الوطني الإخواني، لا سلفي ولا تلفي، وأن من يجلس علي الكرسي فيها إما إخوانيًا أو نصرانيًا أو علمانيًا'.
عندما جلس قادة حزب النور لمراجعة الأمر، ومعرفة الأسباب التي دفعت الإخوان إلي إبعادهم وعزلهم وتعمد تجاهلهم، أدركوا أن مرسي وجماعته أرادوا أن يردوا إليهم الصاع صاعين، وأنهم يحاسبونهم بأثر عكسي، بسبب مواقفهم الخلافية خصوصًا تحت قبة البرلمان، وتحديدًا رفضهم المضي مع الإخوان في مخطط عزل الجنزوري وحكومته..
حاول بعض قادة حزب النور الاتصال بمحمد مرسي لتذكيره بوعوده لهم، إلا أنه تجاهل الرد عليهم، وعندما التقاه أحد قادتهم وسأله عن السبب الحقيقي وراء هذا الموقف غير المتوقع؟! رد عليه مرسي بكل صلافة وقال: 'متنسوش إنكم دعمتم عبد المنعم أبو الفتوح ووقفتم ضدي'، وعندما قال له القيادي السلفي ولكننا في الإعادة وقفنا معك، رد عليه وقال: 'أشك'!! لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر الانتقام من حزب النور ورموزه بهدف القضاء عليهم نهائيًا وتشويه سمعتهم والإساءة إلي أشخاصهم.
لقد اضطر مرسي اضطرارًا إلي تعيين د.خالد علم الدين الأستاذ بقسم علوم البحار في كلية العلوم جامعة الإسكندرية مستشارًا له لشئون البيئة حتي يرضي حزب النور، خصوصًا بعد أن رفض الحزب الفتات المقدم إليه من جماعة الإخوان بتعيين خالد علم الدين وزيرًا للبيئة.
لم يرض محمد مرسي عن الظهور الدائم لخالد علم الدين في الفضائيات، بخلاف مستشارين آخرين لم يكن لهم أي ظهور علي الإطلاق، قال مرسي لمعاونيه: 'الواد ده خطر، بيتنطط كتير في الفضائيات ويقول كلامًا غير مسئول، لازم نظبطه'.
كان خالد علم الدين وقبل عزله، في 17 فبراير 2013 بخمسة أيام، قد قال علي فضائية صدي البلد: 'إن الرئيس محمد مرسي كان ولا يزال عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين وهو يفخر بذلك، ولم يتنصل في أي وقت من انتسابه لها، كما أنه استقال من رئاسة حزب الحرية والعدالة إلا أنه لا يزال منتميًا له، خصوصًا أنه قاده لمرحلة كبيرة'.
ساعتها قامت الدنيا ولم تقعد، وأصدرت الجماعة قرارها لمحمد مرسي بإبعاد خالد علم الدين من موقعه الرئاسي ولكن بفضيحة، فبدأ الإخوان، بل ومؤسسة الرئاسة، سياسة الضرب من تحت الحزام، والإشارة إلي أن د.خالد علم الدين متورط في قضايا فساد، لكن خالد علم الدين ردّ علي ذلك بالقول: 'إن الرئاسة تستخف بعقول المصريين'.
وبعد جدل ووساطات عديدة تبين كذب الادعاءات التي ساقتها مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان ضد خالد علم الدين، مما دفع المهندس 'جلال المرة' أمين عام حزب النور إلي القول: 'إنه بعد أن تبين براءة الذمة الشخصية للدكتور خالد علم الدين، كنا نتمني أن تقوم مؤسسة الرئاسة بإصدار بيان بألفاظ وعبارات واضحة لا تشوبها أية شائبة من الشك وتحمل نفس المعني'.
حاول الحزب الحصول ولو علي بيان واحد من الرئاسة يبدي اعتذارًا عن إهانتهم لواحد من رموزهم، إلا أن مرسي رفض ذلك وصمم علي رفض أية وساطات تهدف إلي عودة علم الدين إلي موقعه، أو الاعتذار عن التلميحات التي صدرت من الرئاسة والتي تشير إلي تورطه في قضايا فساد واستغلال نفوذ، مما دعا خالد علم الدين إلي إصدار تصريح لصحيفة الشرق الأوسط في هذا الوقت قال فيه 'إن جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة لا يستطيعون التعامل مع التحديات التي تواجهها الدولة، وأن حزب النور حاول مد يد الإنقاذ للإخوان لإنقاذ الدولة، وإنقاذهم أيضًا لاستيعاب خطورة ممارستهم التي تزيد من الأزمة السياسية في الشارع، ولكنهم لا يتقبلون هذا الأمر'.
وأمام هذا العناد، لم يجد الدكتور 'بسام الزرقا' نائب رئيس حزب النور، ومستشار الرئيس مرسي أمامه من خيار سوي أن يتقدم هو الآخر باستقالته من موقعه الرئاسي بسبب اتهامات الرئاسة لعلم الدين باستغلال منصبه.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده حزب النور بكي د.خالد علم الدين أمام الحاضرين لإحساسه بالمهانة بسبب بيان رئاسة الجمهورية الذي شكك في ذمته وقال: 'إن إقالته تمت بطريقة مهينة' وقال: 'بدلًا من تكريمي علي المجهود الذي بذلته طيلة الفترة الماضية فوجئت بإقالتي' وقال: 'إن ما حدث معي هو غدر وطعن في الظهر وبدم باردً' وطلب من الرئيس مرسي اعتذارًا بسبب الإهانة التي تلقاها علي يديه، وقال: 'إنه طلب مقابلة الرئيس منذ ثلاثة أشهر لعرض بعض المشكلات عليه إلا إنه لم يتمكن من ذلك'!!.
وعندما عرض بعض كبار الدعوة السلفية علي الرئيس مرسي أن تقوم مؤسسة الرئاسة بتقديم اعتذار للدكتور خالد علم الدين علي ما بدر تجاهه لإنهاء الأزمة مع حزب النور، رد عليهم مرسي بكل برود قائلًا: 'نحن لا نعتذر لأحد، ويعملوا اللي عاوزين يعملوه'!!.
لم تكن تلك هي محاولة الغدر الوحيدة التي قام بها مرسي ضد من مدوا إليه يد العون والمساعدة قبل وبعد انتخابه رئيسًا للجمهورية، لقد فعلها أيضًا مع آخرين وبطريقة مهينة.
في السادس من أغسطس 2012، وبعد يوم واحد من وقوع حادث رفح، الذي أودي بحياة ستة عشر جنديًا، وأصاب سبعة آخرين، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطني، تقدم مراسل وكالة الأناضول - وثيقة الصلة بالإخوان - من اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة، في ذلك الوقت، وسأله عن مدي علم المخابرات العامة بالحادث قبل وقوعه، هنا رد اللواء موافي بتلقائية شديدة قائلًا: 'إن جهاز المخابرات كانت لديه معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بالقيام بهجوم إرهابي يستهدف وحدات عسكرية في سيناء قبل وقوع حادث رفح، وأن هذه المعلومات لم تشر إلي توقيت أو مكان الهجوم'، وقال 'إن المخابرات العامة أبلغت الجهات المعنية بهذه المعلومات'.
ثار محمد مرسي وأعلن عن غضبه، واستدعي علي الفور مستشاره القانوني محمد فؤاد جاد الله، وقال له لابد أن ترد فورًا علي اللواء مراد موافي، وأن تنفي ما ردده من معلومات، وعلي الفور قام المستشار محمد فؤاد جاد الله بإصدار تصريح نفي فيه علم الرئيس محمد مرسي بالتقرير الذي قدمه مدير المخابرات العامة، وحذر فيه من احتمال وقوع العملية الإرهابية.
كان التصريح صدمة للواء موافي، لأنه يحمل تكذيبًا للتصريح الذي أدلي به، رغم أن مرسي قال بنفسه داخل اجتماع مجلس الدفاع الوطني إن اللواء موافي قدم تقريرًا حذر فيه من وقوع عمليات إرهابية داخل سيناء.
وجد اللواء موافي نفسه أمام خيار واحد ووحيد، لم يقبل الصمت أو السكوت، فأصدر بيانًا باسم الجهاز قال فيه 'إن جهاز المخابرات العامة جهة معلومات فقط وليس سلطة تنفيذية، وإن المعلومات التي كانت لديه بخصوص الحادث الإرهابي الذي وقع في سيناء تم إرساله إلي صناع القرار والجهات المسئولة وبهذا ينتهي دور الجهاز'.
وبعد صدور هذا البيان تلقي مرسي مكالمة من خيرت الشاطر، أكد له فيها أن مدير المخابرات العامة يتعمد إحراجه، وأنه لابد أن يتخذ قراره علي الفور، كانت الخطة واسعة، وهي مرتبطة برؤية شاملة، ولذلك بدأ مرسي تنفيذ السيناريو، في يوم الأربعاء 18 أغسطس، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطني، وفي صباح هذا اليوم اتصل أمين عام رئاسة الجمهورية بمدير مكتب مدير المخابرات العامة، يطلب منه إبلاغ اللواء رأفت شحاتة النائب الأول لرئيس المخابرات بضرورة الحضور إلي مقر رئاسة الجمهورية، علم اللواء موافي بهذا الأمر، اتصل برئاسة الجمهورية، طلب التحدث إلي الرئيس مرسي فقيل له إن الرئيس يجتمع حاليًا مع المشير طنطاوي، ألح اللواء موافي في الاتصال بالرئيس، وعندما تم إيصاله به، سأل اللواء موافي عن معني استدعاء اللواء رأفت شحاتة لحضور اجتماع مجلس الدفاع الوطني، فقال له مرسي: 'أنا طلبته لأنه سيصبح هو مدير المخابرات العامة وسيعلن هذا القرار بعد قليل'.
لم يصدق اللواء موافي ما سمعه من الرئيس، سأله عن السبب، فقال الرئيس: 'التغيير مطلوب، إحنا في ثورة'، صمت اللواء موافي، أغلق سماعة الهاتف وبدأ يلملم أوراقه.
لم يكن مراد موافي يتصور أن يتم التعامل معه بهذه الطريقة، لمجرد أنه رد علي سؤال صحفي حول علم المخابرات العامة بالعمل الإرهابي في سيناء قبل وقوعه.
أدرك اللواء موافي أن الإخوان بدأوا سيناريو تصفية الحسابات وأنه لن يكون الأخير، وعندما أبلغه اللواء رأفت شحاتة بالأمر، قال له عليك الذهاب لحضور الاجتماع.
فوجئ الحاضرون في اجتماع مجلس الدفاع الوطني باللواء رأفت شحاتة يحضر الاجتماع، وعندما سئل محمد مرسي لماذا لم يدع اللواء مراد موافي بحضور الاجتماع، رد عليهم بكل غرور وعناد وقال: 'أنا خلاص نحيته واخترت بدلًا منه اللواء رأفت شحاتة'.
وكانت حكاية عزل المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقادة الأفرع الرئيسة للقوات المسلحة يوم الأحد 12 أغسطس هي دليل جديد علي غدر مرسي وخداعه.
لقد استغل مرسي حادث رفح وبدأ في حياكة خيوط المؤامرة، وكان يمكن له أن يتفاهم مع المشير طنطاوي الذي أعرب أكثر من مرة عن رغبته في ترك منصبه، إلا أنه خدع المشير وخدع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعد أن أفهمه أن المشير هو صاحب القرار، ولذلك ذهب الفريق أول السيسي في اليوم نفسه إلي وزارة الدفاع مبديًا استعداده لتقديم استقالته بعد أن أدرك الخديعة، ساعتها احتضنه المشير وقال له: 'أنت ابني وأنت خير من يتواجد في هذا المكان'.
كان مرسي دائم الإشادة بالمشير طنطاوي والمجلس العسكري، كان يقول لقد أدوا الأمانه بإخلاص وأوفوا بالعهد، لكنه كان يضمر في نفسه شيئًا آخر، لقد حرّض الإدارة الأمريكية ضد الجيش، وجاءت هيلاري كلينتون إلي القاهرة يوم 14 يوليو 2012 واحتد الحوار بينها وبين المشير طنطاوي، عندما قالت له إن الرئيس مرسي كشالها من أن المجلس العسكري ينتقص من صلاحياته ويعتدي علي سلطاته!
وكان طبيعيًا بعد ذلك أن تبدي الولايات المتحدة ارتياحها لقرارات العزل التي اتخذها محمد مرسي، خصوصًا أن جماعة الإخوان أبلغت السفارة الأمريكية بالقاهرة بأن الرئيس سيتخذ قرارات عامة ضد كبار المسئولين في المؤسسة العسكرية، وذلك لم يكن غريبًا أن تخرج المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في اليوم ذاته الذي اتخذ فيه مرسي قراراته لتقول: 'إن الإدارة الأمريكية كانت علي علم مسبق بالقرارات التي اتخذها الرئيس مرسي.
كان مرسي قد عين المشير طنطاوي والفريق سامي عنان مستشارين عسكريين لرئيس الجمهورية، وقال لهما إنكما ستكونان إلي جواري، والحقيقة أن مرسي أصدر تعليماته بعدم تجهيز أي مكاتب لهما داخل القصر الجمهوري، كما أنه لم يتصل بهما سوي مرة واحدة عرض عليهما فيها السفر إلي العمرة علي حساب رئاسة الجمهورية.
وفي 16 أكتوبر صدرت التعليمات من جماعة الإخوان بإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان إلي الكسب غير المشروع، ونشرت الصحف معلومات تشير إلي أن جهات التحقيق سوف تبدأ عملها، ونشرت صحيفة الجمهورية يوم الأربعاء 17 أكتوبر مانشيتًا رئيسًا يحمل عنوانه 'قلاع الفساد تترنح، قرار بمنع المشير طنطاوي والفريق سامي عنان من السفر للخارج وإحالتهما للكسب غير المشروع'.
وقد أدركت قيادة القوات المسلحة في هذا الوقت أن جماعة الإخوان قررت الانتقام من المشير والفريق سامي عنان وأن المراد من وراء ذلك هو بث الخوف في نفوس العسكريين وإشهار العصا في وجه الجميع.وعلي الفور صدر بيان، منسوبًا إلي مصدر عسكري مسئول، أكد فيه: 'أن القوات المسلحة قادة وضباطًا وضباط صف وجنودًا، أعربوا عن استيائهم الشديد تجاه ما نشرته إحدي الصحف اليومية، وتضمن إساءة بالغة لقادة ورموز القوات المسلحة'.
وأمام حالة الاستياء الشديدة التي عمت أركان القوات المسلحة اضطر الرئيس مرسي إلي التراجع، وأمر بالتضحية برئيس تحرير صحفية الجمهورية جمال عبد الرحيم إرضاء للجيش.
وفي يوم الخميس 18 أكتوبر كان مرسي يحضر المشروع التدريبي للجيش الثاني الميداني، وأمام غضبة الفريق أول عبد الفتاح السيسي والقادة والضباط والجنود، راح يقول في تصريحات معلنة: 'أنا لا أقبل ذلك علي الإطلاق، وأن ما نشر لا أساس له من الصحة، وأنه دائم الاتصال بالمشير والفريق، وأنه يشدد علي الاحترام الكامل لجميع قيادات القوات المسلحة الحالية والسابقة بكل فئاتها'.
وعندما سألتُ الفريق سامي عنان في هذا الوقت قال لي: 'أبدًا إنه نادرًا ما يتصل بنا ولا يتشاور معنا في شيء' كانت تلك هي الحقيقة، لقد رفض دعوتهما لحضور احتفالات انتصار أكتوبر، في الوقت الذي جاء فيه بقتلة الرئيس الأسبق أنور السادات ليتصدروا مشهد الاحتفال، وكأنه يقول للجيش وللمصريين هذا نكاية فيكم'!!
***
لم تتوقف حرب التصفيات عند هذا الحد، بل استمرت بهدف إثارة الفزع والخوف لدي الجميع، بمنطق 'اضرب المربوط يخاف السايب'، ففي الثالث من سبتمبر 2012 فوجئ اللواء محمد فريد التهامي رئيس الرقابة الإدارية بصدور قرار مفاجئ من الرئيس مرسي يقضي بإقالته من منصبه بعد ثماني سنوات تولي فيها رئاسة الجهاز منذ 12 مارس 2004.
لم يكتف مرسي بإصدار قرار العزل ضد واحد من خيرة رجالات هذا البلد، صفحته ناصعة البياض، وتاريخه العسكري يكشف عن أصالة معدنه ووطنيته، غير أن كل ذلك لم يشفع لدي مرسي وجماعته، فأطلق أبواقه لتتهم الرجل بالتستر علي الفساد وإحالته لنيابة الأموال العامة، والتي لم تجد ما يدعوها للتحقيق أو فتح القضية من الأساس.
وتعرَّض المستشار عبد المجيد محمود النائب العام للغدر والخديعة علي يد الرئيس وجماعته، كان الإخوان قد توعدوا المستشار عبد المجيد محمود بالثأر منه لأسباب تاريخيه، تتعلق بقرارات أصدرتها النيابة في عهده بحبس بعض أعضاء الإخوان بسبب تجاوزهم للقانون وارتكاب أعمال إجرامية.
وفي يوم الخميس 11 أكتوبر 2012 فوجئ الصحفيون بالدكتور أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس مرسي يعقد مؤتمرًا صحفيًا يعلن فيه أن الرئيس مرسي أصدر قرارًا بتعيين المستشار عبد المجيد محمود 'النائب العام' سفيرًا لمصر في دولة الفاتيكان، وإنه تم تكليف أحد مساعدي النائب العام بممارسة مهامه حتي يتم تعيين نائب عام جديد.
وعندما ثار جدل كبير وعقدت جمعية عمومية طارئة للقضاة يوم الجمعة 21 أكتوبر، اضطر مرسي إلي التراجع، رغم أنفه عندما ذهب إليه أعضاء المجلس الأعلي للقضاء وبرفقتهم المستشار عبد المجيد محمود.
وقبل عقد لقاء الرئيس بالمجلس الأعلي، كان قد التقي المستشار عبد المجيد محمود علي انفراد وقال له:
'إيه أخبار القضايا التي لديك'؟
أبدي النائب العام دهشته وسأله 'زي إيه'؟
فقال مرسي: قضية البلتاجي وأسامة ياسين واتهامهما بالمشاركة في موقعة الجمل، وأيضًا البلاغات المقدمة ضد بعض الإعلاميين'.
لم يعلق النائب العام، وعندما طلب منه مرسي الاتصال به لمناقشة هذه الأمور، رفض النائب العام وقال:
أمور القضايا لا علاقة لها بالسياسة وقراراتنا تستند إلي القانون وهي من وحي الضمير.
أدرك مرسي أن النائب العام يرفض الاتصال به، فقال له:
طيب اتصل بالمستشار محمود مكي نائب الرئيس.
فرد النائب العام بالقول 'سأتصل إن كان هناك ما يستدعي الاتصال بعيدًا عن التحقيقات'.
لم يمض سوي نحو أربعين يومًا، حتي تحقق وعد أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان، الذي قال أمام موظفي القصر: 'هُمَّ افتكروا إنهم أجبرونا علي قرار عودة النائب العام، أعدكم بأنه لن يمر شهر إلا ويتم عزل عبد المجيد محمود نهائيًا'.
لقد تضمن هذا الإعلان نصًا في مادته الثالثة يقول: 'يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب ويسري هذا النص علي من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري.
وهكذا تم عزل المستشار عبد المجيد محمود، واشتعلت الحملات الإعلامية والتهديدات ضده، إلا أنه لم يَنْحَن أو يتراجع، بل ظل صادمًا حتي أصدرت محكمة النقض حكمًا تاريخيًا يقضي بعودته إلي منصبه في 2 يوليو 2013.
لقد تكرر السيناريو ذاته مع المستشار محمود مكي الذي وجد نفسه فجأة خارج الدائرة، تم إجباره علي الاستقالة بعد أن ألغي محمد مرسي النص الدستوري الذي كان يلزم الرئيس 'بتعيين نائب أو أكثر له في مدة لا تزيد علي شهر من تاريخ انتخابه'، فقد جاء الدستور الجديد الصادر في ديسمبر 2012 خاليًا من منصب نائب الرئيس، قبلها استدعي محمد مرسي المستشار محمود مكي وقال له: إن هناك إجماعًا علي إلغاء منصب نائب الرئيس، وأنا سأكرمك بتعيينك سفيرًا لمصر في الفاتيكان.
صمت محمود مكي، أدرك أن الإخوان قرروا الثأر منه بعد أن طالبهم في لقاء صحفي عقده مع رؤساء تحرير الصحف المصرية في 10 أكتوبر 2012 بأن يرفعوا أيديهم عن الرئيس لأنهم يسيئون إليه بتصريحاتهم التي تحمله أخطاء وممارسات الآخرين كافة.
ظل محمود مكي صامتًا، وقال للرئيس 'اللي إنت تشوفه'، وعندما شعر مرسي بأن مكي غير راض عن قرار إبعاده وتعيينه سفيرًا قال له: 'علي فكرة مصاريفك إنت وأسرتك في فندق تريومف بلغت أكثر من 2 مليون جنيه، ولا نعرف كيف سوف نسددها للفندق'!!
فهم محمود مكي الرسالة ومضي دون تعليق، لكنه قد قرر بينه وبين نفس ألا يقبل هذا المنصب، وما جري معه جري مع شقيقه المستشار أحمد مكي وزير العدل والذي فوجئ هو الآخر بعزله من منصبه بعد أن قال إنه لم يكن يعلم شيئًا عن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 21 نوفمبر 2012.
وذاق الكأس نفسها اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، الذي عزله مرسي في 2 ديسمبر، رغم أنه لم يكمل خمسة أشهر في منصبه، والسبب في ذلك أنه أمر بمطاردة العناصر التابعة لحازم أبوإسماعيل، والتي هاجمت مقر حزب الوفد، وأيضًا لأنه رفع يده بيد الفريق أول السيسي في عدة لقاءات جرت بين قادة الجيش والشرطة بحضورهما!!
السيناريو نفسه حاول مرسي وجماعته استخدامه مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي والفريق صدقي صبحي، نشروا الشائعات الكاذبة، وأصدروا تعليماتهم بخطف سبعة جنود في سيناء بقصد إثارة الرأي العام ضد قادة الجيش، إلا أن تحذيرات الجيش للرئيس وجماعته أحبطت هذا المخطط.
وهكذا كان مرسي، وهكذا كان الإخوان عهدهم إساءة وتشويه، وغدر وخديعة، وعزل وإطاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.